أحدهم ربط نفسه في سيارة الشرطة وآخرون ألقوا الحجارة.. 60 ألماني يستنفرون من أجل هذا السوري

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/25 الساعة 07:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/25 الساعة 09:12 بتوقيت غرينتش

اندلع عراكٌ كبير في الشارع، بين الشرطة الألمانية التي قبضت على شاب كردي سوري (27 عاماً) في مدينة فيتسنهاوزن، بولاية هيسن الألمانية ليلة الأحد، والعشرات من المعارضين، لترحيله إلى بلغاريا، قبل أن يتبيَّن أن محاولة ترحيله كانت مخالفةً للقانون وأُطلق سراحه، وقدَّم جريحان من المتظاهرين شكاوى ضد الشرطة.

وكان الشاب قد دخل الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى عبر بلغاريا، لذا تقع مسؤولية معالجة ملف لجوئه على عاتق السلطات هناك، بحسب اتفاقية دبلن.

لكن لم يكن من الواجب ترحيله، لأن محكمة مدينة كاسل الإدارية كانت قد أصدرت، في شهر يناير/كانون الثاني من العام 2017، قراراً بعدم السماح بترحيل الشاب "بنغين ه."، لعدم التزام بلغاريا بمعايير حقوق الإنسان الخاصة باللاجئين، وفقاً لما قالته محاميته كلير ديري لموقع "هيسنشاو"، التي أوضحت أن القرار لم يؤخذ به لدى المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين فيما يبدو، الأمر الذي وصفته بـ"السخف". وقالت لصحيفة "Hna" إن القرار لم يُسجل بالخطأ فيما يبدو في ملفه.

وتداركت المحامية والمحكمة الإدارية الأمرَ، الإثنين الماضي، أي صباح اليوم التالي لحدوث المشاجرة ومحاولة الترحيل، وأدركت السلطات خطأها، وعاد الشاب السوري إلى مكان إقامته.

وكان من المخطط أن يتم ترحيله صباح الإثنين من مطار فرانكفورت إلى بلغاريا، المعترف به كلاجئ فيها.

أجبر على تقديم اللجوء في بلغاريا

وبيَّن الشاب أنه قُبض عليه في بلغاريا، وأُجبر على تقديم اللجوء فيها، وبقي فترة 6 أشهر فيها، في ظلِّ ظروف حياتية صعبة.

وأوضح بنغين ل"عربي بوست"، أنه وصلته رسالة الشهر الماضي من السلطات تُبلغه بوجوب ترحيله إلى بلغاريا، في مدة أقصاها الـ23 من شهر أبريل/نيسان الحالي، لكنه تم إبلاغه من طرف محاميته بأنه لا يمكنهم ترحيله، نظراً لصدور قرار بمنع ترحيله.

وقال إن الشرطة اقتحمت قرابة الساعة الواحدة ليلاً، على نحو مفاجئ، المنزل الذي يقيم فيه مع طلاب جامعة، وتم الدخول إلى جميع الغرف واستخدام الأضواء الليلية الكاشفة، وعند التعرف عليه طُلب منه حزم أمتعته، وتم إنزاله ووضعه في سيارة شرطة، فبدأ الطلاب بالاعتراض على أخذه.

كيف تجمَّع قرابة 60 شخصاً في المكان على الفور ليلاً؟

اتصلت إحدى المقيمات معه برقم ما يسمى "اتصال النجدة الخاص بالترحيل"، الذي تم إنشاؤه منذ أشهر، ويرسل الخبر عبر الرسائل النصية القصيرة، إلى عدد كبير من الناشطين لكي يتوجهوا إلى المكان الذي يشهد ترحيلاً، وفق ما أكد فين كوهل أحد الناشطين الشباب من "تحالف ضد الترحيل" لتلفزيون "HR" العام.

وهكذا تكونت تظاهرة عفوية في المكان، وأحاط المتظاهرون بسيارتي الشرطة وسدّوا الطرقات بالدراجات أمامها.

وذكرت الشرطة أنها لم تتمكن من التحرك، وطلبت تعزيزات، قبل أن يتصاعد الموقف وتندلع أعمال عنف، تبادلت الشرطة والمتظاهرون فيها الاتهامات حول ما جرى.

فبحسب الشرطة، رمى بعض المتظاهرين، الذين كانوا عدوانيين، عناصر الشرطة بالحجارة وبخّوا الغاز المهيج، فاستخدمت الشرطة رذاذ الفلفل والهراوات. وتسببت الصدامات بإصابة عدد من عناصر من الشرطة وقرابة 12 محتجاً، وتعرَّضت سيارة الشرطة التي تم وضع الشاب السوري بها لأضرار، عندما ربط متظاهر نفسه بها.

وأظهر فيديو للتظاهرة رمي شرطي لمتظاهرة على الأرض، واستخدام رذاذ الفلفل ضد أخرى.

 

بالمقابل تحدثت مبادرة "أربايتسكرايز أسول" عن إصابة 20 من النشطاء المتظاهرين، واستخدام الشرطة للقوة المفرطة، وقيامها بضرب المتظاهرين "بدون سابق إنذار أو وازع"، وإطلاقها أحد كلابها المدربة على المتظاهرين، نافية رمي الحجارة عليهم.

وصوَّر سكان ومشاركون في التظاهرة ما جرى على نحو آخر، وقالوا إن التظاهرة كانت سلميةً، وكانوا يصيحون بصخب "ليس هناك من إنسان غير قانوني"، الشعار الشهير الذي يرفض اعتبار دخول المهاجرين واللاجئين البلاد أمراً غير شرعي. ونفوا استخدام أي شكل من أشكال القوة.

ونفى بنغين في اتصال مع عربي بوست، قيام المتظاهرين بأي أعمال عنف، مؤكداً أنه وإن قام أصدقاؤه والنشطاء بسد الطريق بالدراجات، لكن الشرطة التي كان يراقبها عن قرب كونه كان محتجزاً في السيارة، هي من قامت بدهس المتظاهرين وضربهم بالهراوات، المشهد الذي ذكَّره بما تفعله الشرطة في بلاده، نافياً أيضاً قيام النشطاء برمي الحجارة على الشرطة.

وانفضّت التظاهرة بعد ساعتين من الواقعة، ومغادرة السيارة التي تقل السوري، إلا أنه تم تنظيم تظاهرة أخرى بعد ظهر أمس الأول الإثنين، شارك فيها أكثر من 100 شخص، الكثير منهم من أصدقائه، بحسب موقع صحيفة "Hna".

الشاب السوري ومتضرِّرون يقاضون الشرطة

وعبَّر بنغين عن اعتزامه رفع قضية على الشرطة لكي تقدِّم اعتذاراً عمَّا فعلته للنشطاء، الذين جُرح العديد منهم.

وبيَّن أنه كان يعرف أن لديه أصدقاء، لكن قدوم كل هؤلاء الناس لنجدته كان بمثابة المفاجأة السارة له، لأنه شعر بأنه مدعوم من الآخرين.

وقدم الإثنين 23 أبريل/نيسان ناشطان متضرِّران دعوى لدى المحكمة الإدارية في كاسل ضد الشرطة، عبر محامي المبادرة المذكورة، الذي قال إنه يجب إثبات أن المهمة الأمنية التي استخدم فيها رذاذ الفلفل والهراوات كانت مبالغاً فيها ومخالفة للقانون، متوقعاً رفع دعاوى أخرى ضد عناصر الشرطة، لإلحاقهم أذى بدنياً بالمتظاهرين.

وأوضح المحامي سفين آدم، أنه تم أخذ بعض المصابين الـ12 للمشفى، بقصد تصويرهم بالأشعة، للاشتباه بتعرّضهم لكسور. ولفت إلى أن ترحيل الشاب السوري تم إيقافه في اللحظة الأخيرة.

الأمر الذي أكده بنغين، موضحاً لـ"عربي بوست" أنه تم نقله إلى سجن، وظلَّ فيه 3 ساعات، وكانوا على الطريق إلى فرانكفورت قصد ترحيله، عندما تم إيقاف السيارة، وقالت له الشرطة إنهم سيعيدونه لمنزله.

محبوب ومندمج بشكل مثالي

وقال نشطاء "أربايتسكرايز أسول" خلال الدعوة لتلك التظاهرة بعد ظهر الإثنين، إن الشاب السوري بنغين "صديق"، مشيدين بما حققه حتى الآن في ألمانيا، إذ قالوا إنه حصل على عمل، وانضمَّ لنادٍ لكرة القدم في المدينة، وانخرط في العمل مع فرقة الإطفاء التطوعي هناك، ليعبِّر عن شكره لاستعداد الألمان للمساعدة.

وتعلَّم الشاب السوري الذي وصل إلى ألمانيا في العام 2015 بسرعة اللغة الألمانية، ويعد محبوباً.

واعتبر الناشط كوهل، الذي كان موجوداً خلال العراك ليلاً، وفي التظاهرة الاحتجاجية ظهر اليوم التالي، مهمة الشرطة الأمنية "كارثية"، معبراً عن عدم تفهمه لدافع السلطات لترحيل شخص مندمج بشكل ممتاز، ضد رغبة كل أصدقائه.

علامات:
تحميل المزيد