خطوة ترمب التي ستهز أسواق النفط وتضر أميركا نفسها.. يريد فرض عقوبات على إيران وفنزويلا، لكن النتيجة أسوأ من ذلك

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/19 الساعة 09:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/19 الساعة 09:08 بتوقيت غرينتش
U.S. President Donald Trump gestures as he delivers remarks during the Prison Reform Summit at the White House in Washington, U.S., May 18, 2018. REUTERS/Kevin Lamarque

 

يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب مهمة صعبةً في محاولته إقناع الصين والهند ودول أخرى بالانضمام إلى العقوبات النفطية ضد إيران، بينما يضغط أيضاً على فنزويلا.

ولأن عملاقي النفط (إيران وفنزويلا) يتنافسان للاستحواذ على السوق نفسه، سيصب الضغط على أحدهما في مصلحة الآخر، في حين أن الضغط على كليهما قد يقفز بأسعار النفط، وفقاً لما أشار إليه تقرير لصحيفة The New York Times، الخميس 17 مايو/ أيار 2018. 

ومن المقرر أنَّ تجري الانتخابات الفنزويلية غدا الأحد 20 مايو/أيار 2018، وتكاد النتيجة تكون محسومة لصالح الرئيس نيكولاس مادورو بسبب مقاطعة المعارضة الرئيسية للانتخابات واصفة إياها بصورية.

وللاعتراض على الخروقات في عملية الانتخابات وانتهاكات حقوق الإنسان، حذر مسؤولون بإدارة ترمب من احتمال مواجهة فنزويلا عقوبات مالية أكثر صرامة، بما في ذلك اتخاذ إجراءات تُصعّب عملية تصدير.

تريد أميركا الإضرار بصادرات إيران النفطية ومعاقبة فنزويلا

وتعمل الإدارة الأميركية على تقليل صادرات النفط الإيرانية في الوقت الراهن، وذلك بعد أن قررت الانسحاب من الاتفاق الذي تفاوضت عليه إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.

وإذا لم تتوصل إيران ودول أخرى وقعت على الاتفاق في عام 2015 في التوصل إلى تسويةٍ، فإنَّ واشنطن تخطط لفرض عدد من الإجراءات العقابية في الأشهر المقبلة، مثل فرض عقوبات على بنوك البلدان التي لا تقلل من وارداتها من النفط الإيراني.

ومن شأن التحركات المتزامنة ضد الحكومتين الإيرانية والفنزويلية أنَّ ترتقي لتكون بمثابة لعبة جيوسياسية معقدة، في ظل احتمال أن تبحث الدول المتعطشة للطاقة عن طرقٍ لتفادي العقوبات، فضلاً عن بحث الخصوم عن طرق للاستفادة من الوضع.

وقالت أمي مايرز جاف، الخبيرة في مجال الطاقة بمجلس العلاقات الخارجية: "هناك الكثير من الإجراءات المعقدة متعددة الأهداف، يَصعب على الولايات المتحدة تطبيق حزمتين من العقوبات في وقت واحد دون أحداث اضطراب بأسواق النفط عندما يكون الأمران مرتبطين ببعضها البعض كما هو الحال بالفعل".

وتُعد الصين والهند أكبر المشترين للخام الإيراني، وتمثل البلدان أيضاً أسواقاً لـ40٪ من الصادرات النفطية الفنزويلية، والتي تراجعت تحت وطأة سوء الإدارة والدين والعقوبات المالية الأميركية.

ولن يكون أمام الدولتين الآسيويتين والدول المستوردة الأخرى خيار سوى استبدال وارداتها المفقودة بأخرى من السعودية أو بعض الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ممن يمكنهم بيع مزيداً من النفط، أو ربما تلجآن إلى روسيا وهي مُصدّر رئيسي للنفط.

حماس تطالب بتحقيق دولي في إنشاء الاحتلال "مناطق إعدام" بغزة: جريمة حرب وحشية وانتهاك لكافة الأعراف

لكن ذلك سيخلق أزمة تأثيرها أشمل من إيران وفنزويلا

وتشير الصحيفة الأميركية إلى أن مشتري النفط الآسيوييين يواجهون أزمةً طاحنةً حتى دون احتمال فرض عقوبات أكثر صرامة على فنزويلا. فقد استحوذت شركة "كونوكو فيليبس" على محطات تصدير النفط الفنزويلية في منطقة الكاريبي مؤخراً كتسوية لمستحقاتها من جراء تأميم استثماراتها، وأُجبر أكثر من 12 ناقلة فنزويلية على العودة إلى الميناء، وقد كان كثير من النفط العالق متوجهاً إلى الهند والصين.

وتوقع بيل ريتشاردسون، وزير الطاقة الأميركي السابق وسفير واشنطن لدى الأمم المتحدة، أن يؤدي التباري للحصول على الإمدادات إلى إعادة ترتيب أسواق الطاقة العالمية، وربما لن يصب ذلك في صالح الولايات المتحدة.

وأضاف: "يعني هذا أنَّ نفط أوبك ستتضاعف الحاجة له، وأنَّ روسيا أيضاً ستُصبح مصدراً للنفط، وإذا استطاعت روسيا إزعاج الولايات المتحدة فستفعل".

لأن البلدان لاعبان مهمان في أسواق النفط العالمية

وتظل إيران وفنزويلا، وهما عضوان في منظمة أوبك، من الموردين المهمين في أسواق النفط  العالمية، إذ تنتجان معاً برميلاً واحداً من بين كل 20 برميلاً. والمآزق التي تواجهها الدولتان تُمثَّل أسباباً مهمة لارتفاع أسعار النفط بنحو 20 % في الأشهر الأخيرة ، بوصول خام برنت -المعيار الدولي- إلى سعر 80 دولاراً تقريباً للبرميل – ما يهدد النمو الاقتصادي العالمي.

وتأرجح إنتاج النفط على مدى السنوات الثلاث الماضية في البلدين. ورُغم تعافي صادرات النفط الإيرانية من العقوبات الغربية التي سبقت صفقة تقييد تطوير برنامجها النووي، فقد تراجعت صادرات فنزويلا، والآن هما عُرضة للغرق معاً.

ووصل الإنتاج الفنزويلي إلى مستواه الأدنى خلال ثلاثة عقود، فانخفض بأكثر من 200 ألف برميل يومياً منذ أواخر العام الماضي فقط. والآن، فإن ما يصل إلى ثلث حصة المليون برميل يومياً المتبقية والمخصصة للتصدير معرض للخطر بسبب الانهيار الوشيك لشركة النفط الحكومية، والعقوبات، بالإضافة إلى المواجهة الجديدة مع كونوكو فيليبس.

استولت شركة كونوكو فيليبس على شحنات في مصفاة تكرير كانت قد استأجرتها في جزيرة كوراساو ومختلف مرافق التخزين في جزيرة أروبا، وفي جزر بونير وسانت أوستاتيوس أيضاً، وذلك تنفيذاً لحكم بقيمة ملياري دولار ضد شركة النفط الحكومية بيتروليوس دي فنزويل" والمعروفة باسم بدفسا.

وقال فرانسيسكو مونالدي، وهو خبير فنزويلي بالنفط في جامعة رايس: "سيحد ذلك بلا شك من قدرة فنزويلا على التصدير بشكل مربح إلى آسيا، وإذا لم تصل الإمدادات من فنزويلا إلى آسيا، فسيكون مستبعداً أن تتماهى الصين والهند مع العقوبات ضد إيران".

وقد تحمل الأيام القليلة المقبلة مزيداً من المشاكل لفنزويلا، إذ حذر مسؤولون في إدارة ترمب من فرض عقوبات إضافية على النفط الفنزويلي بعد الانتخابات المزمع تنظيمها الأحد المقبل.

ويُمكن لواشنطن تقييد عمليات التأمين على شحنات النفط الفنزويلية أو حظر المبيعات الأميركية من النفط الخفيف الذي يُمزج بالنفط الثقيل الفنزويلي تمهيداً للتصدير. ورُغم أن حظر استيراد النفط الفنزويلي ليس مرجحاً، لكنه لا يزال وارداً.

إذاً هل تخسر أميركا بسبب قرار ترامب؟

ويُمكن لأي من هذه التدابير خفض حجم النفط المتاح في الأسواق الدولية، مما سيدفع الصين والهند إلى مراوغة العقوبات الأميركية على إيران لحماية احتياجاتهما من الطاقة.

وقالت جاف في هذا السياق: "عندما تنظر الإدارة في سياستها تجاه فنزويلا، فعليها الحرص حتى لا تنتهج سياسة تتعارض مع أهداف سياستها تجاه إيران".

وتتسم أسواق النفط بالمرونة، حيث تميل الإمدادات والأسواق للتأقلم مع الانقطاعات المختلفة. ولكن في حالة إيران وفنزويلا، قد يؤدي أي استبدال للأسواق إلى تعقيدات سياسية.

ويتوقع الخبراء أن تنخفض الصادرات الإيرانية، في حال فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليها، بما لا يقل عن 200 ألف برميل يومياً وربما تصل إلى مليون برميل بحلول العام المقبل.

ويمكن للمتداولين الصينيين والروس التملص من هذه العقوبات عن طريق شراء بعض النفط الخام الإيراني بالعملة المحلية أو بالعملات المشفرة بخصومات كبيرة، ومبادلة أو بيع تلك الشحنات في الأسواق العالمية.

وقد تستفيد روسيا أيضاً من أي ارتفاعٍ في أسعار النفط بسبب انخفاض الإمدادات العالمية الناتجة عن العقوبات المفروضة على إيران وفنزويلا.

يبدو أنه نعم، فالفرص تنتظر منافسي أميركا

ومع عدم رغبة الشركات الأوروبية على الأرجح مواصلة استثماراتها لإنعاش حقول النفط الإيرانية المتقادمة خوفاً من مواجهة عقوبات مالية من الولايات المتحدة، ستتاح الفرص أمام الشركات الروسية والصينية العاملة بالفعل في الشرق الأوسط.

حماس تطالب بتحقيق دولي في إنشاء الاحتلال "مناطق إعدام" بغزة: جريمة حرب وحشية وانتهاك لكافة الأعراف

وقال فيليب فيليغر، الخبير الاقتصادي بمجال الطاقة والذي عمل سابقاً ضمن إدارات جمهورية وديمقراطية، "إنَّها فرصة كبيرة للصين وروسيا من أجل توطيد علاقاتهما مع إيران".

فبعد وقت قصير من إعلان ترمب عدم استمرار الولايات المتحدة بالاتفاق النووي، أعلنت الصين عن خط سكة حديد تجاري جديد مع إيران، وقالت روسيا على الفور إنَّها ستواصل الالتزام بالاتفاق، وتتحرك دبلوماسياً لتخفيف التوترات بين إيران وإسرائيل.

وفي هذه المناورة المعقدة، ليست الولايات المتحدة البلد الوحيد الذي يواجه المخاطر، فروسيا والصين أيضاً تواجهان مواقف صعبة فيما يتعلق بفنزويلا وإيران.

ففي حالة إيران، ستكون الصين بورطة مع واشنطن في حال عارضت فرض عقوبات جديدة، في حين تسعى في الوقت نفسه للمساعدة في الحد من التوتر الخاص بالتجارة في شبه الجزيرة الكورية. كما قد تَضُر روسيا بعلاقتها الدافئة مع عدو إيران اللدود؛ السعودية، إذا تعمل روسيا مع السعوديين للحد من إنتاج النفط العالمي وتقلبات أسعاره.

حماس تطالب بتحقيق دولي في إنشاء الاحتلال "مناطق إعدام" بغزة: جريمة حرب وحشية وانتهاك لكافة الأعراف

وفي ما يتعلق بفنزويلا، حاولت بكين في السنوات الأخيرة الحصول على مصدر مستقر للطاقة بدفعها لأكثر من 50 مليار دولار كقروض مقابل شحنات النفط، لكنها تراجعت مؤخراً عن تعميق علاقاتها. وفي الآونة الأخيرة، ضخت روسيا أموالاً في تلك الحكومة المتداعية وساعدتها في إنشاء عملة مشفرة حيث تحصل على النفط بثمن رخيص.

لذا، فقد يُهدِّد انهيار الحكومة الفنزويلية وفاءها بديونها المستحقة للصين، ومستقبل عمليات استحواذ شركة روسنفت الروسية على حقول النفط.

وقالت حليمة كروفت، الرئيس العالمي لاستراتيجية السلع الأساسية لدى مجموعة آر بي سي كابيتال ماركتس: "إذا نجا مادورو، قد تحصل روسيا على مساحات إضافية في فنزويلا، ولكن على روسيا الحفاظ على توازنٍ معقد، فإذا قَدمت الدعم للجيش الفنزويلي ودمر شركة بدفسا، تكون قد خاطرت باحتمال وجود سلطة جديدة -في حال سقوط مادورو- ربما لن ترحب بروسنفت".

تحميل المزيد