كيف حقق ترمب غاية إسرائيل في قصف مواقع إيرانية؟.. The Guardian: القادم أخطر

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/11 الساعة 05:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/11 الساعة 07:44 بتوقيت غرينتش

كشفت الضربات الجوية الإسرائيلية الأكثر كثافة التي استهدفت الخميس 10 مايو/أيار مواقع إيرانية في سوريا رداً على الهجمات الصاروخية على هضبة الجولان المحتلة، كمَّ العداء الذي تحرَّر بفعل قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني يوم الثلاثاء 8 مايو/أيار.

وحسب صحيفة The Guardian البريطانية فإنه في حال تأكدت الاتهامات الإسرائيلية لإيران، فستكون المرة الأولى التي تستهدف فيها قوات إيرانية مواقع إسرائيلية من داخل سوريا وكان رد الفعل على ذلك هو أكبر ضربة جوية إسرائيلية ضد المواقع الإيرانية حتى الآن.

وعبر الرئيس الفرنسي في وقت سابق عن مخاوفه من أن يتسبب انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي في اندلاع حرب في الشرق الأوسط، واستغل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مقابلة أجراها مع مجلة Der Spiegel الألمانية لنُصح الرئيس الأميركي بالتفكير ملياً في العواقب. وقال إنَّ ترمب قد "يفتح صندوق باندورا، الذي يعادل الحرب. لا أعتقد أنَّ دونالد ترمب يريد حرباً".

ويتمثل قلق ماكرون في أنَّ الأزمة الإيرانية لابد من النظر إليها على أنَّها مرتبطة بصورة وثيقة بالوضع في سوريا، ونتيجة لذلك يجب على الولايات المتحدة والغرب عدم التنازل عن عملية السلام السورية لتحالف روسيا وإيران وتركيا.

كان قلق ماكرون إزاء إمكانية خروج الرئيس السوري بشار الأسد باعتباره المنتصر العسكري الوقتي في الحرب الأهلية المستمرة منذ ثماني سنوات أقل مقارنةً بقلقه من أنَّ إيران هي التي قد تحقق ذلك الانتصار نيابةً عن الأسد، وبالتالي تبقى مترسِّخةً في سوريا في المستقبل القريب.

"تدمير إسرائيل" ذريعة نتنياهو

لن تقبل إسرائيل مطلقاً أن تخلف نتيجة الحرب الأهلية في سوريا قوات تدعمها إيران -التي يصل عددها إلى نحو 100 ألف فرد وفقاً للمعارضة السياسية السورية- تُعسكر بصورة دائمة على الجبهة الجنوبية لسوريا وقادرة على ضرب إسرائيل. كما أن انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي على أساس أنَّ إيران تمارس الغش سيمنح إسرائيل ذريعة الحرب التي كانت تحتاجها لتكثيف هجومها.

وفي الحقيقة، ذهب ترمب إلى أبعد من ذلك بكثير، ومنح إسرائيل كل التشجيع، إذ استشهد بالعرض الأخير الذي نظَّمه رئيس الوزاراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول برنامج الأسلحة النووية السري لإيران باعتباره مثالاً ممتازاً على سبب عدم إمكانية الثقة في إيران. وطرح أيضاً مطالب جديدة، بما في ذلك شرطٌ بأنَّ تنهي طهران سعيها لتدمير إسرائيل.

حماس تطالب بتحقيق دولي في إنشاء الاحتلال "مناطق إعدام" بغزة: جريمة حرب وحشية وانتهاك لكافة الأعراف

واتهم نتنياهو إيران على الفور بنشر "أسلحة خطيرة للغاية" في سوريا المجاورة. وقال للصحفيين إنَّ تلك الأسلحة كانت "لغرضٍ محددٍ يتمثَّل في تدميرنا". ووفقاً لدبلوماسي أوروبي، كان رفضُ ترمب الحاسم للاتفاق النووي هذا الأسبوع لحظةَ الحلم بالنسبة لإسرائيل.

والسؤال المطروح الآن هو ما إن كانت إسرائيل والولايات المتحدة تتحركان بشكلٍ مُنسَّق، بحيث تتولَّى واشنطن تطبيق الضغط الاقتصادي عبر العقوبات، وفيما تمارس إسرائيل الضغط العسكري عبر الضربات الجوية.

هل تكون مجرد اشتباكات عابرة؟

ويأمل بعض الدبلوماسيين أنَّ تكون هذه مجرد اشتباكات ولَّدها التوتر في المنطقة وليست جزءاً من استراتيجية سرية. وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون لأعضاء البرلمان: "بعدما استفهمتُ من كل شخصٍ أمكنني العثور عليه في البيت الأبيض، أقول إنَّه لا يوجد حماس في الولايات المتحدة لخيارٍ عسكري، وليست هناك خطة من هذا القبيل".

الأمر الذي تتخوف منه بريطانيا أكثر هو عدم وجود خطة طويلة الأمد، باستثناء ممارسة الضغط على إيران، وهو الرأي الذي أكَّده مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية قال في أحد الموجزات الإعلامية هذا الأسبوع: "الهدف هو منع إيران من تطوير أو حيازة سلاحٍ نووي مطلقاً، وما عدا ذلك من تفاصيل هي أمرٌ سيتعين توضيحه بشكلٍ كامل".

هناك أيضاً قدرٌ كبيرٌ من السخط في أوروبا لأنَّ عدم الترابط بين الوكالات الأميركية، الذي يُمثِّل سمةً في واشنطن دائماً، أسوأ من المعتاد. وهناك انتظار بفارغ الصبر لزيارةٍ من وزير الخارجية الأميركي الجديد مايك بومبيو إلى أوروبا من أجل منح الأوروبيين فهماً أفضل لمسألة إلى أي مدى واشنطن مستعدة للتسامح مع الضربات العسكرية الإسرائيلية.

وكانت الشخصيات الرئيسية الجديدة التي عُيِّنَت حديثاً في إدارة ترمب، مثل مستشار الأمن القومي جون بولتون، واضحةً في الماضي بأنَّها تُفضِّل تغيير النظام في طهران، وربما يُعجِّل الضغط المزدوج، الاقتصادي من الولايات المتحدة والقوة العسكرية من إسرائيل، بتلك اللحظة.

حماس تطالب بتحقيق دولي في إنشاء الاحتلال "مناطق إعدام" بغزة: جريمة حرب وحشية وانتهاك لكافة الأعراف

وتدرك إسرائيل في الوقت الحاضر أنَّ عرقلة إيران داخل سوريا تحظى بدعمٍ ضمني من السعودية ومعظم دول الخليج والمعارضة السياسية السورية.

كما لا يوجد الكثير لكبح إسرائيل عن محاولة ضرب القواعد الإيرانية الرئيسية الـ14 في سوريا. ويمكن لماكرون، وبالطبع فلاديمير بوتين، أنَّ يُناشِدا خفض التصعيد، لكن الخطر يكمن في إطلاق العنان لحشدٍ من القوى التاريخية الكبيرة.

وترى إيران منذ زمنٍ بعيد أنَّها مُطوَّقة، وأقامت ما تُسمِّيه طهران "محور المقاومة"، ممثلاً في تحالفٍ يضم إيران وسوريا وحزب الله –وأحياناً حماس- ضد ما تنظر إليه باعتباره هيمنةً إسرائيلية وأميركية في المنطقة. وأصبح يُنظَر لسوريا على أنَّها حيوية لهذا المحور.

غير أن الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال محادثة هاتفية مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أكد أن إيران لا تريد "توترات جديدة" في الشرق الأوسط.

وأضاف روحاني، بحسب الموقع الإلكتروني للرئاسة الإيرانية، "لقد عملت إيران على الدوام على خفض التوترات في المنطقة، في محاولة لتعزيز الأمن والاستقرار". وتابع الرئيس الإيراني "إن إيران لا تريد توترات جديدة في المنطقة".

وبعد أن أشار روحاني إلى وجود "خبراء عسكريين إيرانيين في سوريا" أوضح أن "قتال إيران الى جانب الشعبين السوري والعراقي ضد ارهابيي داعش، أتاح قيام استقرار نسبي في سوريا، واستقرار جيد في العراق، الأمر الذي يتناسب مع مصالح المنطقة والعالم وأوروبا".

وما لم تنتصر الدبلوماسية متأخراً، سيكون مبعث الخوف هو أنَّ حرب الوكالة السورية الطويلة ربما على وشك أنَّ تصبح حرباً مباشرةً.

 

تحميل المزيد