علِم أنه لن يغير رأيهم، فقرر مطالبتهم بالبقاء بالاتفاق النووي.. هذه حيلة نتنياهو مع أوروبا من أجل تحجيم إيران

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/06 الساعة 18:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/06 الساعة 18:22 بتوقيت غرينتش
French President Emmanuel Macron escorts Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu as he leaves the Elysee Palace in Paris, France, June 5, 2018. REUTERS/Philippe Wojazer

ترى صحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لم يكن متفاجأً من ردود فعل قادة الدول الأروبية من انحساب ترمب من الاتفاق النووي مع إيران. فلم يكن أحد يعتقد على الإطلاق أنه ذهب إلى أوروبا وهو يظن بالفعل أنه سيغير وجهات نظر ميركل وماكرون وماي.

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وخلال مؤتمر صحفي عُقد في برلين مع نتنياهو، قالت: "لدينا اختلاف في وجهات النظر حول خطة العمل الشاملة المشتركة [الاتفاق النووي الإيراني] ومدى فاعليتها". وأضافت: "لم تتراجع ألمانيا عن ذلك الاتفاق، وسنستمر مع الشركاء الأوروبيين الآخرين في مساندته ودعمه".

نتنياهو سمع الجواب نفسه من قادة أوروبا

يُعد هؤلاء الشركاء الأوروبيون الآخرون؛ وهما فرنسا وبريطانيا -اللتان كانتا إلى جانب ألمانيا شريكين في الصفقة- المحطتين التاليتين لزيارة نتنياهو إلى أوروبا التي تستغرق 4 أيام.

وقد سمع نتنياهو الشيء نفسه من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي قال في مؤتمر صحفي عقده مع نتنياهو يوم الثلاثاء 5 يوينو/حزيران 2018، إن "خطة العمل الشاملة المشتركة" تُمثل "خطوة  هامة". ومن المؤكد أن نتنياهو سيسمع آراء مماثلة عندما يلتقي رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، في لندن يوم الأربعاء 6 يونيو/حزيران 2018.

جاء التأكيد مجدداً من قِبل كل من ميركل وماكرون على أن "خطة العمل الشاملة المشتركة" تعتبر الطريقة الأمثل لمنع إيران من امتلاك وتطوير الأسلحة النووية بعد أن اطلع خبراؤهما على الوثائق التي هربتها إسرائيل من إيران من "سجلات الوثائق النووية" الخاصة بها،  وبعد أن قدم لهم نتنياهو ملفاً استخباراتياً عن نوايا إيران؛ وبعد أن غرد المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية، علي خامنئي، يوم الأحد 3 يونيو/حزيران 2018، واصفاً إسرائيل بأنها كانت "ورماً سرطانياً خبيثاً" ينبغي "إزالته والقضاء عليه".

ومن الواضح أن نتنياهو، الذي كان له نصيبه من الاجتماعات مع قادة العالم، لم يكن متفاجأً من ذلك؛ إذ لم يعتقد أحد على الإطلاق أنه ذهب إلى أوروبا وهو يظن بالفعل أنه سيغير وجهات نظر ميركل وماكرون وماي.

على الرغم من ذلك، فقد أقدم على القيام بتلك الرحلة، التي وصفها مسبقاً بأنها رحلة مهمة للغاية لأمن إسرائيل.

فلماذا ذهب لأوروبا؟

ولكن، إذا كان يعلم أنه لن يستطيع تغيير الآراء، فما الدافع لإجراء هذه المناقشات؟ وما الذي يأمل أن يحققه؟

تقول الصحيفة الإسرائيلية إنه يجب الانتباه إلى أن المناقشات حول إيران لا تتعلق بالقضية النووية فحسب؛ بل اوجد أيضاً القضية المتعلقة بتطوير الصواريخ الباليستية الإيرانية، وتدخل إيران في المنطقة وترسيخ وجودها بسوريا، وأنشطتها في غزة عبر "حماس"، وخاصة حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.

وقد قال نتنياهو قبل صعوده على متن الطائرة يوم الإثنين 4 يونيو/حزيران 2018، إنه سيناقش أمرين مع القادة الأوروبيين: وهما  إيران وإيران. وقد كان يعني ذلك بالفعل. وقد طرح كل من ميركل وماكرون الأحداث التي وقعت في غزة خلال تلك الاجتماعات، ومن المتوقع أن تفعل ماي الشيء نفسه. ولكن حتى عندما يتعلق الأمر بأحداث غزة، فإن نتنياهو يستخدمها كدليل إضافي على تأثير إيران الذي يسعى إلى زعزعة الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.

توجُّه نتنياهو إلى أوروبا جاء بهدف المحاولة للتصدي لجميع الأنشطة الإيرانية، على أمل أنه إذا لم تكن ألمانيا وفرنسا وبريطانيا على استعداد للمشاركة فيما يتعلق بالانسحاب من "خطة العمل الشاملة المشتركة"، فيمكنهم على الأقل التعاون مع إسرائيل بشأن القضايا الأخرى المثيرة للقلق التي تضطلع فيها إيران، مثل: تطوير الصواريخ الباليستية، والعدوان الإقليمي، وزعزعة الاستقرار في قطاع غزة.

وفيما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني، يسعى نتنياهو إلى إقناع الأوروبيين بعدم الانسحاب من الاتفاق؛ بل بالأحرى قبول الواقع الجديد، الذي يتمثل في أن الولايات المتحدة قد انسحبت بالفعل، ونتيجة لذلك، قد تغيرت قواعد التفاوض بشكل جوهري.

وقد لمح إلى ذلك بقدر كبير خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع ميركل.

وقال: "لم أغير رأيي بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة، ولكني أعتقد أن هذا الأمر أصبح الآن مسألة ثانوية؛ لأن الولايات المتحدة قد انسحبت من الاتفاق". وأردف قائلاً: "أعتقد أن السؤال الحقيقي الذي يتعين علينا مواجهته هو: ما الذي يتوجب علينا فعله تجاه العدوان الإيراني؟ وماذا سنفعل بشأن هدف إيران الذي لا يزال قائماً وسعيها إلى امتلاك أسلحة نووية؟".

ليس هذا وحسب؛ بل كان نتنياهو مباشراً بدرجة كبيرة خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع ماكرون.

وقال متحدثاً عن"خطة العمل الشاملة المشتركة": "لم أطلب من الرئيس ماكرون أن ينسحب من الاتفاق"، وأضاف: "أعتقد أن الحقائق الاقتصادية ستقرر هذه المسألة؛ لذلك ليس هذا ما ركزنا عليه. ما ركزت عليه هو وقف العدوان الإيراني في المنطقة، وعلى وجه التحديد هدف إسرائيل، الذي أعتقد أنه ينبغي أن يساهم في تحقيقه جميع أولئك الذين يسعون إلى إرساء السلام والازدهار في الشرق الأوسط: وهو إعادة بناء وتعمير سوريا. وتتمثل الخطوة التمهيدية لتحقيق ذلك في أن تغادر إيران سوريا، سوريا بأسرها".

حجة نتنياهو

لم يكن هدف نتنياهو في هذه اللقاءات هو تغيير الآراء ووجهات النظر؛ بل أن يُعرب عن رأيه؛ أنه من غير المجدي الدخول في مواجهة مباشرة مع الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، حول هذه القضية، والإقرار بأنه حتى لو لم تنسحب الدول الأوروبية رسمياً من الاتفاق النووي الإيراني، فإن حقيقة أن الولايات المتحدة قد انسحبت بالفعل دفعت العديد من الشركات لتقرر أنها لا تريد المخاطرة بالتعرض لعقوبات أميركية ثانوية، ومن ثم انسحبت من إيران.

تتمثل الحجة التي ساقها نتنياهو، في أنه يتعين على الأوروبيين الآن استخدام هذا الأمر كوسيلة للتأثير على الإيرانيين للضغط عليهم فيما يتعلق بمسألة الصواريخ الباليستية، وحول أنشطتهم هي المنطقة.

جاءت دعوة نتنياهو الواضحة بالأمم المتحدة، في سبتمبر/أيلول 2017، لـ"إصلاح أو رفض" الاتفاق النووي الإيراني. بينما عبّر في رسالته إلى الأوروبيين -وهي الرسالة التي برزت بشكل واضح في المؤتمر الصحفي الذي استمر نحو 45 دقيقة في باريس مساء الثلاثاء 5 يونيو/حزيران 2018، مع ماكرون- بأن الانسحاب الأميركي قضى على الاتفاق بشكل أساسي، وينبغي للأوروبيين الآن المساعدة في إصلاح المنطقة عن طريق وضع حد لتدخل إيران في سوريا والأماكن الأخرى بالشرق الأوسط.

ولهذا السبب ذهب نتنياهو إلى أوروبا.

تحميل المزيد