تركة ثقيلة في انتظاره.. من هو “الرزاز” الذي كلف برئاسة الحكومة الأردنية بعد احتجاجات غاضبة عمّت البلاد؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/04 الساعة 12:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/04 الساعة 14:05 بتوقيت غرينتش

يترقب الأردنيون تكليف عاهل البلاد، الملك عبد الله الثاني، وزير التربية والتعليم، عمر الرزاز، برئاسة الوزراء رسمياً، الإثنين 4 يونيو/حزيران 2018، خلفاً لـ"هاني الملقي"، الذي أطاحت به الاحتجاجات المناهضة لسياسات حكومته الاقتصادية.

ويتمتع "الرزاز" بخبرة اقتصادية كبيرة، وتعد أفكاره في هذا المجال ليبرالية، استقاها من دراسته في الجامعات الأميركية، بالرغم من كونه ابن السياسي البعثي الاشتراكي الراحل "منيف الرزاز".

وحصل رئيس الحكومة الجديد على درجة الماجستير في التخطيط الحضري والإقليمي من جامعة MT، وعلى الدكتوراة في التخطيط الحضري من "هارفرد"، إحدى أعرق وأشهر الجامعات في الولايات المتحدة.

شغل الرجل منصب مدير مكتب البنك الدولي في بيروت لعدة سنوات، وترأس العديد من اللجان الحكومية المختصة في الأردن، إضافة إلى رئاسة مجلس إدارة البنك الأهلي الأردني، قبل تعيينه وزيراً للتربية والتعليم في حكومة الملقي، مطلع عام 2017.

وسريعاً، بفعل الاحتجاجات العارمة في البلاد خلال الأيام الأخيرة، اعتلى الرزاز (57 عاماً) قمة هرم السلطة التنفيذية، وسط تساؤلات عن مدى نجاح الخطوة في انتشال اقتصاد البلاد المتدهور.

والرجل ليس من أبناء العشائر المرتبطة بالسلطة والتي اعتادت تولي المناصب القيادية في المملكة، وقد يكون قبوله من قبل دوائر المخابرات محل شك، إلا أنه يتمتع بصفات قيادية وأفكار اقتصادية قد تمكنه من الالتفاف على الاحتجاجات الشعبية، دون آمال كبيرة في تجاوز البلاد واقعها الذي تفرضه عليها العديد من التحديات الداخلية والإقليمية.

ارتياح عام ولكن الإضراب "قائم"

وفي حديث لـ"عربي بوست"، قال "عبد الهادي الفلاحات"، نقيب المهندسين الزراعيين وعضو مجلس النقباء، الذي قاد الاحتجاجات الشعبية ضد توجهات حكومة "الملقي" الاقتصادية، إن قرار عاهل البلاد إزاحة الأخير وتعيين "الرزاز" أفرز ارتياحاً عاماً في الأوساط الشعبية والنقابية.

إلا أن "الفلاحات" شدّد على ضرورة أن تسارع الحكومة الجديدة إلى سحب قانون ضريبة الدخل، الذي أشعل الاحتجاجات الأسبوع الماضي، وإلى تشكيل لجنة حوار وطني متخصصة تشمل جميع قطاعات الأعمال والنقابات، وإلى تأسيس عملها بناءً على الثقة المتبادلة والشفافية، لنزع فتيل التوتر.

وأرجع النقيب سبب تسمية "الرزاز" لتولي المهمة إلى امتلاكه قبولاً شعبياً على مختلف المستويات، وتجربة اقتصادية واسعة وعميقة، مطالباً إياه بسلك نهج اقتصادي جديد كلياً.

وأشار الفلاحات أن النقابات لم تتلق حتى الآن أية وعود بشأن إلغاء قرارت حكومة الملقي من عدمه، وأضاف أن إضراباً كان مقرراً الأربعاء المقبل، بدعوة من مجلس النقباء، ما يزال قائماً، إلى حين ورود أي مؤشرات إيجابية قد تدفع المجلس إلى تعليقه.

إقالة الملقي

وفي وقت سابق الإثنين، قرر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، إقالة هاني الملقي من رئاسة الحكومة.

وأكد مصدر خاص في رئاسة الوزراء للأناضول، بأن الملك قبل استقالة الملقي وكلف الرزاز بتشكيل الحكومة الجديدة، على أن يصدر بيان رسمي بذلك اليوم.

تأتي هذه التطورات بعد عدة أيام شهدت خلالها البلاد احتجاجات واسعة النطاق في عمان ومحافظات أخرى ضد مشروع قانون ضريبة الدخل الذي ينص على زيادة الاقتطاعات الضريبية من مداخيل المواطنين.

وتجمع نحو 5 آلاف شخص قرب مبنى رئاسة الوزراء الأردنية في عمان وسط إجراءات أمنية مشددة هاتفين "يا ملقي اسمع اسمع، شعب الأردن ما رح يركع" و"الشعب يريد إسقاط الحكومة".

وحمل البعض لافتات كتب على بعضها "مستمرون حتى رحيل الحكومة" و"لن نركع" و"أنا مواطن ولست جهاز صراف آلي".

وكان نحو 43 عضواً في مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان) وجهوا الأحد 3 يونيو/حزيران 2018، رسالة للملك عبد الله الثاني، ناشدوه فيها بإقالة حكومة رئيس الوزراء هاني الملقي، على خلفية ما تشهده البلاد من احتجاجات واسعة جراء إقرارها مشروع قانون ضريبة الدخل المعدل، أواخر الشهر الماضي.

وقال النائب صداح الحباشنة، وهو أحد الموقعين على الرسالة في تصريح لوكالة الأناضول: "الرسالة هي بمثابة مناشدة للملك، وقد أدرك النواب بأن قرارات الحكومة الجائرة أسقطت المجلس (مجلس النواب) شعبياً".

وأشار الحباشنة إلى أن "المواطن الأردني محتقن من الحكومة ومجلس النواب؛ فقرارات الحكومة أسقطت المجلس؛ ما أوجد فراغاً ظهرت فيه النقابات المهنية، ورسالتنا جاءت من تحت وطأة الشارع".

ولفت النائب أيضاً إلى أن "مجلس النواب في حالة تخبط لا يعلم ما يريد، وهو يحاول استعادة ما تبقى من كرامته، بعد أن فقد كامل هيبته بالنسبة للمواطنين الأردنيين".

ويشهد الأردن منذ أربعة أيام احتجاجات عارمة، عمَّت أرجاء البلاد؛ بعد أن أقرَّت الحكومة في 21 مايو/أيار الماضي، مشروع قانون معدل لضريبة الدخل، وأحاله إلى مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) لإقراره.

إصرار على سحب مشروع القانون

وبالموازاة مع ذلك، أوصى مجلس الأعيان الأردني (الغرفة الثانية للبرلمان)، الملك عبدالله الثاني، بسحب مشروع قانون ضريبة الدخل المعدل.

ونقلت صحيفة "الغد" الأردنية الخاصة على لسان مصدر برلماني أن مجلس الأعيان (عدد أعضائه 65 يعينهم الملك) رفع اليوم توصيتين للملك.

وأوضح أن التوصية الأولى تتضمن "الطلب من الحكومة سحب مشروع القانون (ضريبة الدخل المعدل)، وتشكيل لجنة حوار وطني".

فيما تمثلت التوصية الثانية، حسب المصدر ذاته "في الاستئذان بإصدار إرادة ملكية بعقد دورة استثنائية لمجلس الأمة (البرلمان بمجلسيه النواب والأعيان) خلال يومين".

وأضاف المصدر أنه وفق التوصية الثانية "يعقد مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان عدد أعضائه 130 ينتخبهم الشعب)، اجتماعاً سريعاً (بعد غد الثلاثاء) للنظر في مشروع القانون، وإن قرر النواب رده يذهب للأعيان فيقوم المجلس برده في جلسة تعقب جلسة النواب، ومن ثم يعود المشروع للحكومة".

وأشار إلى أنه "عند رجوع القانون للحكومة عليها فتح حوار عبر تشكيل لجنة وطنية لإجراء حوار وطني حول النهج الاقتصادي الاجتماعي، وإعادة صياغة قانون ضريبة يلبي متطلبات الجميع".

ضرائب متزايدة

وكان مجلس الوزراء أقر، في 21 مايو/أيار الماضي، مشروع قانون معدل لضريبة الدخل، وأحاله إلى مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) لإقراره.

ويحتاج مشروع القانون -وفق ما هو متبع في الأردن- كي يدخل حيز التنفيذ أن تتم مناقشته من قبل البرلمان بشقيه (النواب والأعيان)، ثم يرفع لعاهل البلاد ليصدر عبر مرسوم ملكي، ثم يعلن بالجريدة الرسمية، وبعدها بشهر يصبح قانوناً ساري المفعول.

وينص مشروع القانون على معاقبة التهرب الضريبي بفرض غرامات مالية وعقوبات بالسجن، تصل إلى عشر سنوات، وإلزام كل من يبلغ الـ18 من العمر بالحصول على رقم ضريبي.

ويعفى من ضريبة الدخل كل فرد لم يتجاوز دخله السنوي 8 آلاف دينار (نحو 11.3 ألف دولار)، بدلاً من 12 ألفاً (نحو 17 ألف دولار).

كما يعفى منها كل عائلة يبلغ مجموع الدخل السنوي للزوج والزوجة أو المعيل فيها أقل من 16 ألف دينار (نحو 22.55 ألف دولار)، بدلاً من 24 ألف دينار (33.8 ألف دولار).

وتفرض ضريبة بنسبة 5% على كل من يتجاوز دخله تلك العتبة (8 آلاف دينار للفرد أو 16 ألف دينار للعائلة)، والتي تتصاعد بشكل تدريجي حتى تصل إلى 25% مع تصاعد شرائح الدخل.

كما يزيد مشروع القانون الضرائب المفروضة على شركات التعدين والبنوك والشركات الماليّة وشركات التأمين والاتصالات والكهرباء، بنسب تتراوح بين 20 و40%.

وقدرت الحكومة المقالة أن توفر هذه التعديلات على مشروع القانون لخزينة الدولة قرابة 100 مليون دينار (141 مليون دولار).

ومساء السبت، قال العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، الذي يتمتع بصلاحية رد القوانين التي يقرها البرلمان أو تقترحها الحكومة، إنه "ليس من العدل أن يتحمل المواطن وحده تداعيات الإصلاحات المالية".

 

علامات:
تحميل المزيد