أول أيام مقاطعة مترو القاهرة.. الحكومة قلقة والأمن يلاصق الركاب وكاميرا الموبايل توصل صاحبها للسجن

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/13 الساعة 16:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/14 الساعة 08:16 بتوقيت غرينتش

تبدو الحكومة المصرية الآن وكأنها قد تنفَّست الصعداء، بعد أن مرَّ يوم أمس السبت دون خسائر، وكان هو أول يوم عمل رسمي بعد رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق، والذي كان متوقعاً أن يشهد صداماتٍ بين المواطنين ورجال الأمن، بالنظر إلى ما حدث في اليومين السابقين، بعد قرار وزارة النقل رفع أسعار تذاكر المترو.

صحيح أن الأمر لم يخلُ من اعتراضات تحوَّلت إلى مشادَّات، اعتُقل في إثرها كثيرون، في عددٍ من المحطات، لكنَّ المحصلة النهائية لليوم تبدو مرضية جداً للحكومة، التي كانت تتقلَّب على جمر التوقعات، منذ مساء السبت 12 مايو/أيار.

أحد العاملين في أجهزة الأمن صرَّح لـ"عربي بوست"، أن هناك استعدادات كبيرة للتعامل مع أي فوضى تحدث بالمحطات، وأن هناك قلقاً كبيراً لدى المسؤولين، دفع بعضَ الجهات للمطالبة بإلغاء الأسعار الجديدة، لافتاً إلى أن التشديدات الأكبر ستكون عند المحطات التي شهدت فوضى، ليلة أمس السبت، ووصلت حدَّ اقتحام الركاب للرصيف والحواجز الإلكترونية والركوب دون تذاكر.

وتداول نشطاء على شبكات التواصل مقاطعَ لمواطنين يخرجون عن صمتهم، ويقرِّرون عدمَ دفع التذاكر، والركوب مجاناً، ليس فقط لأن الأسعار الجديدة أكبر من طاقتهم، وإنما بسبب فوضى شراء التذاكر، وما ترتَّب عليها من تضييع للوقت.

أوامر بالاعتقال

ورغم تأكيده حالة القلق، فإن المصدر الأمني أكَّد أن التعامل اليوم سيكون بمنتهى الحسم، وأن هناك تعليمات باعتقال كلِّ من ينطق بكلمة، أو يمسك هاتفاً في يده، مشيراً إلى "أن قيام قناة الجزيرة بوضع اللوجو الخاص بها على بعض الفيديوهات، جَعَلَ المسؤولين يعطون ضوءاً أخضر لاعتقال كلِّ من يمسك هاتفاً ويحاول تصوير أي مشاهد داخل المترو"، وفق قوله.

وبعدما اقتحم المواطنون محطات المترو، شدَّدت أجهزة الأمن إجراءاتها، وظهر رجالُها بكثافة داخل عربات المترو، خاصة مع ظهور دعوات لمقاطعة المترو، من الأحد 13 وحتى الثلاثاء 15 مايو/أيار.

3 ملايين مستخدم للمترو

الجميع يعرف أن دعوات مقاطعة المترو لن تنجح، في بلد يعتمد نحو 3 ملايين من مواطنيه على وسيلة المواصلات هذه، ومع ذلك فقد خشيت أجهزة الدولة من أن تؤتي هذه الدعوة ثمارها، إذ سيكون هذا أول طريق للتظاهر، حسب ما قاله مسؤول أمني لـ"عربي بوست".

المسؤول الذي نتحفَّظ على ذكر اسمه قال، إن "مشهد اقتحام محطات المترو يعني أن الخوف من الدولة قد تراجع أمام حجم الغضب، ولو نجحت دعوات المقاطعة، فإن هذا يعني أن الناس بدأت تسمع للمعارضين وشباب شبكات التواصل الاجتماعي من جديد، لكنه أكّد أن المقاطعة لن تنجح أبداً، وإن أبدى استياءه من مسألة الأسعار الجديدة".

Posted by ‎افتكاسات مصرى ام الاجنبى‎ on Saturday, May 12, 2018

أجهزة الأمن بدورها نبَّهت على كافة وسائل الإعلام، بعدم نشر أي خبر يتعلق بأحداث تقع في محطات المترو، إلا من خلال أو بعد الرجوع إلى هذه الأجهزة، كما قال لنا أحد المصورين الصحفيين، الذي يعمل في أحد المواقع الإخبارية المحسوبة على النظام، مشدداً على أنهم تلقَّوا تعليمات بعدم التعامل مع مسألة المترو إلا وفق ترتيب، وأن إدارة العمل نبَّهت على أن من سيحاول تصوير أي مادة دون تكليف من الإدارة فإن الأخيرة لن تتدخل إذا تم اعتقاله.

صحفي في إحدى الفضائيات المصرية أيضاً صرَّح لـ"عربي بوست"، بأن هناك تشديدات كبيرة على ما يتم نقله بشأن أزمة المترو، وأن فريقاً من إحدى الفضائيات المصرية المحسوبة على الدولة مُنع من التصوير مع المواطنين في محطة مترو السادات.

هذه المقدمات كانت تشي بنتائج كبيرة على الأرض في اليوم التالي، لكن ما حدث فعلياً كان عكس ذلك تماماً، فقد شهدت محطات المترو اليوم زحاماً أكثر من أي يوم آخر، وإن كانت المشادّات والاعتقالات قد وقعت أيضاً.

الحضور الأمني كان كبيراً في محطتي حلوان (أقصى الجنوب)، والمرج الجديدة (أقصى الشمال)، اللتين شهدتا تظاهراتٍ محدودةً أمس السبت. ومِن ثمَّ كان الأمن موجوداً منذ مساء أمس، ومتأهباً للتعامل مع كل الأمور، نظراً لعدد السيارات والأفراد الذين كانوا منتشرين في محيط المحطتين.

ثكنة عسكرية

أكثر من 10 سيارات أمن مركزي ونحو 50 فرد أمن، كانوا موجودين أمام محطتي حلوان والمرج الجديدة، على عكس بقية المحطات التي كان حضور الأمن ملحوظاً بداخلها، وليس خارجها. ومع ذلك فقد وقعت مشادّات في المرج الجديد، واعتَقَل الأمنُ أكثرَ من 20 شخصاً، كما قال أحد بائعي السجائر داخل المحطة.

في الطريق من حلوان إلى المرج الجديدة لا تجد إلا أحاديث الشكوى، صحيح أن الركاب لا يتحدثون بشكل مستمر عن الأزمة، لكنهم يُبدون اعتراضَهم خلال أحاديث متقطِّعة، وكلهم يأمل، أو يعتقد أن القرار ستتم مراجعته.

في محطة عزبة النخل، التي تسبق المرج الجديدة بمحطة واحدة، حاولنا إمساك طرف الحديث مع شرطي، فأجاب "لدينا تعليمات بعدم التحدث مع أحد في هذا الأمر". وحتى عندما قلنا له إن الفوضى ليست حلاً، وإن أفراد الأمن لا ذنب لهم لأنهم مجرد موظفين، قال الإجابة نفسها، لكنه أضاف: "والأفضل أن تكفَّ عن الحديث في هذا الأمر".

هذا الردُّ كان كفيلاً بأن نستقلَّ أولَ قطار ونبتعد عن هذا المكان، بعد أن علمنا قبلها باعتقال عدد من الغاضبين في محطة مترو السادات.

في طريق العودة من شمالي القاهرة إلى جنوبيها، كانت الأعداد تشي بأنه لا تجاوب مع دعوات المقاطعة من الأساس، وأن الناس ما زالوا يعتمدون على المترو في الذهاب والإياب، على الأقل لحين عمل اشتراك لتقليل التكلفة؛ خاصة أن المترو هو أسرع وسيلة مواصلات في القاهرة.

علامات:
تحميل المزيد