في أجواء ملكية ومن داخل قاعة مطليَّة بالذهب.. حفل تنصيب بوتين يسلط الضوء على سلطاته اللامحدودة

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/07 الساعة 20:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/07 الساعة 20:31 بتوقيت غرينتش
Russian President Vladimir Putin (L) reviews the parade of the Presidential regiment after an inauguration ceremony in Cathedral Square at the Kremlin in Moscow, Russia May 7, 2018. Sputnik/Ramil Sitdikov/Pool via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY.

سلَّطت صحيفة  The New York Times الضوء، في تقرير لها، الإثنين 7 مايو /أيار 2018، على مظاهر الأبهة والعظمة التي صاحبت حفل تنصيب فلاديمير بوتين لرئاسة روسيا لفترة رابعة.

وأدى فلاديمير بوتين اليمين الدستورية، الإثنين 7 مايو/أيار 2018، لولاية رابعة كرئيسٍ لروسيا، في حفلٍ نُظِّم بقاعة الكرملين المطليَّة بالذهب والتي تزخر بأوجه الأبهة والعظمة التي سلطت الضوء على تراكمه الهائل للسلطة بعد قرابة عقدين من الحكم.

لقد حكم بوتين، العميل السابق لدى وكالة الاستخبارات الروسية (كي جي بي)، روسيا كرئيسٍ للوزراء ورئيسٍ أكثر من 18 عاماً. وفي ذلك الوقت، صاغ صورةً لنفسه كزعيمٍ شجاع فولاذي، والرجل الأفضل تأهيلاً لإعادة بناء بلاده بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.

وقال بوتين واضعاً يده على الدستور الروسي: "أعتبر أنه واجبي وهدف حياتي أن أبذل قصارى جهدي من أجل روسيا، في حاضرها ومستقبلها".

وبعد فوزه بنسبة 76.7% من أصوات المقترعين وهي الأعلى منذ وصوله إلى الحكم، فرض بوتين نفسه بصفته الرجل القوي في روسيا، التي عزَّز مكانتها على الساحة الدولية رغم التوتر المتنامي مع القوى الغربية.

وقال بوتين: "سأبذل أقصى جهودي لتعزيز قوة وازدهار ومجد روسيا"، مضيفاً: "كل قوتنا تكمن في أصالتنا الثقافية ووحدتنا".

وبعد ساعات من تنصيبه، أصدر بوتين مرسوماً أعلن فيه أهدافه بولايته الجديدة، وخصوصاً تقليص نسبة الفقر ورفع معدل الحياة إلى 78 عاماً بحلول عام 2024.

مشهد مسرحي

وفي مشهد مسرحي، بدأ حفلٌ متلفز، الإثنين 7 مايو/أيار 2018، يُظهِر في البداية بوتين جالساً على مكتبه بالكرملين، والسترة تُطوِّق كرسيه، كما لو كان يجتهد في عمله حتى لحظاتٍ قبل الاحتفال. رنَّ جرس الهاتف، ليُعلِمه أنَّه وقت بدء ولايته الرابعة. ارتدى سترته وسار بمفرده عبر ممرات الكرملين ذات السجاد الأحمر إلى قاعةٍ مليئة بنحو 6 آلاف من الضيوف المدعوِّين المبتهجين.

فاز بوتين في انتخابات مارس/آذار 2018، بنحو 77 في المائة من الأصوات، وهو أكبر هامش تصويت لأي زعيم روسي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. كانت نتيجة ذلك أنَّ أنصاره قالوا إنَّ نسبة الفوز تظهر تأييداً واسع النطاق لبوتين، الأمر الذي رفضه منتقدوه ويرون أنَّه يُظهر تضييق الخناق على أي معارضة حقيقية.

وبينما كانت احتفالات التنصيب هذه المرة أقل شأناً من نظيرتها في عام 2012، فقد غطت المراسم التي بدت ملكيةً أجواء التتويج اليوم في مُستَهَلِّ الولاية الرابعة.

كان حرس الشرف وحاملو العَلم يرتدون زيَّاً مُوحَّداً بقبعاتٍ عسكريةٍ طويلة؛ إذ بدوا في نمطٍ يعود إلى حرب روسيا مع نابليون في عام 1812. وكانت مراسم الاحتفال بالكرملين قد عُقِدَت في السابق لتتويج 3 قياصرة؛ هم: أليكساندر الثاني، وأليكساندر الثالث، ونيقولا الثاني، إضافةً إلى مراسم التنصيبات الرئاسية السابقة. ولاحقاً، أعطى البطريرك كيريل، رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، للرئيس بوتين أيقونةً تعود إلى القرن الثامن عشر، وبارَكَه لفترته الرئاسية الجديدة.

وكتب أندري كولسنيكوف، الزميل بمركز كارنيغي بموسكو، في تعليقٍ على شعبية بوتين المستمرة على الرغم من الركود الاقتصادي: "إن شخصية بوتين الرمزية الجبارة، مثل سان جورج، تذبح التنين الغربي، لكن بوتين الحقيقي بشحمه ولحمه يستطيع بالكاد حل المشاكل اليومية للروس أو منع السيناريوهات المأساوية. يستجيب الرئيس للنهضة الرمزية لمشاعر الانتماء إلى قوة عالمية عظمى، في حين أنَّ رؤساء البلديات ورؤساء المناطق والوزراء هم الذين يستجيبون ويتعاملون مع الحرائق ومقالب القمامة".

"قالوا ليس قيصرنا، فماذا حدث معهم؟

كتب مراقبو الانتخابات الأوروبيون من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أنَّ إعادة انتخاب بوتين الأخيرة "تجري في بيئةٍ قانونية وسياسية خاضعة للسيطرة بشكل مُفرِط، وتتميَّز بالضغط المستمر على الأصوات المعارضة".

وتأكيداً لتلك النقطة، وقبل يومين من تنصيبه، ألقت الشرطة القبض على نحو 1600 شخص في أعمال احتجاجية تُدعى "إنَّه ليس قيصرنا". كان المتظاهرون يرتدون تيجاناً وَرَقية للسخرية من حكم بوتين الطويل، والذي يحكم الآن مدة أطول من أي زعيم روسي منذ ستالين.

وقد أضافت هذه الاعتقالات صوراً لهرّاوات الشرطة المتربصة للمحتجين ودفع الشرطة للمحتجين إلى أجواء فعاليات التنصيب. وكان عنوان صحيفة فيدوموستي الاقتصادية، يوم الاثنين، "حفل مدلل".

وقد أضافت هذه الاعتقالات صوراً لهرّاوات الشرطة المتربصة للمحتجين ودفع الشرطة المحتجين، إلى أجواء فعاليات التنصيب. وكان عنوان صحيفة فيدوموستي الاقتصادية، يوم الإثنين، "حفل مدلل".

اشتمل العنف على ما يبدو أنَّه رجوع إلى حقبة من أساليب السيطرة على الجماهير في روسيا. كان هناك رجال يرتدون زي القوزاق ويحملون نوعاً من السوط الجلدي التقليدي المعروف باسم nagaika، قد اختلطوا بين الحشود، وكانوا يهاجمون من حين لآخر. ذكرت إذاعة Echo of Moscow، يوم الإثنين، أنَّ مجموعة القوزاق فازت بعقود بلدية للتدريب والمساعدة في السيطرة على الحشود رغم أنَّه لم يتضح بعدُ ما إذا كانت قد تصرفت بشكل رسمي يوم السبت 5 مايو/أيار 2018.

ووقَّعَ الرئيس بوتين، الإثنين 7 مايو/أيار 2018، بعض المراسيم التي تضع الأُطُر لأهدافه، مثل تقليص الفقر، ورفع متوسِّط أعمار الروس إلى 78 عاماً بدلاً من 72 في غضون 6 أعوام. وأشار إلى الاستمرارية السياسية من خلال ترشيح حليفه منذ أمدٍ طويل ديمتري ميدفيديف رئيسياً للوزراء.

أصبح بوتين رئيساً لأول مرة في 31 ديسمبر/كانون الأول 1999، عندما استقال بوريس يلتسن، الذي كان يعاني مشاكل بالقلب. ثم انتُخب بوتين في عام 2000 وخدم لولايتين، وهو الحد الدستوري للولايات المتعاقبة. ثم أصبح رئيساً للوزراء لولايةٍ واحدة، قبل أن يعود إلى الرئاسة في عام 2012. وبالنسبة لولايته الثالثة والرابعة الآن كرئيس، مُدِّدَت هذه الولاية إلى 6 سنوات بعد أن كانت 4 سنوات.

حفل هادئ

في حين أنَّ حفل التنصيب لم تكن مظاهر الأبهة فيه قليلة، كان حفل يوم الإثنين أقل في تفصيلاته من حفل التنصيب في عام 2012.

في الحفل، سار بوتين عبر العديد من القاعات المترابطة والمذهَّبة والتي تتدلى منها الثريا بقصر الكرملين التاريخي، قبل وصوله إلى قاعة أندرييفسكي، حيث ينتظره الضيوف. حضر الحفل قليلٌ من الشخصيات الأجنبية. وكان من بين الموجودين في القاعة جيرهارد شرودر، المستشار الألماني السابق والمؤيد لبوتين منذ فترة طويلة.

استشهدت محطة تلفزيون Dozhd المعارضة، بمسؤولين من الكرملين يقولون إنَّهم سعوا إلى حفل هادئ هذه المرة. وبينما لم يُوصف بأنَّه أمر روتيني على وجه التحديد، قال المتحدث باسم بوتين، ديميتري بيسكوف، للصحفيين، إنَّ حفل التنصيب كان أقل أهمية هذا العام (2018)؛ لأنَّ بوتين بدأ فقط فترة ولاية جديدة، وليس انتقالاً من منصب رئيس الوزراء إلى الرئيس، كا كان الأمر في الولاية السابقة.

 

 

 

تحميل المزيد