هذا هو سبب الاحتجاج.. أُسر أردنية تروي قصص كفاحها وسط الغلاء

الضرائب والأسعار ارتفعت وانخفضت معها مداخيل الأردنيين.. ترقُّب لما ستأتي به حكومة الرزاز من قرارات

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/08 الساعة 17:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/09 الساعة 06:18 بتوقيت غرينتش

بيان سمارة قررت أن تصطحب أبناءها معها إلى الاحتجاجات المنتشرة في العاصمة الأردنية، كان ذلك جوابها عن سؤالهم المتكرر: "لماذا لا تشتري لنا ملابس جديدة يا ماما؟".

في غرفة المعيشة بمنزلها في عمان، تقول المعلّمة الثلاثينية إن أسئلة الأطفال "غصَّة بقلبها"، فأخذتهم معها للمظاهرات؛ كي تجعلهم يدركون أن الوضع صعب؛ لأن "عندنا حكومة فيها ناس أشرار"، كما علَّق ابنها بعد المظاهرة.

وتكافح "بيان" وزوجها أحمد لإعالة أسرتهما، وسط ركود الاقتصاد بالأردن، ونزلت إلى الشوارع مع الآلاف من الشبان والأُسر، في موجة احتجاجات ضخمة اضطرت رئيس الوزراء إلى تقديم استقالته يوم الإثنين 4 يونيو/حزيران 2018.

أزمة معيشة غير مسبوقة

في العامين الماضيين، دفعت الزيادات المتسارعة في الأسعار الزوجين لنقل أبنائهما إلى مدارس عامة وإلى تقليص قيمة التأمين الصحي، دخلُهما يكفي بالكاد لسداد أقساط الشقة والمصاريف اليومية لهما ولابنهما وابنتيهما، الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و8 سنوات.

وتُلقي الأسرة باللائمة على سلسلة من السياسات الاقتصادية والإصلاحات الضريبية التي أشعلت أكبر احتجاجات منذ سنوات في الأردن، الذي نجا إلى حد كبير، حتى الآن، من الاضطرابات التي تهز معظم أنحاء المنطقة.

وزاد الغضب الشعبي منذ رفع الدعم عن الخبز وإقرار زيادة في الضريبة العامة على المبيعات هذا العام (2018)، ضمن خطة لصندوق النقد الدولي لخفض ديون الأردن التي تبلغ 37 مليار دولار.

"بيان" رغم قلقها من سوء الأوضاع، فإنها ما زالت تحتفظ ببعض الأمل، لكنها تتخوف من أن تظل الأمور على حالها، "الناس مضغوطة، فيه جو إحباط بيصير بالعيلة"، وأضافت: "بس بالنهاية، الواحد مضطر يتماشى مع الوضع، هذا هو سبب الاحتجاج.. مستقبل أفضل لأولادنا ولإلنا".

الخوف من التغيير

الحكومة الأردنية بررت إجراءاتها الأخيرة بكونها تحتاج لتمويل الخدمات العامة، كما تقول إن الإصلاحات ستضيِّق الفروق الاجتماعية. لكنَّ منتقديها يتهمونها بإهدار المال العام وفرض سياسات تُلحق الضرر بالفقراء وتحاصر الطبقة المتوسطة.

أحمد يعمل في تجارة ثلاجات عرض المنتجات الغذائية، لكن يعاني انتشار الرِّشا في المعاملات وانخفاض الطلب.. "أنا كل حلمي كان أنه أبني نفسي في البلد اللي أنا بحبها"، فبعد أن عمل في السعودية سنوات عاد إلى عمّان، ليبدأ مشروعه الخاص ويعيش وسط أهله، والآن يخشى أن يضطر إلى السفر إلى الخارج من جديد.

ودعا العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، إلى حوار واسع حول الضرائب هذا الأسبوع، بعد أن استبدل رئيس الوزراء لامتصاص الغضب الشعبي، ووقع الاختيار على الاقتصادي السابق في البنك الدولي عمر الرزاز لتولي رئاسة الوزراء.

الرزاز صرح يوم الخميس 7 يونيو/حزيران 2018، بأنه سيسحب مشروع قانون ضريبة الدخل، وهو مطلب رئيسي للمتظاهرين، ومنذ ذلك الوقت انحسرت الاحتجاجات ورحَّب الناس بخطوة تعيين رئيس وزراء جديد، وقالوا إنهم سينتظرون ليروا إن كانت الحكومة الجديدة ستساعد في كبح جماح الأسعار أم لا.

لكن آخرين، منهم أحمد وزوجته، يقولون إن أساس مشاكلهم لن يزول دون تغيير ديمقراطي أعمق في الحكومة، "فيه نوع من التفاؤل، لكن المشكل يكمن في طريقة إدارة البلد"، ويعتبر أن الرزاز وحده لن يستطيع التغيير رغم أنه رجل كفء.

أحمد وغيره من المتظاهرين الأردنيين يؤكدون أنهم لا يريدون اضطرابات كتلك التي أطلقتها انتفاضات 2011 في دول عربية أخرى، لكنهم سعوا فقط للضغط على الحكومة الجديدة لتتخذ قرارات أفضل.

وفي احتجاج نُظِّم بوقت متأخر من الليل قرب مقر الحكومة، هذا الأسبوع، لوَّح مئات حول أحمد بالأعلام وأخذوا يهتفون: "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية". وكما فعلت "بيان"، اصطحب أحمد أطفاله إلى الاحتجاج؛ ليعرفوا أن التغيير ممكن وكي لا يخافوا التغيير، كما يقول.