الحريري صاحب المسيرة السياسية الصعبة يعود لرئاسة الحكومة، لكن بزخم شعبي أقل وتحديات أكبر

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/24 الساعة 17:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/24 الساعة 17:26 بتوقيت غرينتش
Lebanese prime minister Saad al-Hariri gestures as he speaks during a news conference in Beirut, Lebanon May 7, 2018. REUTERS/Mohamed Azakir

سعد الحريري، الذي كُلّف الخميس 24 مايو/أيار 2018، تشكيل حكومة لبنانية جديدة، صاحب مسيرة سياسية صعبة بدأت بعد مقتل والده رفيق الحريري في 2005، وانتقل خلالها من مواجهة مفتوحة مع سوريا وحزب الله إلى مواقف أكثر براغماتية؛ "حرصاً على البلد"، كما يقول.

سطع نجم سعد الحريري، (48 عاماً)، في عام 2005، زعيماً سياسياً بعدما قاد فريق "قوى 14 آذار" المعادي لسوريا إلى فوز كبير في البرلمان، ساعده في ذلك، التعاطفُ الكبير معه بعد مقتل والده في تفجير مروع وسط بيروت، والضغط الشعبي الذي تلاه وأسهم في إخراج الجيش السوري من لبنان بعد نحو 30 سنة من وجوده فيه.

وأحدث ذلك في حينه انقلاباً بالمشهد السياسي اللبناني، الذي كانت دمشق اللاعب الأكثر نفوذاً فيه على مدى عقود.

ترأَّس بين 2009 و2011 حكومة وحدة وطنية ضمت معظم الأطراف اللبنانية، وأسقطها حزب الله وحلفاؤه، وبينهم الرئيس الحالي ميشال عون، بسحب وزرائهم منها. وجاء ذلك بعد أزمة سياسية طويلة على خلفية رفض حزب الله المحكمة الدولية الخاصة بلبنان المكلفة النظر في اغتيال رفيق الحريري. وقد وجَّهت المحكمة اتهاماً إلى عناصر من الحزب اللبناني في القضية.

في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، تولى رئاسة الحكومة اللبنانية للمرة الثانية، بناء على تسوية جاءت بميشال عون، أحد أبرز حلفاء حزب الله، رئيساً للجمهورية في أكتوبر/تشرين الأول 2016، بعد عامين ونصف العام من الفراغ الرئاسي.

زعامة سياسية بتراجع كبير

ويعود اليوم رئيساً للحكومة بعد انتخابات نيابية كرَّسته الزعيم الأبرز بين السُّنة، الذين تعود إليهم رئاسة الحكومة في لبنان، لكن بتراجع كبير في عدد أعضاء كتلته النيابية، أعاده البعض إلى تدني شعبيته؛ بسبب التسويات والتنازلات السياسية التي قام بها.

ولم يعمل سعد الحريري في السياسة بتاتاً خلال حياة والده. سمَّته العائلة لخلافته في العمل السياسي؛ بسبب "دبلوماسيته"، بحسب مقربين.

طويل القامة، وتتسم إطلالاته الإعلامية غالباً بالهدوء. إلا أنه تعلَّم كذلك على مدى السنوات الماضية كيف يصبح خطيباً يحرك الحماسة بين أنصاره، بعدما انتقده معارضوه كثيراً؛ لعدم قدرته على التعبير بشكل جيد باللغة العربية.

عندما يتحدث عن مشاكل لبنان أو عن والده، غالباً ما تغرورق عيناه بالدموع عبر شاشات التلفزة، الأمر الذي يكشف -بحسب محبيه- "صدقه"، وبحسب معارضيه "ضعفه".

وبرغم القاعدة الشعبية العريضة التي انطلق منها، لم يحقق الكثير في مشواره السياسي؛ بسبب عمق الانقسامات في لبنان؛ بل اتسمت مسيرته بكثير من التنازلات، وخصوصاً خلال مواجهات سياسية عديدة مع خصمه الأبرز، حزب الله.

واتهم سعد الحريري النظام السوري بالوقوف وراء اغتيال والده، لكنه اضطر بعد تسلُّمه رئاسة الحكومة في 2009، وتحت وطأة الضغوط السياسية، إلى القيام بزيارات عدة إلى دمشق، وصولاً إلى إعلانه في أغسطس/آب 2011، أن اتهامه سوريا كان "سياسياً".

كما أعلن مراراً، أنه لن يقبل بحكومات وفاق وطني يعرقل فيها حزب الله اتخاذ القرارات، قبل أن يشارك تيار المستقبل، الذي يتزعمه، في الحكومات المتتالية. ورفض وصول ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية بشدة على مدى سنوات، قبل أن يعمد إلى ترشيحه بنفسه في 20 أكتوبر/تشرين الأول، ضامناً له أكثرية نيابية أوصلته إلى الرئاسة.

ويتوقع أن تكون مهمته في تشكيل حكومة جديدة صعبة؛ إذ إن الانتخابات الأخيرة لم تفرز له ولحلفائه غالبية واضحة كما كان الأمر في برلماني 2005 و2009. بينما كرَّست هذه الانتخابات نفوذ حزب الله وقوته.

الاستقالة "الصدمة"

في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أعلن الحريري استقالته من رئاسة الحكومة من السعودية، قائلاً إنه يريد إحداث "صدمة" تفتح الأعين على دور حزب الله السلبي على لبنان؛ بسبب تدخُّله في النزاعات الإقليمية بدعم من إيران.

لكن الصدمة كانت للبنانيين، الذين لم يفهموا استقالة لم يمهِّد لها شيء. واعتبر خصومه قرار استقالته "سعودياً"، وقام الحُكم، ممثلاً برئيس الجمهورية، بحملة دبلوماسية، متهماً الرياض بإبقاء الحريري لديها "رهينة".

وزاد في الإرباك أن الحريري أمضى سنوات طويلة من حياته في السعودية إلى حين بدء مسيرته السياسية. وكانت الرياض، باستمرارٍ، مساندةً له في كل خياراته السياسية.

وفي الماضي، قال مقربون منه مراراً، لوكالة فرانس برس، إن عائلته بقيت في السعودية بعد خوضه معترك السياسة في لبنان "لأسباب أمنية". وغادر الحريري الرياض بعد أكثر من أسبوعين عائداً إلى لبنان وعن استقالته بعد تدخُّل من فرنسا.

الثروة والأعمال

وُلد سعد الحريري في 18 أبريل/نيسان 1970، ويحمل إجازة في الاقتصاد من جامعة جورج تاون بواشنطن. وهو متزوجٌ لارا بشير العظم التي تنتمي إلى عائلة سورية عريقة شاركت في السلطة بسوريا خلال الخمسينيات. أولاده؛ حسام الذي يتابع تحصيله الجامعي في بريطانيا، وعبد العزيز، ولولوة.

ويروي مقربون منه أنه يهوى الطبخ، ويطبخ أحياناً لأصدقائه. كما يهوى القيام بتمارين رياضية منتظمة. ورث الحريري عن والده، بالإضافة إلى السياسة، ثروة ضخمة وشبكة واسعة من العلاقات حول العالم. لكنه عانى مشاكل مالية كبيرة خلال الفترة التي سبقت عودته إلى رئاسة الحكومة في نهاية 2016. وقال إن التزامه السياسي كلَّفه الكثير من ثروته.

تحميل المزيد