حينما يصبح الحج “مغامرة خطيرة”.. قطريون ومقيمون وأصحاب حملات: قيود الرياض يستحيل معها أداء المناسك

صحاب الحملات القطرية يؤكدون بخصوص مستجدات الوضع فيما يتعلق بأداء العمرة في العشر الأواخر من رمضان والاستعداد لموسم الحج الجديد، أن الأمر بقي على ما هو عليه

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/06 الساعة 20:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/06 الساعة 20:33 بتوقيت غرينتش
مكة المكرمة/الشبكات الاجتماعية

فصل جديد من فصول الأزمة الخليجية، وهذه المرة يتعلق بأداء مناسك الحج والعمرة، وبدأ ببيان، الثلاثاء 5 يونيو/حزيران 2018، للمملكة العربية السعودية، رحَّبت فيه بالقطريين لأداء مناسك الحج والعمرة، فيما جاء رد وزارة الأوقاف القطرية مؤكداً موقفها السابق؛ وهو أن الأبواب مغلقة تماماً أمام الحجاج والحملات القادمة من قطر.

أصحاب الحملات القطرية يؤكدون بخصوص مستجدات الوضع فيما يتعلق بأداء العمرة في العشر الأواخر من رمضان والاستعداد لموسم الحج الجديد، أن الأمر بقي على ما هو عليه، وأن التحرك السعودي محض محاولة لمكسب سياسي جديد بعد إدانات دولية متكررة لموقفها من منع أداء الشعائر الدينية لسكان قطر.

مجدي رزق، مدير حملة "طيبة للحج والعمرة"، يعتبر ما تعلنه السعودية دعاية سياسية ليس إلا، "على أرض الواقع. ووفقاً لعملنا، فسفر القطريين والمقيمين بقطر لأداء مناسك الحج والعمرة شبه مستحيل، وهي مغامرة غير محسوبة لمن يُقْدم عليها".

 

 

معاناة أصحاب الحملات

رزق أوضح في حديثه لـ"عربي بوست"، أن السعودية ألغت عمل مكاتب الحج والعمرة العاملة في قطر، وهي ضلع أساسي بمنظومة الحج والعمرة؛ لكونها الوسيط بين هيئات المملكة وخارجها.

وأضاف أن مكاتب الحملات في الدول خارج السعودية، دورها هو التواصل مع المكاتب بالداخل السعودي، وترتيب جميع خطوات العمل على تيسير الحج والعمرة للراغبين في أداء المناسك، وتكون المكاتب خارج المملكة مسؤولة بصورة كاملة عن تحركات الحاج والمعتمر، وتضمن له أداء الشعائر بشكل مريح وميسر، بغير خروج عما تضعه المملكة من قوانين. 

ويأتي دور المكاتب داخل السعودية في الإشراف على العمل، والتعامل مع الحجاج من خلال الوسيط، يتابع رزق، منوهاً إلى أن العام الماضي (2017) شهد استقبال حملة "طيبة" مئات الاتصالات من الراغبين في أداء الشعائر، ولكنّ الحملات كافة بقطر ممنوعة من أداء دورها الذي كان معترفاً به في وقت سابق.

أما عن رغبة مكاتب الحج والعمرة داخل المملكة العربية السعودية، فيوضح مدير حملة"طيبة" أن المكاتب داخل السعودية أيسر لها أن تتعامل مع المكاتب في الدوحة، فالوضع الذي تريده السعودية هو أن يسجل الحاج أو المعتمر عبر الموقع الإلكتروني وأن يتواصل بعد ذلك مع أي من مكاتب المملكة، وهذا الأمر مرهق جداً بالنسبة للمكاتب في المملكة؛ فهي تتعامل مع كل فرد على حدة، وهذا أمر مستحيل بالنسبة للمكاتب المعتمدة داخل السعودية، والتي تستقبل ملايين الحجاج والمعتمرين من دول العالم كافة.

العدد محدود جداً

وعن موسم الحج في العام الماضي (2017)، يؤكد رزق أن عدد الذين أدوا مناسك الحج محدود جداً، في حين أن بعض الأرقام الصادرة عن المملكة تحدثت عن مئات الحجاج من قطر دخلوا المملكة، وهو رقم يراه رزق مستحيلاً في ظل عدم وجود حملات تشرف على هذا الأمر، خاصةً أنه في ظل التقارب القطري-السعودي، لم يكن يتعدى عدد الحجاج 1200 شخص، وفق الأرقام الرسمية المعلنة من وزارة الأوقاف القطرية.

وكان الشيخ عبد الله بن علي آل ثاني، الذي كان مقرباً من نظام الحكم بالسعودية، في فترة الحج من العام الماضي (2017)، أعلن على حسابه أن عدد الحجاج القطريين في تزايد وأنهم تجاوزوا 900 حاج، وهو ما نفته قطر حينها. 

أحد مقاولي الحج والعمرة في قطر -رفض الافصاح عن اسمه- يقول إن الحج والعمرة خارج الأطر الموضوعة أمر مستحيل، "لا يعنينا ما يصدر عن السعودية أو حتى عن قطر من بيانات، فهناك نظام نعمل من خلاله، وهو الذي تطالب به القيادة القطرية في الوقت الحالي، وفي حال تراجعها عنه لن يكون العمل بالنسبة لنا ممكنا"ً.

وأضاف لـ"عربي بوست" أن حملات الحج تشرف على الحجاج التابعين لها، وتوفر لهم الإمكانات التي تناسبهم من مسكن أو مأكل أو مواصلات، وغير ذلك من الأمور التي يحتاجها الحج، وقادرة على الإنفاق وفقها، وبعثة الحج تشرف على كل هذه الأمور، وتضمن التزام الحملات بالعقود الموقعة مع الحجاج، فهي ضمانات تلي بعضها بعضاً من أجل أمن وسلامة كل من يرغب في أداء الشعائر.

 محمد، صاحب إحدى حملات الحج، أوضح أن الشعب القطري ملتفٌّ حول قيادته؛ لما يعلمه من أن المطالب التي طرحتها الحكومة القطرية فيما يتعلق بالحج كلها مشروعة، متسائلاً: "كيف يُسمح لحجاج الامارات والبحرين ومصر وغيرها من دول العالم بوجود أشخاص يوفرون خدماتهم داخل السعودية، في حين أن بعض الأبواق الاعلامية بدول الحصار لا تكف عن التحريض ضد القطريين، ولا ترغب المملكة في السماح لمن يخدم الحجاج من قطر بالوجود بمكة والمدينة؟!".

وأوضح أن عدد من يذهبون للحج والعمرة، تماشياً مع ما تعلنه السعودية من ضوابط، قليل جداً، مقارنةً مع الأعوام السابقة، ولا يكاد يُذكر، معتبراً أن ما يقومون بهذا الأمر يخرجون عن طاعة ولي الأمر، ولا يقفون بجانب قطر، خاصةً أن السعودية استغلتهم مراراً في الترويج لسماحها للقطريين بأداء الحج والعمرة.

أمر غير عادي في حياة القطريين 

من جانبه، قال المحامي عيسى الكواري إنه اعتاد أن يؤدي مناسك العمرة في العشر الأواخر من رمضان كل عام، وإن الوضع الذي افتعلته السعودية بـ"تصرفاتها الصبيانية" -على حد وصفه- لم يمكنه هو وعشرات الآلاف أمثاله من أداء العمرة هذا العام (2018).

وأوضح أنه حاول مراراً ايجاد وسيلة للوصول للمشاعر المقدسة وأداء العمرة في رمضان هذا العام (2018)، ولكنه لم يتمكن، وهو أمر غير عادي في حياة الكثير من سكان قطر.

وأوضح محمد صلاح الدين، مصري مقيم بقطر، أنه اعتاد أن تكون مأذونية الخروج له كل عام عبر السعودية، وأن يحصل على إذن بأداء مناسك العمرة، ولكنه هذا العام (2018) لم يتمكن من أداء العمرة، وهو العام الثاني له بعد الحصار الذي فرضته الدول الخليجية الثلاث، ومعهم مصر، العام الماضي (2017). 

في حين يرى المواطن القطري جابر عنتر المنخس أن الحج والعمرة أصبحا مخاطرتين بالنسبة للكثير من القطريين، مع ما يبثه إعلام دول الحصار من أخبار حول تهديد قَطر كل دول المنطقة، وهو أمر ظهرت نتيجته بعد الحصار مباشرة، العام الماضي (2017)، "رمضان الماضي شهد الكثير من الحوادث الغريبة على موسم العمرة، حيث تم طرد بعض القطريين، وبلغ الأمر الاعتداء على آخرين نتيجة ما تبثه القنوات الاعلامية لدول الحصار".

وكانت وزارة الحج والعمرة السعودية قد قالت في بيان لها، يوم الثلاثاء 5 يونوي/حزيران 2018، إنه نظراً إلى الموقف السلبي للسلطات القطرية وتعنُّتها تجاه عدم تمكين المواطنين والمقيمين بقطر من أداء مناسك الحج والعمرة، فإن وزارة الحج والعمرة ترحب بقدوم الأشقاء القطريين لأداء مناسك العمرة بعد استكمال تسجيل بياناتهم النظامية حال وصولهم إلى مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة.

وفيما يتعلق بقدوم المقيمين من دولة قطر لأداء مناسك العمرة، فيكون ذلك من خلال تسجيل بياناتهم في موقع الوزارة الإلكتروني ، واستكمال إجراءات التعاقد إلكترونياً مع شركات العمرة السعودية المصرح لها بتقديم الخدمات للمعتمرين، واختيار حِزم الخدمات التي تتناسب مع رغباتهم كغيرهم من المعتمرين القادمين من مختلف دول العالم. ويكون قدومهم جواً عبر مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة، وعن طريق شركات الطيران عدا الخطوط الجوية القطرية، وذلك خلال شهر رمضان المبارك من هذا العام (2018). 

وفي المقابل، اتهمت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بدولة قطر السلطات السعودية بالاستمرار في المراوغة وتضليل الرأي العام، وتسييس الشعائر الدينية، لافتة إلى أن العراقيل ما تزال قائمة أمام المواطنين القطريين والمقيمين الراغبين في أداء مناسك الحج والعمرة.