استعادت تركيا ذهبها من أميركا، والذي تقدَّر كميته بنحو 28 طناً على الأقل. ووفقاً للخبراء، تعكس هذه الخطوة المفاجئة مدى توتر العلاقة بين أنقرة وواشنطن.
وبحسب صحيفة Nizavisimaya gazeta الروسية، يعزى سبب النزاع التركي-الأميركي إلى شراء تركيا أنظمة الدفاع الروسية إس-400.
وكانت تركيا تسعى إلى استعادة 28.6 طن من الذهب المودع في خزينة النظام الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، بينما تحتفظ ببقية الاحتياطي في بنك التسويات الدولية بسويسرا، وبنك إنكلترا في لندن.
ووفقاً لمجلس الذهب العالمي، تقدَّر احتياطيات الذهب في تركيا الآن بنحو 591 طناً، والتي تعادل قيمتها 25.3 مليار دولار. وفي الواقع، يفوق احتياطي الذهب الذي تمتلكه تركيا خارج البلاد ما تمتلكه داخلها بنسبة 10%، أي نحو 70 طناً على الأقل.
لم يكن البنك المركزي التركي وحده في معركة سحب الأرصدة الذهبية من أميركا، فقد قررت بعض البنوك التجارية التركية نقل احتياطياتها من الذهب من الولايات المتحدة، بحسب الصحيفة الروسية.
ووفقاً لما أكدته وسائل الإعلام، بدأ بنك زيرات التركي وفاكيف بنك، بنقل احتياطي الذهب، التي تقدّر بقرابة 95 طناً من الولايات المتحدة إلى تركيا.
أسباب القرار المفاجئ
تعددت الأسباب الكامنة وراء القرار المفاجئ الذي اتخذته أنقرة باستعادة ذهبها من الولايات المتحدة، إلا أنه يرتبط عموماً بالأزمة السياسية القائمة بين الولايات المتحدة وتركيا، خاصةً في خضم التطور غير المتوقع للأوضاع في سوريا.
تجمع بين الولايات المتحدة وتركيا العديد من الخلافات، المتعلقة بالأحداث الجارية في الشرق الأوسط، وخاصة بسبب مواقفهما المتناقضة بشأن القضية الكردية.
وترى الصحيفة الروسية أن الهدف من استعادة تركيا ذهبها من الولايات المتحدة، حماية نفسها من العقوبات الأميركية المحتملة.
وفي فبراير الماضي أعلن البيت الأبيض أنه يدرس فرض عقوبات إضافية على روسيا، وقال مسؤول كبير أن واشنطن حذرت الحكومات في كل أنحاء العالم بما فيها دول حليفة بأنها ستتعرض لعقوبات في حال قامت ب"صفقات مهمة" مع الجيش الروسي.
وتابع المسؤول ان ذلك يشمل تركيا العضو أيضاً في حلف شمال الأطلسي والتي أعلنت شراء منظومة اس-400 الدفاعية الجوية من روسيا.
وأشار مسؤول ثان إلى أن "دولتين كبريين" تعيدان النظر في صفقاتهما نتيجة لذلك.
وفقاً للمحلل الروسي في شركة "فينام"، أليكسي كالاشيف، "يبدو أن سبب هذه العقوبات الأميركية المحتملة هو إمكانية اتخاذ تركيا بعض الخطوات الجديدة في المستقبل، علماً أنها ما زالت غير معلنة. لكن، من الواضح أن لدى أردوغان بعض الخطط". كما أضاف الخبير الاقتصادي: "على سبيل المثال، تعتبر تركيا ثاني أكبر مورِّد للألمنيوم الروسي، وفي الوقت الراهن، تشهد أسواق هذا المعدن في الولايات المتحدة واليابان ركوداً، مقابل ازدهار أعمال الشركات الروسية، التي تعتبر تركيا أكبر مستهلك لمنتجاتها".
ووفقاً لنائبة مدير قسم التحاليل في شركة "ألباري"، ناتاليا ميلشاكوفا، يتمثل السبب الرئيسي لاستعادة الذهب التركي من نظام بنك الاحتياطي الفيدرالي، على الأرجح، في خطر فرض الولايات المتحدة عقوبات على تركيا.
أميركا غاضبة من إس-400
من جهته، أشار المحلل في نادي فوركس، إيفان مارشينا، إلى أن "الولايات المتحدة حذرت تركيا من تبعات شراء أنظمة الصواريخ الروسية من طراز إس-400، حيث هددت بفرض عقوبات في حال عدم الاستجابة لهذا التحذير".
أما ميلشاكوفا، فأوضحت أن "تركيا تخشى مصادرة السلطات الأميركية احتياطياتها من الذهب في حال فُرضت عقوبات عليها، خاصة أن الهوة بينهما بدأت تتسع".
ولا تُعتبر تركيا الدولة الوحيدة التي قررت سحب احتياطياتها من الذهب والعملات الصعبة من البنوك الأجنبية. فمنذ سنة 2013 وإلى غاية سنة 2017، استعادت ألمانيا 374 طناً من الذهب من فرنسا، و300 طن من الولايات المتحدة؛ ومن ثم، يتم الاحتفاظ بأكثر من نصف احتياطيات البلاد من الذهب، أي نحو 1710 أطنان، في ألمانيا الآن، وفقاً لما أكده البنك المركزي الألماني.