استجلبوا “حيلة” استخدموها قبل 20 عاماً مع كوريا الشمالية.. هكذا سيخذل الأوروبيون ترمب من أجل إيران

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/17 الساعة 15:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/17 الساعة 15:59 بتوقيت غرينتش
French President Emmanuel Macron, British Prime Minister Theresa May and German Chancellor Angela Merkel chat during the EU-Western Balkans Summit in Sofia, Bulgaria, May 17, 2018. REUTERS/Stoyan Nenov

أعلن رئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر، الخميس 17 مايو/أيار 2018، أن المفوضية الأوروبية ستطلق الجمعة 18 مايو/أيار 2018، العملية التي تتيح لها أن تتصدى للعقوبات الأميركية على شركات أوروبية تريد الاستثمار في إيران.

وقال يونكر في مؤتمر صحفي بختام قمة أوروبية في صوفيا: "يتعين علينا الآن التحرك". وأضاف: "هذا هو السبب الذي يحملنا على إطلاق قانون التعطيل (بلوكينغ ستاتوس) لعام 1996، الذي يتيح التصدي لتداعيات العقوبات الأميركية خارج أراضي الولايات المتحدة".

وأضاف: "يجب أن نفعل ذلك، وسنفعله صباح غد (الجمعة) في الساعة 10.30".

والأداة التي يتحدث عنها يونكر هي تسوية أوروبية تعود إلى 1996، وقد أُعدت في الأساس للالتفاف على الحظر على كوريا الشمالية، وبات يتعين الآن تكييفها.

وهذا القانون المسمى "التعطيل" يتيح للشركات والمحاكم الأوروبية ألا تخضع لقوانين تتعلق بعقوبات اتخذتها بلدان أخرى، وينص على ألا يتم تطبيق أي حكم قررته محاكم أجنبية بناء على هذه القوانين.

إلا أن الخلاف مع الولايات المتحدة حول الحظر الكوبي قد حلَّ على المستوى السياسي؛ لذلك فإن فاعلية هذه التسوية لم يتم اختبارها إطلاقاً.

وقال مصدر أوروبي إن تأثيرها يمكن أن يكون رمزياً أكثر منه اقتصادياً.

وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر بعد لقاء في بروكسل مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن هذا الاتفاق "يرتدي أهمية كبرى للسلام في المنطقة المعنية، وأبعد من ذلك، للسلام العالمي".

وقالت متحدثة باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، إن ماي اتفقت مع زعيمي فرنسا وألمانيا، اليوم الخميس، على الإبقاء على الاتفاق النووي مع إيران بعد اجتماعهم على هامش قمة الاتحاد الأوروبي.

وقالت المتحدثة "أكد الزعماء التزامهم الصارم بضمان الإبقاء على الاتفاق، وأكدوا على أهمّيته لأمننا المشترك".

وأضافت "وتعهَّدوا بالعمل مع العديد من أطراف الاتفاق، من أجل تحقيق ذلك. وأكد الزعماء على أنه يتعيَّن على إيران مواصلة الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق".

ويريد الأوروبيون إنقاذ الاتفاق مع إيران، وحماية المصالح الاقتصادية الأوروبية المرتبطة باستئناف التبادل التجاري مع إيران. وسيناقشون إمكان تطبيق قانون يعرف باسم "التعطيل"، وهو أداة تسمح بحماية الشركات العاملة في إيران، في مواجهة التهديدات بعقوبات أميركية تتجاوز حدود الولايات المتحدة.

وقال يونكر محذراً إن "الوسائل متوفرة وسنستخدمها، لكن يجب ألا نخدع أنفسنا، هذه الوسائل محدودة".

من جهته عبر غوتيريش الذي كان يقف إلى جانبه عن أمله في أن "تحقق هذه الإجراءات النجاح".

الشركات الكبرى تخرج من السوق الإيراني

لكن رغم الحرص الشديد لأوروبا على إنجاح الاتفاق النووي، إلا أن بعض الشركات الأوروبية الكبرى بدأت تتسلل من السوق الإيراني.

وأعلنت مجموعة "توتال" الفرنسية أنها ستنهي مشروع الغاز الكبير في إيران، الذي بدأته في يوليو/تموز 2017، إذا لم تحصل على استثناء من السلطات الأميركية بدعم من السلطات الفرنسية والأوروبية.

ويظهر موقف توتال كيف أن من الصعب على القوى الأوروبية أن تحمي مصالحها في إيران، وتقدم ضمانات للحفاظ على الاتفاق النووي.

وقالت توتال في بيان "في الثامن من مايو/أيار، أعلن الرئيس دونالد ترامب قرار الولايات المتحدة الانسحاب من خطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي)، وإعادة فرض العقوبات الأميركية التي كانت سارية قبل تنفيذ خطة العمل المشتركة الشاملة، على أن يكون ذلك مرهوناً بفترات زمنية محددة لتصفية النشاط".

وأضافت أنه نتيجة لذلك "فإن توتال لن تستمر في مشروع إس.بي 11، وسيتعيّن عليها أن تنهي جميع العمليات المرتبطة به، قبل الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2018، ما لم تحصل توتال على إعفاء استثناء محدد للمشروع من قبل السلطات الأميركية بدعم من السلطات الفرنسية والأوروبية".

وأعلنت مجموعة "ميرسك تانكرز" الدنماركية لناقلات النفط الخميس، أيضاً، أنها ستوقف أنشطتها في إيران.

وقالت المجموعة في رسالة بالبريد الإلكتروني إنها ستلتزم بالاتفاقات المبرمة التي دخلت حيز التنفيذ، قبل الثامن من مايو/أيار، وستعمل على إنجازها بحلول الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني "كما تفرض العقوبات الأميركية".

ولم تذكر المجموعة أرقاماً محددة عن نشاطاتها في إيران، لكنها قالت إنها "تقوم بتصدير واستيراد منتجات نفطية بشكل محدود لحساب زبائنها".

أوروبا تدعو لحماية شركاتها

خروج بعض الشركات الأوروبية من السوق الإيراني دفع  الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الخميس، إلى دعوة الاتحاد الأوروبي إلى حماية شركاته العاملة مع إيران من العقوبات الأميركية التي يعاد فرضها، بسبب برنامج طهران النووي.

وقال رداً على سؤال لدى وصوله لحضور قمة زعماء الاتحاد الأوروبي في بلغاريا، إنه كان قلقاً من إعلان شركة النفط الفرنسية العملاقة توتال، أنها قد تنسحب من إيران بعد انسحاب أميركا من الاتفاق النووي الإيراني، إن الأمر متروك للشركات العاملة في أسواق شتى لاتخاذ قراراتها بنفسها.

وعبر عن تفهمه لقلق الشركات الكبيرة الراغبة في حماية مبيعاتها الأميركية، لكنه أضاف أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يساند الشركات الأصغر التي تريد مواصلة العمل مع إيران.

وقال "الشركات الكبيرة التي لديها مصالح في العديد من الدول تتخذ قراراتها وفقاً لمصالحها. ينبغي أن تكون لها حرية القيام بذلك".

وأضاف "لكن المهم هو أن يكون بوسع الشركات، وبخاصة المتوسطة التي ربما تكون أقل انكشافاً على الأسواق الأخرى، الأميركية وغيرها، القيام بهذا الاختيار بحرية".

وقال ماكرون إن فرنسا تدعم اقتراحات المفوضية الأوروبية بشأن حماية الشركات الأوروبية، التي قد تتضرر بسبب العقوبات الأميركية على التجارة مع إيران وتعويضها.

شركات بديلة تدخل السوق الإيراني

لم تضع إيران وقتها على ما يبدو، إذ أعلن وزير النفط الإيراني بيجان نمدار زنقانة، مساء الأربعاء، أن الشركة الصينية الوطنية للنفط "سي إن بي سي" ستحل محل "توتال" في تطوير المرحلة 11 من مشروع حقل فارس الجنوبي للغاز في حال انسحاب المجموعة الفرنسية من البلاد.

وقال زنقانة إن "توتال أكدت أنها إذا لم تحصل على إعفاء من قبل الولايات المتحدة لمواصلة نشاطاتها فستبدأ آلية للخروج من العقد… وفي هذه الحالة ستحل محلها شركة سي إن بي سي الصينية وستكون لها حصصها. أما إذا غادرت سي إن بي سي أيضاً فهناك شركة بتروبارس الإيرانية".

وبموجب الاتفاق بقيمة 4,8 مليار دولار، الموقع في تموز/يوليو 2017، تملك "توتال" 50,1% من حصص الكونسورسيوم تليها مجموعة "سي إن بي سي" (30% من الحصص) ثم "بتروبارس" (19,9%).

وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني طلب من الاتحاد الأوروبي الوقوف في وجه التصرفات الأميركية "غير المشروعة وغير المنطقية"، قائلاً إن طهران يمكنها البقاء في الاتفاق النووي بعد انسحاب واشنطن منه فقط إذا استفادت منه بالكامل.

ورفع الاتفاق العقوبات الدولية عن إيران في عام 2016، في مقابل أن تعلق إيران قدراتها على تخزين اليورانيوم المخصب، الذي قد يمكنها من إنتاج قنبلة ذرية، تحت إشراف صارم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وانتقد ترامب الاتفاق الذي أبرم في عهد سلفه باراك أوباما، باعتباره "اتفاقاً مروعاً أحادياً، ما كان يتعين على الإطلاق إبرامه"، إذ إنه لا يشمل برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، أو دور طهران في صراعات في الشرق الأوسط.

دفاع عن النفس  

واتفقت الدول الـ28 على الدفاع عن نفسها ضد تهديد البيت الأبيض بفرض تعريفات على الصادرات الأوروبية من الصلب والألومنيوم، قائلة إنها لن تتفاوض في ظل "وجود مسدّس في الرأس".

وصرح رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، بعد وصوله إلى العاصمة البلغارية "نشهد اليوم ظاهرة جديدة هي الموقف المتقلب للإدارة الأميركية".

وقال توسك للصحفيين في العاصمة البلغارية "عندما ننظر إلى القرارات الأخيرة للرئيس ترامب، يمكن أن نفكر أنه بوجود أصدقاء كهؤلاء، لا نحتاج إلى أعداء".

وأقيم عشاء غير رسمي مساء الأربعاء لرؤساء دول وحكومات البلدان الـ28 الأعضاء في الاتحاد، عشية القمة الأوروبية التي ستخصص للعلاقات بين الاتحاد ودول البلقان.

وقالت المستشارة أنجيلا ميركل "على الرغم من الصعوبات التي نصادفها هذه الأيام، فإن العلاقات عبر الأطلسي هي ذات أهمية رئيسية وستبقى كذلك".

وفي غياب توقع صدور قرار عن الدول الـ28 فإن هذه القمة ستعمل خصوصاً على إبراز وحدة الأوروبيين في مواجهة التحديات الأميركية، وخصوصاً الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني، والعقوبات التي تعاني منها شركاتها التي تعمل في هذا البلد.

 

 

 

تحميل المزيد