“كوكتيل ترمب” و”خلطة كيم” وألعاب للأميركيين والكوريين الشماليين.. هكذا تستعد سنغافورة الهادئة لاستقبال صخب القمة التاريخية

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/01 الساعة 16:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/01 الساعة 18:13 بتوقيت غرينتش
Howard, an Australian-Chinese impersonating North Korean leader Kim Jong Un, talks to South Korean students at the Merlion Park in Singapore May 27, 2018. REUTERS/Edgar Su

ستكون سنغافورة محط أنظار العالم يوم 12 يونيو/حزيران 2018، عندما تستضيف القمة التاريخية المرتقبة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون، وقبل أيام من القمة أصبح البلد الآسيوي قِبلة للمهتمين من الإعلاميين والمتخصصين الذين يرغبون في متابعة القمة عن قرب، وهو ما جعل سنغافورة تعيش وضعاً استثنائياً لم تشهده من قبل.

فلم يعد ممكناً بسهولة، حجز غرفة بفندق في سنغافورة مع بدء توافد آلاف الصحفيين والمسؤولين إلى المدينة، حيث تستعد الشرطة لإغلاقها؛ استعداداً لأهم حدث سياسي وإعلامي مرتقب وأكبر الأحداث الجيوسياسية في العصر الحديث، القمة التاريخية بين رئيس الولايات المتحدة وزعيم كوريا الشمالية.

ومن المتوقع أن تكون وفود المسؤولين الأميركيين والكوريين الشماليين كبيرة للغاية، لكنها ستبدو ضئيلة مقارنة بالوفود الإعلامية المتوقع وصولها إلى هذا البلد الواقع في جنوب شرقي آسيا.

ومن المتوقع أن يتقدم نحو 3 آلاف شخص للحصول على أوراق اعتماد التغطية الصحفية، حسبما أفادت مصادر مشارِكة في تنظيم الحدث لوكالة فرانس برس. وسيتخطى حجم التغطية الإعلامية آخر حدث مماثل نُظِّم في سنغافورة، حين التقى الرئيس الصيني شي جينبينغ والرئيس التايواني في ذلك الوقت ما يينغ-جيو. وقام مئات الصحفيين بتغطية اللقاء آنذاك.

غزو إعلامي يزعج الحياة الهادئة للمواطنين

وفي مشهد استباقي لما سيكون عليه الحال في أثناء القمة المرتقبة، احتشد صحفيون أمام فندق فوليرتون الفخم؛ لمتابعة وصول كيم شانغ سون، القيادي الكبير في الحزب الحاكم بكوريا الشمالية، والموجود في سنغافورة للتحضير للقمة.

ومع عدم تحديد مكان بعدُ للقمة، حجزت جميع غرف الفنادق المتوقع أن تستضيف اللقاء، وعلى رأسها الفندق الفاخر شانغريلا الذي استضاف قمة شي-ما.

وفيما يحبس العالم أنفاسه وسط آمال بأن تسفر القمة عن تخلي بيونغ يانغ عن برنامجها النووي بشكل دائم، يبدي بعض المواطنين في سنغافورة قلقهم من الازعاج والتعطيل المحتمل لحياتهم الهادئة. وتتميز سنغافورة بنظافتها القياسية وهدوئها؛ ما يدفع البعض لوصف الحياة فيها أحياناً بـالمللة".

وكتب تشانغ أنطوني على فيسبوك، أن اللقاء "سيسبب لنا انزعاجاً". وتساءل: "هل يمكن للحكومة إعلان (عطلة رسمية) لهذا اليوم الخاص؟". في حين كتب تيموثي كليين على فيسبوك أيضاً: "يا للحماقة! أكثر زعيمين غير محبوبين في العالم يأتيان هنا من أجل السلام بالعالم!".

وسيتم تعزيز الإجراءات الأمنية بالتأكيد، ومن المقرر نشر أعداد كبيرة من الشرطيين وإغلاق طرق على نطاق واسع حول مقر اللقاء المرتقب.

برنامج خاص لاستقبال الضيوف في حانة "إسكوبار"

لكنَّ ليم تاي ويي، الباحث في معهد شرق آسيا بجامعة سنغافورة الوطنية، قلل من شأن المخاوف بأن اللقاء سيسبب اضطراباً واسعاً في الحركة بالبلاد. وقال ليم لوكالة الأنباء الفرنسية: "يجب أن نأخذ في الاعتبار أن البلاد سبق أن اكتسبت خبرة استضافة لقاء شي-ما، في عام 2015، كما استضافت سابقاً رؤساء أميركيين".

وفي حين يشكو البعض من تدفق الإعلاميين والدبلوماسيين بشكل مفاجئ، فإن قطاع الأعمال يعتبرها فرصة.

وفي بلد يشتهر بكوكتيل "سنغافورة سلينغ"، تحاول حانة إسكوبار إثبات أن حانات البلاد ترتقي إلى مستوى هذه المناسبة الخاصة، بتقديم مشروبين مخصَّصَين للقمة. وكوكتيل "ترمب" أزرق اللون يعتمد على بوربون، في حين أن كوكتيل "كيم" أحمر اللون مع السوجو، أحد أنواع الكحول الكورية.

وتكلفة كل كوكتيل هي 12.6 دولار سنغافوري (9.40 دولار)، في إشارة إلى الموعد المتوقع للقمة.

وستنظم الحانة، المسماة تيمناً بأحد بارونات تجارة المخدرات الكولومبي بابلو إسكوبار، "مسابقة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية"، حيث يتنافس الزبائن الذين يطلبون 20 مشروباً في لعبة "حجر وورقة ومقص" مع ارتدائهم قفازات يد مُزيَّنة بعَلمي البلدين.

أما المشاركون في القمة نفسها، فتنتظرهم مكافأة خاصة جداً. وقال مالك الحانة ستان سيري غانيش: "إذا تمكن شخص ما منإثبات أنه مندوب يحضر القمة، فسأقدم له مشروبات على حساب الحانة".

"سويسرا الآسيوية"

ويبدو أن اختيار مكان اللقاء بين الزعيمين لم يكن اعتباطياً؛ إذ تعتبر سنغافورة العصرية والآمنة والمنفتحة على الشرق والغرب معاً خياراً طبيعياً لاستضافة القمة التاريخية المرتقبة بين رئيسين متقلِّبي المزاج، وشغلا العالم بتصريحاتهما المتبادلة وتهديداتهما بـ"تفجير الوضع" في العالم.

لكن سنغافورة التي تُشبَّهُ أحياناً بسويسرا؛ نظراً إلى عدم انحيازها ومركزها كعاصمة مالية، هي في موقع فريد؛ إذ ترتبط بعلاقات دبلوماسية مع كل من واشنطن وبيونغ يانغ، إضافة إلى سجل حافل من استضافة لقاءات حساسة.

وقال ليم تاي واي، الباحث في معهد شرق آسيا بجامعة سنغافورة الوطنية: "كدولة حيادية وموضوعية مع مبادئ ثابتة في السياسة الخارجية، ولكونها دولة صغيرة ليس لديها رغبة أو مقدرة على إلحاق الأذى بدول أخرى وبمصالحها- فإن سنغافورة تستوفي تلك المتطلبات".

وتعد هذه الدولة الجزيرة، البالغ عدد سكانها 5.6 مليون نسمة، إحدى أكثر دول العالم ثراء للفرد، ولديها جيش متطور وبِنية تحتية أمنية قوية، وتعتبر أحد أكثر الأماكن على الأرض أمناً ومن الأقل فساداً.

فقبل 50 عاماً، كانت سنغافورة بلداً "متخلفاً"، يرزح سكَّانه في فقر مدقع، مع مستويات عالية من البطالة؛ إذ كان يعيش 70% من شعبها بمناطق مزدحمة ضيقة، وبأوضاع غاية في السوء، وكان ثلث شعبها يفترشون الأرض، في أحياء فقيرة، على أطراف المدينة. بلغ معدل البطالة 14%، وكان الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد أقل من 320 دولاراً أميركياً، وكان نصف السكان من الأميين.

اليوم هي واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم، وقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد بنسبة لا تصدق؛ إذ وصل إلى 60 ألف دولار أميركي، مما يجعلها سادس أكبر معدل للناتج المحلي للفرد في العالم، وفقاً لبيانات وكالة الاستخبارات المركزية، مع معدل للبطالة بلغ 2% فقط. وتمتلك سوقاً حرة على درجة عالية من التطور والنجاح، وهي أحد المراكز التجارية الرائدة في العالم، ومقصد رئيس للاستثمارات الأجنبية.

تحميل المزيد