الإمارات تطلب مساعدة ترمب لدخول الميناء الرئيسي باليمن.. ولكن المسؤولين الأميركيين لديهم مخاوف كثيرة من هذه المعركة

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/04 الساعة 19:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/04 الساعة 19:50 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (الى اليمين) وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في البيت الأبيض بواشنطن يوم 15 مايو ايار 2017. تصوير: كيفين لامارك - رويترز.

بين طلبات حلفائها وتحذيرات الأمم المتحدة وتعقد الواقع العسكري تبدو الولايات المتحدة حائرة فيما ستفعله في هذه المرحلة الدقيقة من الصراع اليمني، وهي تخشى المفاجآت التي قد تخرج لها من الصندوق اليمني.

وتدرس إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب مطالبةً من دولة الإمارات العربية المتحدة من أجل دعمٍ أميركي مباشر للسيطرة على الحديدة الميناء اليمني الرئيسي للمساعدات الإنسانية من قبضة المقاتلين الحوثيين المدعومين إيرانياً، وذلك بحسب مسؤولين أميركيين.

 ويخشى هؤلاء المسؤولون من أن هذه الخطوة يمكن أن تسبّب في آثار كارثية على البلاد، بحسب ما نقلت عنهم صحيفة The Wall Street Journal الأميركية.

هذا هو شكل المساعدة الذي يريده التحالف العربي من الأميركيين

وقال المسؤولون الأميركيون إنَّ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو طلب إجراء تقييمٍ سريع لمطالبة الإمارات بمساعداتٍ مثل القيام بعمليات مراقبة باستخدام طائرات بدون طيار من أجل مساعدة تحالفٍ تقوده السعودية على استعادة الحُديدة، التي تُمثِّل حالياً شريان حياة حيوياً لسكان البلاد البالغ عددهم 29 مليوناً.

وقال المسؤولون الأميركيون إنَّ المسؤولين الإماراتيين والسعوديين أكَّدوا للولايات المتحدة أنَّهم لن يحاولوا السيطرة على الميناء المُطِلّ على البحر الأحمر حتى يحصلوا على دعمٍ من واشنطن.

ولكن هناك سيناريو كارثياً يقلق واشنطن ويجعلها في حيرة بشأن التدخل

غير أنَّ هنالك قلقاً متنامياً داخل إدارة ترمب من أنَّ القتال حول المدينة ربما يخرج عن السيطرة ويجبر واشنطن على التدخل. ويخوض مقاتلون يمنيون مدعومين من التحالف معارك مع الحوثيين قرب المدينة.

وقال مسؤولٌ أميركي كبير: "ما زالت لدينا الكثير من مباعث القلق بشأن شن عمليةٍ في الحديدة. لسنا مرتاحين بنسبة 100% من أنَّ التحالف، في حال شَنَّ هجوماً بالفعل، سيكون قادراً على إنجاز الأمر بصورة سليمة ويتجنَّب وقوع حادث كارثي".

ويتنافس النقاش حول الدعم الأميركي المتزايد للإمارات والسعودية من أجل جذب اهتمام كبار مسؤولي الإدارة الذين يعملون جاهدين من أجل التحضير للقمة المزمعة مع كوريا الشمالية في سنغافورة في 12 يونيو/حزيران 2018. لكنَّ تصعيد العمليات العسكرية حول الميناء اليمني أثار حالةً مُلِحّة جديدة في واشنطن.

الإماراتيون وعدوا أنهم لن يدخلوا الميناء إلا بعد إتاحة الفرصة للجهود الدبلوماسية ولكن أطرافاً أخرى قد تتحرك

ووفقاً لأحد المسؤولين العرب، اتفقت الولايات المتحدة  والتحالف الذي تقوده السعودية على ألا تدخل القوات الإماراتية المشرفة على العمليات العسكرية الميناء في المدى القريب حتى يتسنى لمبعوث الأمم المتحدة الجديد، مارتن غريفيث، محاولة تحريك الجهود الدبلوماسية المُحتَضِرة من أجل إنهاء القتال.

بيد أنَّ هناك مخاوف واسعة من أنَّ القوات اليمنية المتحالفة مع التحالف الذي تقوده السعودية ستتحرك من تلقاء نفسها.

ومن المتوقع أن يلتقي كبار المتخصصين في الشأن اليمني بالإدارة الأميركية اليوم الإثنين 4 يونيو/حزيران لمناقشة ما الذي ينبغي عمله. ولطالما سعت السعودية والإمارات، اللتان تقدمان الدعم العسكري الرئيسي للقوات اليمنية الساعية للسيطرة على الحُديدة، للحصول على الدعم الأميركي للعملية.

محاولات التحالف السابقة لنيل دعم الأميركيين كانت بلاطائل.. إنهم لا يتدخلون إلا بملف واحد فقط

التحالف الذي تقوده السعودية سعى العام الماضي 2017 دون جدوى لتأمين المعلومات الاستخباراتية وعمليات المراقبة الأميركية والدعم المباشر من نخبة قوات الجيش الأميركي لشن هجومٍ على الحديدة، حسب مسؤولين بالإدارة الأميركية.

وتعمل قواتٌ خاصة من الإمارات والولايات المتحدة معاً داخل اليمن لاستهداف مقاتلي تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، في حين تُنفِّذ الطائرات دون طيار الأميركية ضرباتٍ جوية.

وتبيع الولايات المتحدة أيضاً الأسلحة إلى البلدان الخليجية وتساعد في إعادة تزويد المقاتلات السعودية والإماراتية التي تُنفِّذ الضربات الجوية بالوقود، وهي خطوة تثير قلق بعض المُشرِّعين الأميركيين القلقين حيال تحمُّل الولايات المتحدة اللوم على سقوط القتلى المدنيين.

ولكن هذه المرة هناك انقساماً حقيقياً في واشنطن تجاه اليمن.. البعض يريد التدخل دعماً للتحالف وآخرون يريدون حظراً على تسليحه

مسؤولو الإدارة الرئيسيون المنخرطين في النقاش لديهم في الوقت الراهن تحفظاتٍ بشأن توسيع المشاركة العسكرية الأميركية في اليمن، وفقاً لمسؤولين أميركيين، لكنَّ بعضهم يرى أهمية لتقديم المساعدة.

وقال المسؤولون الأميركيون الكبار: "لدينا مجموعة محبطة ومستعدة لقول: 'دعونا نفعل ذلك. إنَّنا نفكر في هذا دون جدية منذ وقتٍ طويل. يجب أن يُغيِّر شيءٌ ما الدينامية، وإذا ما ساعدنا الإماراتيين على فعل الأمر بصورة أفضل، فإنَّ ذلك قد يكون جيداً'".

في المقابل، يشعر بعض مسؤولي الإدارة أيضاً بالإحباط المتزايد من تعثر كلٍ من الجهود العسكرية والدبلوماسية، وهو ما يغذي مساعي الحد من الدعم الأميركي للقتال. ويبحث المشرعون الأميركيون عن طرق لوقف مبيعات الصواريخ المُوجَّهة التي تستخدمها السعودية والإمارات في اليمن.  

وكان الرئيس باراك أوباما أوقف بيع مثل هذه "القنابل الذكية" إلى السعودية في نهاية ولايته عام 2016. لكنَّ الإدارة الجديدة رفعت الحظر بمجرد تولي الرئيس ترمب المنصب، ويسعى المسؤولون للحصول على دعم الكونغرس لصفقة أسلحة جديدة للسعودية والإمارات.

ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، أسفرت الضربات الجوية للتحالف الذي تقوده السعودية عن مقتل أكثر من 4 آلاف مدني في اليمن.

فالآن: هناك ما يثير شهية ترمب إيران والملاحة وحتى الترويج لخطته للسلام التي لم يكشف عنها

وبرزت السعودية والإمارات كحليفين أساسيين لترمب. وانضمتا إلى التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش ونجح في دفع التنظيم إلى حافة الهزيمة في الشرق الأوسط. وتضطلع السعودية أيضاً بدورٍ محوري في خطة ترمب التي لم يُكشَف عنها الخاصة بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

وتثير الحرب في اليمن اهتماماً كبيراً في واشنطن لأهميتها الاستراتيجية. إذ يشعر مسؤولو إدارة ترمب بالقلق حيال دعم إيران العسكري للحوثيين، الذين يطلقون عدداً متزايداً من الصواريخ الإيرانية الصنع على الجارة السعودية. وتنفي إيران إمداد الحوثيين بالدعم العسكري.

ويخشى المسؤولون الأميركيون أيضاً من تهديد الحوثيين المتنامي للسفن التي تمر عبر الممرات البحرية الحيوية قبالة الساحل اليمني، وهي الخشية التي تعزَّزت الشهر الماضي مايو/أيار 2018 حين أصاب صاروخ سفينة شحنٍ تركية تنقل مساعدات إنسانية، ما تسبب في أضرار بسيطة. وأصدر البيت الأبيض بياناً غير معتاد يدين فيه الهجوم ويلقي باللوم على إيران.

وتتدفق 80% من الإمدادات التجارية والإنسانية عبر الحديدة، التي تُعَد بوابة مركزية لليمن. ويتهم قادة السعودية بصورة روتينية إيران باستخدام الميناء لتهريب الصواريخ إلى اليمن، وهو الاتهام الذي ترفضه طهران. ووصف المسؤولون الأميركيون مخاوف السعودية بأنَّها مُبالغة، خصوصاً عند موازنة الأمر مع الحاجة لإبقاء خطوط المساعدات مفتوحة.

لكن المشكلة أن التحالف العربي لو نفذ تهديداته قد تحدث كارثة.. وصرخات الأمم المتحدة تسبب مزيداً من الإرباك للولايات المتحدة

لكنَّ القوات المدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية تضيق الخناق سريعاً على الميناء، وتعهَّدت بالسيطرة عليه عاجلاً. وتقول المجموعات الإغاثية إنَّ العملية قد تكون كارثية في بلدٍ يعيش فيه ملايين الناس على حافة المجاعة.

إذ قال فرانسوا موريون، رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن: "الهجوم باتجاه الحديدة سيفاقم على الأرجح الوضع الأمني الكارثي بالفعل في اليمن".

والتقى مسؤولون كبار من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات في المنطقة مؤخراً لمناقشة الأزمة التي تلوح في الأفق.

ويشعر المسؤولون الأميركيون ومسؤولو الأمم المتحدة كذلك بالقلق حيال أثر ذلك على التحركات الدبلوماسية الضعيفة الرامية لإنهاء الحرب. ويدفع المسؤولون الأميركيون على نحوٍ متنام التحالف الذي تقوده السعودية لإيجاد نهايةٍ سياسية للقتال.

ومن المفترض أن يُقدِّم غريفيث، المبعوث الأممي الخاص لليمن، مقترحه لإحياء مباحثات السلام المُحتضرة إلى مجلس الأمن في الأسبوعين المقبلين، وحذَّر علناً من أنَّ الهجوم على الحديدة "سيزيح السلام عن طاولة المفاوضات".

وأضاف: "كلنا قلقون للغاية بشأن التبعات الإنسانية المحتملة لمعركة الحديدة".

 

تحميل المزيد