صحيح أن قرار الحرب أصبح بيد نتنياهو وليبرمان فقط.. ولكن هذه الخطوة لن تكون بهذه السهولة

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/03 الساعة 10:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/03 الساعة 10:54 بتوقيت غرينتش
Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu speaks during a Memorial Day ceremony at Mount Herzl military cemetery in Jerusalem, April 18, 2018. Debbie Hill/Pool via Reuters

 بينما تُواجه إسرائيل تصاعداً في حدة التوتر مع إيران وسوريا وغزة، أصدر البرلمان الإسرائيلي قانوناً جديداً يسمح لرئيس الوزراء ووزير الدفاع باتخاذ القرار بمفردهما، بشأن ما إذا كانت إسرائيل ستخوض أي حرب.

 وينصُّ هذا القانون، الذي صَدَرَ في أعقاب الهجمات المتعددة داخل سوريا، التي من المُعتقد على نطاق واسع أن تكون إسرائيل قد شنَّتها، على إمكانية أن يتَّخذ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قرار الحرب بسهولة أكبر. ورغم أن القانون الجديد يقصر استخدام تلك السلطة على "الظروف القصوى"، إلا أنه أثار انتقادات داخلية بسبب تركيز السلطة في أيدي شخصين فقط.

ضرب من الجنون

وقال عوفير شيلح، أحد المشرِّعين من حزب ييش عتيد، الوسطي المعارض، إن القانون "ليس سوى ضرب من الجنون". وكتب في حسابه على موقع تويتر "جاءتني مكالمات كثيرة من مسؤولين أمنيين محنَّكين أصيبوا بصدمة شديدة، ولديهم الحق في ذلك".

 وترى الصحيفة الأميركية أن المؤتمر الصحفي المتلفز الذي عقده نتنياهو في نفس الليلة غطَّى على عملية التصويت، حيث قدَّم أدلةً يرى أنها تُثبت أن إيران كانت كاذبة بشأن جهودها في مجال الأسلحة النووية.

 ويأتي هذا القرار وسط تصاعد حدة حرب الظل مع إيران، وفي وقت يشن فيه نتنياهو حملة مطولة للقضاء على الاتفاق الدولي، للحد من برنامج إيران النووي. وحدَّد الرئيس ترمب 12 مايو/أيار موعداً نهائياً لاتخاذ القرار بشأن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق.

 ويُذكر أن الضربات الجوية التي استهدفت مخزناً للصواريخ بالقرب من حماة بسوريا، يوم الأحد، ودمَّرت مجموعة من الصواريخ، وأدت إلى مقتل 16 شخصاً على الأقل، بينهم إيرانيون، قد تم تنفيذها من قبل إسرائيل. ويُعتقد أن إسرائيل قد نفَّذت العديد من الاعتداءات السابقة في سوريا على أصول مملوكة لإيران وحلفائها، وتستعد للانتقام الإيراني الموعود، بسبب ضرب إحدى القواعد الجوية في سوريا الشهر الماضي.

ولن يغير القانون الجديد بالضرورة إجراءات تنفيذ تلك الضربات الجوية، التي لم تعترف إسرائيل بتنفيذها. ولا يتم إطلاع العامة على الموافقات اللازمة لتنفيذ هذه الضربات، وفقاً للصحيفة الأميركية.

 مزيد من الحرية لنتنياهو

لكن في المقابل، يمكن لهذا القانون أن يمنح نتنياهو المزيدَ من الحرية لتوسيع نطاق الأعمال العدائية إلى حرب مفتوحة.

 ونقلت الصحيفة الأميركية عن أحد مخططي تعديل القانون، أن صياغته لم تتم بسبب المناوشات الحالية مع إيران، بل يسري ذلك على أي رئيس وزراء ووزير دفاع مستقبليين لإسرائيل.

ويظل المنتقدون يشيرون إلى أن نتنياهو يخضع للتحقيق في العديد من قضايا الفساد، ويناضل من أجل مستقبله السياسي، بينما يعد وزير الدفاع الحالي أفيغدور ليبرمان شخصية سياسية متشدّدة، ولا يحظى بالكثير من الخبرات الأمنية. ويمكن أن تثير هذه القضايا تساؤلات حول دوافعهما في حالة اتخاذ القرار بشن الحرب.

 ويتضمَّن القانون فقرةً تنصُّ على أنه في "حالات قصوى" يمكن لرئيس الوزراء ووزير الدفاع أن يختزلا الحكومة الأمنية المصغرة بشخصيهما، فيما خصّ قرار شنِّ عملية عسكرية أو خوض الحرب، وبالتالي يمكنهما أن يتخذا معاً مثل هذا القرار، من دون الحاجة إلى موافقة أي شخص ثالث، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.

وذكر يهودا بن مير، رئيس مشروع الأمن القومي والرأي العام بمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب "يبدو أن هذا الأمر خارج عن السيطرة وغير منظم، فهي لا تتلاءم مع النظام الدستوري لحكومة إسرائيل".

 ولم يحدد القانون ما المقصود بـ"الحالات القصوى".

 القانون قد يكون غير عملي، ولكن..

ومع ذلك، ذكر بعض الخبراء أيضاً أن القانون قد يكون له تأثير عملي أقل، نظراً لأنه من غير المحتمل أن يشنَّ رئيس الوزراء ووزير الدفاع الحربَ بدون الحصول على دعم سياسي قوي، بالإضافة إلى دعم الأجهزة العسكرية والأمنية، التي أثبتت في الماضي تحفظها.

 ونقلت الصحيفة الأميركية عن شلومو أفنيري، الأستاذ الفخري للعلوم السياسية بجامعة القدس العبرية قوله: "لا تستطيع الحكومة أن تشنَّ حرباً، بغضِّ النظر عما ينصُّ عليه القانون، دون إجماع وطني".

 وذكر أفنيري "أنه من الواضح أن نوع الخيارات التي يمكن أن يتخذها رئيس الوزراء الخاضع للتحقيقات محدودة، وسوف يتم فحصها والتدقيق بها بصورة أكبر من المعتاد"، مضيفاً أنه في مثل هذه الحالة "تكون ضرورة الحصول على الدعم واسع النطاق أكبر".

 وأشار العديد من المحلِّلين إلى واقعة عام 2010 حينما كان نتنياهو ووزير دفاعه في ذلك الحين إيهود باراك يتوقان لضرب مرافق إيران النووية، ولكن تم منعهما حينذاك من القيام بذلك من قبل الجيش الإسرائيلي، الذي أشار إلى افتقاره إلى تلك القدرة، ومن قبل معارضة المؤسسة الأمنية الأوسع نطاقاً.

 وتقول الصحيفة الأميركية، إنه ورغم أن ذلك المثال يشير إلى أن قادة إسرائيل لن يخوضوا الحرب دون الحصول على دعم أوسع نطاقاً، إلا أن نتنياهو وباراك أرادا في العام التالي ضرب إيران مرة أخرى لولا تدخل اثنين من الوزراء اللذين رفضا الفكرة، بحسب ما ذكره باراك في وقت لاحق.

 وتضيف: "وفي ظل القانون الجديد، ربما يحظيان بمزيد من الحرية لمهاجمة إيران".

 وذكر ياكوف أميدرور رئيس لجنة "صياغة توصيات لتحسين عمل مجلس الوزراء"  في أحد لقاءاته، أن نتنياهو "كان سعيداً بتوصياتنا"، ولكن القانون المعدل حديثاً تجاوَزَ ذلك. وذكر نتنياهو أن اشتراط القانون وجودَ نصاب قانوني من مجلس الوزراء الأمني يمكن أن يؤدي إلى الشلل في حالات الطوارئ، بحسب ما أورده أميدرور.

وأصرَّ أميدرور أن توقيت صدور القانون الجديد كان مصادفةً، ولا علاقة له بالتوترات الحالية.

علامات:
تحميل المزيد