وضعت الانتخابات أوزارها، وبدأ هؤلاء العشرة الصراع على منصب رئيس الوزراء، أما الفائز فقد يكون “مجهولاً” للعراقيين

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/17 الساعة 09:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/17 الساعة 10:06 بتوقيت غرينتش
FILE PHOTO: Iraqi Shi'ite cleric Moqtada al-Sadr attends to cast his vote at a polling station during the parliamentary election in Najaf, Iraq May 12, 2018. REUTERS/Alaa al-Marjani/File Photo

كان نوري المالكي منافساً داخلياً برلمانياً غير معروف نسبياً عن حزب الدعوة العراقي، وذلك قبل أن يتم تعيينه محل إبراهيم الجعفري رئيس وزراء بلاده، بعد التفجير الكارثي الذي أصاب أحد المواقع الشيعية المقدسة في مدينة سامراء العراقية عام 2006.

أما حيدر العبادي، فكان غير معروف بالقدر ذاته حينما نال بركات طهران، وواشنطن، وكبار رجال الدين في محافظة النجف لتولي القيادة بعد انهيار القوات المسلحة العراقية في مواجهة هجوم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، في عام 2014، بحسب مجلة Foreign Policy الأميركية.

وتضيف المجلة الأميركية أنه إذا استمرَّ الأمر على النمط ذاته، يمكننا إذاً معرفة معلومتين سلفاً عن رئيس الوزراء الذي ستُفضي إليه في نهاية المطاف الانتخابات العامة العراقية، التي أُجريت الأسبوع الماضي: أولاهما أنَّه سيكون من الأغلبية الشيعية في البلاد، وإذا لم يفز العبادي بالانتخابات، فسيكون المرشح الفائز على الأرجح غير معروف نسبياً بالنسبة للعراقيين والمجتمع الدولي على حدٍّ سواء.

ومن الواضح أيضاً أنَّ مقتدى الصدر، رجل الدين الشيعي وزعيم الائتلاف الذي فاز بصورةٍ مفاجئة في الانتخابات، لن يفوز برئاسة الوزراء، لأنَّه لم يترشح للحصول على مقعدٍ في البرلمان.

مرشح تسوية غير متوقع

ويقول فَنَر حداد، المتخصص في شؤون العراق بجامعة سنغافورة الوطنية، عن رئيس الوزراء الجديد: "نظراً للتجارب السابقة، ربما يكون الفائز مرشح تسوية غير متوقع، وليس أي اسم من الأسماء المألوفة".

سيبدأ السياسيون العراقيون بتجميع حكومتهم المقبلة حالما يُصدَّق رسمياً على تصويت الانتخابات العامة في عطلة نهاية الأسبوع، وتُخصَّص مقاعد البرلمان المكوَّن من 329 مقعداً، وهي عملية قد تستغرق أسابيع نظراً للكم الكبير لمزاعم ارتكاب التجاوزات في التصويت.

وستنتهي العملية بالضرورة بانتخاب مرشح تسوية، إذ يتطلب الفوز بأصوات أغلبية المشرعين إثبات انصياع المرشح التام لوسطاء السلطة الرئيسيين في البلاد.

يشمل هؤلاء الكتل السياسية العراقية التي تمثل جميع الطوائف والأعراق الثلاثة الرئيسية، ورجال الدين الشيعة في مدينتي النجف وكربلاء، ورعاة العراق في إيران والولايات المتحدة.

وهناك أيضاً المملكة العربية السعودية، التي تشترك في الحدود والعلاقات القبلية مع العراق، وتعتبر نفسها حاميةً للأقلية السنية في البلد، إذ يزداد حجم نفوذها فيما يتعلق بمن سيقود العراق. وبوجود علاقاتٍ قوية مع الأقلية التركمانية في العراق وبعض الفصائل السنية، تتمتع تركيا أيضاً بمزايا على الرغم من عدم تمتعها بحق الفيتو. وبدأ بالفعل تطبيق سياسات حافة الهاوية. فوفقاً لأحد المحللين، أرسل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي الإيراني، نواباً إلى بغداد للتأكد من تمثيل مصالح إيران.

وأسهم السياسيون والمحللون، الذين غالباً ما يتحدثون شريطة عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية الموضوع، في صياغة هذه القائمة المختصرة لرؤساء الوزراء المحتملين التي أعدتها مجلة Foreign Policy الأميركية:

حيدر العبادي: لا يزال رئيس الوزراء الحالي هو المرشح الأول لمنصب رئيس الوزراء، مع أنَّ الائتلاف الذي قاده لم يُحرز سوى المركز الثالث في انتخابات 12 مايو/أيار. فالمهندس الكهربائي البالغ من العمر 66 عاماً، الذي تلقى تعليمه في المملكة المتحدة وولد لأسرةٍ بارزة في بغداد، يحظى بشعبيةٍ كبيرة، ويتمتع بميزة معرفته الجيدة بالمنصب، والنوايا الحسنة المستمرة التي يحملها له جيران العراق؛ بما في ذلك تركيا والمملكة العربية السعودية، والأهم من ذلك، أنَّه خفف من حدة التوترات الطائفية في البلاد.

وأشار فصيل "سائرون" التابع لرجل الدين مقتدى الصدر إلى أنَّه سيكون على استعداد لتأييد عبادي لولايةٍ ثانية، خاصة إذا ما منع ذلك أي شخص ينتمي لفصيل ميليشيا هادي العامري الشيعية من الوصول إلى السلطة.

لكن كل هذه الحسابات جاءت قبل احتلال الصدر المركز الأول. ومع أنَّ العبادي يُنظر إليه باعتباره شخصاً غير فاسد وحسن النية، فهو لا يزال معروفاً بكونه ضعيفاً، وبفشله في كبح جماح فساد الآخرين. ويقول أحد الباحثين العراقيين: "بالكاد قدَّم أي شيء، إضافةً إلى أنَّه استمر في ارتكاب كثير من ممارسات المالكي"، بما في ذلك هيمنة حزب الدعوة الشيعي الطائفي على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.

علي دواي لازم: يقال إنَّ حاكم محافظة ميسان، التي تقع جنوبي العراق، منذ عام 2009، البالغ من العمر 53 عاماً، هو من اصطفته قائمة الصدر ليكون رئيساً للوزراء. حصلت القائمة على أكبر تكتل في انتخابات 12 مايو/أيار، بما يقدر بـ54 مقعداً. ويقول باحث عراقي آخر: "أن يحظى بدعم القائمة الفائزة، ودعم الصدر نفسه، لهو ميزة إضافية كبرى".

كان لازم مرشح الصدريين لمنصب رئيس الوزراء في عام 2014، ويُنظَر إليه كشخصٍ مجتهد ونزيه ورجل الشعب. وبينما يتنقّل معظم السياسيين العراقيين بين مجمعاتٍ سكنية محصّنة في سياراتٍ مدرعة، يشتهر هو بارتداء المآزر وهو يتجه إلى شوارع مدينة العمارة، عاصمة محافظة ميسان، ويتصبب عرقاً إلى جانب عمال البناء.

إنجازاته بصفته حاكماً جعلت منه أشبه ببطلٍ وطني شعبي، إذ تتمتع ميسان الآن بالكهرباء لساعاتٍ أطول من بغداد. ولا يزال البعض يقولون إنَّه يفتقر إلى الجوهر والإنجازات التقليدية.

فوفقاً لتقرير في صحيفة New York Times الأميركية، نشأ لازم في أهوار العراق الجنوبية، وقضى فترةً في السجن في عهد نظام صدام حسين، وحصل على وظيفة في مصنع للسكر، على الرغم من حصوله على شهادةٍ جامعية في الدراسات الإسلامية.

ومع ذلك، لديه منتقدوه. إذ يتساءل أحد المحللين العراقيين: "كيف يكون منطقياً أن يقضي الحاكم وقته في تجول الشوارع؟ إذا كان حاكماً كُفئاً، كان سيقضي وقته في تشكيل السياسة، والتأكد من أنَّ غيره يلتقطون القمامة".

هادي العامري: هذا المواطن البالغ من العمر 63 عاماً، الذي حصلت كتلته على ثاني أكبر عدد من المقاعد في البرلمان، أعاد ابتكار نفسه عدة مرات على مرّ العقود. انتقل العامري من كونه قائداً عسكرياً، إلى سياسي، ثم إلى قائدٍ عسكري ثانيةً، وهو الآن سياسي مرةً أخرى. كان عميلاً إيرانياً، ثم حليفاً ضمنياً للغزو الأميركي للعراق، ثم عدواً لأميركا، ثم شريكاً في حرب واشنطن ضد داعش. وانتقل من ميليشيا شيعية تقاتل المتمردين السُّنَّة إلى قائد ميليشيا شيعية تقاتل إلى جانب المسلحين منهم.

ويقول الخبراء إنَّ لديه فرصةً لأن يصبح رئيساً للوزراء بعد فوزه بنحو 47 مقعداً في البرلمان. لكنَّه قد يفضل البقاء خلف الأستار في الوقت الحالي، ويقدم أحد نوابه بدلاً منه.

يتمتع العامري بشعبيةٍ أعلى من المتوسط ​​في العراق، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنَّ فترة توليه منصبه في عام 2010 حتى عام 2014 وزيراً للنقل لم تكن كارثيةً تماماً. لكنَّ تواصله مع رجال القبائل السنية في العراق أثناء القتال ضد داعش قد يكون السبب في تعزيز حماس المنتخبين لترشيح قائمته.

ويقول باحث عراقي ثالث: "يحظى العامري بشعبيةٍ هائلة، ولديه فرصٌ كبيرة". ومع ذلك، فإنَّ الصدريّين ستساورهم شكوكٌ بشأنه أو بشأن تنصيب أيٍ من نوابه رئيساً للوزراء. فالعامري، الذي درب الحرس الثوري الإيراني ميليشيا بدر التي يقودها، يتحدث الفارسية بطلاقة، ويحافظ على علاقاتٍ ممتازة مع طهران وحزب الله اللبناني. وعلى الرغم من أنَّه امتنع عن تبني الخطاب الإيراني القاسي ضد أميركا، فإنَّ صعوده سيصيب واشنطن بالتوتر.

علي علاوي: المواطن البغدادي البالغ من العمر 70 عاماً، الذي كان يعمل على مدار سنوات وزيراً للدفاع والمالية والتجارة في العراق، هو اسم دائماً ما يوضع بين قائمة رؤساء الوزراء المحتملين.

ولكي لا يخلط أحدهم بينه وبين زعيم الكتلة السياسية إياد علاوي، فإنَّ علي علاوي هو المرشح المفضل لطائفة المندائيين المنحازة إلى الغرب، التي تتناقص أعدادها، إذ إنَّه تلقَّى شهاداتٍ من جامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس الأميركي للتكنولوجيا. وكان خلال حكم صدام حسين في المملكة المتحدة، حيث كتب مقالاتٍ أنيقة ضد النظام، ويُنظَر إليه اليوم على أنَّه ترياق للخطاب الطائفي العنيف الذي أضر بالمشهد السياسي للعراق.

ويقول أحد المحللين: "علاوي ممتاز. يمكن اختياره إذا احتاجوا إلى مرشح تسوية مؤهل".

ومع أنَّه غريب نسبياً عن الساحة السياسية، كان يُنظر إليه مؤخراً على أنَّه من محتضني أنصار حزب الدعوة. ومع ذلك، فإنَّ افتقاره إلى نوعٍ ما من القاعدة السياسية يجعل فوزه صعب المنال.

نوري المالكي: هذا الطرف القوي المنتمي لحزب الدعوة عُيِّن رئيس وزراءٍ للعراق من عام 2006 إلى 2014، وهي الفترة التي شهدت أثناءها البلاد بعض التحسينات في البنية التحتية، وتحسين مستوى المعيشة، لكنَّ التوترات الطائفية والعنف والفساد بلغت ذروتها أثناء فترة ولايته.

وفي عام 2018، فاق عدد الأصوات التي حصل عليها أي مرشحٍ فردي، وكونه رئيس وزراء سابق يحاول الحفاظ على تنظيمٍ سياسي قوي منحه المركز الرابع في الانتخابات، وما يقدر بـ25 مقعداً في البرلمان، بالإضافة إلى الدعم الضمني من بعض الفصائل في إيران، لا يمكن استبعاده بالكامل أو عودته إلى رئاسة الوزراء.

لكن ترى المجلة الأميركية أنه على المواطن الكربلائي البالغ من العمر 67 عاماً أن يتغلَّب على المقاومة الهائلة للسنة والأكراد في العراق، حتى يُعيَّن رئيساً للوزراء، وذلك بالإضافة إلى الأميركيين والسعوديين.

وعلاوةً على ذلك، يحتقره الصدريون بسبب أمره القوات المسلحة بسحق تمردهم عام 2008 بعنف، بينما اعترض كبار رجال الدين في النجف وكربلاء جميعهم ​على صعوده.

صالح الحسناوي: يعد وزير الصحة العراقي السابق من مدينة كربلاء الجنوبية مرشحاً آخر لرئاسة الوزراء ينوب عن الصدريين، وهو تكنوقراطي مستقل يبلغ من العمر 58 عاماً. انضم إلى الساحة السياسية بعد سقوط نظام صدام بعدما حشد الأطباء تحت قيادته في كربلاء، في أعقاب الفوضى التي أعقبت الغزو الأميركي.

وكان أستاذ الطب النفسي السابق الناطق بالإنكليزية هو المرشح العراقي لرئاسة اليونسكو في العام الماضي. قد تجعل مؤهلاته التكنوقراطية منه فائزاً مفاجئاً، غير أنَّ مدة ولايته وزيراً للصحة لم تلق احتفاءً يذكر، ولا تزال المستشفيات العراقية تعاني من الفوضى والفساد وعدم الكفاءة. ويصرُّ أحد المحللين على أنَّ "الدكتور الحسناوي غير مؤهل للحكم".

عادل عبدالمهدي: يعد الخبير الاقتصادي الناطق بالفرنسية البالغ من العمر 76 عاماً، الذي كان مؤيداً للحركة الماوية في وقت ما، مرشحاً متكرراً لرئاسة الوزراء، ولا يزال قابلاً للترشح وفقاً للعديد من المحللين.

في السنوات الـ15 التي تلت سقوط صدام، شغل منصب وزير المالية والنفط، ونائب الرئيس. يحبه الأميركيون والإيرانيون، وتربطه علاقة ودية أيضاً بحزب الدعوة، وذلك على الرغم من وجود علاقةٍ أقوى تجمعه بالفصيل الشيعي المنافس بقيادة عمار الحكيم، الذي فاز بـ19 مقعداً فقط في البرلمان.

ونظراً للأجواء الحالية، قد يعتبره الجمهور مطلعاً على النظام الحالي أكثر من اللازم، مما قد يؤثر سلباً في قدرته على إشباع رغباتهم في التغيير.

إياد علاوي: اختاره الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن رئيساً للوزراء في ظل الحكومة المؤقتة عام 2004. يمكن أيضاً اعتبار المواطن البغدادي البالغ من العمر 73 عاماً والجراح المتقاعد منافساً محتملاً لرئاسة الوزراء، على الرغم من صعوبة فرصته في الفوز.

فاز حزبه بما يقارب 22 مقعداً في البرلمان، أي أقل بكثير مما حصل عليه في الانتخابات السابقة، بما في ذلك انتخابات 2010 التي حصل فيها على حصة أكبر من المقاعد من المالكي، فقط ليخسرها في الصفقة السياسية اللاحقة. وكونه شيعياً علمانياً، جعل العلاقات التي تربط علاوي بالموالين السابقين لصدام منه طرفاً مؤذياً للأحزاب الشيعية السائدة، فضلاً عن العديد من الأكراد الذين تسيطر أحزابهم على نحو 54 مقعداً في البرلمان.

كما أكسبته علاقته الودية بالولايات المتحدة استياء إيران، مما قد يؤدي على الأرجح إلى استبعاد أي حكومة يقودها.

طارق نجم: الباحث الإسلامي المولود في منطقة ذي قار ويبلغ من العمر 72 عاماً. يعد موالياً آخر لحزب الدعوة، ومرشحاً محتملاً لرئاسة الوزراء يتمتع بفرصةٍ حقيقية في الفوز.

شغل منصب رئيس أركان المالكي، وكان يُعتبر بديلاً محتملاً عنه في عام 2014. وقضى سنوات المنفى في الدراسة والتدريس في شبه الجزيرة العربية ومصر، ويحافظ على علاقاته البناءة مع واشنطن وطهران وأنقرة، فضلاً عن كبار الشيعة من رجال الدين في النجف.

وتكمن أهميته في مقدرته على توحيد جناحي العبادي والمالكي المنتميين لحزب الدعوة. ويقول أحد المحللين: "ربما يكون نجم، الذي يعد بالفعل أمين حزب الدعوة، مرشحاً مقبولاً بالنسبة لكلا الطرفين إذا كان ذلك يعني إبقاء الحزب متحداً".

ضياء أسدي: عضو البرلمان البالغ من العمر 49 عاماً من مدينة البصرة، وهو أحد المؤيدين الأقوياء والمتحمّسين لمقتدى الصدر. يتحدث اللغة الإنكليزية بطلاقة، ويمثل جسراً بين الطبقة المدنية الدنيا للحركة، والدبلوماسيين، ووسائل الإعلام الدولية.

ويرى أحد الخبراء العراقيين، أنَّ منصب رئيس الوزراء يتجاوز قدراته، إلا أنَّه يستدرك قائلاً: "لكنَّ الحال سيكون مشابهاً مع بقية المرشحين أيضاً".

تحميل المزيد