هل يأتي يوم يترحم فيه المهاجرون على حكومة إيطاليا الحالية؟.. اليمين المتطرف يقترب من الحكم وهذه خطته المقبلة

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/20 الساعة 13:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/20 الساعة 13:04 بتوقيت غرينتش

 

شكَّل حزب رابطة الشمال اليميني المتطرف، في إيطاليا، تحالفاً مع حركة "الخمس نجوم" الشعبوية، المناهضة للمؤسسة الرسمية، بعدما حصل الحزبان معاً على أكثر من 50% من الأصوات في انتخابات 4 مارس/آذار الماضي، ما ينذر بسياسات هي الأكثر تشدداً تجاه المهاجرين في تاريخ إيطاليا ما بعد الحرب العالمية الثانية.

 

وأمس الأول الجمعة 18 مايو/أيار، كشف زعيم "رابطة الشمال"، ماتيو سالفيني، وزعيم حركة الخمس نجوم، لويجي دي مايو، النقاب عن وثيقةٍ لتفاهم سياسي، يتوقع أن ينتج عنه خلال أيام تسمية مرشح لنيل التكليف بتشكيل الحكومة الجديدة.

 

وتضم الوثيقة المشتركة خططاً لبناء المزيد من مراكز الاحتجاز لتسريع عمليات ترحيل أكثر من 400 ألف مهاجر غير شرعي، ومراجعة مهام إنقاذ لمهاجرين في البحر بعد وصولهم إلى الشواطئ الإيطالية.

 

ويدعو الاتفاق أيضاً إلى إعادة تفاوض على اتفاقية دبلن للاجئين، وإغلاق مخيمات روما "غير المُسجَّلة".

 

وبالنسبة للمساجد، تدعو الوثيقة إلى تسجيل الأئمة لدى الدولة، وإغلاق المساجد غير المُرخَّصة "فوراً"، فيما ستُدقَّق مقترحات إنشاء المساجد الجديدة وتمويلاتها.

 

كما يسعى الحزبان إلى ردم الهوة بين البلاد وروسيا، وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وهي التي تضررت خلال السنوات الماضية بفعل خلافات ثنائية، وأخرى في إطار التوتر بين بروكسل وموسكو.

 

أيام عصيبة بالانتظار!

 

يشعر عز الدين الزير، إمام فلورنسا ورئيس اتحاد الهيئات والجاليات الإسلامية في إيطاليا بالقلق الشديد، وشدد في حديث مع صحيفة Observer أن أبواب المساجد مفتوحة دائماً، مطالباً مختلف الأطراف باحترام الدستور الإيطالي، الذي يكفل كل الحريات الدينية.

 

ومع اقتراب البلاد من حكومة جديدة تضم حزب رابطة الشمال اليميني المتطرف، والتوقعات بتولِّي زعيمه "سالفيني" وزارة الداخلية، فإنَّ "الزير" يعرف بصورة شبه مؤكدة أنَّ أياماً عصيبة بالانتظار.

 

ويعترف الإمام بأنَّ الهجرة أصبحت مشكلة "حقيقية" للمواطنين على مدار السنوات العشرين الماضية، بسبب إخفاق الحكومات السابقة في إدارتها.

 

وقال: "لذا أدعو أولئك الموجودين في الحكومة الجديدة لإدارة الهجرة، وهو ما يعني احترام القواعد وإظهار التضامن. انتهت الحملة الانتخابية، وعليهم الآن أن يكونوا أكثر مسؤولية بدل أن يخلقوا المزيد من الخوف في مجتمعنا".

 

وتشكل أزمة اللاجئين، منذ نحو 5 سنوات، ضغوطاً اقتصادية مضاعفة على البلاد، التي تعاني بالفعل من مديونية كبيرة، وهو شكل دعماً لخطاب الأحزاب اليمينية والشعبوية.

 

وتنتقد تلك الأحزاب الحكومات السابقة، كما تتعهد بإعادة النظر في الاتفاقات الأوروبية، الأمر الذي يثير حفيظة بروسكل، التي تقول إنها خصصت مساعدات استثنائية للدول التي تشكل بوابات دخول المهاجرين واللاجئين إلى القارة العجوز، وخصوصاً إيطاليا واليونان.

 

يشار أن الحكومة المنتهية ولايتها طبقت بالفعل خطوات أدت إلى تراجع أعداد المهاجرين عبر البحر الأبيض المتوسط، إذ اتفقت مع الأطراف الليبية على تعزيز الرقابة على ركوب المهاجرين البحر، وقدمت دعماً لإنشاء مراكز احتجاز داخل ليبيا.

 

كما منعت روما سفن وقوارب المنظمات الإغاثية المحلية والدولية من الإبحار في مياه المتوسط، بحثاً عن مهاجرين لنقلهم إلى السواحل الإيطالية.

 

وقد تسببت تلك الإجراءات بإشعال غضب حقوقي في وجه حكومة رئيس الوزراء، باولو جنتيلوني، وتشكيك في ضماناته بصون معايير حقوق الإنسان.

 

وبالرغم من ذلك، لم ينجح جنتيلوني، أو حزبه، الحزب الديموقراطي (يسار وسط)، من وقف نزيف الأصوات لصالح الأحزاب اليمينية والشعبوية، واكتفى بالحصول على نحو 19% من الأصوات، مقابل نحو 25.5% في الانتخابات السابقة.

 

قلق في بروكسل من تقارب إيطالي روسي

 

وجاء في الوثيقة التي توصل إليها حزبا "رابطة الشمال" و"خمسة نجوم" كذلك تأكيد عضوية إيطاليا في منظمة حلف شمال الأطلسي على مستوى السياسة الخارجية، والانفتاح على روسيا.

 

وشددت الوثيقة على أنه "لا ينبغي أن ينظر إلى موسكو كتهديد وإنما كشريك تجاري"، إلى جانب رفض العقوبات الأوروبية والأميركية المفروضة على روسيا، وإعادة تقييم دور مهمات الجيش في الخارج.

 

تجدر الإشارة أن العلاقات مع روسيا كانت محل جدل كبير داخل أروقة الاتحاد الأوروبي، إذ تسببت سياسة العقوبات ضد موسكو بالتأثير على مصالح روما الاقتصادية.

 

فقد كانت إيطاليا تعد الشريك الاقتصادي الأهم لروسيا في المنطقة، وتشكل محطة أساسية لتوزيع الغاز الروسي في القارة، سواء من خلال إعادة بيعه أو من خلال استخدامه في توليد طاقة كهربائية ومن ثم بيعها، الأمر الذي تضرر بشكل كبير بعد توقف إمدادات الغاز، التي كانت تمر عبر أوكرانيا، إثر تفجر الأوضاع هناك عام 2014.

 

ولاحقاً، تأججت الخلافات بين إيطاليا وألمانيا، إثر إقدام الأخيرة على إنشاء خط غاز مباشر مع روسيا، يعوض دول القارة من الإمدادات القادمة من الخط الأوكراني الإيطالي، ويعزز موقع برلين الاقتصادي.

 

وفشلت إيطاليا في مجابهة المشروع أوروبياً، كما لم تنجح إلى حد كبير في العثور على بدائل اقتصادية، واصطدمت بخطر منافسة روسيا في سوق الطاقة الأوروبية، وهو ما عزز الدعوات المطالبة بترميم العلاقات مع موسكو.

تحميل المزيد