“أضرب اليوم لأعيش غداً”.. أردنيون يحاربون قانون الضريبة الجديد ويستعدون للمطالبة بإسقاط الحكومة

ورفضت النقابات المهنية في الأردن (15 نقابة)، أمس الثلاثاء، التراجع عن الإضراب، بعد فشل اجتماعها برئيس الحكومة هاني الملقي، الذي رفض سحب مشروع قانون الضريبة

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/31 الساعة 08:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/31 الساعة 09:43 بتوقيت غرينتش

في منطقة وسط البلد بقلب العاصمة الأردنية، يقف زياد أسعد إلى جانب عدد من التجار وأصحاب المحال التجارية، أمام أبواب محالهم المغلقة، والساعة تشير للتاسعة صباحاً من يوم الأربعاء 30 مايو/أيار.

تلك الصورة لا تبدو عادية في يوميات أسعد ورفاقه؛ إذ لم تتجه نيتهم لفتح محالهم التجارية واستقبال الزبائن، بل اجتمعوا للمشاركة في إضراب عام دعت إليه النقابات المهنية، ذي علاقة بقانون ضريبة الدخل المثير للجدل.

أسعد (40 عاماً) الذي بدأ العمل بمحله منذ عام 1991، تجهز للمشاركة في الإضراب منذ ليلة سابقة؛ بعد أن أغلق محله ووضع إشارة على واجهة المحل تفيد بأن المحل مشارك بالإضراب العام، وهو منذ علم عن الإضراب أضمر في نيته المشاركة، تعبيراً عن رفض القانون.

بكل بساطة، هكذا بدا أسعد ورفاقه منتفضين على قانون يفرض ضريبة بشكل غير عادل، ويحمل ويلات على جيوب التجار والمواطنين، على حد تعبيرهم.

يقول أسعد لـ"عربي بوست"، إنه أغلق وأصحاب المحال التجارية الأخرى أبواب رزقهم، منذ الساعة التاسعة صباحاً وحتى الثانية بعد الظهر، للمشاركة في الإضراب، متابعاً: "نحن نرفض القانون ونعبر عن رفضنا التام له، ولم نقم بأي عملية بيع أو شراء خلال الوقت المقرر للإضراب".

يذكر أسعد أن "القانون ظالم ومجحف للتجار والمواطنين"، مستنكراً رفع قيمة الضرائب، وغلاء الأسعار، دون أن يرافقهما تحسن في الخدمات المقدمة للمواطنين على صعيد التعليم والصحة والخدمات العامة.

ورفضت النقابات المهنية في الأردن (15 نقابة)، أمس الثلاثاء، التراجع عن الإضراب، بعد فشل اجتماعها برئيس الحكومة هاني الملقي، الذي رفض سحب مشروع قانون الضريبة من مجلس النواب (البرلمان).

الإضراب.. لماذا؟

أسعد ورفاقه فئة من متضرري القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل، ممن انتفضوا إلى جانب نقابات مهنية أخرى وتجار آخرين، وموظفين عموميين، وشركات خاصة، ومؤسسات رسمية ومستشفيات حكومية، تعبيراً عن رفض القانون.

وشمل الإضراب مناطق في العاصمة الأردنية عمان وفي المحافظات الأخرى؛ إذ توقَّف كل المضربين عن العمل في القطاعين الرسمي والخاص، وأغلقت المحال التجارية  تماماً، إلى جانب إغلاق عدد من أماكن التسوق والمولات التجارية.

واحتشدت أعداد كبيرة أمام مجمع النقابات المهنية في منطقة الشميساني في العاصمة عمان، في مشهد غير متكرر ظهرت فيه الأعداد المهولة من المضربين.

وفي ذات السياق اتسمت شوارع العاصمة في مناطق أخرى بالهدوء، في ظل توقف الحركة الشرائية وإغلاق المحال التجارية.

وخلال الإضراب تنوعت الهتافات والشعارات التي نادى بها المضربون، وحملت هاشتاغ "معناش"، في إشارة لإفلاس المواطن من قبل الجانب الرسمي في البلاد، بسبب رفع الأسعار.

ومن بين الشعارات الأكثر تداولاً وحملها المواطنون: "أضرب اليوم لأعيش غداً"، "لا لقانون ضريبة الدخل"، "ارحل ارحل يا سمسار"، "تسقط حكومة الإفقار"، وحملوا علم البلاد خلال الإضراب، إضافة لعدد من الأناشيد الوطنية.

وكان حزب جبهة العمل الإسلامي الأردني (الذراع السياسية للإخوان المسلمين) قد طالب برحيل حكومة الملقي، معتبراً إياها مصدرَ "توتر شعبي".

وقال الحزب في بيانٍ، الإثنين: "تابعنا بكل أسف الإصرارَ الحكومي على تمرير مشروع قانون ضريبة الدخل، استجابة لإملاءات وتوصيات صندوق النقد الدولي، الذي تحوَّل بسبب ضعف الحكومة إلى قوة انتداب، يُقرر مصائرَ واقتصاد البلاد".

وتسود المجتمع الأردني حالة من القلق والترقب، مع اتجاه الحكومة، عبر التعديلات المطروحة، إلى توسيع شريحة الخاضعين للضرائب.

ماذا بعد الإضراب؟

رغم تنفيذ إضراب 30 مايو/أيار، إلا أن القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل لسنة 2018، والذي أقر من قبل مجلس الوزراء ينتظر إقراره من مجلس النواب، ومن المفترض بدء العمل به في بداية عام 2019.

ولا يبدو الخبراء الاقتصاديون متفائلين بعد الإضراب بخيارات سحب القانون أو التراجع عن تعديلاته، إلا أن مجلس النقباء أعلن تنفيذ إضراب آخر، يوم الأربعاء 6 يونيو/حزيران، بهدف إسقاط الحكومة في حالة لم تستجب للمطالب الشعبية بالتراجع عن الإجراءات الاقتصادية المجحفة، وأبرزها مشروع قانون ضريبة الدخل.

ماذا بعد الإضراب؟
ماذا بعد الإضراب؟

 

ويعتقد مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أحمد عوض، أن القانون حمل في تعديلاته ضغطاً على الطبقة الوسطى، وهي طبقة قوية لها نقابات مهنية، وجمعيات ومستثمرون، وانضم لإضرابهم العاملون ورجال الأعمال، باعتبار أن القانون سيحمل تأثيرات غير مباشرة عليهم، من خلال التأثير على القوة الشرائية والطلب على السلع.

ومن بين التعديلات الواردة بالقانون، إلزام من يبلغون الثمانية عشر عاماً بالحصول على رقم ضريبي، إضافة لزيادة الشرائح الضريبية ومعدلات الاقتطاع، وإلغاء الإعفاءات الضريبية، ورفع الضرائب المفروضة على شركات التعدين والبنوك والشركات الماليّة وشركات التأمين وشركات الاتصالات وشركات الكهرباء، بنسب تتراوح بين 20% و40%.

ويذهب عوض في حديثه لـ"عربي بوست"، للتأكيد على أن النظام الضريبي في الأردن يحتاج لإصلاح، ينبغي أن يكون بمسارين، بحيث يتضمن تخفيض نسب الاقتطاع وزيادة الخاضعين لها، إلى جانب تخفيض الضريبة العامة على المبيعات، كون الجميع يخضع لها غنياً كان أو فقيراً، دون عدالة.

علامات:
تحميل المزيد