تتزايد الأزمات السياسية فترتفع أسعار النفط، وطبعاً هذا مدعاة للسعادة، أليس كذلك؟ الأمر ليس بهذه السهولة.. وإليك الأسباب

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/18 الساعة 10:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/18 الساعة 10:49 بتوقيت غرينتش
Saudi arab man vector character wearing white traditional dress with facial expressions holding up and down arrow for business finance graph. Vector illustration.

بلغ سعر النفط أعلى معدلاته منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2014، حيث وصل سعر البرميل الواحد إلى 80 دولاراً، بينما تتسبب المخاوف الجغرافية السياسية في تزايد القلق بشأن إمكانية في الاضطراب في الإنتاج ما قد يتسبب بدوره بارتفاع أكبر في السعر.

فمثلاً ارتفعت أسعار عقود خام برنت الآجلة، التي تعد بمثابة المؤشر الدولي، بنحو النصف خلال العام الماضي. وأدت الزيادات الجديدة في الأسعار إلى التحذير من تكاليف البنزين والديزل المرتفعة التي يتحملها السائقون. كما أن ارتفاع الأسعار سيشكل تحدياً أمام البنوك المركزية التي تعاني بالفعل من ارتفاع معدلات التضخم.

فما سبب ذلك وما الذي يعنيه؟ الغارديان تشرح ذلك..

الأسباب سياسية.. سياسية.. سياسية..  وفي المقدمة ترمب

أحدث خطوة كانت مع انسحاب أميركا من الاتفاق النووي الإيراني

أدى قرار الرئيس الأميركي بالانسحاب من طرف واحد من الاتفاق النووي مع إيران إلى تقييم الأسواق لتأثير انخفاض صادرات الخام الإيرانية. وتنتج إيران نحو 4% من إمدادات النفط العالمية أو حوالي 2.4 مليون برميل يومياً.

تراجعت صادرات الدول المنتجة بالشرق الأوسط بنحو 1.2 مليون برميل يومياً، حينما تم فرض العقوبات في المرة الأخيرة عام 2012. وسوف تكون هذه المرة مختلفة، حيث ذكر الاتحاد الأوروبي أنه يعتزم الإبقاء على الاتفاق النووي ولن يفرض أي عقوبات على إيران.

وذكرت الوكالة الدولية للطاقة، ومقرها باريس "من المبكر للغاية أن نتوقع ما سيحدث هذه المرة؛ ومع ذلك، ينبغي أن ندرس ما إذا كانت الدول المنتجة الأخرى تستطيع أن تتدخل لضمان استمرار تدفق النفط إلى الأسواق وتعويض توقف الصادرات الإيرانية".

وأشارت المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، أنها سوف تعمل بالفعل على سد الفجوة التي تخلفها إيران.

لكن قبل خطوة ترمب، وقفت السعودية كتفاً بكتف مع روسيا

فقد أدى تخفيض حجم الإنتاج من قبل الدول الكبرى المنتجة للنفط بزعامة المملكة العربية السعودية وروسيا، على مدار نحو 17 شهراً، إلى إحداث تأثير كبير.

وأعادت القيود التي فرضتها منظمة الأوبك وشركاؤها التوازن بين حجم العرض والطلب العالمي على النفط إلى حد أن الوكالة الدولية للطاقة ذكرت مؤخراً أن "المهمة قد تحققت".

وتنتج منظمة الأوبك وروسيا معاً أكثر من 40% من النفط العالمي. ورغم ارتفاع الأسعار بصورة مطردة في ظل القيود المفروضة، أثبتت البلدان المنتجة للنفط مدى التزامها الملحوظ ولم تزد من إنتاجها مثلما فعلت خلال محاولاتها السابقة للتأثير على الأسواق.

أبرم وزيرا الطاقة السعودي والروسي اتفاقية شراكة يذكران أنها وحدت بينهما كتفاً بكتف وأحدثت اصطفافاً بين البلدين.

ومن المتوقع أن يلتقي أعضاء منظمة الأوبك في فيينا لمناقشة ما إذا كان ينبغي استمرار فرض تلك القيود بعد انقضاء عام 2018، حينما ينتهي سريانها.

ومع ذلك، أصبح ذلك القرار معقداً بسبب..       

الأزمات في فنزويلا

فقد أدت الأزمات السياسية والاقتصادية التي لحقت بالدولة الأميركية الجنوبية الغنية بالنفط إلى تراجع إنتاجها من النفط إلى حد كبير.

وذكر الخبراء أن ذلك الانهيار قد أدى إلى التضييق على أسواق النفط بسرعة أكبر من المتوقع. وقد انخفض حجم الإنتاج إلى حد كبير حتى أن فنزويلا قامت بتخفيض إنتاجها بصورة أكبر من المملكة العربية السعودية، أكبر منتج للنفط بمنظمة الأوبك.

وترسم الوكالة الدولية للطاقة صورة أليمة لانهيار صناعة النفط مع تدهور الأوضاع في البلاد، حيث تنتشر قضايا الفساد ومشكلات المدفوعات وتعطل المعدات.

وذكرت الوكالة "يتراجع إنتاج آبار النفط التقليدية الشائخة بفنزويلا بسرعة كبيرة أيضاً. وقد شهدت شركة النفط المملوكة للدولة انسحاب جماعي للعاملين بالشركة جراء انخفاض الأجور وبسبب المخاوف المتعلقة بالأمن والسلامة".

ليست إيران وفنزويلا وحدهما المسؤولتين

إذا لا تعد هاتان الدولتان بمثابة المصدر الوحيد لانعدام الاستقرار السياسي الذي يتسبب في ارتفاع أسعار النفط.

وذكرت مجموعة متسوبيشي المالية "التصعيد المستمر في حدة التوتر بين المملكة العربية السعودية وإيران والنزاعات المتواصلة في العراق وليبيا وسوريا واليمن قد أثرت تأثيراً كبيراً على المنطقة".

وأضافت مجموعة الخدمات المالية اليابانية أنه بينما تعتبر المواجهة العسكرية المباشرة بين إيران والمملكة أمراً غير محتمل، فإن تكثيف أي نزاعات بالوكالة في المنطقة سيؤدي إلى تقويض الاستقرار.

وحذرت الوكالة الدولية للطاقة أن الأحداث السياسية الأخيرة قد زادت من التشكك في الإمدادات المستقبلية للنفط العالمي.

كيف سيتأثر كل العالم بما يجري في منطقتنا؟

وعلى المستوى العالمي، يعد الاقتصاد قوياً، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي حجم نمو يبلغ 3.9% هذا العام. وقد كان النشاط الاقتصادي الجيد بمثابة عامل هام في ارتفاع أسعار النفط حتى وقتنا هذا؛ ومع ذلك، يحذر المراقبون من ارتفاع سعر الخام، بما يهدد ببدء تراجع حجم الطلب على النفط.

وذكرت الوكالة الدولية للطاقة "سيكون أمراً استثنائياً إذا لم تؤثر تلك الطفرة [منذ العام الماضي] على معدل النمو في حجم الطلب".

وقد عدّلت الوكالة الدولية هذا الأسبوع معدل النمو في حجم الطلب من 1.5 إلى 1.4 مليون برميل يومياً ليعكس تأثير ارتفاع أسعار النفط. ومن المتوقع أن يبلغ متوسط حجم الطلب 99.2 مليون برميل يومياً هذا العام.

ويتمثل أحد العوامل الأخرى المؤثرة على الأسعار في إنتاج النفط الصخري، الذي انتعش جراء ارتفاع أسعار النفط. ويصل الإنتاج الأميركي إلى معدلات لم يسبق لها مثيل، حيث ارتفع بنحو الربع مقارنة بمعدلات عامين سابقين وأكثر من النصف مقارنة بمعدلات عقد مضى.

ومع ذلك، ذكر غولدمان ساش "لا يستطيع الزيت الصخري حل المشكلات الحالية لإمدادات النفط".

تحميل المزيد