تبنى مجلس الأمن الدولي، الجمعة 27 أبريل/نيسان 2018، قراراً يدعو أطراف النزاع في الصحراء الغربية إلى "مفاوضات دون شروط مسبقة"، ويمدد فترة بعثة مراقبة وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو ستة أشهر فقط، كما يطالب الجبهة بالانسحاب من المنطقة العازلة.
وتمت الموافقة على القرار بغالبية 12 صوتاً، في حين امتنعت ثلاث دول عن التصويت، هي الصين وروسيا وإثيوبيا، متهمة الولايات المتحدة التي صاغت النص بأنها سرعت عملية التصويت دون إعطاء وقت للمفاوضات.
وقالت إثيوبيا إن "النص ليس محايداً"، معتبرة أنه يصب في صالح المغرب، كما اعتبرت روسيا أن "النص غير متوازن"، فيما شددت الصين على أنه كان يجب على مجلس الأمن "أن يأخذ مزيداً من الوقت للتفاوض".
من جانبها، اعتبرت فرنسا أن القرار يسمح "بتجنّب خطر التصعيد"، في حين أوضحت الولايات المتحدة أنها "اختارت هذا العام نهجاً مختلفاً" يتعارض مع التمديد "كالمعتاد" لـ"مينورسو" (بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية).
وتنتهي ولاية "مينورسو" في 30 نيسان/أبريل الحالي، ويُمدّد القرار حتى 31 تشرين الأول/أكتوبر مهمة مينورسو التي تضم زهاء 400 فرد بموازنة سنوية تبلغ 52 مليون دولار.
دعوة ضمنية للجزائر
ويدعو القرار الأطراف في الصحراء الغربية إلى "استئناف المفاوضات (…) دون شروط مسبقة وبحسن نية" من أجل التوصل إلى "حل سياسي مقبول من الطرفين" نحو "تقرير مصير" الشعب.
وأكد القرار أيضاً على "أهمية الالتزام المتجدد من جانب الأطراف، لدفع العملية السياسية قدماً من أجل التحضير لجولة خامسة من المفاوضات"، كما أن القرار الذي يشير بشكل ضمني إلى الجزائر، يطلب أن تُقدّم "الدول المجاورة مساهمات مهمة من أجل هذه العملية" السياسية وأن تنخرط بشكل أكبر في التفاوض.
ولطالما أصر المغرب على ضرورة دخول الجزائر في المحادثات، لكن الأخيرة رأت في ذلك محاولة لتهميش "بوليساريو" وتصوير النزاع على أنه إقليمي.
وعبّر القرار عن "قلقه من وجود بوليساريو في كركرات بالمنطقة العازلة" في جنوب غرب الصحراء الغربية، داعياً إياها "إلى الانسحاب الفوري". كما أوكل إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، مهمة العمل على خفض التوترات الأخيرة بين المغرب والبوليساريو.
"الانسحاب أولاً"
وإثر التصويت، اعتبر السفير المغربي لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، أن هذا القرار يعزز موقف المغرب.
لكن هلال أكد على أن المغرب لن يستأنف العملية السياسية مع جبهة "البوليساريو" بشأن مستقبل إقليم الصحراء المتنازع عليه، ما لم تنسحب الأخيرة من المنطقة العازلة.
وحذّر السفير المغربي في تصريحات للصحفيين، من مغبة "نقل (البوليساريو) مهامها الإدارية من منطقة تندوف بالجزائر إلى شرق الجدار الأمني الدفاعي للصحراء"، وقال: "أقولها للبوليساريو وأيضاً للجزائر، إذا لم تنسحبوا (من المنطقة العازلة)، وإذا نقلتم المهام الإدارية إلى شرق الجدار الأمني الدفاعي للصحراء، لن تكون هناك عملية سياسية والخيار لكما، إما العملية السياسية أو انتهاك قرارات مجلس الأمن الدولي".
والمنطقة العازلة، وتسمى أيضاً في المغرب "الجدار الأمني الدفاعي"، هي تلك الواقعة على الحدود الشرقية لإقليم الصحراء وتنتشر فيها قوات أممية، واتهمت الرباط البوليساريو مؤخراً بالانتشار فيها عسكرياً.
وقبل أسابيع، حذّر المغرب في رسالة إلى مجلس الأمن من أن "تحريك أي بنية مدنية أو عسكرية أو إدارية أو أياً كانت طبيعتها للبوليساريو، من مخيمات تندوف في الجزائر"، إلى شرق الجدار الأمني الدفاعي لإقليم الصحراء يعد "عملاً مؤدياً إلى الحرب".
في مقابل ذلك قالت الأمم المتحدة، إن بعثة المنظمة في إقليم الصحراء الغربية "لم تلحظ أي تحركات لعناصر عسكرية تابعة للبوليساريو".
أزمة مستمرة
وتعود آخر جولة من المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو إلى العام 2008، ووعد مبعوث الأمم المتحدة للصحراء الغربية، الرئيس الألماني السابق هورست كوهلر، مجلس الأمن بإجراء جولة جديدة من المفاوضات عام 2018 دون تحديد تاريخ.
وخاض المغرب وجبهة بوليساريو حرباً للسيطرة على الصحراء الغربية بين 1975 و1991، بعد انتهاء الاحتلال الإسباني لوجوده في المنطقة، وتوقفت المواجهات بموجب هدنة وتم نشر بعثة تابعة للأمم المتحدة للإشراف على تطبيقها.
وتصر الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح كحل حكماً ذاتياً موسعاً تحت سيادتها، بينما تطالب "البوليساريو" بتنظيم استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر، التي تؤوي لاجئين من الإقليم.
وبسبب هذا النزاع، تشهد العلاقات بين الرباط والجزائر تدهوراً منذ عشرات السنين.