لن يعود كما كان.. حلفاء حفتر يبحثون عن خليفته والميليشيات والقبائل تتأهب لتسوية الحسابات القديمة

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/20 الساعة 15:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/20 الساعة 15:43 بتوقيت غرينتش

يرقد المشير خليفة حفتر في غرفة بأحد مستشفيات باريس، ومعه يرقد حلمه بتوحيد ليبيا تحت قيادته.

لكن الجميع يفكرون الآن في "ليبيا ما بعد حفتر"، ومصير معركة "الكرامة" التي يخوضها جنوده ضد المسلحين الإسلاميين، وشبكة التحالفات القبلية المعقدة على التراب الليبي. وتنتشر التكهنات بفراغ وشيك بالسلطة في شرق ليبيا، وتثور مخاوف من أن تكون مرحلة خلافته عنيفة تدفع ليبيا إلى الاضطراب مرة أخرى.

منذ انتشرت أخبار قبل 10 أيام تفيد بأنَّ اللواء خليفة حفتر نُقِل جواً إلى فرنسا قادماً من الأردن لتلقي علاج طارئ، تزايدت الشائعات في ليبيا حد الإفراط وسط تقارير تُفيد بأن اللواء، وهو الرجل القوي البالغ من العمر 75 عاماً الذي يُسيطر على ﻣﻌﻈﻢ ﺷﺮق ﻟﻴﺒﻴﺎ، ﻣﺮﻳضٌ في حالة حرجة أو عاجزٌ أو حتى ﻣيت إكلينيكياً.

مساعدو اللواء حفتر نفوا هذه التقارير، وأصروا على أنَّه دخل المستشفى لإجراء فحص روتيني.

ليبيا أصبحت بدون رجل قوي يفرض الاستقرار ويمهد لتوحيدها

وقال طارق مجريسي، المحلل الليبي بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "هناك إشارات واضحة على أنَّ تنافساً على القيادة قد بدأ. لقد انتقل النقاش الآن من إذا كان حفتر ميتاً أو حياً، إلى ما إذا كان سيتمكن من العودة إلى نفس الدور السابق. ويعتقد معظم الناس أنَّه لن يستطيع".

ويُعَد الغموض الذي يكتنف صحة اللواء حفتر ضربةً قوية لسلطة شخصية مستبدة، بل وربما مثيرة  للانقسام، ويُهدِّد الاستقرار الذي جلبه حفتر إلى شرق ليبيا، على حد تعبير كاتب التقرير.

ولطالما شعر المؤيدون بالقلق إزاء عدم ملاءمة سِنّه للتعامل مع الوتيرة المحمومة للمعركة الليبية شديدة التعقيد من أجل إحراز التفوق والهيمنة. وحتى إذا ثبت أنَّه لائق بما فيه الكفاية ليعود إلى موقعه، فإنَّ مرضه قد وجَّه ضربة لصورته التي شُكِّلت بعناية لزعيمٍ قوي قادر على الحكم، وفتحت الباب أمام كل الاحتمالات التي قد تعصف بما صنعه في مناطق شرق ليبيا.

وقال مجريسي: "لقد تدمرت صورته كرجل قوي. الآن هو رجل ليبيا المريض".

والائتلاف العسكري الذي تركه حفتر مهدد بالتفكك

رُغم أنَّ اللواء حفتر يقدم نفسه كقائد عسكري بارع تمكن من تأسيس الجيش المنضبط الوحيد في ليبيا، نجد في الواقع أنَّ جيشه الوطني الليبي هو ائتلاف فضفاض من الميليشيات برئاسة قادة ذوي إرادة قوية. وفي كل يوم يتغيب فيه عن بنغازي حالياً، تكبر التكهنات بأنَّ ائتلافه قد يتصدع بينما يتحول القادة المتنافسون ضد بعضهم البعض.

ويضاف إلى ما سبق أنَّ السياسة القبلية هي عامل أيضاً، فبعض الدوائر مستاءة من هيمنة قبيلة الفرجان -من غرب ليبيا- التي ينتمي حفتر إليها على الرتب العليا للجيش في شرق البلاد.

وقد كانت هناك إشارات إلى حدوث توترات داخلية في الأشهر الأخيرة، فقد استاء بعض القادة علناً تحت حكم اللواء حفتر أو انتقدوا بعضهم البعض. وتزايد كذلك بروز المحافظين الدينيين في إدارته، الذين حاولوا فرض قيود على النساء وحرق الكتب، وهو ما أصبح مصدر قلق بين سكان المدينة.

أما الحلفاء الأقرب في مصر والإمارات فلديهم قائمة مفضلة لخلافته

راهنت مصر على اللواء حفتر لحماية حدودها الغربية الممتدة ومنع تسلل المتطرفين الإسلاميين. أرسلت دولة الإمارات كذلك طائرات حربية وطائرات دون طيار في عدة قواعد جوية في شرق ليبيا لدعم قوات اللواء حفتر. وكشف مصدر رفيع في المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني أن خلية الأزمة يقودها من الجانب الإماراتي طحنون بن زايد آل نهيان، ومن الجانب المصري رئيس اللجنة الوطنية المصرية المعنية بليبيا اللواء محمد الكشكي.

ويقول المحلل السياسي عبد السلام الراجحي إن الدول الداعمة لحفتر لا سيما مصر والإمارات دفعت أموالاً ضخمة لتحقيق مصالحها، ومصر لن تفرط بنفوذها الكبير بالمنطقة الشرقية، والإمارات ستتمسك بمكاسبها وعلى رأسها قاعدة عسكرية على البحر المتوسط".

وبحسب مصادر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فإن الإمارات ومصر ترغبان في ترشيح أحد ثلاثة أشخاص لخلافة حفتر في منصب "القائد العام للجيش"، على رأسهم اللواء عون الفرجاني، وهو من أبناء عمومته وأحد أهم مساعديه.

هناك اللواء عبد السلام الحاسي قائد غرفة العمليات العسكرية لعملية الكرامة، وأيضاً الرائد خالد خليفة حفتر الذي يقود إحدى أكبر الكتائب العسكرية في قوات والده.

كان حفتر قد أعد ولديه في السنوات الأخيرة، ورقى كلاً منهما إلى مناصب قيادية في الجيش الوطني الليبي. لكن نجليه خالد وصدام لم يشهدا قتالاً على الخطوط الأمامية إلا قليلاً، ويقول الخبراء إنَّه من غير الواضح ما إذا كانا يتمتعان بنفوذ لتولي السلطة.

وفرنسا مهتمة بالحوار الوطني والانتخابات في موعدها

طوال عدة سنوات، انحازت فرنسا علناً للواء حفتر على حساب حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، في محاولة لاستعراض القوة الفرنسية وفي الوقت نفسه تشكيل تحالفات مع القوات المحلية التي تحارب التطرف الإسلامي.

وأرسلت فرنسا أيضاً قوات شبه عسكرية لمساعدته على هزيمة الإسلاميين في بنغازي، حيث قُتِل ثلاثة ضباط فرنسيين في تحطم مروحية في عام 2016.

وفي الآونة الأخيرة، اتخذت باريس نهجاً أكثر اعتدالاً، فاستضاف الرئيس إيمانويل ماكرون محادثات السلام في باريس في يوليو/تموز الماضي، والتي جمعت بين اللواء حفتر وفايز سراج، الذي يقود حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس.

وزارت السفيرة الفرنسية في ليبيا بريجيت كورمي، ومبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة، مدينة طرابلس يوم الخميس، لمناقشة آخر جولة من تلك المناقشات، رغم أنَّ اجتماعهم طغى عليه حدث هجوم صاروخي على مطار المدينة أدى إلى تدمير طائرة مدنية في حظيرته.

ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الانتخابات ستجري في ليبيا هذا العام، قال سلامة: "بالتأكيد. وعدنا مجلس الأمن الدولي بذلك". ورفض تقديم أي تفاصيل.

واختفاؤه قد يحرك عاصفة من عدم الاستقرار

قد يكون لغياب حفتر أثر أحجار الدومينو على ليبيا كلها، ما قد يؤثر على إنتاج النفط والجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق سلام سياسي.

عزالدين عقيل الداعي للحكم العسكري والمؤيد السابق لعائلة القذافي؛ يرى أنه "سترجع كل الأطراف التي قاتلها إلى قوتها، وستقع الاغتيالات للقيادات التي ساندته، بل ستحدث انشقاقات عسكرية واسعة بسبب من سيخلف حفتر".

لكن الكاتب والباحث نزار أكريكش وصف المرحلة بالضبابية، وقال لـ"عربي بوست"، إن الكل في إقليم برقة بدأ يشعر بأن تشققات الإقليم وصلت تحت قدميه، لذا ستكون هناك رغبة في عدم اشتعال الحرب في المنطقة الشرقية، وسيكون المحدد هو "حجم التناقضات التي تركها حفتر".

 

علامات:
تحميل المزيد