رئة اليمنيين الإنسانية وجسر الحوثيين العسكري.. ماذا يعني سيطرة التحالف العربي وقوات الشرعية على ميناء الحديدة الاستراتيجي؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/29 الساعة 20:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/31 الساعة 17:00 بتوقيت غرينتش
A ship unloads a cargo of fuel at the port of Hodeida, Yemen April 1, 2018. Picture taken April 1, 2018. REUTERS/Abduljabbar Zeyad

تشهد مدينة الحديدة الساحلية، غربي اليمن، الثلاثاء، انتشاراً عسكرياً كبيراً لمسلحي جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، تحسباً لمواجهات تبدو وشيكة مع تقدم القوات الحكومية المسنودة بمقاتلات التحالف العربي، صوب المدينة من جهة الجنوب.

وكان التحالف العسكري في اليمن بقيادة السعودية قد أعلن أمس الإثنين 28 مايو/أيار 2018، أن القوات التي يدعمها باتت على بُعد نحو 20 كم فقط من مدينة الحديدة (غرب) التي تضم ميناءً رئيسياً، تدخل عبْره غالبية المساعدات الإنسانية.

وقال المتحدث باسم التحالف العقيد الركن طيار تركي المالكي، في مؤتمر صحفي بالرياض: "لم يتبقَ إلى الحديدة إلا ما يقرب من 20 كم، ولا تزال العمليات مستمرة" ضد المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على المدينة الساحلية منذ 2014.

وأضاف: "سقطت الدفاعات مصحوبةً بحالة انهيار وهروب قادة ميدانيين".

 

الحديدة.. بوابة البحر والشمال الاستراتيجية

وتكتسب محافظة الحديدة وميناؤها مكانة استراتيجية خاصة تجعلها طريق الوصول لصنعاء، وإذا سيطرت عليها قوات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والتحالف العربي فإنها تعني إحكام السيطرة على كل المنافذ البحرية التي يستفيد منها الحوثيين في الدعم والتموين العسكري واللوجيستي، بعد سيطرة الحكومة على ميناءي المخا وميدي الاستراتيجيين.

ويعد ميناء الحديدة ثاني أكبر موانئ اليمن بعد ميناء عدن الذي تسيطر عليه الحكومة اليمنية، وتدخل منه أغلب واردات اليمن من الغذاء والنفط والمساعدات الإنسانية.

وتعتبر مدينة الحديدة مركزاً للأنشطة التجارية والصناعية في اليمن، ويسكن فيها قرابة ٢.٣ مليون نسمة، وهي الثانية من حيث الكثافة السكانية بعد تعز، وتوفر السيطرة على الميناء موارد اقتصادية من الجمارك والضرائب المفروضة على البضائع المستوردة والمصدرة من خلاله.

ويعد الميناء الممر الأهم للجزر اليمنية الاستراتيجية على مدخل البحر الأحمر (عدا سوقطرة) مثل جزيرة حنيش الكبرى والصغرى وجبل صقر، جزيرة زقر، وجزيرة ميون "بريم".

ولا يملك الحوثيون والقوات الموالية للرئيس المقتول علي عبد الله صالح تأييداً شعبياً في محافظة الحديدة التي لا تنتمي لنفس المذهب والتوجهات السياسية للحوثيين.

كما هدد الحوثيون بقطع طرق الملاحة البحرية الدولية والسيطرة على مضيق باب المندب، وهو ما اعتبر خطراً حقيقياً على إمدادات النفط الخليجية والبضائع الآسيوية وقناة السويس.

ميناء البضائع الإنسانية ورئة الحوثي العسكرية

سيطر الحوثيون على الحديدة في أكتوبر 2014، بعد شهر واحد من اجتياحهم للعاصمة اليمنية صنعاء، وتستخدمه المنظمات الإنسانية والإغاثية لإدخال المساعدات الغذائية والطبية للمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

ويحصل الحوثيون على السلاح عبر إمدادات بحرية من إيران عبر ميناء الحديدة، وبفقدانهم الميناء الإستراتيجي سيصبح تلقي إمدادات السلاح والذخائر صعباً للغاية، وتصبح قوات الحوثيين محصورة في مناطق مغلقة غير ساحلية.

وبحسب رواية التحالف العربي الذي تقوده السعودية، زودت إيران الحوثيين بالسلاح عبر ميناء الحديدة، من خلال خط يمتد من ميناء بندر عباس الإيراني مروراً بموانئ صومالية وجزر صغيرة، تستخدم للتوقف ونقل الأسلحة بالقوارب الصغيرة لسواحل الحديدة، ويحظر قرار صادر تحت البند السابع للأمم المتحدة إيصال السلاح إلى اليمن.

خلال الحرب اليمنية وبالتحديد في عام 2015، تم قصف ميناء المدينة الذي تسيطر عليه قوات الحوثيين من قبل التحالف الذي تقوده السعودية في 18 أغسطس. وتم تدمير الرافعات الأربع بالميناء كما تضررت العديد من المستودعات. وأكد التحالف أن الميناء يضم قاعدة بحرية معادية، لكن منظمات الإغاثة الإنسانية اشتكت من أن الحصار البحري الذي تفرضه قوات التحالف يمنع وصول الإغاثة إلى المحتاجين، وفي 23 نوفمبر 2017 ، سمحت السلطات للميناء بإعادة فتح رحلات المساعدات، إلى جانب مطار صنعاء الدولي.

Workers inspect damage at the site of an air strike on the maintenance hub at the Hodeida port, Yemen May 27, 2018. REUTERS/Abduljabbar Zeyad

تعزيزات حوثية وسعودية ترقباً لمعركة الحديدة

وبحسب جولة لمراسل وكالة الأناضول في شوارع المدينة، مركز المحافظة التي تحمل نفس الاسم، فإن الحوثيين نصبوا عشرات الحواجز الأمنية وبدأوا في حملة تفتيش واسعة، طالت المركبات وسيارات المدنيين.

وخلال الأيام الماضية، وصلت تعزيزات عسكرية كبيرة لمسلحي الجماعة من العاصمة صنعاء، بحسب تقارير محلية ورصد لمراقبين.

وانتشرت العشرات من ناقلات الجند التابعة للحوثيين في شوارع المدينة الساحلية، وتوزع المسلحون في المنافذ الرئيسية، في نقاط متباعدة، استعداداً لأي هجوم قد يكون خاطفاً من قِبل مقاتلات التحالف، وفق مراسل الأناضول.

ولا تزال القوات الحكومية والتحالف العربي تتمركز في منطقة الطائف بمديرية الدريهمي، نحو 30 كيلومتراً جنوب الحديدة، بعد أن توقفت في المنطقة لتأمين خطوطها الخلفية، طبقاً لما أفاد به مصدر عسكري حكومي لـ"الأناضول".

آخر اتصال للحوثيين بالبحر، لكن من يسيطر على الأرض؟

وخسر الحوثيون خلال الأيام الماضية عدداً من القيادات الميدانية المؤثرة، من بينهم يحيى الشامي قائد وحدة مقاتلة في كتائب "الحسين"، وفق المصدر.

وجاءت تلك التطورات العسكرية المتسارعة في الشريط الساحلي، فيما لا تزال مدن "الجراحي" و"التحيتا" و"زبيد" (ثاني أكبر مدينة في محافظة الحديدة) و"بيت الفقيه" و"الحسينية"، وهي مراكز المديريات، تحت سيطرة الحوثيين.

وكل تلك المدن ذات الكثافة السكانية الكبيرة تقع شرق الشريط الساحلي، بينما تقدمت القوات الحكومية نحو الشمال عن طريق السيطرة على المناطق المحاذية للساحل.

في السياق، اعترضت الدفاعات الجوية التابعة للتحالف العربي الذي تقوده السعودية، خمسة صواريخ باليستية أطلقها الحوثيون على مدينة الخوخة، جنوبي محافظة الحديدة، دون سقوط ضحايا، بحسب محمد شاذلي وهو مسؤول حكومي في المدينة "للأناضول".

ونقلت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" التابعة للحوثيين، عن مصر عسكري في الجماعة (لم تسمه) قوله، إن "القوة الصاروخية استهدفت بدفعة من الصواريخ الباليستية معسكرات في الساحل الغربي"، دون تفاصيل.

من جهة أخرى، قُتلت 3 نساء وأُصيبت رابعة بقصف شنه المسلحون الحوثيون على مدينة حيس، شرق الخوخة جنوبي الحديدة محافظة الحديدة، حسبما أفاد شهود عيان.

وذكر الشهود "للأناضول" أن قذيفة مدفعية أطلقها الحوثيون المتمركزون في المزارع شرق المدينة، سقطت على منزل "المغرسي" شمالي المدينة، مما أدى إلى مقتل ثلاث نساء وإصابة الرابعة بجروح بليغة.

ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من الحوثيين حول ما ذكره الشهود.

علامات:
تحميل المزيد