بينما تلقي طائراتها قنابل في بلدهم ترفض إدارة ترامب استقبال اللاجئين السوريين.. واشنطن تبرر: لا يرغبون بالعيش عندنا

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/28 الساعة 12:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/28 الساعة 12:29 بتوقيت غرينتش

تعرَّضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للانتقاد بسبب إحجامها عن قبول الفارِّين من سوريا، البلد الذي مزَّقته الحرب؛ ففي الأشهر الستة الأخيرة، قبلت الولايات المتحدة 44 لاجئاً سورياً، بزيادة شخصين فقط عن أولئك الذين قُتِلوا في هجوم الغاز في دوما، وهو الهجوم الذي أسفر عن مقتل 42 شخصاً.

وعاد حظر السفر الذي فرضه ترمب هذا الأسبوع إلى المحكمة العليا، مع تأجج المعركة القضائية حول أبرز جهوده الرامية لكبح الهجرة. لكن خلف الكواليس، أدَّى عددٌ من الإجراءات الأخرى بالفعل إلى خفض عمليات إعادة توطين اللاجئين في الولايات المتحدة بشدة.

خرق ترمب وإدارته للتقليد الأميركي مع اللاجئين

جينيفر سايم، النائبة الأولى لرئيس برنامج الولايات المتحدة بلجنة الإنقاذ الدولية قالت: "أدارت الإدارة ظهرها للتقليد الذي اتبعته البلاد تاريخياً، والمتمثِّل في استقبال وإعادة توطين اللاجئين في هذا البلد".   

وأضافت المسؤولة الأميركية أن الحكومة الأميركية ستقبل 45 ألف لاجئ من مختلف أنحاء العالم في عام 201، وهو الرقم الأقل منذ أكثر من 30 عاماً، لكن النشطاء يقولون إنَّ البلاد في طريقها لقبول نصف هذا الرقم بالكاد.

وكانت إجراءات التدقيق الأميركية صارِمة بالفعل قبل أن تجعلها الحكومة أكثر صرامة في أكتوبر/تشرين الأول 2017، من خلال إجراءاتٍ إضافية تتضمَّن تدقيقاً أمنياً إضافياً، ووقف قبول اللاجئين لمدة 90 يوماً من البلدان "عالية المخاطر".

وتسبَّبت هذه الإجراءات الجديدة، إلى جانب ثلاث محاولات لفرض حظرٍ للسفر، في تراجعٍ حاد في عمليات إعادة التوطين، وبثت حالةً عميقة من عدم اليقين في نفوس الفارِّين من الخطر، أو مَن يأملون في الالتحاق من جديد بعائلاتهم.

وقالت جينيفر: "لا أحد ضد نظام التدقيق. كلنا نُقرّ بالحاجة لوجوده وهذا أمرٌ جيد. لكن جعل اللاجئين يمرون عبر عراقيل غير ضرورية أمرٌ يجب النظر فيه".

وتقول لجنة الإنقاذ الدولية إنَّها تتوقَّع ألا يدخل أكثر من 23 ألف لاجئ الولايات المتحدة قبل نهاية العام المالي الحالي في 30 سبتمبر/أيلول.

نسبة تراجع ضخمة في عدد السوريين الموطنين في أميركا

تراجعت الأرقام من 5839 لاجئ سوري أُعيدَ توطينهم في النصف الأول من العام المالي 2017 إلى 44 شخصاً في الفترة نفسها من عام 2018، أي بنسبة تراجع بلغت 99%.

من هؤلاء إيمان وآمنة، وهما شقيقتان من دمشق وصلتا الولايات المتحدة في فبراير/شباط 2017، قبل دخول الإجراءات الإضافية حيز التنفيذ، وتعيشان الآن في ولاية آيداهو.

لكنَّهما تركتا وراءهما والدهما وزوج آمنة الذي كانت قد تزوجته للتو. في ذلك الوقت، أخبرتهما المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة أنَّ الرجلين سيتمكَّنان من اللحاق بهما في غضون ستة إلى ثمانية أشهر بموجب التماسٍ لضم أقارب اللاجئين، لكن بعد مرور أكثر من عام، لا توجد أية إشارات على إعادة لم شمل الأسرة.

وقالت آمنة (25 عاماً): "كان الأمر صعباً حقاً في البداية. ولا يزال صعباً. فلا يمكنكِ معرفة ما يحمله المستقبل، ولا يمكنكِ معرفة متى ستقابلين زوجكِ وأبيكِ".

وأضافت: "أريد فقط أن أكون بسلامٍ وكل أسرتي حولي: أبي وزوجي وشقيقاتي وأمي. أعتقد أنَّ هذه أبسط حقوق أي إنسان".

أميركا: السوريون لا يرغبون بالعيش هنا

نزح أكثر من 5.4 مليون شخص من سوريا منذ اندلعت الحرب الأهلية هناك قبل سبع سنوات، ومعظمهم نزح إلى البلدان القريبة في الشرق الأوسط.

وفي وقتٍ سابق من هذا الشهر أبريل/نيسان، طُلِب من سفيرة ترمب لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي توضيح لِمَ بإمكان الولايات المتحدة استهداف سوريا بالصواريخ في حين لا تقبل أي لاجئين تقريباً من هذا البلد. وزعمت هيلي في ردها أنَّ السوريين الذين التقتهم في مخيمات اللاجئين لا يرغبون في الواقع بالقدوم إلى الولايات المتحدة.

وقالت: "لا أحد من الكثيرين الذين تحدثتُ معهم قال إنَّه يريد الذهاب إلى أميركا قط. إنَّهم يريدون البقاء قريباً من سوريا بقدر ما يستطيعون".

لكنَّ أحد اللاجئين السوريين الـ44 الذين أُعيد توطينهم في الولايات المتحدة في الأشهر الستة الماضية قال لصحيفة The Guardian البريطانية إنَّه سعيدٌ بكونه موجوداً في الولايات المتحدة.

إذ قال عماد (55 عاماً)، الذي يعيش الآن في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا: "كنتُ سعيداً للغاية ومتحمساً حين أخبروني أنَّني ذاهبٌ إلى أميركا. الجميع هناك كانوا يحلمون بالمجيء إلى هنا. وقالوا إنَّني كنتُ أحد المحظوظين".

وقال عماد إنَّه بعد 5 سنوات تقريباً من الانتظار، كان الوصول إلى الولايات المتحدة مبعث ارتياح. المشكلة الوحيدة كانت أنَّ ابنه الأكبر (28 عاماً) لا يزال في الأردن، مع أنَّه تقدَّم بطلب إعادة التوطين قبل بقية الأسرة.

وقال عماد مُتحدِّثاً عبر مُترجِم: "زوجتي تبكي طوال الوقت، اتصلنا بهم 50 مرة. ولا نعلم لِمَ فصلوا بيننا".

لم شمل اللاجئين.. المشكلة الكبرى

حظيت قضية إعادة توطين اللاجئين تاريخياً بدعمٍ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة، لكنَّ هذا تغيَّر بعدما قُتِل 130 شخصاً في هجمات باريس الإرهابية عام 2015 (حتى رغم كون المُهاجِمين مواطنين أوروبيين).

وأضعف ترمب الدعم الأميركي للاجئين بصورةٍ أكبر بعد أيامٍ من توليه الحكم، حين قام بأولى محاولاته لفرض حظر سفرٍ على اللاجئين والمسافرين من سبع دول ذات غالبية مسلمة.

وعَلِقَت إيمان وآمنة في التبعات الفوضوية للحظر الذي فُرِض في يناير/كانون الثاني 2017.

إذ كان من المُقرر أن تسافرا إلى الولايات المتحدة مع والدتهما وشقيقيهما وأطفال إيمان حين أُلغيت الرحلة فجأةً. وبنفس القدر من المفاجأة أُعيدت جدولة رحلتهما بعد ستة أيام.

وبعد أربع سنوات قضوها كلاجئين في مصر، شعروا بالارتياح لسفرهم أخيراً إلى مكانٍ كانوا يأملون أن يعيدوا فيه بناء حياتهم، لكن هذا الشعور كان ممتزحاً بخوفهم من التوجه إلى بلدٍ لا تريدهم حكومته.

وقالت إيمان: "لم أسمع قط بمدينة بويسي. لم أكن أعرف كيف ستكون الحياة في بويسي. وبالنسبة لأي شخص، هذا أمرٌ صعب ومخيف للغاية ". 

لا تزال إيمان ترى الحياة في آيداهو تحدياً. وقالت إنَّها انزعجت من الافتراضات الموجودة لدى الناس هناك حول الثقافة العربية، إذ أخبرتها إحدى الجارات أنَّها تفاجأت كون والدها سَمَح لبناته بالذهاب إلى المدرسة.

حين كانت الأسرة في مصر، حاول زوج إيمان التوجه إلى أوروبا، لكنَّه غرق في البحر المتوسط، لذا أصبح والدها ذا أهميةٍ خاصة لأطفالها الثلاثة الذين يبلغون من العمر سبع وست وثلاث سنوات.

وقالت الأرملة صاحبة الثلاثين عاماً إنَّهم يتحدَّثون لجدهم يومياً عبر الهاتف، ويخبرونه مدى سهولة القدوم إلى الولايات المتحدة إن فقط صعد على متن إحدى الطائرات. وأحياناً يسألونها إن كان جدهم لم يسافر إلى الولايات المتحدة لأنَّه لا يحبهم.

وأضافت: "إنَّهم لا يتأقلمون. وطوال الوقت حين أُقِلُّهم من المدرسة يقولون إنَّهم يريدون والدهم".

 

علامات:
تحميل المزيد