العقلية الانهزامية والتشتُّت سببُ علة المنطقة العربية.. صحيفة أميركية تتساءل: ماذا لو تعلَّموا من أخطائهم؟.. وتجيب: سيدركون مزايا تفوُّقهم الكبير

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/07 الساعة 16:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/08 الساعة 13:29 بتوقيت غرينتش
(front R-L) Yemen's President Abd-Rabbu Mansour Hadi, Palestinian President Mahmoud Abbas, Djibouti's President Ismail Omar Guelleh, Qatari Emir Sheikh Tamim bin Hamad al-Thani, Emir of Kuwait Sabah Al-Ahmad Al-Jaber Al-Sabah, Jordan's King Abdullah II, Saudi Arabia's King Salman bin Abdulaziz Al Saud, Bahrain's King Hamad bin Isa Al Khalifa, Sudan's President Omar Al Bashir, Egypt's President Abdel Fattah al-Sisi, and Mauritania's President Mohamed Ould Abdel Aziz pose for a group photograph during the 28th Ordinary Summit of the Arab League at the Dead Sea, Jordan March 29, 2017. REUTERS/Mohammad Hamed

تعيش المنطقة العربية على وقع الكثير من الصراعات السياسية والنزاعات العسكرية، وتشرف على هذه الأخيرة، النزاعات العسكرية، أطرافٌ خارجيةٌ، مثل الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وإيران وفرنسا وإنكلترا، ويعيب البعض على الدول العربية انهزاميتها في تعاملها مع أوضاعها الإقليمية.

وفي مقال بمجلة The National Interest الأميركية، فإن القصف المُنسَّق على النظام السوري من جانب الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا -وهي 3 بلدان عانت لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المشتركة في الشرق الأوسط- لم يكن جديراً بالملاحظة فقط بسبب مَن شاركوا فيه؛ بل أيضاً مَن غابوا عنه.

ويتساءل كاتب المقالة نواف عبيد: أين كانت الدول العربية؟ لا أثر لها؛ لأنَّ هذه الدول عالِقة في وعكة نفسية هي السبب الرئيسي بالوضع المُعوِّق الذي يجد العرب حالياً أنفسهم فيه.

عقلية انهزامية بعمق تاريخي

وأوضحت المجلة الأميركية أن هذه العقلية الانهزامية، في نهاية المطاف، هي نتيجة مزيج معقد من الانهزامية التاريخية، والتنازع الداخلي، والتورُّطات المُشتِّتة، والفساد المستشري الذي أعاق التنمية. فبعد خسارة سلسلة من المعارك، بدءاً من تلك التي خيضت ضد إسرائيل بين عامي 1948 و1973، لا يزال العرب يعتقدون على نحوٍ متأصل، أنَّهم عاجزون عسكرياً.

ويضيف المقال أن الشعور بأنَّ إيران قوية وفي حالة صعود يدحضه جيشها الذي ينتمي إلى الجيوش من الدرجة الثالثة واقتصادها المتعثر. وبدلاً من تركيز معظم مواردهم العسكرية على القضايا الأكبر والأكثر أهمية استراتيجية مثل سوريا والعراق، فإنَّ الدول العربية الرائدة مُوحِلة في حربٍ بينية مبررة، لكن بلا نهاية باليمن، وصراعٍ مع دولة قطر الصغيرة، وتمرُّدٍ داخلي في سيناء.

وضع العرب شبيه بالحروب النابليونية

ويمكن مقارنة هذا الوضع بالحروب النابليونية؛ إذ يضطلع العرب بدور "بروسيا" (والممالك الأوروبية الأخرى)، بينما يضطلع الإيرانيون بدور الفرنسيين تحت إمرة نابليون بونابرت. تعرَّض الجيش البروسي للهزيمة على يد نابليون في عام 1806 بمعركتي يينا وأورشتادت. انبرى تحالفٌ كبير من كل القوى الأوروبية الكبرى لهزيمة جيش نابليون الفرنسي الإمبريالي الآخذ في الصعود.

وكانت تلك القوى تمتلك التفوق في القوة العسكرية والعدد، لكن أعاقها عدم التنظيم، وغياب الكفاءة، والقادة غير المهنيين، ونظامٌ لم يسمح بالمبادرة الشخصية والمرونة. لكن قبل كل شيء، لم تعتقد القوى الأوروبية، بقيادة فريدريك ملك بروسيا، أنَّها قادرة على هزيمة نابليون فعلاً، وهذا الضعف النفسي أدَّى إلى هزيمةٍ مُذِلّة على الهضاب الألمانية.

أدَّت العقلية المنهزمة التي استحوذت على العرب والعالم السُنّي الأكبر منذ إنشاء إسرائيل في عام 1948، إلى بعض الحقائق الغريبة والسريالية؛ إذ تنشط التهديدات الحقيقية على المنطقة -إيران وروسيا- بلا رادع في العالم العربي.

وبالنسبة لكاتب المقال، فالدول العربية وحلفاؤها الغربيون التقليديون -الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا- في حالة خلاف، ولا يمكنهم حشد ردٍّ مُنسَّق موثوق على أي قضية حيوية، بدءاً من تبعات الغزو الأميركي الكارثي للعراق في 2002 والاتفاق النووي الإيراني الوخيم في 2016. و"الحليف" الإقليمي الأفضل على الأرض للعرب هو إسرائيل، التي أبقت وحدها على ضغطٍ عسكري مستمر على الأسد وحزب الله ورُعاتهما الإيرانيين.

وضعية مأساوية للعرب في النقاط الساخنة

إنَّ نظرةً على النقاط الساخنة العربية الرئيسية تجعل نتائج هذه الوعكة واضحة على نحوٍ مأساوي. ففي العراق، نجح الإيرانيون في تنصيب حكومة صورية يقودها الشيعة، تثير بشكل غير مباشرٍ نار الطائفية، وتجنَّبت الحُكم العابر للطائفية. وموَّلت أيضاً وسلَّحَت ميليشياتٍ شيعية تُقدَّر أعدادها الآن بعشرات الآلاف.

وتُبقي هذه الأَلوية الشيعية التي تضطلع بمهمة إنفاذ القانون بأيديها البلاد باستمرار في شبه حرب أهلية، حتى بعد هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). مع ذلك، فشلت الدول العربية في إظهار أي رد معقول على جرائم تلك الكيانات الإرهابية من غير الدول.

وفي سوريا، تمكَّنت إيران وحليفتها الرئيسية، روسيا، إلى حدٍ كبير، من توجيه مسار التاريخ دون مقاومة. لقد دعمتا الأسد وأمدَّتاه بكل ما يحتاجه لارتكاب الجرائم ضد الإنسانية والإمساك بشعبه رهينة.

إنَّ الفظائع الجماعية التي لا حصر لها والتي تُنسَب إلى نظام الأسد -مع نحو نصف مليون قتيل وملايين اللاجئين- هي نتاج الأعمال الإيرانية والروسية. ومجدداً، لم يظهر أي رد عربي معقول.

تحقق إيران الفوز أيضاً في لبنان؛ إذ يُدمِّر الإيرانيون عملياً الدولة اللبنانية باستخدامهم حزب الله أداةً لما يُفتَرَض أنَّه قتال إسرائيل وتعزيز أجندتها الشيعية الطائفية أكثر، وهي أجندة دخيلة على نظام الحكم السياسي متعدد الطوائف في لبنان.

وتتجلى جسامة العقلية الانهزامية العربية في أبرز صورها بهذا البلد الصغير؛ إذ يضطر رئيس الوزراء السُنّي، سعد الحريري، إلى دعم حزب الله والعمل معه علناً، وهو الحزب الذي حدَّدت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أنَّه هو الذي قتل والده رفيق الحريري في تفجير سيارةٍ مفخخة جبانٍ وسط بيروت عام 2005.

ماذا سيتحقق لو استفاق العرب من سُباتهم؟

الجزء المحيِّر فعلاً في كل تلك النجاحات الإيرانية -التي تمَّت دون أي مقاومة من الدول العربية تقريباً- هو أنَّه أمكن حدوثها فقط بسبب سوء إدراك القوة الإيرانية من جانب الحكومات العربية، التي يستمر ضعفها المتأصل في صبغ وجهات نظرها.

الحقيقة هي أنَّ الجيش الإيراني عادي في أحسن الأحوال، وأوضاعه المالية في حالة يُرثى لها. وإذا ما استطاع العرب النهوض من سُباتهم وتعلَّموا من أخطائهم، فسرعان ما سيدركون مزايا تفوُّقهم الكبير فيما يتعلَّق بالقوة النيرانية والوسائل الاقتصادية.  

وإذا ما تمكنوا من فعل ذلك، فإنَّ المقارنة الكئيبة الموجودة بالفعل مع الحروب النابليونية ستتبدل تماماً إلى نهاية سعيدة. من الأكيد أنَّ بروسيا والممالك الأوروبية الأخرى هزمت نابليون، بنهاية المطاف، في معركة "واترلو" عام 1815. ثُمَّ دُقَّ المسمار الأخير في النعش بعد ذلك بـ55 عاماً، حين قاد أوتو فون بسمارك، وهو باحث داهية في الحرب، بروسيا للانتصار عام 1870 في الحرب الفرنسية-البروسية وضمِن الهزيمة النهائية لأي طموحاتٍ إمبريالية فرنسية مستقبلية.

في الحاجة إلى "واترلو" عربية

باختصار، يحتاج العرب، المرتكزين على السعوديين والمصريين، إلى واترلو خاصتهم من أجل إطلاق جيل جديد من أمثال بسمارك. وفِعل ذلك يتطلَّب نظرةً جديدة كلياً، لكن لحسن الحظ ستكون نظرةً قائمة على الواقع. إنَّ هزائم الماضي لا تمنع انتصارات المستقبل.

ويمكن أن يكون التشاحن الضاري والمصادمات صغيرة النطاق أمراً محسوماً وتُزاح جانباً. ويمكن النظر إلى التوغُّل الإيراني على حقيقته؛ أي تمدُّد لقوةٍ ضعيفة لم تتمكَّن من بلوغ هذا الحد إلا بسبب انعدام أمن وتوعُّك خصمها صاحب الحق والأقوى. إنَّ مصير الشرق الأوسط والعالَمين العربي والإسلامي بحد ذاتهم مُعلَّقٌ في الميزان وليس أقل من ذلك.

 

أما وقد بدأ التفاوض على مستقبل  سوريا.. هل يرضخ الأسد للأكراد إرضاء لواشنطن ويقبل بالخارطة الجديدة؟

ماذا عرضت السعودية على السراج خلال أدائه لمناسك العمرة؟ صحيفة فرنسية: ملامح صفقة جديدة لإنهاء الصراع الليبي

 

علامات:
تحميل المزيد