مستشار الأمن القومي لترمب ترأس مركزاً بحثياً مناهضاً للمسلمين و تلقى تمويلاً من اليمين الأميركي

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/24 الساعة 13:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/24 الساعة 14:47 بتوقيت غرينتش
U.S. President Donald Trump receives a briefing from senior military leadership accompanied by Vice President Mike Pence and National Security Adviser John Bolton at the Cabinet Room of the White House in Washington, DC, U.S. April 9, 2018. REUTERS/Carlos Barria

 كشفت شبكة NBC أن جون بولتون مستشار الأمن القومي الجديد للرئيس الأميركي دونالد ترمب ترأس منظمة غير ربحية روجت أخباراً مضللة وخاطئة معادية للمسلمين ولكنها قالت إن الأخبار المتعلقه بتوجهات بولتون يتم تضخيمها من قبل وسائل إعلام روسية ومتصيدي الأخبار على شبكة الإنترنت.

تجدر الإشارة إلى أنه منذ العام 2013 حتى الشهر الماضي مارس/آذار، كان بولتون يشغل منصب رئيس معهد غيتستون  البحثي الذي يُمثِّل منظمة ضغط في ولاية نيويورك الأميركية، والذي يقول عبر موقعه الإلكتروني إنَّه منظمةٌ غير ربحية غير حزبية "مكرَّسة لتوعية العامة بما تفشل وسائل الإعلام السائدة في نقله.

 لكن المركز البحثي يركز في نشاطه علي تقارير تحذر من الخطرالإسلامي كما "يحذِّر من خطر حدوث "استيلاء جهادي" محتمل على أوروبا سيؤدي إلى "القضاء على ذوي البشرة البيضاء".

  وحذَّر أحد تلك التقارير المنشور في مايو/أيار من العام الماضي تحت عنوان "ألمانيا تصادر المنازل لاستخدامها لصالح المهاجرين" من فرض الوصاية المؤقتة على تأجير الشقق في مدينة هامبورغ الألمانية. بينما زعم تقريرٌ آخر منشور بتاريخ فبراير/ 2015 أنَّ المهاجرين المقيمين في السويد -الصوماليون على سبيل المثال- يحوِّلون تلك الدولة إلى "عاصمة الاغتصاب في الغرب".

 انتقاد اسلامي

ويتهم إبراهيم هوبر المتحدث باسم مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية "كير" الذي يُمثِّل مجموعة ضغط معنية بالحقوق المدنية إنَّ غيتستون "جزءٌ أساسي من صناعة معاداة الإسلام عبر الإنترنت" مضيفاً أنَّ صلة بولتون الوثيقة بغيتستون "وتوليه واحداً من أكثر المناصب نفوذاً في العالم أمرٌ مزعج للغاية".

وقالت ألينا بولياكوفا الزميلة في معهد بروكينغز التي تدرس شعبوية اليمين المتطرف وحملات التضليل في الاتحاد الأوروبي إنَّ غيتستون "يطرح محتوى معادياً بوضوح للمهاجرين والمسلمين على حد سواء، فضلاً عن ترديده بعض الدعاية التضليلية الروسية" التي تُنشَر على يد متصيدي الإنترنت وعبر شبكات التواصل الاجتماعي.

وقالت ألينا إنَّها "فوجئت" مع بعض الأفراد الآخرين في مجتمع السياسة الخارجية بالعاصمة الأميركية واشنطن برئاسة بولتون للمعهد.

بولتون الذي بدأ مزاولة وظيفته مستشاراً للأمن القومي في أوائل أبريل/نيسان الجاري واصل الالتقاء بمحاميِّ البيت الأبيض لبحث أمر تضارب المصالح المحتمل الذي يشمل لجنة العمل السياسي الخاصة به، بالإضافة إلى أن انتماءه إلى غيتستون محل تركيزٍ محتمل.

 وعلى الرغم من أن المقالات المناهضة للمسلمين المنشورة على "غيتستون" لا تحمل توقيع بولتون، إذ ركز مقالاته بدلاً من ذلك على إيران ومواضيع أخرى. بيد أنَّه على صلةٍ منذ وقتٍ بعيد بباميلا غيلر الناشطة المعادية للإسلام -التي نظمت حملةً ضد أحد المساجد بالقرب من المنطقة المستهدفة في أحداث 11 سبتمبر/أيلول بمنطقة مانهاتن الأميركية- بعدما كتب مقدمة كتابٍ شاركت في كتابته، وظهر في برنامجها الإذاعي على شبكة الإنترنت.

غيتستون والروس ضد الأسلمة

وفي إطار سعي غيتستون لتأجيج الأخبار المناهضة للمسلمين، ظهر هدفٌ مشترك بينها وبين حملة تضليل روسية على نطاقٍ أوسع سَعَت  بحسب تقريرNBC News لتصوير المجتمع الغربي على أنَّه معرضٌ لخطر "الأسلمة".وقالت ألينا: "نلحظ ظهور هذا النمط، إذ ينشر أحد المواقع شيئاً ما يبدو كخبر، ثم يُضخِّمه المتصيدون وروبوتات الإنترنت".

يذكر أن بعض أنشطة المعهد انتشرت على نطاق واسع، بما في ذلك ادعاءٌ بشأن "المناطق المحظورة" التي يسيطر عليها المسلمون في فرنسا والتي ذكرها تيد كروز نائب مجلس الشيوخ عن ولاية تكساس الأميركية في مقالة له في أثناء الحملة الانتخابية داخل الحزب الجمهوري لاختيار مُرشَّح الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية عام 2016.

على جانب آخر، نفت نينا روزنوالد رئيسة معهد غيتستون، ووريثة شركة سيرز روبك رويباك في رسالةٍ بالبريد الإلكتروني تورُّط بولتون في أي من المقالات المنشورة، وأوضحت كذلك أنَّ غيتستون لا تعرف شيئاً عن المتصيدين الروس الذين روجوا تقاريرها.

وتشير روابط أخرى مُرسلة كذلك إلى تعليقات ذكرت على لسان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. ففي دعوة ميركل إلى وضع معايير موحدة للشرطة الإقليمية، قالت إنه لا يجب السماح بوجود مناطق "ممنوع دخولها" تتجنب الشرطة الذهاب إليها؛ لكنَّ متحدثاً باسم الحكومة الألمانية في برلين يدعى يوهانس بيب أخبر شبكة NBC أن ميركل لم تكن تشير إلى المهاجرين أو المسلمين.

جديرٌ بالذكر أنَّ معهد غيتستون كان مروجاً كبيراً لفكرة "المناطق المحظورة" المثيرة للجدل في قلب المدن الكبرى حيث يحكم المسلمون بموجب الشريعة. وفي يناير/كانون الثاني من عام 2015، استشهد بوبي جيندال حاكم ولاية لويزيانا آنذاك وعضو الحزب الجمهوري بأبحاث غيتستون في خطاب ألقاه في العاصمة البريطانية لندن.

وفي ظهور له على شبكة Fox News في سبتمبر/أيلول 2015، أعلن ستيف إيمرسون أحد المساهمين في الشبكة الذي امتدح غيتستون كذلك أنَّ مدينة برمنغهام البريطانية "منطقة محظورة" على غير المسلمين. ودفع هذا الادعاء الهيئة التنظيمية الإذاعية البريطانية Ofcom إلى تحديد الشبكة التي تخرق قانون البث الذي أقرته. مما دفع إيمرسون إلى الاعتذار في وقت لاحق.

المتصيدون الروس

وجدت شبكة NBC ما لا يقل عن أربعة أمثلة لمتصيدين روس أعادوا نشر بعض التغريدات مباشرةً من حساب بولتون، وذلك بحسب قاعدة بيانات تابعة للشبكة تتضمَّن تغريداتٍ محذوفة أرسلها متصيدون روس. إذ أُرسلت هذه التغريدات من جانب متصيدين يعملون في وكالة بحث على الإنترنت مرتبطة بالكرملين وفقاً لما حدَّده موقع تويتر.

وزعمت واحدة من التغريدات أنَّ 500 كنيسة في لندن قد أغلقت بينما افتتح 423 مسجداً جديداً، وقد لاقت هذه التغريدة انتشاراً كبيراً والتقطتها الكثير من المواقع بما فيها موقع Breitbart News  اليميني الأميركي. وقال موقع snopes.com للتحقق من المعلومات إنَّ معهد غيتستون استخدم "بحثاً رديئاً وبيانات منتقاة" في كتابة هذا الخبر.

واكتشف بيتر بريرلي الخبير في الإحصاءات الدينية البريطانية أنَّ لندن حظيت بـ700 كنيسة جديدة بين عامي 2005 و2012 وأنَّ العدد الإجمالي للكنائس قد ازداد بين عامي 2008 و2013، ويرجع ذلك جزئياً إلى الهجرة الجماعية للمسيحيين من أماكن مثل بولندا ورومانيا.

وقد ظهر باحثو غيتستون في وسائل إعلام روسية -من بينها وكالة  Sputnik ومحطة RT News (التي كانت تسمى سابقاً باسم Russia Today)- منتقدين زعماء أوروبيين بارزين من بينهم  الرئيس الفرنسي ماكرون.

إذ ظهر خيرت فيلدرز رئيس الحزب الهولندي "من أجل الحرية" وأحد المنتقدين البارزين للإسلام والمُسجَّل كاتباً في غيتستون على قناة RT News الشهر الماضي مارس/آذار قائلاً إنَّ أوروبا تفتقر إلى زعماء سياسيين أقوياء مثل الزعيم الروسي فلاديمير بوتين وترمب. وفي منشورٍ كُتِب في شهر مايو/أيار 2017 على موقع Medium، نَعَت إيفز مامو الكاتب في غيتستون الرئيس الفرنسي ماكرون بـ"مغفل الإسلاموية المفيد".

من يمول غيتستون؟

وحصل مركز غيتستون على عوائد بقيمة 2.3 مليون دولار خلال عام 2016. ودعمت مؤسسة نينا بعض المثقفين اليمينيين أيضاً مثل ديفيد هورويتز الذي صنَّفه مركز Southern Poverty Law Center في عام 2011  بأنَّه واحدٌ من 10 أشخاص في "الدائرة المقربة المعادية للمسلمين" في الولايات المتحدة.

جديرٌ بالذكر أنَّ نينا تشغل منصب نائب رئيس صندوق أسرة روزنوالد الذي يمول عدداً من الجماعات المؤيدة لإسرائيل، بما في ذلك منتدى الشرق الأوسط. وكانت عضوةً كذلك في مجالس إدارة عددٍ من المنظمات التقليدية الموالية لإسرائيل، وهي الآن عضوةٌ في مجلس العلاقات الخارجية.

وقد تلقى مركز غيتستون أيضاً دعماً مالياً من الملياردير روبرت ميرسر وابنته ريبيكا ميرسر اللذين دعما مرشحين محافظين في الولايات المتحدة من بينهم كروز وترمب. وقد مول الاثنان أيضاً شركة كامبردج أناليتيكا للبيانات التي دقَّق المستشار الخاص روبرت مولر في أنشطتها ضمن تحقيقه في علاقة ترمب بروسيا.

ويشمل دور عائلة ميرسر في تنامي وسائل الإعلام اليمينية تمويل موقع Breitbart News اليميني المتطرف في الولايات المتحدة.

وقد أدرج اسم ريبيكا ميرسر في موقع مؤرشف عام 2017 على أنَّها عضوةٌ في مجلس إدارة غيتستون.

وكشفت إقرارتٌ ضريبية مقدمة من مركز غيتستون أنَّ عائلة ميرسر أسهمت بمبلغ 100 ألف دولار للمركز في عامي 2015 و2016، بعدما كان إجمالي إسهاماتها يبلغ 50 ألف دولار فقط في عام 2014. ومنح روبرت ميرسر لجنة بولتون مليوني دولار في عام 2015، ومليون دولار في عام 2016.

"نشر معلومات كاذبة"

توضِّح نظرةٌ سريعة إلى أرشيف معهد غيتستون كيف تستشهد جماعات ومنشورات يمينية أخرى بعمله، فقدأعار غيتستون اهتماماً خاصاً لألمانيا التي استقبلت عدداً من اللاجئين أكثر من أي بلد في الاتحاد الأوروبي، وقال عنوان رئيسي مثير للانتباه لأحد منشوراته إنَّ الحكومة الألمانية "تصادر المنازل لمصلحة المهاجرين" وقالت تانيا روتغر الصحافية بكوريكتيف إنَّ "القرار ليس له علاقة بالمهاجرين"، مضيفةً أنَّ "غيتستون معروفٌ بنشر معلومات كاذبة".

وسائل إعلام روسية

يكشف البحث في بعض المقالات المنشورة على موقع وكالة Sputnik الحكومية الروسية للأنباء عن وجود ثلاث صفحات كاملة على الإنترنت مكونة من استشهادات بغيتستون.

إذ استشهد أحد مقالات Sputnik في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2016 ببحثٍ أجراه غيتستون عن "وباء حوادث الاغتصاب والاعتداء الجنسي" في ألمانيا، وحذَّر من "أسلمة الألمان". وتستشهد مقالة صدرت في أغسطس/آب من العام نفسه بتقرير لغيتستون يزعم فيه أنَّ هناك "حالات اغتصاب سرية بدأت في التوغل" بالسويد.

علامات:
تحميل المزيد