انتقلت البطالة في المغرب، من كشوفات هيئات الإحصاء في البلاد إلى الشارع، عبر احتجاجات ووقفات أربكت الاستقرار الاجتماعي في السوق المحلية.
وشهدت أحياء مغربية خلال الشهور الماضية، موجات من الاحتجاجات الاجتماعية خاصة مناطقه الفقيرة، حيث يشكو سكان هذه المناطق من التهميش وارتفاع نسب العاطلين عن العمل.
بدأت التحركات الشعبية، في أعقاب مصرع بائع السمك محسن فكري (31 عاماً)، في أكتوبر/تشرين الأول 2016 سحقاً في عربة لجمع النفايات في الحسيمة بمنطقة الريف (شمال) عندما حاول الاعتراض على مصادرة بضائعه.
تمثل فرص شغل للشباب، تحدياً للحكومة، ومدخلاً رئيسياً لتعزيز الاستقرار الاجتماعي والسياسي بالبلاد، بحسب وزير الشغل والإدماج المهني المغربي، محمد يتيم.
أرضية خصبة للاحتجاجات
"يتيم"، قال في مقابلة مع الأناضول، إن البطالة تعد تحدياً حقيقياً بالنسبة للحكومة التي أعلنت في 11 أبريل/نيسان الجاري، مخططاً وطنياً لمواجهة الظاهرة والحد منها.
وأضاف: "البطالة في السوق المحلية، توفر أرضية خصبة للتعبيرات الاحتجاجية غير المنظمة".
وفي مارس/آذار الماضي، أعلنت المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب (الهيئة الرسمية المكلفة بالإحصاء)، أن معدل البطالة بالبلاد خلال 2017، بلغ 10.2 بالمائة، مقارنة مع 9.9 بالمائة في 2016.
كما أشار الوزير إلى أن هناك فئة من الشباب بدون تعليم أو تدريب أو عمل، تعتبر من الفئات الهشة اجتماعياً وثقافياً.. وقال إنها تشكل أرضية خصبة للتعبيرات الاحتجاجية غير المنظمة أحياناً.
كشفت مندوبية التخطيط في تقرير حديث، الشهر الجاري، أن 29.3 بالمائة من شباب المغرب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً لا يعملون، ولا يدرسون ولا يتابعون أي تكوين.
وأبرزت المؤسسة الإحصائية العمومية أن ثمانية عاطلين من أصل عشرة (82.8 بالمائة) متمركزون في ستة مناطق من البلاد.
"توفير الشغل لهؤلاء الشباب، يعتبر من المداخل لتعزيز الاستقرار الاجتماعي والسياسي بالبلاد، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتقليص الفوارق الفردية والمجالية"، يقول "يتيم".
كانت الحكومة المغربية، تعهدت خلال وقت سابق من الشهر الجاري، باستحداث مليون و200 ألف فرصة عمل جديدة في الفترة الفاصلة بين عامي 2018 و2021.
يقول "يتيم"، بشأن هذا التعهد، إن الرقم الذي أعلنته الحكومة مبني على جمع عدد فرص العمل المتوقع الإعلان عنها واعتمادها في موازنات المملكة للفترة المذكورة.
وأشار إلى أن قانون المالية لعام 2018، أظهر خلق حوالي 40 ألف فرصة عمل ستصرف رواتبها من موازنة البلاد، بما في ذلك العمل بالتعاقد (عقد عمل محدد المدة).. "التوظيف بالتعاقد سيبلغ 55 ألف فرصة عمل جديدة في 2019".
ومن سلبيات التوظيف بالتعاقد، غياب الأمان الوظيفي للموظف، الذي تنتهي الحاجة له بانتهاء المهمة الذي عمل لأجلها.
ما علاقة الأمطار بالوضع الاقتصادي في المغرب؟
وفي ما يتعلق ببرنامج التشغيل عبر التعاقد، أشار الوزير إلى أن البرنامج "سيهم أيضاً المناطق (عددها 12)، ومن المتوقع أن تساهم الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (حكومية)، في خلق 90 ألف فرصة عمل في 2018، خارج قانون المالية، أي تصرف رواتب موظفيها من جانب القطاع الخاص أو برامج تشغيل بدعم المانحين.
وفي سياق حديثه عن أزمة البطالة بالمملكة، اعترف يتيم بأن هذه المعضلة تمثل "تحدياً حقيقياً، والحكومة بناء على التوجيهات الملكية جعلته إحدى أولوياتها الكبرى".
ولفت إلى أن البطالة تتأثر بمعطيات أخرى، بينها السياق الاقتصادي العام، والنمو والطلب العالمي والاستقرار السياسي في العلاقات الدولية، فضلاً عن الظروف المناخية، مشيراً إلى أن اقتصاد المملكة ما زال مرتبطاً بالفلاحة.
ويرتبط نمو اقتصاد المغرب بشكل رئيس في هطول الأمطار، ويتراجع النمو الاقتصادي في البلاد عند شح سقوط الأمطار، وتأثير ذلك على الوظائف المستحدثة.
وأشار الوزير المغربي، إلى أن الحكومة وضعت خطط تشغيل وأقرت سياسات في عدد من المناطق، منها الرباط سلا القنيطرة (شمال غرب)، وفاس مكناس (شمال)، والعيون الساقية الحمراء".