افتتح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء 15 مايو/أيار 2018، الجسر الجديد الذي يربط القرم بروسيا، قائداً بنفسه شاحنةً برتقالية اللون عبر هذا الجسر الضخم، العالي الرمزية، الرامي إلى الحدّ من عزلة شبه الجزيرة، بعد 4 سنوات على ضمها من أوكرانيا.
وقاد بوتين الشاحنة مرتدياً سروال جينز وسترة سوداء، متقدماً قافلة من حوالى عشر شاحنات برتقالية اللون أيضاً، وعبَرَ خلال 16 دقيقة "جسر القرم" الممتد على طول 19 كلم بين شبه جزيرة تامان في جنوبي روسيا، وشبه جزيرة كيرتش في منطقة القرم.
وفي الطرف الآخر من الجسر في القرم، كان حشد صغير ينتظر الرئيس، واستقبله بتصفيق حارّ عند وصوله.
وقال بوتين "كان الناس في لحظات كثيرة من التاريخ، وحتى في أيام القيصر، يحلمون ببناء هذا الجسر. قاموا بمحاولات جديدة في الثلاثينات والأربعينات والخمسينات، وأخيراً بفضل عملكم وموهبتكم تحقَّق هذا المشروع، هذه المعجزة".
وأضاف "إنه يوم استثنائي، يوم احتفال تاريخي" في روسيا.
وأثنى التلفزيون الروسي الذي نقل مشاهد افتتاح الجسر في بث مباشر، على "الأبطال" الذين بنوه.
وبحسب مرسوم نشر على موقع الحكومة، من المفترض أن تسلم شركة "سترويغازمونتاج" الجسر، قبل ديسمبر/كانون الأول 2018، لقاء كلفة حدّد سقفها بـ228,3 مليار روبل (2,9 مليار يورو، بحسب سعر صرف الروبل في ذلك الوقت).
لكن بوتين طالب خلال زيارة، في مارس/آذار، قبل أيام قليلة من إعادة انتخابه رئيساً، بإنجاز الجسر، اعتباراً من مايو/أيار "حتى يتمكَّن الناس من الاستفادة منه في فصل الصيف".
والقرم وجهة شعبية يقصدها الروس لقضاء عطلة والاستمتاع بشواطئها وجبالها، ويشكل السياح القادمون من روسيا أحد مصادر الدخل الرئيسية لشبه الجزيرة الواقعة على البحر الأسود.
وأعلن الكرملن أنه سيكون بوسع السيارات والحافلات سلوك الجسر اعتباراً من الأربعاء. أما القطارات، فلن تتمكن من عبور المضيق الواقع بين بحر أزوف والبحر الأسود إلا في نهاية 2019.
ويبلغ ارتفاع الجسر الذي يمر بجزيرة توزلا 35 متراً عند قوسه المركزي، وستكون السرعة القصوى المسموح بها عليه 120 كلم في الساعة، إذا لم تؤد الظروف الجوية إلى إبطاء حركة السير عليه، بحسب ما ذكرت وكالة "ريا نوفوستي" الروسية للأنباء.
الحد من عزلة القرم
واتهم رئيس الوزراء الأوكراني فولوديمير غرويسمان، الثلاثاء، روسيا بـ"انتهاك القانون الدولي" بافتتاحها الجسر، متوعداً موسكو بـ"دفع الثمن غالياً جداً"، في مقابلة أجرتها معه وكالة فرانس برس.
ودانت الولايات المتحدة، الثلاثاء، قيام بوتين بتدشين الجسر، واعتبرته محاولة من موسكو لـ"ترسيخ الضم غير القانوني" لهذه المنطقة، "التي تعد جزءاً من أوكرانيا".
كما ندَّد الاتحاد الأوروبي بـ"انتهاك جديد لسيادة" أوكرانيا من قبل روسيا، فيما دانت فرنسا بناء الجسر الذي "يُسهم في حرمان أوكرانيا من الوصول إلى مياهها الإقليمية المعترف بها دولياً واستخدامها".
وقالت متحدثة باسم الاتحاد الأوروبي إن روسيا تبني هذا الجسر "بدون موافقة أوكرانيا"، ما "يُشكِّل انتهاكاً جديداً لسيادة ووحدة أراضي أوكرانيا من قبل روسيا".
وقامت أوكرانيا التي ندَّدت مراراً ببناء الجسر باعتباره انتهاكاً لوحدة وسلامة أراضيها، بمداهمة مكاتب وسيلتي إعلام روسيتين، هما تلفزيون "روسيا اليوم" (آر تي)، ووكالة ريا نوفوستي في كييف.
ولم تربط السلطات الأوكرانية عمليات الدهم بافتتاح الجسر، غير أن رئيسة تحرير "آر تي" مارغاريتا سيمونيان كتبت على تويتر، أن "كييف قرَّرت الثأر منا بشأن جسر القرم".
وسيسمح "جسر القرم" لروسيا بالحدِّ من العزلة الجغرافية والاقتصادية للقرم، التي ضمَّتها موسكو في مارس/آذار 2014، بعد تدخل للقوات الخاصة الروسية، وتنظيم استفتاء ندَّدت به كييف والغرب، باعتباره "غير قانوني".
ونتيجة الحصار الذي فرضته كييف والعقوبات الغربية في إثر ضم القرم، فإن معظم المواد الغذائية تستقدم من روسيا بواسطة عبارات، غير أن وسيلة النقل هذه تبقى رهن الظروف الجوية، ما يتسبب أحياناً بانقطاع في المواد.
كما تعتمد القرم في إمداداتها على النقل الجوي، ما يؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار للمواد الشائعة الاستهلاك.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، خلال مؤتمر صحفي الثلاثاء "لم يكن الكثيرون يؤمنون بإمكانية تحقيق مثل هذه الخطط، ومرة جديدة، أثبت بوتين أن حتى الخطط الأكثر طموحا يمكن تحقيقها بقيادته".