كيف تدير روسيا والصين وإيران سياساتها في الشرق الأوسط.. هدفان من أجلهما دخلت موسكو إلى سوريا

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/06 الساعة 12:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/06 الساعة 12:43 بتوقيت غرينتش

ناقش باحثون في منتدى الشرق الشبابي في جلسة نقاشية حول ملف الأمن في المنطقة العربية وشمال إفريقيا الأحد 6 مايو/أيار 2018، ملف التدخلات السياسية والعسكرية للاعبين الجدد على الساحة الدولية كروسيا وإيران والصين 

وتحدث المشاركون عن الأسباب الكامنة وراء تدخلات تلك الدول لافتين إلى أن الكثير من الصراعات تقف وراءها دول تطمح في تكوين إمبراطوريات خاصة.

كيف تدير الولايات المتحدة الملف الأمني في الشرق؟

أشارت كرستينا كاش زميل أول مقيم في صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة إلى أن السياسة الأميركية في الشرق خاصة مع الدول الحليفة باتت أكثر براغماتية، وأخذت تعتمد على اتخاذ حلول جديدة في إطار متعدد يتركز بداية على البرنامج النووي الإيراني ودراسة التسليح والنظر إليه برؤية أكبر على أنه لابد من العمل لإزاحة هذا التحدي الاستراتيجي الذي تراه أميركا في إيران 

لافتة إلى أن الولايات المتحدة درست التدخلات العسكرية في المنطقة العربية ووجدت أنها مرتفعة الكلفة، مثل الحرب في العراق لذلك بدأت في النظر للأمر بشكل مختلف سياسياً وعسكرياً. 

الموقف الأميركي الإيراني 

يرى بايام محسني "مدير مشروع إيران ومحاضر في جامعة هارفارد كينيدي" أن إيران تقف وراء العديد من الصراعات الدائرة في المنطقة حالياً وعلى الساسة أن يفهموا الدور الذي تلعبه إيران فهماً جيداً، لافتاً إلى أن السياسة الإيرانية لا تتركز حول صنع إمبراطوريات ولكن تعتمد على مبدأ "الاستفادة من الفرص"، إذ أنها استفادت من كل الأحداث التي حصلت حولها كالربيع العربي والحروب "لاستثمارها في تعزيز سياسة الردع  للحفاظ على بقائها بوضع أقوى". 

وعزز "محسني" ما أشار إليه بحديثه عن العلاقات الأميركية الإيرانية لافتاً إلى أن الولايات المتحدة فشلت فيما أسماها سياسة الاحتواء الإيراني لاسيما بعد دخول طرف ثالث في المعادلة وهو روسيا  

روسيا.. لاعب جديد على الطاولة 

في السياق ذاته رأى المحاضر في الجامعة الأوروبية في سان بطرسبرغ نيكولاي كوزانوف، أن روسيا تمر بمراحل كثيرة من التطور في طريقة تعاملها مع الشرق الأوسط، ففي عام 2011 بدأت روسيا في النظر إلى الشرق نظرة مهمة فقررت أن تلعب لعبتها لكنها قبل هذا التاريخ كانت تتجاهل المنطقة بشكل كبير، مؤكداً أن موسكو باتت تحاول أن تعزز من قنوات الاتصال التقليدية السابقة مع إيران وغيرها من البلدان في المنطقة، موسكو ولأول مرة منذ غزو أفغانستان أرسلت قوات عسكرية في سوريا لتحاول تغيير بعض البلدان وأنها بصدد الاتخاذ هناك شكلاً جديداً من التدخل في المنطقة العربية والذي يخدم المصالح الروسية، بحسب الباحث.

كوزانوف لفت إلى تطور الوجود الروسي منذ عام 2016، بعدما تأكدت موسكو أنه أصبح لديها موقف قوي في الشرق الأوسط، قامت بكثير من الاستثمارات في المنطقة وأصبح لديها أولوية لتعزيز هذه الاستثمارات متسائلاً عن السبب الذي يجعل موسكو تهتم بهذا الشكل في تعزيز وجودها شرقياً. 

لماذا تهتم موسكو بتعزيز استثماراتها في الشرق

خلص الحاضرون إلى أن الدافع وراء سعي روسيا لتعزيز التواجد العسكري والسياسي في الشرق وخاصة في سوريا عاملان، الأول خارجي مرتبط بالتوافق بين روسيا والغرب وبين روسيا وواشنطن، إذ تستغل موسكو هذا الوضع للتأثير على العلاقات الروسية الأميركية لكي تتجنب العزل المطلق لها فدخلت سوريا للتأثير على الوجود الأميركي بشكل عام. 

ليست وحدها هذه العوامل التي تدفع النهج الروسي للانخراط في الشرق ولكن هناك بعداً أمنياً تضعه روسيا بعين الاعتبار، والوضع الاقتصادي الصعب لدى موسكو الذي بسببه تستغل كل فرص لزيادة ميزانيتها وللانخراط مع الدول الأعضاء في منظمة أوبك إذ أنها استغلت تواجدها وعقدت حوارات مع المملكة العربية السعودية وإيران ليس فقط من الناحية السياسية ولكن من الناحية الاقتصادية. 

هل ترغب الصين في فرض قوتها على الشرق 

الصين لن تعتبر الشرق الأوسط ملعباً للكرة كما تنظر إليه روسيا، هذا ما قاله أستاذ الأنثربولوجيا والتاريخ في جامعة ديوك "انكسنج لي" خلال مشاركته في الجلسة النقاشية، معتبراً أن الصين تريد أن تخلف لنفسها مكاناً شريكاً للولايات المتحدة وبالتالي طريقة تدخلها في الشرق ستكون مختلفة عن تلك التي تتبعها موسكو. 

وأشار إلى أنه عندما كانت هناك حرب أهلية في أنغولا وفي عمان دخلت الصين بسياسة انتهازية منخفضة التكاليف لتكوين إمبراطورية اقتصادية وبالطبع دون تدخل الولايات المتحدة، أما بالنسبة لطريق الحرير الذي يمر عبر آسيا الوسطى تستخدم الصين نفس السياسة منخفضة التكاليف بدون أي معارضة لأميركا، الصين لا ترغب في الوقوع في مستنقع الصحراء في الشرق وتفكر في الشرق الأوسط بالطريقة التي تجعلها شريكاً لأميركا فقط.

وأضاف "جارث لي بيري" أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بريتوريتا أن الصين بدأت بالتركيز على تحقيق الاستقرار السياسي وهو أساس دورها في تقديم التنمية الاقتصادية، في يناير/كانون الثاني 2016 الصين أصدرت ورقة سياساتها تجاه المنطقة العربية وهي مشابهة لسياسة الصين تجاه إفريقا، سياسة تعتمد على التعاون البراغماتي وتكرار النموذج الذي تطبقه الصين في أميركا اللاتينية بزيادة تدخلاتها الاقتصادية والبعد عن التدخل بالسلاح.

ويذكر أن منتدى الشرق يقيم مؤتمرات دورية حول الأزمات الهامة في الشرق الأوسط، يحضرها عدد كبير من الساسة والمحللين في المنطقة العربية والعالم.

ومنتدى الشرق الذي تأسس عام 2012، هو مؤسسة عالمية مستقلة، تهدف إلى ترسيخ قيم التواصل والحوار والديمقراطية بين أبناء منطقة الشرق، والمساهمة في بناء مستقبل مستقر سياسياً ومزدهر اقتصادياً، من خلال تنمية الوعي السياسي وتبادل الخبرات وتحديد الأولويات بالإضافة إلى تعزيز الفهم المتبادل بين المنطقة ومحيطها الدولي، حسب ما يعرف نفسه.

تحميل المزيد