أدى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم السبت يونيو/ حزيران 2018، اليمين الدستورية لولاية ثانية أمام مجلس النواب، بعد فوزه بأغلبية ساحقة في انتخابات لم يواجه فيها منافسة قوية.
وهذا أول قسم رئاسي أمام البرلمان منذ 13 عاماً، حيث كان الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي أطاحته الاحتجاجات في كانون الثاني/يناير 2011 آخر رئيس يؤدي اليمين أمام المجلس في أيلول/سبتمبر 2005 عن فترته الرئاسية الخامسة.
ولم يكن البرلمان المصري تشكل وقت رئاسة الرئيس المصري السابق محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا عام 2012، ولا في الولاية الرئاسية الأولى للسيسي في 2014، وأدى الاثنان اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا (أعلى محكمة بالبلاد).
وأمام حضور لرجال الدولة، قال السيسي "أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهورى، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه"، وفق ما بثه التلفزيون الحكومي.
ووفقا للمادة 44 من الدستور المصري، يشترط أن يؤدى رئيس الجمهورية، قبل أن يتولى مهام منصبه، اليمين الدستورية، أمام مجلس النواب.
وفي الثاني من نيسان/أبريل فاز السيسي بولاية رئاسية ثانية في مصر بنسبة 97% من الأصوات الصحيحة في رابع انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ البلاد.
وحصد خصم السيسي الوحيد موسى مصطفى موسى نسبة 2,92 في المئة من الأصوات، في حين بلغت نسبة المشاركة 41،5% من إجمالي عدد الناخبين البالغ قرابة 60 مليوناً.
وفي غياب منافسين حقيقيين عُدت نسبة المشاركة الرهان الوحيد في هذا الاقتراع بعد استبعاد مرشحين محتملين جادين مثل رئيس أركان الجيش السابق سامي عنان الذي حُبس بتهمة مخالفة القوانين العسكرية أو آخر رئيس وزراء في عهد مبارك أحمد شفيق الذي تراجع عقب ترحيله إلى القاهرة من الإمارات.
وفي عام 2013 وبعد أن أطاح بسلفه محمد مرسي إثر تظاهرات حاشدة طالبت برحيله، تمكن السيسي من الفوز بسهولة بالانتخابات الرئاسية في العام 2014 بنسبة 96,9% من الأصوات.
حملة توقيفات جديدة
وفي الوقت الذي كان يستعد الرئيس المصري لأداء اليمين الدستورية، قامت أجهزة الامن بحملة توقيفات جديدة شملت معارضين ومدونين وصحافيين وناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي.
وبدأت هذه الموجة عقب فوز السيسي بولاية رئاسية ثانية، وشملت التوقيفات خصوصاً شادي الغزالي حرب، وحازم عبد العظيم، ووائل عباس، وهي أسماء ارتبطت بثورة 2011 التي أسقطت حسني مبارك والتي فاجأت آنذاك كل مؤسسات نظامه بما فيها الجيش.
ويقول محللون إن "هذه الموجة الجديدة من التوقيفات تشكل استمرارا للسياسة القمعية التي ينتهجها نظام السيسي منذ توليه السلطة والتي أسكتت المعارضة الى حد بعيد، ولكنها أيضاً مرتبطة بتزايد الاستياء لدى قطاعات كبيرة من المصريين بسبب ارتفاع كلفة المعيشة"، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
ونقلت الوكالة عن أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مصطفى كامل السيد، قوله إن هذه التوقيفات تشير إلى أن "شيئاً لم يتغير في السياسات الأمنية للنظام المصري".
وأضاف: "ما زال هناك تخوف من تكرار ما جرى في كانون الثاني/يناير 2011، وهو ما عبر عنه الرئيس السيسي أكثر من مرة" في تصريحاته.
وتابع أنه "مع الزيادة المنتظرة في أسعار المحروقات والكهرباء"، يخشى "صناع القرار من أن يستغل الناشطون، خصوصاً ممن ارتبطت أسماؤهم بثورة 2011، الظروف لتعبئة المواطنين ضد نظام السيسي"، موضحاً أن "برنامج الاصلاح الاقتصادي تقع آثاره المتمثلة في ارتفاع الاسعار على الغالبية العظمى من المصريين".
تنديد، ومصر ترد
ونددت منظمات حقوقية والاتحاد الأوروبي يوم الأربعاء الفائت بتوقيف معارضين وشخصيات من المجتمع المدني في مصر بعد إعادة انتخاب السيسي.
وقالت مايا كوسيانسيتش، الناطقة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني، إن "العدد المتزايد للتوقيفات بحق مدافعين عن حقوق الانسان وناشطين سياسيين ومدونين في الأسابيع الماضية في مصر يشكل تطوراً مقلقا".
وأضافت المتحدثة أنه "في وقت تسعى مصر لترسيخ الديموقراطية ودولة القانون، من المهم احترام التعبير السلمي عن الرأي والانتقاد".
وتابعت أن "الاستقرار والامن الدائمين لا يمكن أن يتماشيا إلا مع الاحترام الكامل لحقوق الانسان والحريات الأساسية بموجب الدستور المصري والالتزامات الدولية".
وردت وزارة الخارجية المصرية، مؤكدة "رفضها" هذه الانتقادات. واعتبرت انه يمكن كذلك التنديد بسجل أوروبا في مجال حقوق الانسان، مشيرة إلى "الصعوبات الجمة والمعاملة المزرية التي يعاني منها الكثير من المهاجرين واللاجئين، وتجاوزات سلطات إنفاذ القانون، فضلاً عن تصاعد الحركات والأحزاب اليمينية المتطرفة، وما يقترن بذلك من مظاهر العنصرية والتمييز والعنف وخطاب الكراهية".