“أولادنا ليسوا فئران تجارب”.. تحذيرات من خطورة قرار تعريب المدارس التجريبية في مصر

أثارت التغييرات الأخيرة التي قام بها وزير التعليم المصري طارق شوقي حالة كبيرة من الجدل في الشارع المصري وعلى الشبكات الاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بتعريب المدارس التجريبية

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/05 الساعة 07:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/05 الساعة 12:06 بتوقيت غرينتش

أثارت التغييرات الأخيرة التي قام بها وزير التعليم المصري طارق شوقي حالة كبيرة من الجدل في الشارع المصري وعلى الشبكات الاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بتعريب المدارس التجريبية، إذ أعلن شوقي إلغاء التدريس باللغة الإنكليزية في المدارس التجريبية التابعة للحكومة المصرية بدءاً من العام الدراسي القادم 2019/ 2020.

وتباينت الآراء بين مؤيد ومعارض، ولكن نسبة المعارضة كانت الأكبر بين أولياء الأمور، الذين اعتبروا أن هذا القرار يقع ضمن خطة للقضاء على الطبقة المتوسطة التي لا تستطيع إدخال أبنائها المدارس الخاصة باهظة الثمن وكانت التجريبية هي الملجأ الوحيد لهم.

وذكر المعترضون أن مثل هذه القرارات سوف تشعل مصاريف المدارس الخاصة بشكل أكبر، كما اعترض أيضاً العديد من الخبراء والمهتمين بمجال التعليم.

قامت "عربي بوست" باستطلاع  لبعض الآراء لمعرفة رد الفعل على هذه التغييرات.

أولياء الأمور.. قرار سيئ وأولادنا ليسوا فئران تجارب

تحدث محمود علي، ولي أمر طالب بأحد المدارس التجريبية بالقاهرة الكبرى مع "عربي بوست"، قائلاً: "للأسف أصبح أولادنا فئران تجارب، ولا أعتقد أن هذا القرار سوف يعود بالنفع عليهم بأي شكل، ولكن ما باليد حيلة!".

كما أضافت آية عادل ولية أمر لطالبين بالمدارس التجريبية، قائلة إن القرار سيئ جداً، فالطبقة المتوسطة لا تستطيع تعليم أبنائها بمدارس لغات نظراً لتكلفتها العالية وكانت المدارس التجريبية هي الحل الوحيد المتاح بالنسبة لهم رغم صعوبة المناهج، ولكنها كانت أفضل بكثير من المدارس الحكومية من ناحية جودة التعليم بالإضافة لقلة الكثافة في الفصول والآن لن يصبح هناك فرق كبير بينها وبين المدارس الحكومية.

لكن حسام حسن الطالب الجامعي، ولديه أخ يدرس في المدارس التجريبية، لا يوافق على الرأي السابق، فيقول: "لا يوجد فرق كبير في مناهج المدارس التجريبية والحكومية"، ويرى أن المدارس التجريبية سوف تظل كما هي مع حذف كلمة لغات، كما سيبقى لها الأفضلية بسبب قلة الكثافة في الفصول.

أما هبة يوسف ولية أمر لطالبين في مدارس لغات، قالت أنها اعتبرت مدارس اللغات الخاصة الخيار الأفضل لأبنائها وتحملت في سبيل ذلك الكثير من الأعباء المالية، ولكن الارتفاع الكبير والمستمر في المصاريف دفعها للتفكير مؤخراً في نقل أبنائها للمدارس التجريبية، باعتبارها بديلاً مناسباً.

وأضاف أنه بعد القرارات الأخيرة أصبحت الصورة واضحة للجميع، فالهدف هو تدمير الطبقة المتوسط تماماً، إذ يجب ألا نستهين بقرارات دكتور طارق شوقي، فتلك القرارات لها دلالات على مستقبل الغرض منه استكمال مسلسل إفقار وتجهيل الشعب بالكامل، على حد تعبيرها.

وبنبرة استسلام، قالت عزة عمر ولية أمر تلميذ بأحد مدارس التجريبي بالقاهرة: "ماذا نفعل؟ لا نستطيع الاعتراض على القرار، وسوف نحاول تعويض أبنائنا بالدروس الخصوصية والكورسات، وإذا تم تطبيق هذا القرار فسأحوّل ابني إلى أي مدرسة حكومية لأن مصاريفها أقل، فلن يصبح هناك أي فرق بينهما في ذلك الوقت، وسيذهب فقط أيام الامتحانات."

المدرسون بين مؤيد ومعارض ومنهم من يتساءل عن مصيره!

تحدثت سارة عبد الله مدرسة لغة إنكليزية بإحدى المدارس التجريبية في الجيزة إلى "عربي بوست" قائلة إن القرار يعود بالضرر على مدرسي المواد العلمية باللغة الإنكليزية مثل الرياضيات والعلوم، متسائلة عن البدائل المتاحة أمامهم الآن.

وأضافت أن على الدكتور طارق شوقي أن يحدد مصيرهم الآن، خاصةً أن الكثير منهم كان يعتمد على إعطاء الدروس الخصوصية في تلك المواد!.

أمّا إيمان عبدالستار، مدرسة لغة عربية، فترى أنّ الأمر يحمل شقاً إيجابياً وآخر سلبياً، بالإضافة لكونها مدرسة فهي أيضاً أم لطالبة في الصف الخامس الابتدائي بإحدى المدارس التجريبية، وتعطي لابنتها دروساً خصوصية في مادتي الرياضيات والعلوم باللغة الإنكليزية، مما يكلفها الكثير من الأعباء المالية، لذلك ترى أن هذا القرار سوف يعفيها من تلك التكلفة.

ولكنها على الجانب الآخر تضيف أنّها درست اللغة العربية على مدار أكثر من 10 في مدارس لغات؛ ولم تلمس انخفاضاً ملحوظاً في مستوى الطلاب بمادة اللغة العربية، كما هو مشاع.

وأضافت  شيماء عبده، مُدرسة رياضيات وعلوم والمسؤولة عن صفحة "هنذاكر مع بعض" على فيسبوك قائلة: "لا أحبذ تعريب المواد الدراسية في المرحلة الابتدائية لأنها مفيدة بشكل كبير للطالب، فهي تصنع  بينه وبين المصطلحات الأجنبية أُلفة عند دخول الجامعة، كما أن دراستها باللغة الإنكليزية تيسر فهمها".

وأضافت "عن نفسي درست في كلية التربية منهج الرياضيات باللغة الإنكليزية وقابلت الكثير من المصطلحات التي واجهت صعوبة في فهمها لأني لم أدرسها بالإنكليزية منذ الصغر".

خبراء التربية.. نتائج القرار كارثية على مستقبل سوق العمل

في حديثها لـ "عربي بوست"، قالت الخبيرة التربوية، دكتورة بثينة هشام إن قرار وزير التعليم لن يعالج مشكلة تقوية اللغة العربية وغرس روح الانتماء والقومية، بل سيقضي على الدعم المقدّم للطبقة الوسطى في مجال التعليم، خاصةً وأنّ القرار لن يشمل جميع المدارس؛ فالمدارس الدولية الخاصة والتابعة للدولة كمدارس النيل مثلاً معفاة من هذا القرار ومصاريفها الدراسية تصل لـ 12 ألف جنية سنوياً، لكن المدارس التجريبية التي تصل مصاريفها لألف جنية سنوياً أو أقل دخلت ضمن هذا القرار، وهو ما يؤثر بالسلب على الطبقة المتوسطة التي ترغب في تعليم أفضل لأبنائها.

وأشارت عبدالرؤوف إلى نتائج هذا القرار على الأطفال مستقبلاً، "سنجد أمامنا نموذجين الأول خريج مدارس اللغات والدولية ومتمكن في اللغة الإنكليزية وهو ما يطلبه سوق العمل، أمّا الآخر خريج المدارس الحكومية سوف يكون مبتدئاً في اللغة وغير متمكن بها، مما سيضاعف من أعبائه مستقبلاً".

ونصحت الخبيرة التربوية أولياء الأمور بتعليم أبنائهم اللغة  ذاتياً عبر الدورات التدريبية في المعهد البريطاني وغيره، أو من خلال مواقع الإنترنت المنتشرة والتي تتيح ذلك بسهولة، مؤكدةً على ضرورة عدم الاستسلام لأن اللغة أصبحت شيئاً أساسياً ومن ضرورات الحياة  فلا يمكن التطور بدونها.

المؤيدون من المهتمين بالتعليم

ونفت وفاء يحيى، رئيس القسم التعليمي بجريدة "المصري اليوم" عبر صفحتها على فيسبوك، وجود أية مؤامرات على الفقراء ومحدودي الدخل وراء هذا الأمر.

والله العظيم وحياة ابني – المدارس التجريبية المتميزة ،الرسمية للغات مش هتتلغي ،هتطبق النظام الجديد في المناهج، عربي في…

Gepostet von Wafaa Yahya am Dienstag, 1. Mai 2018

وأضافت أن النظام الجديد لن يخدم المدارس الخاصة على حساب الحكومية.

كما تؤيد الكاتبة الصحفية وعضو مجلس حقوق الإنسان، نشوى الحوفي هذا القرار قائلةً إن تعريب المدارس التجريبية في المرحلة الابتدائية "ليس بدعة".

وزير التعليم والعربي… ايها الخبراء؟ تعريب المدارس التجريبية في المرحلة الابتدائية…ليس بدعة ولكنه توصية تربوية…

Gepostet von Nashwa Hofy am Dienstag, 1. Mai 2018

وشرحت وجهة نظرها في منشور طويل قائلة إن البعض خلط بين القرار وبين تعريب العلوم في الجامعة ولم يكن ذلك المقصود من وراء هذا القرار.

كما يعلق دكتور محمد كمال، الأستاذ بكلية التربية قائلاً إن الدراسة باللغة العربية في المرحلة التأسيسية مهمة، لكنّه يتعجب من عدم تعميم هذا القرار على جميع المدارس بما فيها المدارس الخاصة والدولية، لأنّ ذلك سيصنع فارقاً واضحاً بين الطلاب بدءاً من المرحلة الإعدادية فطالب المدرسة الحكومية درس المواد العلمية باللغة العربية، والطالب الآخر درسها بلغتها الأصلية.

وأضاف أن الطبقية في التعليم سوف تتجلى خلال الفترة القادمة، ووزير التعليم بقرار مثل هذا يقضي على التعليم العام والجامعي.

علامات:
تحميل المزيد