وضعوا مسدّساً على جبهتها وهدَّدوها بالاغتصاب والقتل.. نعيمة وراء قضبان أرض الصومال بعد دعوتها للوحدة

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/18 الساعة 18:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/18 الساعة 18:44 بتوقيت غرينتش

حُكِم على شاعرة بالسجن لمدّة 3 سنوات في جمهورية أرض الصومال – أو صوماليلاند -، ضمن حملة واسعة النطاق ضد النشطاء والكُتّاب، سيما معارضي انفصال البلاد عن الصومال الأم.

وبحسب ما نقلته صحيفة The Guardian البريطانية الأربعاء 18 أبريل/نيسان 2018، صدر الحكم بسجن نعيمة أبوان قوران، البالغة من العمر 27 عاماً، بتهمة القيام بأنشطة مناهضة للدولة، والحضّ على ازدرائها.

وقال المحققون إنها عبَّرت عن آراء عبر الشبكات الاجتماعية، تقلل من شأن مطالبة الدولة شبه المستقلّة بالتمتّع بالاستقلال التام.

وفي قضية ثانية، يوم الإثنين الماضي، حكمت المحكمة نفسها على الكاتب محمد كايس محمود، البالغ من العمر 31 عاماً، بالسجن 18 شهراً، بتهمة "الإساءة إلى الرئيس".

واستندت القضية ضد محمد كايس على منشور عبر موقع فيسبوك، قال فيه إن "الرئيس (مسؤول) محلّي" بحسب لائحة الاتهامات التي رآها ناشطون.

وقال القاضي، رئيس المحكمة، إن الأمر كان مسيئاً للرئيس لأنه رئيس وطنيٌّ"، وليس مسؤولاً محلّياً.

هددوها بالسجن والإيذاء الجسدي

وأشارت نعيمة في العام 2016، في حديث مع وسائل إعلام محليّة، إلى أنها تلقَّت تهديدات بالقتل، وحذَّروها من مغادرة أرض الصومال، "هددوني بالسجن، وقالوا إنه سيمزقونني إرباً. السجن ليس مبنياً للحيوانات، بل للناس. ولو حدث، رغم أنني لا أتوقع ذلك، فلسوف أخرج من السجن ذات يوم، ولن تتغير آرائي. أنا مؤمنة بوحدة الصومال بنفس الطريقة التي تحكم إيماني بالإسلام ديناً".

ويقول معارضون في صوماليلاند، إن أغلبية المواطنين يناصرون الدعوة للصومال الموحد، خاصة بين الشباب. ومنذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، جرت سلسلة من وقائع الاحتجاز والاعتقالات بحق النشطاء والمدوّنين والكُتّاب، ويقول عاملون محلّيون بمجال حقوق الإنسان، إنه قد تم اعتقال 12 صحافياً على الأقل، وقد امتدَّت فترة احتجاز بعضهم إلى ثلاثة أسابيع.

ويبدو أن نعيمة قيد الاحتجاز منذ شهر فبراير/شباط الماضي، وهو تاريخ ظهورها الأخير على حسابها في تويتر.

ثم هدَّدها ملثَّمان بالاغتصاب في مقر الاحتجاز

وقال محامي نعيمة، مبارك عبدي إسماعيل: "احتجاز موكّلتي ليس قانونياً، والتهم المنسوبة إليها ذات دوافع سياسية، والحكم الصادر بحقّها غير عادل"، وأضاف قائلاً: "القاضي ليس مستقلاً، وبالتالي لم يتمكَّن من إجراء محاكمة حُرّة".  

وأشار إلى أن الشاعرة تعرَّضت للتهديد خلال استجوابها، حيث قال: "ذات ليلة، عندما كانت نعيمة قوران في مقر الاحتجاز التابع للشرطة في مدينة هرجيسا، دخل رجلان ملثّمان إلى زنزانتها، وهدَّداها بالاغتصاب ما لم تكشف عن كلمات المرور لهاتفها المحمول، وصفحاتها على الشبكات الاجتماعية، خاصّة على فيسبوك، وقد أخذا كافّة كلمات المرور".

وأضاف أنه "في مارس/آذار الماضي، جاء اثنان من رجال الشرطة إلى زنزانتها، وطلبا منها إخبارهما بكل شيء، والاعتراف بجرائمها، وهدَّدا بأنهما سيحضران رجالاً أقوياء جداً ليغتصبوها، ثم يقتلوها ويلقوا بجثّتها في مكان غير معلوم. وعادا في الليلة الثانية، ووضعا مسدّساً على جبهتها وهدَّدا بأن هذه هي آخر دقيقة في حياتها".

حرموها من الزيارات العائلية ورؤية الطبيب

وحُرِمت قوران من زيارات أسرتها لعدّة أسابيع، بعدما تحدَّث والدها إلى وسائل إعلام، وعلى الرغم من أنها احتُجزت جراء جرائم سياسية، فإنها لم تُفصل عن المعتقلين الآخرين، وهي الآن محتجزة في سجن غابيلي للنساء.

وأشار والد نعيمة، أحمد حسين قوران، إلى أنه لم يُسمح له سوى بزيارات محدودة لابنته، ولم يكن مندهشاً بالحكم، وقال "ابنتي بريئة.. ولا علاقة لها بالمزاعم التي ساقوها. لا بد من إطلاق سراحها بدون شروط. لم يسمحوا لها برؤية طبيب، وهي تعاني آلام الأسنان، وقد تعرضت للضرب في مقر الاحتجاز، وتورّمت ركبتها اليسرى، وتعرّضت لإصابة في إبهامها".

ويقول الكثير من مؤيدي قوران، إن أشعارها تستحضر الوحدة المفقودة للصومال، ولكنها لا تذكر صراحة أرض الصومال ولا مستقبلها. وقد قرأت نعيمة أعمالها في مؤتمر TEDx بالعاصمة الصومالية مقديشو، في العام الماضي.

وطالب نشطاء حقوقيون بالإفراج عن الشاعرة السجينة، وقال غوليد أحمد جامع، رئيس مركز حقوق الإنسان في مدينة هرجيسا بأرض الصومال، إن سجن قوران ومحمود يتعارض مع الدستور.

ولم يصدر بيان رسمي بشأن الواقعة من سلطات أرض الصومال، كما رفض المسؤولون الذين تم التواصل معهم التعليق على القضية.

وأدانت البعثة الأميركية في الصومال اعتقالَ نعيمة ومحمود، ودعت المسؤولين إلى حماية حريّة التعبير.

وقال الناشط عبدي حسن: نريد أن نخبر نعيمة أنها حتى لو سُجِنت للأبد، فستظل آراؤها نشطة. وهي نموذج يُحتذى به بالنسبة للكثير من شبابنا، بالدعوة إلى الوحدة ومناهضة القبلية.

وهكذا تعيش البلاد منذ انفصالها في 1991

جمهورية أرض الصومال، التي كانت خاضعة للحماية البريطانية سابقاً، أعلنت استقلالها من جانب واحد عن دولة الصومال في 1991، إبّان انهيار نظام محمد سياد بري -الرئيس الثالث لجمهورية الصومال الديمقراطية – لكن لم يتم الاعتراف بها كدولة مستقلّة بالكامل من قِبل المجتمع الدولي. لذا لا تستطيع الاستدانة من المصارف الدولية، كي تستثمر في مشروعات البنية التحتية.

وتتمتع أرض الصومال بالفعل بحكم ذاتي، وهناك انتخابات رئاسية ودستور ونظام قضائي ودستور، وعملة خاصة هي الشلن. وقد انتُخِب رئيسها موسى بيحي عبدي، العام الماضي.

وتعاني البلاد من ارتفاع معدلات الأمية، واقتصاد ضعيف أنهكته الحرب الأهلية. رغم ذلك وقَّعت صوماليلاند اتفاقاً مع شركة "موانئ دبي" العالمية، لتطوير ميناء بربرا، وترميم الطريق الذي يربط بربرا بالحدود الإثيوبية، كما يشمل الاتفاق بين الطرفين مشاريع أخرى في دعم قطاعات الزراعة والطاقة والكهرباء والسياحَة.

علامات:
تحميل المزيد