خمسة أسباب تدعو إدارة ترمب إلى الاهتمام باليمن.. فالأزمة هناك تدخل مرحلة خطيرة

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/12 الساعة 11:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/12 الساعة 12:00 بتوقيت غرينتش

منذ سنوات، تدور الحرب الأهلية الشاملة، التي يعاني منها اليمن، بين قوات يدعمها حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وأخرى تدعمها إيران، إلا أن موقف واشنطن من الانخراط بشكل أكبر في حسم هذه الحرب تثار حوله الشكوك من وقت لآخر.

والثلاثاء 12 يونيو/حزيران 2018، أشار تقرير لصحيفة The Washington Post الأميركية، أن الولايات المتحدة، التي تنفذ عمليات مكافحة الإرهاب باليمن منذ سنوات، قد تتوجه نحو توسيع دورها ونشاطها هناك، مشيراً إلى 5 أسباب رئيسية تؤكد ضرورة اهتمام إدارة الرئيس، دونالد ترمب، بتلك الأزمة.

يلفت التقرير أن الفوضى السياسية والاجتماعية باليمن ساعدت على اتساع نفوذ التنظيم المعادي التابع لتنظيم القاعدة، الذي يرى المسؤولون الأميركيون أنه تفوق على التنظيم الأم، باعتباره يمثل خطراً إرهابياً على الولايات المتحدة.

ضربات التحالف العربي فاقمت الأزمة

وتنسب الصحيفة الأميركية لجماعات حقوقية، أن الضربات الجوية التي نفَّذتها قوات التحالف بزعامة المملكة العربية السعودية من خلال الدعم اللوجيستي والاستخباراتي الذي تقدمه الولايات المتحدة، قد أدت إلى مقتل وإصابة آلاف المدنيين دون تمييز.

وقد فاقم ذلك الأزمة الإنسانية التي تعد الأسوأ في العالم، ومن خلال نزوح أكثر من ثلاثة ملايين شخص جراء الحرب، ومع الحصار الذي يعاني منه الاقتصاد اليمني المنهار، تشير تقارير إلى أن مخاطر المجاعة يمكن أن تصيب 22 مليون شخص، أي نحو ثلاثة أرباع تعداد سكان اليمن.

وقد أصيب مليون يمني على الأقل بمرض الكوليرا، في أكبر انتشار له في التاريخ؛ ويشكل هذا المرض خطراً بحدوث وباء عالمي، ساهمت في انتشاره الأوضاع الأمنية والسياسية.

وكان اليمن ملتقى طرق التجارة والثقافة في العصور القديمة، وقد سمَّاه الرومان "اليمن السعيد"، إلا أن النزاع القائم حالياً يشكل تهديداً كبيراً لسكان الدولة وحضارتها، وغيرها من الدول المجاورة.

1- معظم السكان على شفا المجاعة

يقول التقرير إن أغلبية شعب اليمن، البالغ تعداده 27.5 مليون نسمة، يعيشون على مسافة 100 ميل من الساحل الغربي، ولا تكاد تكون المناطق الواقعة شرقي مدينة عتق مأهولة بالسكان.

وحتى قبل اندلاع الحرب الأهلية، عام 2015، كانت البلاد تعتمد إلى حدٍّ كبير على الواردات الغذائية، نظراً لندرة المياه اللازمة للزراعة.

ومنذ ذلك الحين، يفرض التحالف، الذي تقوده السعودية، حصاراً جوياً وبرياً وبحرياً، ويحول دون وصول المساعدات الغذائية والمؤن الطبية والوقود. وحتى حينما تصل المؤن إلى الموانئ، فإن الحرب قد قطعت شبكة الطرق المستخدمة في توزيعها، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بما يتجاوز قدرة الكثير من اليمنيين على شرائها، بحسب الصحيفة الأميركية.

2- حرب الوكالة

تصاعدت حدة الحرب الأهلية عام 2015، بعد أن سيطر متمردو الحوثي من الشمال على العاصمة صنعاء، وأطاحوا بحكومة عبد ربه منصور هادي المعترف بها على المستوى الدولي.

وتحول النزاع إلى واحدة من أشد الحروب بالوكالة بالشرق الأوسط، حيث انضمت إليه إيران، التي تدعم متمردي الحوثي والتحالف الإسلامي السني، الذي يضم  السعودية والإمارات العربية المتحدة ويدعم قوات هادي.

وكانت أشد عمليات القتال ضراوةً تقع حول المدن الكبرى، وقد لقي أكثر من 10 آلاف شخص مصرعهم، وفق التقرير.

3- أرض خصبة للإرهاب

تقول The Washington Post، إن اليمن، موطن أجداد أسامة بن لادن، يعد مصدراً للعديد من الهجمات الإرهابية الكبرى ضد الولايات المتحدة وحلفائها، ومن بينها تفجير المدمرة الأميركية USS Cole على يد تنظيم القاعدة قبالة ميناء عدن.

وتولت جماعة القاعدة المحلية بشبه الجزيرة العربية، والتابعة لتنظيم القاعدة، المسؤولية أيضاً، محاولة تفجير طائرة خطوط Northwest Airlines الجوية خلال رحلتها من أمستردام إلى ديترويت، خلال أعياد الكريسماس عام 2009.

وقد أكدت الجماعة على مسؤوليتها عن الاعتداء على المجلة الفرنسية الساخرة شارلي إبدو في باريس، عام 2015، فيما شنَّت الولايات المتحدة حملةً جوية بالطائرات بدون طيار على تلك الجماعة المتطرفة.

4- موقع استراتيجي للاقتصاد العالمي

يحتل اليمن موقعاً استراتيجياً عند مدخل البحر الأحمر، بالقرب من بعض خطوط الملاحة الأكثر أهمية في العالم؛ وترى الصحيفة أنه يمكن أن يؤدي تزعزع استقرارها إلى تهديد التجارة العالمية.

وتمر ناقلات النفط المتوجهة إلى أوروبا بمحاذاة سواحل اليمن عبر مضيق باب المندب إلى قناة السويس. وقد هدَّد المتمردون الحوثيون بقطع هذا الخط الملاحي، إذا ما سيطر التحالف السعودي على ميناء الحديدة.

ويُلقى باللوم أيضاً على المتمردين في الهجوم الصاروخي على إحدى السفن التركية، التي تنقل القمح في مارس/آذار.

5- المساعدات الإنسانية لا تكاد تحافظ على البلاد من الانهيار

يعد اليمن أفقر البلدان العربية منذ عهد طويل، وقد شهد اقتصاده تراجعاً بالغاً منذ اندلاع الحرب. فقد أدى نقص الوقود إلى توقف عمل محطات معالجة مياه الصرف، ما أدى بدوره إلى تفشِّي وباء الكوليرا المهلك.

وقد تزايدت مساعدات الإغاثة الدولية منذ بدء النزاع، وخاصة من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، اللتين تحاولان مواجهة الدعاية السيئة حول سلوكهما في الحرب.

موقف واشنطن إزاء التطورات الأخيرة

قالت صحيفة The Wall Street Journal الأميركية، الجمعة 7 يونيو/حزيران 2018، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، متشككة في طلب الإمارات من أجل المساعدة العسكرية لها في معركة ميناء الحديدة اليمنية، خشية تدهور الأوضاع الإنسانية وزيادة غضب إيران تجاه واشنطن.

وأضافت الصحيفة الأميركية، أن المشرعين في الكونغرس الأميركي قلقون من مشاركة بلادهم في هذه المعركة، مما سيزيد من تصعيد إيران حليفة الحوثيين، ضد المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، كما أن العديد من المنظمات الدولية اعتبرت أن هذه المشاركة ستفتح باب الدمار في المنطقة التي يسكنها 400 ألف شخص.

وبحسب الصحيفة الأميركية فخلال سلسلة من الاجتماعات هذا الأسبوع، أعرب مسؤولون بإدارة ترمب عن تحفظات قوية بشأن جهود الإمارات للسيطرة على الحديدة، وفقاً لما ذكره بعض المقربين. ويقع ميناء الحديدة على البحر الأحمر ويعد المنفذ الرئيسي للمساعدات الإنسانية الوافدة إلى اليمن خلال الحرب الأهلية التي دخلت عامها الثالث.

وسعت الإمارات وراء الحصول على الدعم الاستخباراتي الأميركي وطائرات الاستطلاع بدون طيار؛ ومع ذلك، يشعر مسؤولون أميركيون ودوليون بالقلق من أن تؤدي تلك المعركة للسيطرة على الميناء إلى تعميق الأزمة الإنسانية هناك، والخروج عن مسار جهود السلام.

قلق دولي

وخلال مكالمة تم إجراؤها هذا الأسبوع، أخبرت رئيسية الوزراء البريطانية تيريزا ماي، الرئيس الأميركي ترمب، أنها تخشى أن يلقى النساء والأطفال حتفهم خلال القتال على الميناء، وأبلغها الرئيس أنه يشاركها تلك المخاوف، بحسب أشخاص مقربين من الأمر.

آلت الحرب في اليمن إلى قتال شرس بين قوات الحوثي التي تدعمها إيران من جانب، والإمارات والسعودية وتحالف عسكري صغير تدعمه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والحلفاء الغربيون الآخرون، بحسب الصحيفة الأميركية.

وتتبادل الولايات المتحدة بالفعل معلومات استخباراتية محدودة مع دولتي الإمارات والسعودية، ولكن معظم تلك المعلومات تركز على قتال تنظيم القاعدة، وليس قوات الحوثي.

وتقدم الولايات المتحدة المساعدة إلى التحالف الذي تتزعمه السعودية من خلال تنفيذ عمليات إعادة تزويد الطائرات الحربية بالوقود جواً، وبيع الصواريخ ذات التوجيه الدقيق إلى بلدان الخليج، وتوفير قوات خاصة للتعاون مع القوات الإماراتية داخل اليمن، لاستهداف المتطرفين الإسلاميين الذين استغلوا الفراغ الأمني، كما تقول The Wall Street Journal.

وقد أصبح ملايين اليمنيين على حافة المجاعة. ولقي أكثر من 10 آلاف شخص مصرعهم نتيجة سوء التغذية والأمراض والقتال.

وسحبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مطلع يونيو/حزيران الجاري، أكثر من 70 من أعضاء فريقها العامل باليمن جراء الوضع الأمني المتدهور.

اليمن مشكلة استراتيجية لأميركا.. كيف؟

وتعتبر إدارة ترمب اليمن بمثابة مشكلة استراتيجية، بسبب دعم إيران للمقاتلين الحوثيين، وهو ما تراه جهداً من جانب طهران لتوسيع نفوذها في أنحاء المنطقة.

ويطلق المتمردون الحوثيون الصواريخ الإيرانية بصورة دائمة على السعودية المجاورة، رغم أن طهران تنكر تقديم مثل تلك الأسلحة إلى المقاتلين اليمنيين.

وقد حذَّرت ليز جراند، منسقة الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية باليمن، هذا الأسبوع، من أن الاعتداء على الحديدة قد يخلِّف آثاراً مدمرة على الدولة والمدينة الساحلية، التي يقطنها نحو 400 ألف نسمة.

وقالت جراند "نخشى إذا امتدت فترة القتال أن يفقد نحو 250 ألف شخص كل شيء، بما في ذلك حياتهم".

وتقترب القوات الإماراتية وحلفاؤها اليمنيون من الميناء. ويُذكر أن القوات اليمنية قد أصبحت على مسافة ستة أميال من ميناء الحديدة منذ يوم الجمعة.

وذكر مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية يوم الجمعة "إننا ندعو كافة الأطراف للتهدئة وضمان استمرار وصول المساعدات الإنسانية إلى الشعب اليمني. ونرفض الخطوات التي تعرقل قدرة المبعوث الأممي الخاص على إحياء محادثات السلام".

 

تحميل المزيد