مشرحة غزة قبلة أهل القطاع الثانية بعد السياج الحدودي.. قصص مؤلمة للبحث عن جثث الضحايا

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/14 الساعة 19:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/14 الساعة 19:33 بتوقيت غرينتش
ATTENTION EDITORS - VISUAL COVERAGE OF SCENES OF INJURY OR DEATH A relative of a Palestinian who was killed at the Israel-Gaza border reacts at a hospital, in the southern Gaza Strip May 6, 2018. REUTERS/Ibraheem Abu Mustafa TEMPLATE OUT

تبدو الفاجعة واضحة على وجوه من يودع عزيزاً في حين ترتسم علامات الحيرة على آخرين أثناء بحثهم عن قريب أو صديق بين الجثث في مشرحة مستشفى الشفاء الطبي في غزة.

ويقف عشرات الفلسطينيين أمام براد المشرحة ينتظرون وصول جثث أقاربهم الذين تبلغوا مقتلهم برصاص الجيش الإسرائيلي خلال المواجهات في أحد أكثر الأيام دموية في قطاع غزة منذ الحرب الإسرائيلية الأخيرة عام 2014.

ويبكي شاب وهو يودع شقيقه الأكبر الممدد على حمالة ملقاة على الأرض ويعاتبه واضعاً رأسه بين كفيه "لمن ستتركني؟"، إلا أن أصواتاً تصل من الخلف تقول "أدخلوه بسرعة، وصل شهيد آخر".

وما إن تصل جثة "شهيد" يحملها أربعة شبان يجري نحوها عدة أشخاص ليتعرفوا على هويته بينما يتردد آخرون من الاقتراب فيسأل أحدهم "هل هذا هو؟!" في إشارة إلى من يعرفونه. ويهمس أحد اصدقائه ويدعى محمد "أخبروه أن ابن أخيه استشهد لكنه لا يعرف أين هو وما إذا سيتم إحضاره إلى هنا أم إلى مستشفى آخر".

ملاحظات الأطباء على أجساد الجرحى

ويصرخ الشاب محمد مقداد وهو ملقى على حمالة أمام قسم الطوارئ بينما لف المسعفون ساقيه بشاش طبي خفيف بالكاد يوقف النزيف "الحقوني.. خسرت الساقين". ويبكي الشاب الممدد إلى جانب عشرات الجرحى في خيمة إقامتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في فناء مستشفى الشفاء أمام قسم الطوارئ الذي أغلق الحراس أبوابه لامتلائه بالجرحى.

ويعاين الأطباء الجرحى في هذه الخيمة ويكتبون بقلم سميك ملاحظاتهم على أجسادهم تمهيداً لنقلهم إلى قسم الطوارئ. ويطلب الشاب مقداد ممن حوله أن يجري مكالمة مع عائلته من هاتف محمول، وبمجرد أن يتصل بعائلته يبدأ بالبكاء "تعالوا بسرعة أنا في الشفا، فقدت الساقين".

وتكتظ الخيمة بمئات الأشخاص بعضهم يرافق جريحاً بينما يسأل آخرون عن أقاربهم. وعلى جانب الخيمة تقف امرأة وابنتها والدموع تملأ عينيهما وتقول الأم "أخبروني أن ابني مصاب في ساقه، لم أجده هنا، قد يكون استشهد".

ويضرب أربعيني رأسه بكفيه وهو يتنقل بين جريح وآخر صارخاً "يا رب ساعدني، أولادي يا رب"، ويوضح أحد المسعفين أن أولاده الثلاثة أصيبوا بجروح.

وعلى الجانب الآخر تبكي عجوز متكئة على حمالة مدد عليها ابنها الذي أصيب على الحدود شرق مدينة غزة. وبينما يحاول أقاربها طمأنتها، تسمع أحد المسعفين وهو يقول "الإصابة في العظم" فتصرخ بصوت مرتفع "لديه عشرة أبناء ماذا سيفعلون بدونه".

وتواصل سيارات الإسعاف إحضار المزيد من الجرحى إلى الخيمة التي باتت تعج بالناس بينما أجبر الأطباء على الإسراع في إخراج الجرحى بهدف تأمين أكبر قدر ممكن من الأسرة.

وناشدت وزارة الصحة المواطنين التبرع بالدم لإنقاذ حياة الجرحى في المستشفيات. ويقول مدير الاستقبال والطوارئ الطبيب أيمن السحباني وهو منشغل بتفقد الجرحى "الوضع هنا غاية في السوء، المستشفى ممتلئ عن بكرة أبيه".

إصرار على اجتياز السياج

في شرق مدينة غزة حاول عشرات الشبان والصبية اختراق السياج الحدودي باتجاه الجانب الإسرائيلي لكنهم كانوا يفشلون أمام كثافة إطلاق النار وقنابل الغاز المسيل للدموع من الجنود الإسرائيليين الذين يتمركزون وراء تلال رملية أو خلف غرف أسمنتية محصنة نصبت عليها رشاشات أوتوماتيكية.

وكان المتظاهرون يستغلون سحب الدخان المنبعثة من إطارات السيارات التي أشعلوها للاقتراب على مسافة صفر أحياناً ورشق الجنود بالحجارة أو الزجاجات الحارقة، إلا أنهم لم ينجوا من الرصاص وهم ينسحبون فيسقط بعضهم بين قتيل وجريح.

واخترقت فتاة في العشرين من عمرها السياج الحدودي لعدة أمتار قبل أن يصيبها قناص إسرائيلي برصاصتين في الساقين. ورغم سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى يصر المتظاهرون على مواصلة احتجاجاتهم قرب الحدود.

ويقول ربيع الخواجا (20 عاماً) "سنواصل المحاولات لاختراق الحدود، العدو كان يطلق النار بإجرام، لقد سقط الكثير من الشهداء والمصابين". ويتابع "تراجعنا في ساعات المساء بعدما رأينا الطائرات والدبابات تقصف حولنا، يريدون ارتكاب مجازر".

وتحت أشجار الزيتون في البساتين القريبة من الحدود يستظل عشرات النساء والرجال والأطفال، وتقول إحداهن تدعى صفاء (23 عاماً) وهي تسعف شاباً أصيب بحالة إغماء بسبب الغاز المسيل للدموع بزجاجة عطر تحملها "جئنا لنساعد الشباب، نوفر لهم المياه وكمامات من الغاز".

وقتل 55 فلسطينياً الإثنين برصاص الجيش الإسرائيلي خلال المواجهات احتجاجاً على افتتاح سفارة الولايات المتحدة في القدس، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة في غزة.

ومنذ 30 مارس/آذار تاريخ بدء "مسيرة العودة"، يتدفق آلاف الفلسطينيين من سكان قطاع غزة على طول الحدود للمطالبة بحق العودة الى أراضيهم التي طردوا أو هربوا منها العام 1948 مع قيام دولة إسرائيل.

علامات:
تحميل المزيد