يتباهى عمران خان، نجم الكركيت وصاحب الكاريزما الذي تحول إلى زعيم للمعارضة، بتزايد الثقة التي يحظى بها بين الجمهور.
فمع اقتراب موعد الانتخابات العامة المزمع انعقادها في يوليو/تموز، طلب خان بشجاعة -بحسب تقرير نشرته صحيفة Newyork Times– أن يقود الحكومة القادمة حينما تحدث إلى الآلاف من مؤيديه الذين احتشدوا في مدينة لاهور ذات الأهمية السياسية منذ أسبوع. واستهل ذلك الحشد موسم الانتخابات وبدأت الأحزاب السياسية الأخرى حملاتها الانتخابية في أنحاء البلاد.
ويعد خان – الذي يؤمن بالشعبوية ويستند نداءه القومي بصورة جزئية على مناهضة البرنامج الأميركي – المنافس الرئيسي للحزب السياسي لرئيس الوزراء السابق نواز شريف الذي أطاحت به المحكمة العليا في العام الماضي بعد ضلوعه في إحدى قضايا الفساد. وتم منع شريف من تولي المنصب العام ويواجه حكماً بالسجن خلال الشهر القادم بتهمة الفساد.
ومع انتظار الحكم بالسجن المحتمل ضد شريف والعديد من زعماء حزبه – الرابطة الإسلامية الباكستانية – الخاضعين للتحقيقات في قضايا فساد، يقول خان إن الوقت قد حان كي يتولى المهمة. ويقدم خان نفسه كبديل لما يعتبره نخبة سياسية فاسدة ويذكر أنه سيعمل من أجل تحسين التعليم والصحة والبيئة.
وقد بزغ نجمه في ضوء علاقاته المتزايدة مع الجيش، الذي يسيطر على الأذرع الرئيسية للقوى في باكستان وعلى السياسة الخارجية والأمنية على مدار عقود. وقد أخفقت جهود شريف لتوكيد الهيمنة المدنية على الجيش خلال فترة حكمه، ما أدى إلى كراهية المؤسسة العسكرية له.
ومن ناحية أخرى، لا يشعر خان بأي استياء من التعاون مع الجيش.
وقال خان خلال لقاء له بمكتب الحزب في لاهور "اعتقد أن الحكومة الديمقراطية تحكم من منطلق السلطة الأخلاقية. وإذا لم يكن لديكم سلطة أخلاقية، تكون الهيمنة لأصحاب السلطة المادية. وأرى أنه الجيش الباكستاني وليس جيش العدو. سوف أحمل الجيش معي".
وخلال الشهور الأخيرة، زاد نفوذ قائد الجيش الجنرال قمر جواد باجوا، بينما تعرضت الأصوات المعارضة للمزيد من الضغوط وتزايدت القيود المفروضة على وسائل الإعلام.
واتهم شريف الجيش والسلطة القضائية بالتعاون معا للإطاحة به من منصبه وحرمان حزبه من المشاركة العادلة بالانتخابات العامة. وينكر كل من الجيش والسلطة القضائية تلك المزاعم التي كررها شريف في الأسبوع الماضي خلال أحد الاجتماعات الحاشدة في إقليم بنجاب.
وقال شريف إن الرابطة الإسلامية الباكستانية – حزب نواز – سوف تواجه خلال الانتخابات القادمة "قوى لا يمكن رؤيتها"، في إشارة خفية لأجهزة الاستخبارات العسكرية.
وقال حسن عسكري ريزفي، المحلل الذي يقيم في لاهور، إن الرصيد السياسي لخان قد ارتفع مع تحسن علاقاته بالجيش.
وقال ريزفي "أدرك عمران أنه إذا كنت تريد أن تحكم باكستان، فلابد أن تتعاون مع الجيش بسبب التحديات الداخلية والخارجية. ولا يمكنك أن تحكم البلاد إذا كنت على خلاف مع الجيش".
وقد تحسنت تلك العلاقات رغم معارضة خان طويلة الأجل لعمليات الجيش ضد مقاتلي طالبان في الأقاليم القبلية الواقعة على الحدود الأفغانية وتعاونه مع الولايات المتحدة.
وذكر خان خلال لقائه "سمعت كل تلك الأمور حول حجم نفوذ الجيش في باكستان. يعتمد الجيش على رجل واحد. وأيا كان قائد الجيش، فإن سياسة الجيش تسير وفقا له".
وامتدح خان بعد ذلك الجنرال باجوا.
"هذه أول مرة أرى قائد جيش يقول مرارا وتكراراً: أنني سوف أضمن إجراء انتخابات حرة وعادلة، وهو ما نريده بالفعل. ذلك هو كل ما أريده".
ويلقي خان اللوم على ما يعتبره قيادة مدنية سابقة فاسدة ولا تتسم بالكفاءة في انعدام التوازن في العلاقات بين المدنيين والجيش. وينتقد أيضاً دولتي الهند وأفغانستان المجاورتين، قائلاً إن عداوتهما تجاه باكستان تجبر الجيش على بالاضطلاع بدور كبير في البلاد.
ومن خلال تواجد خصومة مع الجارتين، "من الواضح أن الجيش سيلعب دورا أكبر في السياسة الأمنية". وقال "ولكني لا ألقي باللوم على الجيش. بل ألوم الحكومات الأكثر فساداً التي لا تهتم سوى بجمع الأموال الفاسدة وحمايتها. وكان من الممكن بسهولة أن تتخذ دوراً أكثر حزماً في السياسة الخارجية".
وأضاف "لدي أهداف واضحة للغاية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية وسوف نواجه المخاوف الأمنية التي يواجهها الجيش. وسوف نجلس معاً لأنه جيشنا".
يعد خان أحد منتقدي الولايات المتحدة. وقد تخلى الجيش الباكستاني خلال السنوات الأخيرة أيضاً عن علاقاته التقليدية الوثيقة بالولايات المتحدة، متطلعاً إلى علاقات أفضل مع الصين وروسيا.
ويرى المنتقدون أن خان يفكر ملياً في التقارب مع الجيش.
وترى مريم نواز، ابنة رئيس الوزراء المخلوع ووريثته السياسية، أن خان جاسوس يعمل لصالح الجيش وأجهزته الاستخباراتية. ويرفض خان مثل هذه الانتقادات.
وفي الانتخابات السابقة عام 2013، فاز حزب خان بـ33 مقعداً بين مقاعد المجلس الوطني البالغ عددها 243 مقعداً. ومع ذلك، ظل الشخصية الرئيسية المعارضة، حيث أفقد شريف توازنه من خلال مجموعة من الاحتجاجات بالشوارع والالتماسات القضائية، التي أدت في نهاية المطاف إلى الإطاحة بشريف في يوليو/تموز الماضي.
وذكر زيغام خان، المحلل السياسي وكاتب أحد الأعمدة الصحفية "اعتقد أن ينبغي أن نأخذ عمران خان على محمل الجدية في هذه المرة. فهو ليس بمفرده".