نشر موقع BBC تقريراً عن نشطاء مؤثرين في تويتر يكتبون رؤيتهم عن الأحداث في سوريا ويقولون إنهم يعرفون حقيقة الهجوم الكيماوي بينما لا يزال التحقيق مستمراً.
ويحاول مفتشون من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية الوصول إلى مدينة دوما السورية، التي كانت سابقاً تحت سيطرة قوات المعارضة. وجمدت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الأربعاء 18 أبريل/نيسان 2018، عمل محققيها حول الهجوم الكيميائي في دوما، مطالبة بالوصول "من دون عقبات" إلى المدينة غداة تعرض فريق استطلاع تابع للأمم المتحدة لإطلاق نار.
"النشطاء المستقلون" الذين يدافعون عن وجهة نظر بشار الأسد في تويتر
النشطاء حسب تقرير BBC يطرحون رؤية رَوَّجَ لها المسؤولون الروس ووسائل الإعلام المملوكة لبشار الأسد، والتي تقول إن الهجمات كانت "مُدبَّرة" و"مُخادِعة" نُفِّذَت على يد جماعاتٍ جهادية أو جواسيس لإلصاقها بنظام الأسد؛ حتى تكون هناك ذريعة لتدخُّل دول الغرب.
وتضم هذه المجموعة نشطاء وأشخاصاً يسمون أنفسهم بـ"الصحفيين المستقلين"، بعضهم يصل عدد متابعيه على موقع تويتر إلى عشرات أو مئات الآلاف.
ورغم أنَّهم يصفون أنفسهم بأنَّهم "مناهضون للحرب"، فهم يدعمون العمليات العسكرية التي تُنفِّذها الحكومة السورية ضد قوات المعارضة التي تسعى للإطاحة بالأسد، وكذلك الضربات الجوية التي تشنها روسيا دعماً له. ومن ثم، فربما سيكون من الدقة أن نصفهم بأنَّهم "مناهضون للتدخُّل الغربي" أو "مؤيدون للحكومة السورية".
ووفقاً لرواية هذه المجموعة عن الأحداث، تعمل الهيئات الإعلامية الدولية عبر الساحة السياسية والمنظمات الحقوقية، سراً، مع الحكومات الغربية والسعودية وتنظيميّ الدولة الإسلامية "داعش" والقاعدة لتنفيذ مكيدة سرية للاستيلاء على سوريا.
فانيسا بيلي: المؤامرات والتخمينات
وتضم شبكة النشطاء هذه أشخاصاً مثل فانيسا بيلي، التي لديها أكثر من 300 ألف متابع على تويتر، وتكتب لدى مصدر إعلامي وصفه موقع Media Bias/Fact Check بأنًه "موقع مؤامرات وتخمينات" ذو "توجُّه يميني مُتطرِّف.
ورداً على قائمةٍ من الأسئلة، وصفت بيلي مقال "بي. بي. سي. ترندينغ" بأنًه "محاولةٌ سافرة لإسكات الصحافة المستقلة"، وردَّدت ادعاءاتٍ غير مؤكدة صحتها حول هجمات الأسلحة الكيماوية.
تخاطب بيلي الجماعات المُتطرِّفة وتظهر في وسائل الإعلام، من بينها قناة "روسيا اليوم" المملوكة للدولة، ولكن حين يتعلَّق الأمر بالتحاور على الإنترنت حول سوريا هناك نشطاء أكثر تأثيراً منها لكن معروفون بدرجةٍ أقل منها.
سارة عبد الله: مُعلِّقة جيوسياسية لا يعرفها جوجل
سارة عبد الله (صاحبة حساب sahouraxo@ على موقع تويتر) لديها أكثر من 125 ألف متابع، أكثر من 250 منهم صحفيون يعملون لدى وسائل إعلام رئيسية. ويقارب عدد متابعي حسابها، عدد متابعي صحفيي الـ"بي بي سي" الذين ينشرون أخباراً حول سوريا بصورة مستمرة، مثل مُحرِّر شؤون الشرق الأوسط جيرمي بوين (167 ألف متابع)، وكبيرة المراسلين الدوليين ليز دوسيت (142 ألف متابع).
وتنشر سارة عبد الله باستمرار، بجانب صور شخصية لها، تغريداتٍ مُؤيِّدة لروسيا ونظام الأسد، بالإضافة إلى أنَّها تعيد نشر عدد هائل من التغريدات التي تهاجم باراك أوباما وغيره من أعضاء الحزب الديمقراطي الأميركي، والسعودية.
وتصف سارة نفسها على حسابها على تويتر بأنًّها "مُعلِّقة جيوسياسية لبنانية مستقلة"، وبخلاف هذا فهي تقريباً غير متواجدة على الإنترنت ولا تنشر قصصاً أو تكتب بعيداً عن منصات التواصل الاجتماعي، إضافةً إلى أن مدونتها الشخصية المربوطة بحسابها على تويتر ليس بها أي منشور.
ورغم أن وسائل إعلام رئيسية اقتبست تغريداتها، تشير خدمة "أخبار جوجل" إلى أنها لم تكتب أية مقالات سواء بالعربية أو الإنكليزية.
وقد رفضت سارة عدة مرات التعليق حين تواصلت معها "بي بي سي ترندينغ"، ولم تستجب لطلبات واضحة بالتعليق على هذه القصة تحديداً.
الخوذ البيضاء
يُعَد حساب سارة عبد الله واحداً من أكثر حسابات التواصل الاجتماعي تأثيراً في الحوار الإلكتروني حول سوريا، وذلك وفقاً لاستقصاءٍ حديث أجرته شركة الأبحاث الإلكترونية "غرافيكا"، وبالأخص حين يتعلَّق الأمر بالدفع بمعلوماتٍ مغلوطة حول الهجوم الكيماوي الذي وقع عام 2017، وقوات الدفاع المدني السورية والتي اشتهر أفرادها بلقب "أصحاب الخوذ البيضاء".
يعمل أصحاب الخوذ البيضاء في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة، وهم أحد المصادر التي تستند إليها وسائل الإعلام الغربية، ومنها "بي بي سي"، في معلوماتها حول الهجمات الكيماوية في سوريا. وفي ما يتعلَّق بالهجوم على دوما، لم تتمكَّن "بي بي سي" من التحقُّق من صحة تقارير الجماعة بصفةٍ مستقلة.
ويقول جون كيلي، المدير التنفيذي لشركة "غرافيكا"، إن تحليلاً أجرته شركته يكشف ظهور أنماطاً واضحة.
وفي تصريحٍ لـ"بي بي سي ترندينغ"، قال كيلي: "حين تنظر إلى حملات المعلومات المُضلِّلة هذه، ستجد كثيراً من الخصائص المماثلة تظهر في كل طرف".
وكُلِّفت "غرافيكا" بإعداد تقرير حول الأحاديث التي تجريها على الإنترنت "حملة سوريا"، وهي جماعة ضغط مقرها بريطانيا تناصر تحقيق مستقبل ديمقراطي لسوريا وتدعم "الخوذ البيضاء". ورُشِّحَت الخوذ البيضاء لجائزة نوبل للسلام، وكانت موضوع فيلمين وثائقيين رُشِّحَا لجائزة الأوسكار.
وتوصَّلت "غرافيكا" لـ20 مليون رسالة حول "الخوذ البيضاء" منقسمة ما بين مؤيد ومعارض. ويقول كيلي إن من بين المعارضين كانت سارة عبد الله الأكثر تأثيراً، تليها فانيسا بيلي.
ووجدت الشركة أن حساب سارة عبد الله يتابعه عددٌ من التكتلات ذات الاهتمامات المختلفة: مناصرو القضايا الفلسطينية، وروسيون وحلفاءٌ لهم، وقوميون بيض، وأشخاص من تيار اليمين البديل المُتطرِّف، وأميركيون من حزب المحافظين مؤيدون لترمب، وجماعات يمين مُتطرِّف في أوروبا، وأصحاب نظريات مؤامرة. وشاركت هذه المجموعات في تدشين هاشتاغ #SyriaHoax – أو خدعة سوريا – عقب الهجوم الكيماوي في بلدة خان شيخون الواقعة تحت سيطرة المعارضة في أبريل/نيسان 2017.
وانتشر الهاشتاغ، الذي دفعت به سارة عبد الله ونشطاء محافظون أميركيون، على تويتر عالمياً؛ وزعم كثيرٌ ممن نشروه بأن الهجوم الكيماوي مزيَّف أو خدعة.
من جانبها، قالت بيلي إن "عدداً من المُحلِّلين والخبراء المرموقين فضحوا زيف" هجوم 2017، زاعمةً أن أصابع الاتهام تشير إلى الخوذ البيضاء وسط تصاعد حملات الدعاية، وتساءلت عبر رسالةِ بريدٍ إلكتروني: "لِمَ لم تجر بي بي سي قط تحقيقاً حول الخوذ البيضاء؟".
وأكَّدَ خبراءٌ من بعثةٍ مُشتَرَكَةٍ من الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، في أكتوبر/تشرين الأول 2017، أنَّهم على يقينٍ من أن مقاتلة جوية سورية أسقطت ذخيرةً مُحمَّلة بغاز السارين على بلدة خان شيخون، مُستَبعِدة صحة تصريحات روسيا بأن المقاتلة استهدفت بذخيرة تقليدية مستودع أسلحة كيماوية تابعاً لقوات المعارضة.
التعتيم
وفي هذا الصدد، يقول سكوت لوكاس، بروفيسور السياسة الدولية بجامعة برمنغهام البريطانية ومُحرِّر أخبار وتحليلات بموقع EA Worldview، إن صعوبة إفادة الأخبار من على أرض الواقع في سوريا تسبَّبَت في خلق فراغ معلوماتي ملأته جزئياً مصادر غاية في التحيُّز.
وتابع لوكاس قائلاً: "أيٌ من هذا لا يعد صحافة، أيٌ من هذا لا يستند حقيقةً إلى تقارير إخبارية مستقلة ومُؤكَّدة".
وأضاف: "من الصائب تماماً التشكيك في صحة كل الروايات، بما في ذلك الروايات الرسمية حول ما يحدث. لكن المفتاح هو ألا تبدأ فعلياً برواية وإنِّما بالحقائق، وأن تتبيَّن مِمَّا يمكن أن يكون كذباً، وحتى ما يُحتَمَل أن يكون تضليلاً".
وتابَعَ: "الخطر الذي نواجهه هو أن المعلومات غير الموثوقة يجري تداولها من جانبٍ ما قد نعتبره مصادر مُؤكَّدة وموثوقة".
الحرب في سوريا: ما نعرفه عن الهجوم الكيماوي في دوما
برغم أن عدد متابعي هؤلاء النشطاء على تويتر آخذٌ في التزايد، هناك مؤشرٌ واحد على أن تأثيرهم الإلكتروني قد يكون في تراجع مقارنةً بالعام الماضي؛ ففي الساعات التي أعقبت الهجوم على دوما تصدر مصطلح "سوريا" تويتر، غير أن رسائل النشطاء المؤيدين للأسد خيمت عليها تقارير من مصادر إخبارية عدة.
واستُخدِمَ هاشتاغ #SyriaHoax – أو خدعة سوريا – حوالي 17 ألف مرة خلال أسبوع واحد (مقارنةً بما يزيد على 280 ألف مرة استخدام في أبريل/نيسان 2017) وفشل في الوصول إلى قائمة تويتر لأكثر الهاشتاغات انتشاراً.