في خضم الفوضى الليبية، يبدو أنه بدأ الإعداد لصفقة جديدة. فخلال سفره إلى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمرة، استغلَّ فايز السراج، رئيس حكومة طرابلس المعترف بها من قبل المجتمع الدولي، الفرصة لمقابلة أبرز قادة المملكة. ويُعد تقاربه مع الرياض، التي دعمت إلى الآن منافسه في الشرق، الجنرال خليفة حفتر، خطوةً مفاجئةً، بحسب صحيفة Géopolis الفرنسية.
في الخامس من يونيو/حزيران الجاري، استقبل العاهل السعودي، سلمان بن عبدالعزيز، فايز السراج، رئيس "حكومة الوفاق الوطني"، المتمركزة في مدينة طرابلس، والمعترف بها دولياً، في مكة المكرمة.
مأدبة إفطار نظمها الملك سلمان على شرف فايز السراج
في "مفاجأة" من المملكة العربية السعودية، وأثناء أدائه مناسك العمرة، شارك رئيس الوزراء الليبي في وجبة الإفطار، في قصر الصفا، نظمها على شرفه خادم الحرمين الشريفين، الذي قدم هو الآخر إلى مكة المكرمة لقضاء العشر الأواخر من الشهر الكريم.
قبل ذلك بيوم واحد في جدة، التقى فايز السراج بولي العهد محمد بن سلمان، الرجل القوي الجديد للمملكة العربية السعودية، الذي عاد للظهور بشكل ملحوظ بعد غياب تداولت العديد من الشائعات أسبابه، إلى حدِّ تطرقها إلى إمكانية تعرضه للاغتيال. وفي نهاية هذا الاجتماع، أعلن ولي العهد أن بلاده على استعداد للعب دور رئيسي في دعم المشروع الوطني الليبي.
وفي بيان نقلته وكالة الأناضول التركية، شدَّد المكتب الإعلامي لمحمد بن سلمان على أن "استقرار ليبيا سيكون له تأثير إيجابي على البلدان المجاورة لها وعلى المنطقة ككل. كما سيُشجع على المزيد من التعاون".
فايز السراج يشيد بالدعم السعودي للمشروع الوطني الليبي
من جانبه، أكد المسؤول الليبي على "العلاقة الاستراتيجية" والروابط الثقافية والتاريخية التي تجمع بين البلدين. ووفقاً لما نقله الموقع الرسمي لحكومة الوفاق الوطني، أفاد السراج: "إن هدفنا يتمثل في إقامة دولة مدنية وديمقراطية. ويتطلب هذا الأمر دعماً إقليمياً ودولياً قوياً"، مشيداً في الوقت ذاته بالمبادرات والدعم القوي الذي تُقدمه المملكة العربية السعودية لليبيا في هذا المجال.
تم تعزيز هذا التقارب خلال اجتماع آخر مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، مساء اليوم ذاته في جدة. وقد أكد عادل الجبير لفايز السراج مدى استعداد المملكة لدعم الحكومة الليبية، في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، وخاصة في مجال مكافحة الإرهاب.
كما تهتم الرياض، التي تريد لعب دور في حفظ "أمن واستقرار" ليبيا، بمسألة الإخوان المسلمين في الوقت الحالي. وقد ابتعدت هذه الجماعة عن حكومة السراج، الأمر الذي تسبب في إضعاف قوته، القائمة أساساً على دعم عشوائي من طرف قبائل طرابلس.
ويُمثل هذا التقارب صفقةً جديدةً في النزاع الليبي؛ فإلى الآن، كانت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر من أبرز الأطراف المؤيدة للجنرال حفتر، الرجل القوي في برقة، المنطقة الشرقية للبلاد.