تراجَع الملك عن زيادة أسعار الوقود لكنهم لم يهدأوا.. ما سر الزخم الواسع لاحتجاجات الأردنيين هذه المرة؟

يقترب الشارع الأردني من حالة غليان، انعكست بوضوح في خروجه للتظاهر ظهر الجمعة 1 يونيو/حزيران 2018، في نهار رمضاني رغم الصيام وارتفاع درجات الحرارة

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/01 الساعة 16:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/01 الساعة 16:19 بتوقيت غرينتش

يقترب الشارع الأردني من حالة غليان، انعكست بوضوح في خروجه للتظاهر ظهر الجمعة 1 يونيو/حزيران 2018، في نهار رمضاني رغم الصيام وارتفاع درجات الحرارة.

وتأتي هذه التحركات المتواصلة، في أعقاب إضراب الأردن الذي نُفِّذ الأربعاء 30 مايو/أيار 2018، دون أن تتبعه قرارات رسمية تتراجع عن تحميل المواطن عبء العجز الاقتصادي؛ بل العكس زادت الحكومة وأعلنت عن قرار لرفع أسعار الوقود الليلة الماضية.

ويبدو أن احتقان الشارع ضد النهج الحكومي لن يهدأ بقرارات رسمية متراجعة؛ فبعد الإعلان عن قرار رفع أسعار الوقود، الذي كان من المفترض سريانه الجمعة، طلب الملك من الحكومة التراجع عن القرار، إلا أن الاحتجاجات، التي بدأت منذ ليلة سابقة، ما زالت متتالية في المملكة، ولم يوقفها الإيعاز الملكي.

لماذا اختلفت وتيرة الاحتجاج؟

 تسعيرة الوقود في الأردن تتغير بشكل شهري، ويجري الإعلان عن تسعيرة جديدة نهاية كل شهر، إلا أن احتجاجات الشارع الأردني تأتي هذه المرة على نحو غير مسبوق منذ فترات زمنية ماضية.

احتجاجات تعم العاصمة، ومحافظات المملكة جاءت تلك المرة بعد نداء النقابات المهنية للاضراب العام؛ لمواجهة تعديلات قانون ضريبة الدخل الحالي.

ويعلق الخبير الاقتصادي حسام عايش بأن انتفاضة الاحتجاجات هذه المرة جاءت بسبب شعور المواطنين بوطأة القرارات الحكومية، التي لم تستثنِ أحداً، مع شعور للمواطنين بأن هذه النوعية من القرارات لا نهاية لها.

وأوضح أنه بات من السهل على أي حكومة اتخاذ مثل هذه القرارات دون قراءة للمشهدين الاقتصادي والاجتماعي في البلاد وتأثيرها السلبي على المواطنين.

وأشار عايش، في تصريحاته لـ"عربي بوست"، إلى أن من بين أسباب تلك الاحتجاجات عدم وجود أفق واضح للتوقف عن نهج رفع الأسعار وتحميل المواطن العبء، وغياب الزيادة في الدخل على نحو يترافق مع رفع الأسعار، على نحو جعل الحالة العامة متماثلة لدى الفقير ومتوسط الحال، وصاحب الدخل الكبير الذي سيُفرض عليه ضريبة أيضاً.

قانون الضريبة فيه اتهام للمواطن

ومن بين الأسباب التي أسهمت في تغيير طابع الاحتجاجات الشعبية هذه المرة، وفق ما يذكره عايش، استخدام لغة خشنة في التعامل مع المواطنين من قِبل المسؤولين الحكوميين، على نحو يُشعر بأن المواطن عبء على الدولة رغم أن واقع الحال عكس ذلك.

وأضاف: "يحمل قانون الضريبة لغة عرفية في التعامل مع المواطن، ونوعاً من الإجبار بالقوة للوفاء بالالتزامات المالية، فضلاً عن تعميم التهرب الضريبي بقانون ضريبة الدخل، على نحو جعل المواطنين متهمين في صميم واجباتهم، ما استدعى الاحتجاج بقوة".

التحرك المهني

النقابات المهنية، التي حرَّكت مشهد الاحتجاجات الواسعة هذه المرة، عندما عبرت عن رفضها قانون الضريبة العامة، اعتبرت أن احتجاجها جاء هذه المرة على نحو تصعيدي من أجل ردع الحكومة، بحسب نقيب المحامين مازن أرشيدات.

وأشار أرشيدات إلى أن النقابات تحركت في مرات سابقة بشكل بسيط وتدريجي بخلاف هذه المرة، التي جاء فيها "قانون مفروض من خارج الوطن، على نحو لا يقبل النقاش والتفاوض"، على حد تعبيره.

في السياق ذاته، أعلن مجلس النقباء موافقته على الاجتماع مع رئيس الوزراء هاني الملقي؛ لمناقشة مشروع قانون ضريبة الدخل يوم السبت 2 يونيو/حزيران 2018.

وصرح رئيس المجلس نقيب الأطباء علي العبوس إعلامياً، بأن المجلس سيعقد اجتماعاً آخر عقب لقاء الحكومة؛ لتقييم الموقف واتخاذ الخطوات المناسبة في ضوء موقف الحكومة، لافتاً إلى أنه في حال لم تستجب الحكومة لمطالب سحب القانون، فإن خيارات التصعيد كافة مطروحة على الطاولة.

توحيد الجهود ضد الحكومة

وعلى الصعيد ذاته، أعلِن قبل يومين تشكيل التجمع الوطني للفعاليات الاقتصادية، والمشكَّل من العشرات من النقابات والهيئات التي تمثل أصحاب العمل، بهدف توحيد الجهود فيما يتعلق بالقضايا التي تهم الاقتصاد الوطني، وفي مقدمتها التصدي لمشروع قانون ضريبة الدخل الجديد.

ومن المتوقع أن يبحث التجمع، الأحد 3 يونيو/حزيران 2018، الخطوات التي سيتم التحرك بموجبها للتصدي لمشروع القانون الحالي للضريبة، باعتبار أن حالة التشنج التي تمارسها الحكومة ومحاولاتها فرض وجهة نظرها على الجميع بالقضايا المفصلية التي تهم الوطن- لم تعد تجدي نفعاً بعد حالة السخط التي انتابت الأردنيين من تصرفاتها وقراراتها المبنيَّة على الجباية أولاً، ودائماً مس جيوب الطبقتين الوسطى والفقيرة، وفق ما يورده بيان صحفي صدر عن التجمع.

التحرك النيابي

على صعيد ذي صلة، أسهم الحراك الشعبي بالاحتجاج في تحريك كتلة الإصلاح النيابية، والتي عقدت اجتماعاً طارئاً أيضاً، الجمعة 1 يونيو/حزيران 2018؛ للتنسيق مع النقابات والقوى الشعبية لرفض قانون الضريبة، وبحث الخيارات المطروحة نيابياً للضغط على الجانب الحكومي، ووقف استمرار رفع الأسعار.

التحشيد الشعبي

وفيما يجري أمنياً الاستعدادُ لمواجهة الاحتجاجات الشعبية من خلال نشر القوى الأمنية في الشوارع، ومنع المتظاهرين من الوصول لمنطقة الدوار الرابع، بالنسبة للاحتجاجات التي بدأت ظهر الجمعة- فإن التحشيد على الصعيد الشعبي جارٍ لعقد التظاهرات عقب الإفطار وصلاة التراويح أيضاً.

وحاولت الجهات الأمنية منع المحتجين من الوصول الى منطقة الدوار الرابع حيث دار رئاسة الوزارء، ودعتهم لمغادرة المكان "ولا واحد يظل هون"، فيما يتساءل المتظاهرون: "أين نذهب، لقد أغلقوا كل البلد؟!".

وأظهرت التسجيلات التي صورها محتجون، أن بعض أفراد الدرك أمسكوا بالعِصي، وأطلقت عيارات نارية؛ في محاولة لإبعاد المحتجين عن المكان وتفريقهم.

تذكر سمر محارب، وهي مواطنة انضمت إلى الاحتجاجات التي بدأت ظهر الجمعة، أن مشاركتها تأتي استكمالاً لجهود الإضراب العام الذي لم تعقبه استجابة رسمية ولم تُتخَذ خطوات تجاه سحب القانون.

ولفتت إلى أن التحشيد الشعبي لمواجهة قرارات الإفقار ورفع الأسعار مستمر رغم ظروف الصيام.

في السياق ذاته، لم يسهم الإيعاز الملكي بوقف قرار رفع أسعاد الوقود، في وقف التحشيد الشعبي عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين المواطنين؛ إذ يرفض المواطنون إلغاء احتجاجاتهم؛ باعتبار أن القضية لها علاقة بنهج إفقار وتجويع وليست مسألة 5 قروش.

وخاطبت رسائل التحشيد النساء على نحو خاص؛ إذ أوردت إحدى الدعوات عبارة: "أنا بدّي أجلي الجليات ورح أكون موجودة بعد الإفطار".

علامات:
تحميل المزيد