حققت إنجازات هامة أم ضعيفة وغير متجانسة؟ ماذا يقول الخبراء عن حكومة العثماني المغربية بعد عام من تشكيلها؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/18 الساعة 17:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/18 الساعة 17:58 بتوقيت غرينتش
رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني - صورة من أرشيف رويترز

بعد مرور عام على تعيين العاهل المغربي، الملك محمد السادس، حكومة سعد الدين العثماني، التي أنهت عامها الأول في 5 أبريل/نيسان 2018، تباينت وجهات النظر بخصوص أدائها وقدرتها على تحقيق إصلاحات هيكلية لفائدة المواطنين.

خبير محلي رأى أن الحكومة "ضعيفة وغير متجانسة وعاجزة" عن تقديم إنجازات ملموسة للمواطنين، فيما اعتبر مسؤولان حكوميان أن السنة الأولى للحكومة شهدت تحقيق إنجازات "مهمة" على جميع الأصعدة، رغم تحديات واجهتها.

وفي 17 مارس/آذار 2017، عيّن الملك محمد السادس، سعد الدين العثماني (61 عاماً)، رئيساً للحكومة، خلفاً لعبد الإله بنكيران (63 عاماً)، وضمت أحزاباً كان بنكيران يرفض دخولها للتشكيلة الوزارية، ويعتبرها سبب "إفشال" تشكيل الحكومة بقيادته.

وبهذه المناسبة، قال العثماني، الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" (قائد الائتلاف الحكومي)، خلال جلسة سابقة، إن "الحكومة أكملت سنة كاملة حافلة بالعمل والإنجازات على مختلف المستويات وعلى صعيد جميع القطاعات، وسيتم القيام بعمل تواصلي للتعريف بحصيلتها".

غياب الرؤية الإصلاحية

محمد مصباح، الباحث المغربي في معهد "شاثام هاوس" البريطاني، كان له رأي آخر، عبّر عنه بقوله إن "الحكومة الحالية غير منسجمة ومن دون برنامج سياسي، ولا تمتلك رؤية إصلاحية تدافع عنها".

وأضاف أن "حكومة العثماني لم تنتج طيلة سنة كاملة مضموناً وخطاباً سياسياً واضحَين، وظلت من دون بوصلة وغير مقْنعة في أي مجال".

وتابع موضحاً: "لم تستطع أن تقدم جواباً سياسياً على أي من القضايا الأساسية التي تهم المواطن المغربي في حياته اليومية".

ورأى أنها "كانت ضعيفة على مستوى التواصل السياسي؛ لكونها هجينة وتشهد تناقضات بين مكوناتها ومقاومات كثيرة".

وتشكلت حكومة العثماني بعد شهور من مفاوضات عسيرة قادها رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران، منذ تكليفه تشكيل حكومته الثانية، إثر فوز حزبه بالمركز الأول في الانتخابات التشريعية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2016.

وتتشكل الحكومة من 39 وزيراً وكاتب دولة ينتمون إلى 6 أحزاب ومستقلين، بينها حزب الاتحاد الاشتراكي (يسار)، الذي رفض بنكيران ضمه إلى الائتلاف الحكومي.

ويضم الائتلاف، إضافة إلى حزب العدالة والتنمية (125 نائباً من أصل 395 بالبرلمان)، التجمع الوطني للأحرار (37 مقعداً)، والحركة الشعبية (27 مقعداً)، والاتحاد الاشتراكي (20 مقعداً)، والاتحاد الدستوري (19 مقعداً)، والتقدم والاشتراكية (12 مقعداً).

وظهرت بوادر أزمة داخل أحزاب الأغلبية الحكومية، عقب ما راج حول "الغياب الجماعي" لوزراء حزب "التجمع الوطني للأحرار" برئاسة وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش، عن اجتماع مجلس الحكومة في 8 فبراير/شباط 2018، وهو ما اعتبره البعض "مقاطعة".

"سنة واحدة لا تكفي"

فيما اعتبر سعيد خيرون، مستشار العثماني، أن "الحكومة ضحية التبخيس لدى صاحب النقاش السياسي حول الوضعية السياسية التي عاشتها البلاد منذ الانتخابات التشريعية لسنة 2016، وما تلاها من وقائع سياسية، أبرزها إعفاء عبد الإله بنكيران من تشكيل الحكومة، مما أثر بشكل عام على مستوى اهتمام الرأي العام بتدبير الشأن السياسي".

ورأى خيرون أن "الحكومة تستمر في المنحى الإصلاحي نفسه حين تناولها العديد من القضايا؛ بل أكثر من ذلك تتجه نحو تعميق التوجه الاجتماعي عبر مجموعة من البرامج الاجتماعية، سواء تعلق الأمر بالعناية بطلبة التكوين المهني خصوصاً والطلبة عموماً، أو من خلال تنزيل الدعم الاجتماعي للفئات المعوزة والمحتاجة أو من خلال برامج تروم محاربة الفوارق الاجتماعية".

وقال إن "المؤشرات الاقتصادية لسنة 2017 المعلن عنها، تؤكد من جهة صواب الإصلاحات التي باشرتها الحكومة، من قبيل تحسين المؤشرات الماكرو اقتصادية (الكبرى) من خلال تحقيق أقل نسبة عجز في الميزانية منذ 2011".

وحقق الاقتصاد المغربي نمواً بـ4.6 % خلال سنة 2017، وتحسنت الصادرات من السلع والخدمات بـ9.3 في المائة، حسب وزارة الاقتصاد والمالية.

وأضاف خيرون أن "الحكومة تشتغل على برنامج اللامركزية من خلال تنزيل الجهوية الموسعة، إضافة إلى الإصلاح الشامل لمنظومة المراكز الجهوية للاستثمار (حكومية تعنى بتدبير الاستثمارات)".

والجهوية الموسعة هو برنامج يهدف إلى منح صلاحيات للجهات (المحافظات) الـ12 بالبلاد، وسبق أن صرّح العثماني، في فبراير/شباط 2015، عندما كان رئيساً للمجلس الوطني لحزب "العدالة والتنمية"، لـ"تلأناضول"، بأن الجهوية الموسعة هي "حلقة من حلقات الوصول إلى الحكم الذاتي بـ(إقليم) الصحراء (المتنازع عليه بين المغرب وجبهة البوليساريو)".

وأوضح خيرون أن "هذه الإصلاحات ستؤثر على مستوى تدبير هياكل الدولة بشكل كامل".

وشدد على أن "سنة واحدة ليست كافية لقياس إنجازات الحكومة، أمام حجم التبخيس والتعتيم الممارَس على عملها، كما أن مجموعة من التدابير المتخذة خلال قوانين المالية لسنتي 2017 و2018 لن يظهر أثرها إلا بعد سنتين أو 3 سنوات".

إصلاحات اقتصادية واجتماعية

من جانبه، اعتبر نوفل الناصري، المحلل الاقتصادي، عضو لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، أن الحكومة "ركزت جهودها في سنتها الأولى على مواصلة مجهودات التحول الهيكلي للاقتصاد الوطني، لتحقيق مستوى نمو متواصل، عن طريق مواصلة تفعيل مخطط التسريع الصناعي، وتحفيز الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال".

وأضاف الناصري، وهو برلماني عن "العدالة والتنمية"، في حديث لـ"الأناضول"، أن "من أهم إنجازات الحكومة، إصلاح نظام الصرف عبر تطبيق النظام المرن (تعويم الدرهم)، والذي أبان عن تحسن قيمة الدرهم مقارنة بالدولار واليورو".

وفي يناير/كانون الثاني 2018، قال مصطفى الخلفي، الناطق باسم الحكومة، عقب اجتماع مجلس الوزراء، إن "وزارة الاقتصاد والمالية، قررت اعتماد نظام صرف جديد، يحدد فيه سعر الصرف ضمن نطاق تقلب (2.5 في المائة) صعوداً أو هبوطاً".

وبلغت نسبة التقلب السابقة في سعر العملة المغربية 0.3 في المائة صعوداً أو هبوطاً.

وأشار الناصري إلى أن "الحكومة أظهرت تركيزها على مشاريع التنمية البشرية والتماسك الاجتماعي، من خلال إعطاء الأولوية لدعم القطاعات الاجتماعية، وخاصة التعليم والصحة والتشغيل وتقديم الدعم للفئات الاجتماعية الفقيرة والهشة".

لكن رغم ما تحقق من إنجازات، يرى الناصري، أنه "ما زال هناك خصاص (احتياج) كبير، وما زالت المطالب الاجتماعية والاقتصادية للمغاربة تزداد يوماً بعد يوم، وصار لزاماً على الجميع بلورة نموذج اقتصادي وطني بديل يتمحور حول الديمقراطية التنموية والعدالة الاجتماعية".

 

تحميل المزيد