“لن نغلق الميناء أمام المهاجرين”.. باليرمو الإيطالية تقود تمرداً جنوبياً ضد حكومة اليمين المتطرف الجديدة

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/11 الساعة 10:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/11 الساعة 10:46 بتوقيت غرينتش

في تحد للتعليمات الصادرة عن الحكومة الشعبوية الإيطالية الجديدة بإغلاق الموانئ في وجه المهاجرين الوافدين من ليبيا، أعلن ليولوكا أورلاندو، عمدة مدينة باليرمو، أنه سيسمح لقارب الإنقاذ الذي يحمل على متنه 629 شخصاً بالرسو في عاصمة سيسيلي.

وفي أول دليل، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، على النهج المتشدد الذي تتبناه الحكومة الجديدة، أمر ماتيو سالفيني، وزير الداخلية وزعيم التحالف اليميني المتطرف، يوم الأحد 10 يونيو/حزيران، بإغلاق كافة الموانئ الإيطالية أمام قارب الإنقاذ "أكوارياس".

تحدٍّ وحشد!

ومع ذلك، وتحدياً لتعليمات سالفيني، ذكر أورلاندو أنه مستعد لفتح ميناء باليرمو والسماح للمهاجرين الذين تم إنقاذهم بدخوله بأمان، بحسب الصحيفة.

وقال أورلاندو "باليرمو باللغة اليونانية القديمة تعني "ميناء كامل". ودائماً ما كنا نرحب بقوارب وسفن الإنقاذ التي تتولى عمليات الإنقاذ في البحر. ولن نتوقف عن ذلك الآن. سالفيني ينتهك القانون الدولي. وقد أوضح مرة أخرى أننا نخضع لحكومة يمينية متطرفة".

وأكد التقرير أن رؤساء البلديات الأخرى الواقعة جنوبي إيطاليا هذا القرار، ومن بينهم رؤساء بلديات نابولي ومسينا وريجيو كالابريا.

وأعرب رؤساء بلديات تلك المدن جميعاً عن استعدادهم رفض تعليمات سالفيني والسماح لقارب أكوارياس بالرسو وإنزال ركابه في موانئهم، بحسب الصحيفة.

وبالرغم من تضرر المدن الجنوبية في البلاد من أزمة الهجرة غير الشرعية، إلا أن اليمين المتطرف المعادي للمهاجرين يشهد نشاطاً أكبر في الشمال.

وفي العقود الأخيرة، بدأت تتصاعد أصوات في الشمال الإيطالي تطالب بالانفصال عن الجنوب، نظراً لكونه "عبئاً اقتصادياً"، إذ تقود المدن الشمالية قاطرة التنمية الاقتصادية في البلاد.

وأفرزت تلك الأفكار ظهور حزب "رابطة الشمال"، اليميني الشعبوي، عام 1991، الذي تمكن أخيراً من الفوز بنسبة كبيرة في الانتخابات العامة، أهلته للمشاركة بقوة في الحكومة الحالية.

وينذر تصاعد الخلاف بين الحكومة الجديدة والمدن الجنوبية، بشأن الهجرة، إلى تعمّق ذلك الشرخ الاجتماعي والسياسي، وتهديد وحدة واستقرار البلاد.

بداية الأزمة

يشير التقرير إلى أن حكومة مالطا رفضت، قبل أيام، طلباً بالسماح للقارب المشار إليه بالرسو، حيث ذكرت أن القانون الدولي يشترط نقل المهاجرين إلى الموانئ الإيطالية.

وكتب سالفيني على صفحته على موقع فيسبوك متنبئاً بحدوث نزاع أوسع نطاقاً داخل الاتحاد الأوروبي حول المسؤولية عن المهاجرين الوافدين من إفريقيا قائلاً: "مالطا لا تقبل أحداً منهم. وفرنسا تدفع المهاجرين للعودة إلى الحدود، وإسبانيا تدافع عن حدودها بقوة السلاح. واعتباراً من اليوم، سوف تبدأ إيطاليا أيضاً في رفض الإتجار بالبشر ورفض نشاط الهجرة غير المشروعة".

وقال سالفيني "هدفي هو ضمان توفير حياة سلمية لهؤلاء الشباب في إفريقيا ولأبنائنا في إيطاليا"، مضيفاً شعار "سوف نغلق الموانئ".

وشدد أن الطريق الذي سلكه القارب مر بمالطا وينبغي أن يرسو بالعاصمة فاليتا.

وفي بيان موجز، أعلنت مالطا أن عمليات الإنقاذ قد تمت في المياه الدولية لليبيا؛ وكان ذلك جزءاً من منطقة البحث والإنقاذ الخاضعة لإشراف مركز تنسيق عمليات الإنقاذ في روما.

وذكرت حكومة مالطا في بيانها الموجز: "مالطا ليست السلطة المختصة أو المسؤولة عن التنسيق في هذه الحالة. وسوف تراعي مالطا القوانين السائدة"، بحسب ما نقلت الصحيفة البريطانية.

مصير المهاجرين

من جانبها ذكرت ماتيلد أوفيلين، المتحدثة باسم منظمة SOS Mediterranee، أن سفينة أكوارياس قد تلقت التعليمات بالتوجه شمالا بعد سلسلة من عمليات الإنقاذ البحرية وتنتظر حالياً صدور "التعليمات النهائية".

وتنقل The Guardian عنها القول: "هدفنا هو نزول 629 شخصاً من سفينة أكوارياس في ميناء آمن – وكنا قد قمنا بإنقاذ بعضهم ليلة أمس في ظروف عسيرة".

وذكرت منظمة المساعدات الإنسانية SOS Mediterranee على موقع تويتر يوم الأحد أن قارب الإنقاذ أكوارياس التابع لها قد استقبل على متنه 629 مهاجراً، ومن بينهم 123 قاصراً دون ذويهم و11 طفلاً آخرين وسبع نساء حوامل.

وأشارت المنظمة الخيرية أن المجموعة التي تتألف بصفة رئيسية من الأفارقة الوافدين من جنوب الصحراء قد تم إنقاذهم خلال ست عمليات إنقاذ بالقرب من سواحل ليبيا؛ وتتضمن المجموعة مئات من الأشخاص الذين أخرجتهم الوحدات البحرية الإيطالية من البحر ونقلتهم إلى أكوارياس.

وأضافت، في تغريدة لها "القارب يتوجه حالياً شمالاً نحو أحد الموانئ الآمنة"، دون أن تحدد وجهته، بحسب التقرير.

وكان اليميني المتشدد سالفيني أكد أن إيطاليا لا يمكنها أن تصبح "مخيم لاجئين لأوروبا"، واعداً في المقابل بـ"الحكمة"، تفادياً لحوادث الغرق والحد من وصول المهاجرين.

وفي اليوم ذاته، احتجزت السلطات الإيطالية مركب إنقاذ مهاجرين آخر هو "سي ووتش 3″، لحوالي 12 ساعة، بعدما أحضر 232 شخصاً إلى ريجيو كالابريا في جنوب غربي البلاد.

واستجوبت الشرطة الإيطالية قبطان المركب لأكثر من أربع ساعات، وفق المنظمة غير الحكومية التي تدير "سي ووتش"، فيما طلب من الصحافيين الذين كانوا على متنه تسليم التسجيل المصور لعملية الإنقاذ التي جرت في 5 يونيو/حزيران 2018.

وأفاد "سي ووتش" بأن الشرطة استجوبت أيضاً بعض المهاجرين الذين تم إنقاذهم والذين سيقيمون على الأرجح في مراكز لاستقبال اللاجئين.

وذكر المركب أنه طلب من خفر السواحل المالطيين إرسال قوارب للمساعدة في عملية الإنقاذ، لكن فاليتا رفضت.

ووصل أكثر من 600 ألف مهاجر من إفريقيا إلى إيطاليا عن طريق البحر خلال السنوات الخمس الماضية؛ وتشير التقديرات إلى وجود نحو 500 ألف منهم في إيطاليا حتى الآن. وكان الوافدون أحد أسباب نجاح تحالف سالفيني في الانتخابات، رغم أن الحكومة السابقة قد أشرفت على انخفاض أعداد الوافدين من ليبيا إلى حد كبير خلال العام الماضي.

 

تحميل المزيد