هل اقترب كشف المستور؟.. صحيفة إيطالية: روما تسلمت قائمة بـ 12 ضابطا مصريا يشتبه في تورطهم بمقتل ريجيني

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/16 الساعة 15:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/16 الساعة 20:08 بتوقيت غرينتش

أجرى سيرجو كولوكو، النائب العام المساعد الإيطالي، مباحثات مهمة مع نظراء مصريين، لبحث آخر تطورات قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني. ومن المفترض أن تكون المباحثات قد شهدت فحصَ تسجيلات وصوراً تخص الواقعة.

كولوكو غادر مطار القاهرة، مساء الثلاثاء، بعد زيارة استغرقت عدة ساعات، وبعد أن كان وزير الخارجية الإيطالي، أنجيلينو ألفانو،  قد أعلن عن سفر المدعي العام الإيطالي جوزيبه بينياتونه إلى القاهرة، هذا الأسبوع،  للمشاركة في فحص تسجيلات كاميرات محطة مترو أنفاق، غربي القاهرة، في قضية ريجيني، حيث ظهر بها قبل اختفائه.

لكن بيان النائب العام المصري نبيل صادق، قال إنه تم الاتفاق على حضور وفد قضائي إيطالي عملية استرجاع ما سجلته كاميرات المراقبة في مترو الأنفاق.

ملف الفيديو والصور ربما يمثل خطوة كبيرة في التحقيق

ومن المفترض أن يُسهم ما قدَّمه الجانب المصري في كشف الستار عن حقيقة ما حدث في الدقائق الأخيرة، على الطريق ما بين منطقة الدقي ووسط العاصمة، الذي توجه إليه ريجيني، في مساء 25 يناير/كانون الثاني سنة 2016، وهو يوم اختفائه.

وتم تقديم نفس الملف إلى محامي المفوضية المصرية للحقوق والحريات، وهي منظمة غير حكومية مقرها القاهرة، تتولى تمثيل عائلة ريجيني قانونياً، في خطوة تعبِّر عن الانفتاح والاعتراف بالجهود التي بذلها هؤلاء على مدار سنتين، لإنجاز تحقيق مستقل وموازٍ للمعلومات التي كان يقدِّمها المدعي العام المصري لنظرائه الإيطاليين.

كانت القاهرة أبدت استعدادها للكشف عن محتوى أشرطة كاميرات المراقبة للادعاء العام الإيطالي، ولكن ربما دون تحديد تاريخ وساعة تصوير هذه الأشرطة. وتبدو هذه الخطوة بمثابة تحول جديد ومهم في موقف الجانب المصري، حول جريمة القتل التي حدثت في 2016، وسبَّبت قطيعة في العلاقات بين الجانبين الإيطالي والمصري.

هذه المقاطع جزء صغير من "الأدلة المختفية" بالقضية

وقالت تقارير صحفية إيطالية، إن استراتيجية مصر في التعامل مع قضية مقتل جوليو ريجيني لم تتغير، حيث تسعى مصر للتعاون مع السلطات الإيطالية، ولكن مع إخفاء كل الأدلة والعناصر التي لا تخدم الرواية غير الحقيقية التي قدمتها سلطات القاهرة.

وقال تقرير لصحيفة Il Fatto quotidiano الإيطالية، إن هذه الصور جزء صغير من الأدلة المختفية حتى الآن في هذا التحقيق، وإن السلطات المصرية تعمَّدت حجبَ أجزاء في غاية الأهمية من تسجيلات المكالمات الهاتفية، كانت ستساعد على فهم ظروف اختفاء جوليو في الطريق بين منزله ومحطة البحوث، داخل مترو الأنفاق، أو في المسافة القصيرة بين محطة محمد نجيب والمطعم، حيث كان أحد أصدقائه بانتظاره.

ويأتي الكشف عنها من قبل المحققين المصريين بعد حوالي سنتين ونصف السنة من التعتيم، منذ العثور على جثة جوليو ريجيني في إحدى ضواحي القاهرة، وهي تحمل آثار تعذيب. كما تأتي هذه الخطوة بعد خمسة أشهر من تقديم الجانب المصري لملفات تضمّ حوالي ألف صفحة، كان يفترض أن تقدِّم تفاصيلَ جديدةً وأسماء ومعلومات للادعاء العام في روما.

وقد عانت إيطاليا خلال هذه الفترة من شح المعلومات، وامتناع السلطات المصرية عن الإفصاح عن المعطيات الهامة، ولذلك لم يشهد التحقيق أي تقدم يذكر، في ظل إصرار النظام المصري على التفاعل فقط بالشكل الذي يجمّل صورته، ويعفيه من المسؤولية، على حد تعبير الصحيفة الإيطالية.

القاهرة تسعى لإغلاق الملف بصورة ترضي الإيطاليين

ورجَّحت الصحيفة أن تُشكل الخطوة التي أقدمت عليها السلطات المصرية اليوم حلقة أخرى في مسلسل المراوغات والتضليل، حيث إن تفريغ صور كاميرات المراقبة يمكن أن يكون محاولة لغلق ملف هذه القضية، التي على الرغم من استعادة العلاقات التجارية بين روما والقاهرة، فإنها لا تزال تمثل مصدر إحراج كبير للسلطات العسكرية في مصر.

وبحسب ما أعلنته قبل أيام المحامية الإيطالية، أليسندرا باليريني، الموكلة من طرف عائلة ريجيني، فإن الصور التي سلمَّتها القاهرة إلى المحققين في روما حقيقية، ولكن دون تحديد تاريخ وتوقيت التقاطها. ولذلك، فإن السعي لتحديد الإطار الزمني والمكاني الذي اختفى فيه ريجيني سيبقى معقداً جداً.

وهناك بصيص أمل بعد تدخل الجيش

يضيف تقرير صحيفة Il Fatto quotidiano الإيطالية عن مصادر مقربة من الدبلوماسية المصرية، أن هناك حالة معقدة تشهدها القاهرة، في ظل تدخل المؤسسة العسكرية في السياسة الخارجية، وأن الجيش ربما يقف وراء التطورات الأخيرة، برغبة في تحسين العلاقة مع إيطاليا، وقد أصدر تعليمات للمدعي العام المصري بتقديم مقترح اتفاق لإنهاء هذه القصة برمتها.

كانت السلطات المصرية في السابق ترفض تقديم صور كاميرات المراقبة، وماطلت في الاستجابة لهذا الطلب لوقت طويل، مدعية أن الأشرطة تم التسجيل فوقها ولم تعد موجودة. ثم قالت إنها عثرت على الأشرطة، لكن أبدت رفضها لإخراجها من البلاد ليفحصها خبراء فنيون في ألمانيا، ثم أعلنت عن إقحام شركة روسية في هذه المسألة.

قائمة المشتبه في تورّطهم بحادث القتل

وقال تقرير صحيفة Il Fatto quotidiano الإيطالية، إن السلطات المصرية قد اقترحت على القضاء الإيطالي محاكمة حوالي 12 من الشخصيات النافذة في أجهزة المخابرات المدنية والعسكرية، بشرط عدم الكشف عن أسمائهم. وخلال الأشهر السابقة، كانت هناك ثلاثة أسماء تتردد في هذا السياق، ولكن من غير المؤكد أنها موجودة على القائمة التي يمكن أن يقدمها الجيش المصري للمحاكمة. كما لا تتوفر حول هؤلاء الأشخاص أي معلومات واضحة، حيث خضعوا فقط لاستجواب قصير وغير جِدّي من القضاء المصري، ولم يتم السماح للمحققين الإيطاليين باستجوابهم.

أول هذه الأسماء هو شريف مجدي عبدالعال، الضابط في مخابرات أمن الدولة، وهو الرجل الذي كان على اتصال بمحمد عبدالله، نقيب الباعة المتجولين الذي قام بتصوير جوليو ريجيني.

حوار بين يجيني وممثل نقابة الباعة الجائلين في مصر

بعد أشهر من النفي والإنكار، اعترف المحققون المصريون بأن جهاز الأمن القومي كان يعتقد أن ريجيني جاسوس، وثبت أن دليله محمد عبدالله كان مخبراً للجهاز، وسجل حديثه المثير للجدل حول المنحة من المؤسسة البريطانية. وقدم عبدالله شهادة فصل فيها لقاءاته مع العقيد شريف مجدي إبراهيم عبدالعال، الذي وعده بجائزة، في حالة إغلاق قضية الطالب.

وظهر أن زميل ريجيني في الشقة محمد السيد سمح لضباط الأمن القومي بتفتيش الشقة.

وهناك أيضا محمود هندي، الضابط الذي كان مشرفاً على مجزرة تصفية خمسة رجال، في مارس/آذار 2016، لتضليل العدالة، من خلال الإيهام بأنهم عصابة متخصصة في خطف الأجانب، إضافة إلى شخص ثالث.

ويمتلك المحققون الإيطاليون أيضاً اسماً رابعاً، وهو عثمان حلمي، أحد عناصر أمن الدولة الذين أشرفوا على تجنيد محمد عبدالله، بحسب مكالمات هاتفية.

كانت تقارير صحفية قد أشارت لأسماء أخرى، منها اللواء خالد شلبي، مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، لكن مصدراً إيطالياً على صلة بملف القضية قال لموقع "مدى مصر" إن الجانب الإيطالي أعدّ قائمة تضم 26 اسماً اعتبرهم متهمين بقتل ريجيني. "استبعدنا أسماء السياسيين والتابعين لجهات سياسية- تنفيذية، وبعضهم وقفت مسؤوليته على معرفتهم بالجريمة بحكم مناصبهم الرسمية. وأيضاً استبعدنا الأسماء التي رأينا أنها تدخَّلت في الملف بعد مقتل جوليو، وبقي في القائمة عشرة أسماء نراهم مسؤولين عن الاختطاف والتعذيب والتخلص من الجثة، وهذا كل ما نستطيع القيام به؛ حرصاً على العلاقات مع القاهرة، ولكننا ننتظر أن تبدي القاهرة حرصاً مماثلاً وأن تدرك أن ما يجمع البلدين من مصالح سياسية واقتصادية لا يمكن أن يسمح لنا بإسقاط قضية جوليو".

لهذه الأسباب يرتاب الإيطاليون بأجهزة الأمن المصرية

يؤكد تقرير صحيفة Il Fatto quotidiano الإيطالية، أن هناك قناعة تامة بعد تحقيقات القضاء الإيطالي، وتلك التي قامت بها المفوضية المصرية للحقوق والحريات بشكل مستقل، أن الأجهزة الأمنية متورطة في هذه القضية.

وما يؤكد هذه التخمينات أكثر، هو التضييقات المتواصلة من السلطات المصرية على هذه اللجنة، التي تمثل عائلة ريجيني في مصر، إذ إنه في الليلة الفاصلة بين 10 و11 مايو/أيار، داهمت أجهزة الأمن منزل محمد لطفي، المدير التنفيذي في المفوضية المصرية للحقوق والحريات. وبعد تفتيش منزله، تم اصطحابه هو وزوجته أمل فتحي، وابنهما البالغ من العمر ثلاث سنوات، وإيداعهم رهن الاعتقال.

وبعد ساعات قليلة، تم الإفراج عنه وابنه، بينما تقرر حبس زوجته لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيق.

ووالدة ريجيني تحتج بالإضراب عن الطعام

وتقول السلطات في مصر، إن المفوضية المصرية للحقوق والحريات "منظمة غير شرعية"، وبحسب المدعي العام المصري، فإن أمل متهمة ببث الكراهية ضد النظام المصري، ونشر أخبار زائفة، وسوء استغلال شبكات التواصل الاجتماعي.

كما أعلنت السلطات المصرية عن وجود اسم محمد لطفي ضمن قائمة المتهمين في تحقيق آخر، حول الانتماء إلى منظمة إرهابية. وهذه هي المرة السابعة التي تتعرض فيها هذه المؤسسة المستقلة للمضايقة، منذ توليها قضية جوليو ريجيني. وكانت بداية هذه المضايقات مع اعتقال مدير المؤسسة، والمحامي أحمد عبدالله، لوقت طويل في سنة 2016. ومن ثم، تم اعتقال المحامي إبراهيم متولي من المطار أثناء توجهه لحضور مؤتمر في جنيف، وإبقاؤه رهن الاختفاء القسري لمدة أيام.

الجدير بالذكر أن باولا ديفندي، والدة جوليو ريجيني، دخلت في إضراب عن الطعام لمدة يومين، للمطالبة بالإفراج عن أمل فتحي، زوجة مدير المركز المصري للحقوق والحريات.

علامات:
تحميل المزيد