قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الخميس 31 مايو/أيار 2018، إن إسرائيل وروسيا تناقشان مسألة إبعاد إيران عن حدود سوريا الجنوبية مع الأراضي التي تحتلها إسرائيل.
وأشارت الصحيفة إلى أنه لا يزال هدف إسرائيل في تحجيم النفوذ الإيراني والحد من تواجد طهران العسكري في سوريا يتصدر قائمة الأولويات، على الرغم من وجود ساحة أخرى هي غزة.
وأوضحت الصحيفة أنه في مساء الأربعاء الماضي، وبعد بدء تنفيذ وقف إطلاق النار في غزة، ذهب وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان في زيارة قصيرة إلى موسكو، وفي اجتماع مساء الخميس مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويجو، ناقش قضية الحد من التواجد الإيراني في سوريا.
"عودة مشروطة للأسد"
وأشارت الصحيفة إلى أن ليبرمان كان متفائلاً هذا الأسبوع بشأن فرص إبعاد الإيرانيين والميليشيات الشيعية التي يمولونها بعيداً عن الحدود مع إسرائيل بمرتفعات الجولان.
وتشير التفاصيل المبدئية الصادرة عن اجتماع ليبرمان مع شويجو، والمكالمة الهاتفية التي أجراها نتنياهو مساء أمس الخميس مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى إمكانية أن تمنح إسرائيل موافقة صامتة على عودة الأسد إلى الحدود بالفعل، وفقاً للصحيفة.
وتمت مناقشة إمكانية انسحاب الإيرانيين والميليشيات الشيعية إلى شرق طريق دمشق السويداء، الذي يبعد 70 كيلومتراً عن الحدود الإسرائيلية، خلال المحادثات.
وترتبط هذه التوقعات بالتغيرات الحاصلة في جنوب سوريا، بما يتماشى مع الاتفاق السابق من أجل الحد من الاحتكاك بالمنطقة، والذي وقعت عليه كل من الولايات المتحدة وروسيا والأردن في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وقالت القناة الإسرائيلية العاشرة (غير حكومية)، مساء الإثنين الفائت، أن لقاءات دبلوماسية بين إسرائيل وروسيا أسفرت عن اتفاق بين الجانبين، يقضي بالسماح لجيش النظام السوري باستعادة السيطرة على حدوده الجنوبية مع إسرائيل.
وتابعت القناة أن الاتفاق يقضي أيضاً بعدم انتشار أية قوات من إيران ولا من "حزب الله" اللبنانية (حليفتي النظام السوري) أو أية عناصر أجنبية على الحدود. وأضافت القناة أن "إسرائيل ستحافظ على حرية تصرفها داخل سوريا".
وأفادت القناة بأن "النظام السوري وافق على هذا الاتفاق الذي توصلت إليه إسرائيل وروسيا"، وفق قولها.
ويصر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على زيادة حد المطالب، وقال يوم الأربعاء الماضي خلال الذكرى السنوية لضحايا سفينة ألتالينا الحربية عام 1948، إن إسرائيل سوف تواصل التصدي للتعديات الإيرانية "ليس على مرتفعات الجولان فقط، بل على كل أنحاء سوريا".
ومن بين الأسباب التي تدفع إسرائيل أيضاً إلى التفاؤل بإبعاد الإيرانيين من جنوب سوريا، هو موقف الروس الذي قالت صحيفة The Telegraph البريطانية إنه أقرب لتل أبيب منه إلى طهران.
ونقلت الصحيفة الإثنين الفائت عن أحد كبار مسؤولي الاستخبارات الإسرائيلية، قوله إن تفاؤل إسرائيل يتزايد بقدرتها على طرد إيران من سوريا، بينما تجد روسيا أن وجود إيران قد يهدد مصالحها.
وقال شجاي تسوريل، مدير عام وزارة الاستخبارات الإسرائيلية، إنه يعتقد أن روسيا قد أدركت أن القتال بين إيران وإسرائيل قد يقوّض المكاسب التي حققتها موسكو خلال الحرب الأهلية السورية.
وأضاف تسوريل: "أرى أن الروس يهتمون بترسيخ إنجازاتهم في سوريا. وأعتقد أنهم يتفهّمون أنه في حالة استمرار المسار الحالي للإيرانيين، فإن ذلك سيؤدي إلى التصعيد ويفسد خططهم نهائياً".
وضع معقد في الجنوب
ومنذ أربع سنوات دفعت المعارضة القوات الموالية للأسد بعيداً عن منطقة الحدود بالكامل، باستثناء منطقة واحدة صغيرة على منحدرات جبل حرمون على الجانب السوري.
ولا تزال القوات المحلية الموالية لتنظيم "داعش" على المنطقة الواقعة جنوبي مرتفعات الجولان بالقرب من الحدود الثلاثية مع الأردن. وخلال العام الماضي، أثارت الاستخبارات الإسرائيلية إمكانية تجديد الاعتداء على تلك القوات من قبل النظام ومؤيديه في محاولة للسيطرة على منطقة الجولان السورية بالكامل.
ولم يتحقق هذا السيناريو حتى وقتنا هذا؛ ويرجع ذلك بصفة جزئية للمعارضة الإسرائيلية ولأن الأسد منشغلٌ بمهام أكثر إلحاحاً ينبغي أن يتعامل معها، مثل قتال المعارضة في إدلب شمالي سوريا.
وبمرور الوقت، عززت إسرائيل علاقاتها ببعض السوريين بالقرب من الحدود، حيث قدمت مساعدات إنسانية (تضمنت مواد غذائية وأدوية، بالإضافة إلى العلاج الطبي في إسرائيل) إلى القاطنين بالمنطقة.
ومع ذلك، تتفهم الأطراف المتعددة أن هذا التحالف مؤقت، وسوف يتأثر استقراره باعتبارات أوسع نطاقاً، وأن إسرائيل لن ترسل جندياً واحداً لإنقاذ هذه القرى من عودة النظام.
نذر حرب
وترى إسرائيل الآن فرصة سانحة لها في الشمال لإقصاء الإيرانيين دون تردي الوضع إلى خوض حرب ضدهم وضد حزب الله.
ولا يشعر كافة جيران إسرائيل بالتفاؤل على قدم المساواة، وقد خصصت قبرص بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي منذ وقت ليس طويلاً مركزاً جديداً لإدارة الأزمات.
وانعقد أول تدريب على نطاق واسع بالمركز خلال الشهر الماضي، بمشاركة وفودٍ من 18 دولة (كانت إسرائيل تحظى بدور المراقب).
وقد تصور سيناريو التدريب إجراء عملية إخلاء جماعي للمواطنين الغربيين من لبنان عبر قبرص خلال الحرب. واستند هؤلاء الذين نظموا التدريب على تجربة حدثت بالفعل: وهو ما حدث بالضبط عام 2006، خلال الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله.