نعم، نتنياهو يشعر بالقوة أكثر من أي وقت مضى في عهد ترمب، لكن صحيفة إسرائيلية تحذِّره: كل شيء قد يتحطَّم فجأة

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/26 الساعة 17:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/26 الساعة 23:02 بتوقيت غرينتش
U.S. President Donald Trump and Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu shake hands after Trump's address at the Israel Museum in Jerusalem May 23, 2017. REUTERS/Ronen Zvulun TPX IMAGES OF THE DAY - RTX376XD

توجد أسباب كثيرة لسلسلة النجاحات السياسية والأمنية التي حققها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الشهر الماضي، ولكن يكمن خلفها عامل مركزي. تأثرت كل تلك التطورات التي شملت انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية مع إيران وإحباط  الخطط الإيرانية للرد على الهجمات الإسرائيلية في سوريا، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، واستعداد حماس لمناقشة هدنة طويلة الأجل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد فشل "مسيرة العودة" لخرق الحدود مع إسرائيل، تأثرت بالأساس بسلوك الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

 وحسب صحيفة Haaretz الإسرائيلية، يمتلك ترمب سمات شخصية غريبة، كما يتصرَّف بشكل متقلب ولا يمكن التنبؤ بتصرفاته عادة، وربما توصف فترة ولايته -سواء في مجال الأعمال أو المجال السياسي- بأنها مثل صفيحة مليئة بالديدان. ولم يعد هناك شك -مع تصريحاته وأفعاله التي يبدو أنها مُنسقة بالكامل مع نتنياهو- في أنه يعزز مكانة إسرائيل الإقليمية، ويجبر منافسيها على توخي الحذر تجاهها.

وتضيف الصحيفة الإسرائيلية، أن الرئيس الأميركي يضع قواعد جديدة عدوانية، ويتجاوز كلَّ الأطر التقليدية التي كانت تُنفذ بها الأشياء -أو بالأحرى وفي الأغلب لم تكن تنفذ- على الساحة الدولية خلال السنوات الثماني التي قضاها سلفه باراك أوباما في المنصب. وبالتالي ليس من المستغرب مع كل تلك التقلبات أن يشعر رئيس الوزراء بأنه قادر على كل شيء.

ويمكن لذلك الشعور أن ينقلب في وقت لاحق عندما يصطدم مع الواقع، إذ ترى الصحيفة الإسرائيلية أن الإدارة الأميركية الحالية تعاني من العديد من المشكلات، في كل من التخطيط والتنفيذ، وعلق ترمب الفشل في عدة حالات منها على الأصدقاء المقربين. لكن في نفس الوقت، فإن القوة التي يبرزها ترمب تؤثر أيضاً على تصور الآخرين لقوة إسرائيل.

وتوضح الصحيفة كيف استضاف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نتنياهو في الكرملين في التاسع من مايو/أيار. ثم شنَّت إسرائيل هجوماً جوياً على أهدافٍ إيرانية وقواعد لنظام بشار الأسد، بعد ساعات قليلة من عودة رئيس الوزراء، رداً على إطلاق صواريخ إيرانية على مرتفعات الجولان. إذا اختار بوتين أن يظهر ضبط النفس في الرد على الضربة التي تلقتها الأصول التي تنتمي إلى التحالف الداعم للأسد -في تناقض تام مع إدانة موسكو العلنية لإسرائيل في أعقاب الهجوم الجوي في فبراير/شباط  الماضي ضد سوريا- فإن السبب الرئيسي في ذلك هو أن بوتين يرى أن نتنياهو هو الزعيم الأقرب إلى ترمب، وله التأثير الأكبر عليه.

ترجمة الدعم إلى إنجازات عملية

 وقال مصدر استخباراتي رفيع المستوى في إسرائيل لصحيفة "هآرتس"، هذا الأسبوع، إن إسرائيل تأمل في أن يترجم الدعم من واشنطن إلى إنجازات عملية أخرى ضد إيران. وفي رأي المصدر، يكمن الاحتمال الأبرز لذلك في سوريا وفي الجهود المبذولة لوقف الحشد العسكري الذي يقوده هناك قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني.

وأضاف المصدر "لم يعد هناك شك في أن تهور سليماني يثير اهتمام الجميع، بمن فيهم بعض الأشخاص في طهران. عندما يستيقظ الرئيس الأسد في الصباح، فإنه بلا شك يكون ممتناً للإيرانيين الذين أنقذوا حياته ونظامه، لكنه يشعر بالقلق أيضاً لأنه سيظل عالقاً معهم طوال الوقت. عند مهاجمة إسرائيل لأهداف إيرانية داخل سوريا، يضطر نظام الأسد لإطلاق صواريخ مضادة للطائرات، ثم نُعطل نصف بطاريات دفاعه الجوي، وهذا لا يفرح الأسد بالطبع.

حماس تطالب بتحقيق دولي في إنشاء الاحتلال "مناطق إعدام" بغزة: جريمة حرب وحشية وانتهاك لكافة الأعراف

كما أن بوتين ليس متحمساً أيضاً للتحركات الإيرانية في سوريا، مما يدفعنا -إسرائيل- إلى اتخاذ إجراءات معينة، وتعريض استقرار نظام دمشق للخطر. ومن جانبها لدى القيادة الإيرانية مشكلات أكثر إلحاحاً، ولا سيما التداخل بين الوضع الاقتصادي والاحتجاجات المحلية والانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي".

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز، يوم الأربعاء 23 مايو/أيار 2018، أن خبراء الأسلحة الأميركيين يرون أن إيران تقوم مرة أخرى بتطوير تكنولوجيا صواريخ سراً في موقع صحراوي في شرقي البلاد. ويقول الخبراء إن ذلك يعد جزءاً من خطة لتصنيع الصواريخ العابرة للقارات. ويرى المصدر الاستخباراتي أنه حان الوقت لتجديد الضغط من أجل وقف برنامج الصواريخ الإيراني، أو على الأقل ابتزاز طهران للحصول على تنازلات جديدة منها في المجال النووي.

وطرح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، هذا الأسبوع، في خطابه 12 طلباً صارماً للغاية على إيران. إذا قبلت بها إيران سيعني هذا ظهورها مختلفة تماماً عن إيران التي عرفناها على مدى العقود الأربعة الماضية.

ومن غير المحتمل أن توافق القيادة في طهران على تلك المطالب، وبالتالي فإن الاحتمال الأكبر هو أن الولايات المتحدة تهدف إلى إحداث تغيير في النظام الإيراني، عن طريق فرض عقوبات اقتصادية جديدة، وصفها بومبيو بأنها لم يسبق لها مثيل في شدتها.

وقد طالب جون بولتون -مستشار الأمن القومي الجديد لترمب- باتخاذ هذه الإجراءات منذ سنوات. إنه هدف طموح للغاية، لكن يبدو أنه من غير المحتمل أن تكون لدى الإدارة خطة منظمة لتطبيقه في الوقت الحالي.

استعداد إسرائيل للحرب

وتساءلت صحيفة Haaretz الإسرائيلية عن مدى استعداد الجبهة المدنية الإسرائيلية الداخلية للحرب؟ وأضافت أنه خلال خطابين لكبار ضباط قيادة الجبهة الداخلية في أقل من أسبوع أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بالكنيست لم تُقدم أية أنباء مطمئنة.

وخلال 12 عاماً مضت منذ إدراك حجم التهديد، عندما تعرضت البلاد لـ4000 صاروخ أطلقها حزب الله في حرب لبنان الثانية، أنفقت إسرائيل مبالغ طائلة لتحسين حماية المدنيين فيها، وتطوير أنظمة اعتراض الصواريخ لديها. ومع ذلك، لا تزال هناك تفاوتات كبيرة في مدى تنسيق جهود الدفاع المدني في الشمال.

وستظل سياسة الجبهة الداخلية دائماً وأبداً قائمة على إدارة المخاطر، وستظل المظلة الأمنية أصغر من أن تغطي جميع الاحتياجات. التعامل مع تهديد الصواريخ من قطاع غزة أسهل بكثير. إن احتمال حدوث اشتباكات هناك أعلى منها في الشمال، كما تشهد على ذلك ثلاث عمليات واسعة النطاق في غزة في العقد الماضي وعشرات من الجولات القتالية القصيرة. لكن الخطر الذي تشكله غزة أصغر، وتكاليف حماية المدنيين أقل. ونتيجة لذلك، تم إغلاق الفجوات في الجنوب بنسبة كبيرة.

وقال اللواء تامير ياداي -رئيس قيادة الجبهة الداخلية- للجنة الكنيست أن نحو 28% من سكان إسرائيل -والذين يبلغ عددهم حوالي 2.5 مليون نسمة- يفتقرون إلى الحماية الكافية ضد المتفجرات في منازلهم . وذكر ممثلو قيادة الجبهة الداخلية في اجتماع مختلف للجنة فرعية يرأسها عضو الكنيست عمير بيرتس -حزب الاتحاد الصهيوني- أن 150.000 منزل على بعد 100 كيلومتر من الحدود الشمالية تفتقر إلى الحماية المناسبة.

وأضاف ضباط قيادة الجبهة الداخلية أن هناك حاجة في المجتمعات القريبة من السياج الحدودي اللبناني إلى نظام يوفر تحذيراً في خلال 15 ثانية عند إطلاق الصواريخ، مثل النظام المستخدم في المجمعات المجاورة لغزة. غير أن ذلك يكلف 100 مليون شيكل (28 مليون دولار)، لم يتم تخصيصها بعد.

حماس تطالب بتحقيق دولي في إنشاء الاحتلال "مناطق إعدام" بغزة: جريمة حرب وحشية وانتهاك لكافة الأعراف

وأفادت إذاعة الجيش هذا الأسبوع عن خطة طموحة من وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان لحماية واسعة النطاق للمجتمعات المحلية في الشمال، على بعد 45 كيلومتراً من الحدود، وسوف تبلغ تكلفتها التقديرية 5 مليارات شيكل (1.4 مليار دولار) على مدى خمس سنوات.

ولكن توجد مشكلة واحدة فقط في الخطة: لم يتم العثور على التمويل بعد. ولا يزال ليبرمان يتجادل مع وزارة المالية، مطالباً بإضافة مليارات إلى ميزانية الدفاع، بما يتجاوز احتياجات الجبهة الداخلية.

وحسب الصحيفة الإسرائيلية فإن ليبرمان بالرغم من ذلك اتخذ خطوة مهمة هذا الأسبوع، عندما وافق على توصيات لجنة يرأسها اللواء احتياط آفي مزراحي لترشيد صلاحيات الهيئات المختلفة التي تتعامل مع الحماية المنزلية.

وأوصت اللجنة بإلغاء مجموعة متنوعة من السلطات الموزعة بين قيادة الجبهة الداخلية والهيئة الوطنية للطوارئ في نفس الوقت، وقررت أن تصبح الهيئة الوطنية للطوارئ هيئة تنسيقية على المستوى الوطني وليس كياناً تنفيذياً.

ووجدت اللجنة أن ارتباكاً تنظيمياً كبيراً نشأ بسبب التمويل واسع النطاق. إذ زُودت الهيئة الوطنية للطوارئ في السنوات القليلة الماضية بالمزيد من القدرات، وهي نفس القدرات التي تمتلكها قيادة الجبهة الداخلية أيضاً، بما في ذلك نظام تدريب وغرف عمليات، وكلاهما سيوضع الآن تحت مسؤولية قيادة الجبهة الداخلية.

يأتي هذا القرار في الوقت المناسب، فقبل بضعة أشهر، أصيبت الصناعات العسكرية بالذهول عندما طرحت عليهم الهيئة الوطنية للطوارئ سؤالاً حول ما إذا كانوا بحاجة إلى ميزانية خاصة لتطوير صواريخ جديدة. ما علاقة الهيئة الوطنية للطوارئ بصناعة الصواريخ؟

ومن المأمول أنه بحلول يوليو/تموز، عندما يعلن ليبرمان عن تعيين رئيس جديد في الهيئة الوطنية للطوارئ، فإن حدود نشاطها ستكون أكثر وضوحاً.

تحميل المزيد