قبل 6 سنوات كانت كل الألسنة في مصر تتحدث عن شخص واحد بعينه، أصبح هو حديث الصباح والمساء، صبري نخنوخ، ذلك البلطجي الذي يمتلك أسلحة وحيوانات مفترسة ويقود ما يشبه المافيا في عموم البلاد.
تصدّرت أحاديث نخنوخ وصوره داخل قصره مع أسلحته وأسوده، عناوين الصحف وملأت برامج الفضائيات، قبل أن تتوارى مع الوقت، خصوصاً وأن نخنوخ نفسه قد توارى خلف القضبان بعد أن حكم عليه بالسجن 28 عاماً.
لكن في أولى ليالي شهر رمضان، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال مؤتمر شبابي، إنه قرر العفو عن 330 سجيناً بمناسبة الشهر الكريم، مضيفاً "خليهم يتسحروا مع أهلهم".
اللافت أن نخنوخ كان على رأس قائمة المشمولين بالعفو الرئاسي، رغم أنه ما زال يحاكم في قضايا أخرى.
وأكد المستشار جميل سعيد، محامي نخنوخ، أن قرار العفو الرئاسي، شمل موكله، موضحاً أن نخنوخ قضى نصف مدة العقوبة.
وأثار الإفراج عن نخنوخ استياء وسخرية بين السياسيين، كونهم يرون أن من بين النشطاء من هو أولى بالحرية. لكن آخرين يقولون إن الاستياء نابع من توقيت وطريقة خروج نخنوخ وليس من خروجه في حد ذاته.
صبري نخنوخ السيسي افرج عنه بعفو رئاسي لانه بلطجي كبير وعتيد في الاجرام . لو كان معارض سياسي او مصور او كاتب ناقد كان زمانه لسه في السجن. منظومة قيم جديدة يزرعها السيسي في شباب #مصر : مجرم وتاجر مخدرات وبلطجي تبقى حبيبي وكفاءة. معارض تبقى من اهل الشر و هانلفقلك تهم كمان. #العار
— Dr. Hazim Abdelazim (@Hazem__Azim) May 17, 2018
بلطجي مهذّب
أحد من تعاملوا مع نخنوخ أكد لـ "عربي بوست" أنه رجل خلوق ومهذّب وكان يقدم الكثير من الخدمات بلا مقابل. وأضاف "التقيت نخنوخ قبل 20 عاماً، ورأيت له تعاملات كثيرة كان يعيد فيها الحق إلى أصحابه بلا مقابل. ناهيك عن أنه كان شديد الأدب في تعامله مع كل الناس، ولم يكن هذا الأدب ادعاءً ولا تمثيلاً"، على حد وصفه.
لكن المتحدث نفسه، يؤكد أن ما يخفى من تعاملات رجل كهذا لا بد وأنه أعظم بكثير من المعروف، فقد كان لنخنوخ أدوار في الانتخابات وفي أمور خلافات كثيرة تتعلق بشخصيات معروفة، ولولا خلافه مع جماعة الإخوان المسلمين عام 2012، لما سمع عنه أحد ولا سجنه أحد، كما يقول.
ضابط شرطة سابق قال لـ"عربي بوست" إنه يعرف أن نخنوخ تدخل لحل خلاف بين الممثلة رانيا يوسف وطليقها، بناء على طلب من الأمين العام الأسبق للجامعة العربية عمرو موسى.
وأضاف المتحدث أنه عندما عرض موسى على نخنوخ مقابلاً مادياً، رفض هذا الأمر تماماً، وقال له: "إنها زميلة، وكانت في مأزق وكان لا بد من مساعدتها".
هذا الموقف، كما يقول الضابط السابق، يعكس نظرة نخنوخ لنفسه وللآخرين الذين يتعامل معهم، فرغم أنهم نجوم مجتمع أو شخصيات عامة إلا أنه يرى نفسه زميلًا لهم. هذا يؤكد أن هذا الشخص لم يكن مجرد بلطجي يتم استئجاره لحل مشكلة، وإنما كان جزءاً من مجتمع الكبار.
ذراع للأمن
أحد أصحاب شركات السياحة الكبيرة، قال لـ"عربي بوست"، إن نخنوخ شخصية غريبة ومحط تساؤلات. ولا يمكن وصفه إلا بـ"البلطجي".
وأضاف "أنا تعاملت معه شخصياً، وهو بالفعل دمث الخلق ومهذب لأقصى درجة ولا يهتم بالمقابل المادي، خصوصاً لو كان طالب الخدمة على حق. لكنه في النهاية يمارس دوراً خارج إطار القانون".
وأوضح أن نخنوخ لعب دور الدولة لسنوات، ولم يكن أحد يسمع به. "لا أحد يعرف لماذا؟ بصراحة هذا الرجل لا يمكن أن يكون إلا ذراعاً لأجهزة الأمن، خصوصاً وأنه ليس مسلماً، وهذا أكثر غرابة".
ولفت المتحدث إلى أن نخنوخ كان دائماً يرفض التقاط الصور إلا في أضيق الحدود. وغالباً ما يكون ذلك داخل مسكنه، ومن النادر أن تجد له صوراً خارج بيته. "هذا شيء ملفت"، كما يقول المتحدث.
وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض على نخنوخ في أغسطس/آب 2012، داخل فيلته بمنطقة كينج مريوط بالإسكندرية، وبصحبته عدد كبير من الخارجين عن القانون، وبحوزتهم كمية من الأسلحة، وتم العثور داخل الفيلا على كميات من الآثار وحيوانات مفترسة كان نخنوخ يستغلها في نشاطه.
علاقات واسعة
وارتبط نخنوخ بعلاقات مع مشاهير في عالم الكرة والفن والسياسة، من بينهم الفنان أحمد السقا ولاعب كرة القدم محمد زيدان، وآخرين.
وكان محمد البلتاجي القيادي بجماعة الإخوان، والمحبوس حالياً، هو السبب وراء اعتقال نخنوخ؛ بعدما طالب زير الداخلية المصرية في حينها اللواء أحمد جمال الدين، على الهواء، بالقبض على نخنوخ.
ويعتبر نخنوخ أسطورة في عالم البلطجة، وقد تم القبض عليه في قصر فخم يعيش فيه بين 5 أسود و6 من الكلاب المفترسة، ويخبِّئ داخله كميات كبيرة من الأسلحة المتنوعة الخفيفة والثقيلة، وكميات مماثلة من المخدرات بأنواعها المختلفة.
وقال البعض إن رجال الأمن عثروا على زرافة وغوريلا نادرة داخل القصر.
صبري حلمي نخنوخ، لم يكن بلطجياً ينحصر نشاطه في منطقة محددة، فالرجل مليونير حقيقي، ثروته وسطوته امتدتا من الإسكندرية إلى القاهرة والجيزة.
ذاعت شهرة نخنوخ كأهم قائد للبلطجة في أحياء القاهرة مع بداية عام 2000، حين كان يملك مكاتب لتوريد البلطجية في مناطق البساتين والمهندسين والهرم وفيصل، ليستخدمهم الحزب الوطني المنحل في تأمين صناديق الانتخابات وتسويد البطاقات لصالح أعضائه.
وجرت تحقيقات حول مشاركة نخنوخ في تخريب المنشآت العامة والسجون خلال ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، لنشر الذعر في الشوارع.
جمع نخنوخ مبالغ طائلة من خلال فرض الإتاوات على أصحاب المحلات وسائقي الميكروباص، وقيامه بتأجير بعض المحال التجارية في منطقتي الهرم والمهندسين.
وكان يحكم شبكة بلطجية تتوزع أعمالها على نشاطات عديدة، منها حماية الكازينوهات التي تتعرض من وقت الى آخر لمشاكل وتهديدات.
أصبح يملك قصوراً وفيلات على طريق القاهرة – الإسكندرية الصحراوي، وشاليهاً فارهاً في الساحل الشمالي بمارينا، فضلاً عن فيلا في شرم الشيخ، إضافة إلى ملايين الجنيهات.
كان يسكن ترسانة قوية
وصفت محاضر التحقيقات القصر الذي يملكه المتهم في "كينغ مريوط" بأنه أشبه بترسانة قوية يصعب الاقتراب منها.
وقالت "عندما تدخل من الباب تجد 3 أقفاص في داخلها ستة كلاب حراسة كبيرة، وفي الجهة المقابلة قفص كبير فيه 5 أسود، جميعها كبيرة في السن.
وعلى مسافة أمتار قليلة من أقفاص الأسود توجد الحيوانات الأليفة التي يعشق نخنوخ تربيتها، مثل النعامة وأنواع من الغزلان ونسناسين ونحو عشرة كلاب من أنواع مختلفة. كما عثر على أجهزة اتصالات لاسلكية.
وفي داخل القصر 3 مبانٍ، الأول قيد الإنشاء، والثاني مبنى مجهز فيه صالة ديسكو كاملة في الطابق الأرضي ونظام صوت كامل وفي الصالة ثعبان كبير.
وحالياً يبلغ نخنوخ 55 عاماً، وهو غير متزوّج. وقد خطب فتاة لبنانية لكن الزيجة لم تتم.
عفو رغم أنه لايزال يحاكم
وأكد المستشار جميل سعيد، محامي نخنوخ، أن موكله جاء ضمن قائمة العفو الرئاسي، رغم أنه محكوم بالسجن 28 عاماً في اتهامه بالبلطجة وحيازة أسلحة ومخدرات، وما زال يحاكم في قضايا أخرى، بحسب صحف مصرية.
وقال سعيد، إن العفو الرئاسي، لا يرتبط بمدد زمنية محددة، فالرئيس يمتلك العفو عن عقوبة أي متهم، طالما أصبح الحكم نهائياً وباتاً، مضيفاً أن محكمة النقض أيدت الحكم الصادر بحق موكله، وبذلك أصبح الحكم نهائياً وباتاً.
وكانت محكمة جنايات الإسكندرية قضت في 9 مايو/أيار 2013 بمعاقبة نخنوخ، بالسجن المؤبد وتغريمه 10 آلاف جنيه عن تهم إحراز السلاح الآلي والأسلحة النارية، والسجن المشدد 3 سنوات وتغريمه 10 آلاف جنيه عن حيازة وتعاطي المخدرات، وبرأته من حيازته طبنجة ماركة "سميث".
وفي 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، رفضت محكمة النقض، الطعن المقدم منه على الحكم ليصبح قرار حبسه باتاً ونهائياً.
وكانت محكمة جنايات الإسكندرية، قد حكمت بالسجن 25 عاماً على نخنوخ في اتهامات بحيازة أسلحة وحيوانات مفترسة، كما قضت بحبسه ثلاث سنوات أخرى فى قضية تعاطي مخدرات.