سرُّ قلق مصر من تظاهرات “العودة الكبري” في غزة.. القاهرة تخشى تكرار حادثة وقعت قبل 10 سنوات

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/13 الساعة 16:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/13 الساعة 16:02 بتوقيت غرينتش
Palestinians attend a tent city protest along the Israel border with Gaza, demanding the right to return to their homeland, east of Gaza City March 30, 2018. REUTERS/Mohammed Salem

تقلق مصر بشأن التطوُّرات المُتعلِّقة بمسيرات "العودة الكبرى" التي أطلقها فلسطينيون في قطاع غزة قبل أسبوعين، وأيدتها الفصائل ومن بينها حركة "حماس"، كما تقلق القاهرة أيضاً من تداعيات الحملة عليها.

مرَّ فقط أسبوعان منذ انطلاق الحملة، ولا يزال هناك شهرٌ كاملٌ من التواريخ البارزة التي تُحيي ذكراها. وتُمثِّل كل ذكرى مُحفِّزاً للفلسطينيين من أجل لفت أنظار العالم إلى قضيتهم. وعلى خلفية هذا المشهد، تُفتَتح القمة العربية، الأحد 15 أبريل/نيسان 2018، في العاصمة السعودية الرياض.

ووَرَدَ في موقع "الخليج أونلاين" الإثنين 9 أبريل/نيسان 2018، أن مصر خطَّطت لفتح معبر رفح أمام حركة المرور في كلا الاتجاهين مدة 4 أيام، في إيماءةٍ إلى قيادة حركة "حماس"، وعلى سبيل الحدِّ من التوتُّرات في أعقاب مسيرة العودة بغزة.

ماذا يُسبِّب القلق لمصر؟

وبحسب موقع JCPA الإسرائيلي، لا تزال الحكومة المصرية تتذكَّر جيداً ما جرى حين اخترق الآلاف من سُكَّان غزة الحاجز الحدودي وتسلَّلوا إلى الأراضي المصرية منذ 10 أعوام.

ففي يناير/كانون الثاني 2008، خَرَقَ مسلحون الحاجز الحدودي بين غزة ومصر، وتدفَّق مئات الآلاف من الفلسطينيين من غزة إلى سيناء المصرية على مدار أسبوعٍ؛ للحصول على الطعام ومنتجات أساسية أخرى.

واضطرت حينها الشرطة المصرية إلى استخدام مدافع المياه والهراوات ضد الفلسطينيين؛ لردع الحشود التي امتلأ بها المعبر الحدودي. وأُصيبَ 40 ضابط أمن مصرياً خلال هذه الأحداث.

وجاء هجوم عام 2008 على الحاجز الحدودي المصري بمبادرةٍ من أجل تخفيف الحصار الإسرائيلي على غزة ولإجبار مصر على فتح معبر رفح بصورةٍ منتظمة.

وفي النهاية، أُرغِمَت مصر على القبول بعبور الحشود الفلسطينية من غزة إلى أراضيها. وبمجرد أن قضى سُكَّان غزة عدة أيامٍ في تخزين الطعام والوقود والمنتجات الأساسية الأخرى، توصَّلَت مصر إلى تفاهمٍ مع "حماس" فيما يتعلَّق بعودة الغزيين إلى القطاع.

قد يتكرر سيناريو 2008

 

Gazan residents crossing into Egypt

وبحسب الموقع الإسرئيلي، ربما يتكرَّر هذا السيناريو مرةً أخرى، إذا فشلت الحملة في تخفيف حصار إسرائيل على قطاع غزة. ولهذا السبب، ينتاب مصرَ القلقُ، وهي تحاول التوصُّل إلى حلٍّ قبل أن يخرج الموقف في قطاع غزة عن السيطرة؛ بسبب الأزمة الإنسانية الحادة الراهنة.

وستجد مصر من الصعب أن تضع حدّاً لمثل هذا الاحتشاد مرةً أخرى، ومن المعقول أن نفترض أن القيادة السياسية المصرية في مثل هذا الموقف ستأمر جيش البلاد بفتح النار على حشود الغزيين التي ستدخل منطقة سيناء.

وتوجد اليوم منطقةٌ عازلة بين مصر وغزة، أنشأتها القاهرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، حين مشَّطَت منطقةً يبلغ عرضها 1500 متر، وطولها 10 كيلومترات على الجانب المصري؛ لمنع الإرهابيين والأسلحة من التسلُّل من قطاع غزة إلى منطقة سيناء. ومن جانب غزة، أنشأ يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، منطقةً عازلة؛ لإثبات نيته بمنع تهريب الأسلحة والإرهابيين السلفيين من غزة.

ويشن الجيش المصري حملةً عسكريةً كبرى في شمال سيناء ضد فرع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سيناء. ويساوِر الجيش المصري القلق إزاء اختراق الحاجز الحدودي بين غزة وسيناء، الأمر الذي من شأنه أن يُمكِّن الإرهابيين من التنظيمات السلفية بغزة، وكذلك الأسلحة، من التسلُّل إلى سيناء لمساندة داعش في المنطقة، بحسب الموقع الإسرائيلي.

تلعب "حماس" لعبةً مزدوجةً؛ إذ قد تخرق مُجدَّداً الحاجز الحدودي مع مصر من أجل تأمين فتح معبر رفح وإجبار الحكومة المصرية على التوصُّل إلى اتفاقٍ فيما يتعلَّق بإعادة فتح المعبر بصورةٍ دائمة كوسيلةٍ لتخفيف الحصار.

وإذا اخترقت الحشود الفلسطينية الحاجز الحدودي مع مصر، فقد يؤثِّر ذلك أيضاً على إسرائيل. ويمكن أن يصل الجهاديون من سيناء إلى قطاع غزة بكمياتٍ كبيرة من الأسلحة، مثل الصواريخ المضادة للدبابات والمضادة للطائرات، التي قد تُغيِّر المعادلة، وقد يُنفِّذون هجماتٍ إرهابية ضد إسرائيل من هناك، كما يقول الموقع الإسرائيلي.

المبادرة المصرية للتوصُّل إلى تفاهمٍ مع "حماس"

ويُعتَقَد أن زيارة رئيس المخابرات العامة المصرية الجديد، اللواء عباس كامل، الأسبوع الماضي، للسلطة الفلسطينية، ولقاءه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، واجتماعه مع رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) نداف أرغمان، كان ذلك من أجل التوصُّل إلى حلٍّ من شأنه أن يُخفِّف موجة العنف والتوتُّر في غزة.

وذَكَرَت صحيفة "العربي الجديد"، في 9 أبريل/نيسان 2018، أن وفداً أمنياً إسرائيلياً زار مصر وناقَشَ مع المخابرات المصرية سُبُل الحدِّ من مسيرات العودة.

وحذَّرَ أعضاء الوفد الإسرائيلي بأن استمرار الاحتجاجات على الحدود مع غزة قد يؤدي إلى حربٍ جديدة.

وتخشى مصر وإسرائيل والمملكة العربية السعودية من أن يُوجَّه الغضب الفلسطيني والانفجار الاجتماعي في غزة مباشرةً نحو الحدود المصرية خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وسيُعقِّد ذلك الأمور لمصر فيما يتعلَّق بالجمهور العربي والدولي، خاصةً بعد الفوز الذي أحرزه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مؤخراً، بفترةٍ رئاسيةٍ في انتخابات مارس/آذار 2018، بحسب الموقع الإسرائيلي.

وذَكَرَ تقريرٌ منشور على موقع "الخليج أونلاين"، السبت 7 أبريل/نيسان 2018، أن مصر تتحرَّك مع السعودية لإقناع "حماس" والضغط عليها من أجل وقف حملة العودة، قبل أن تؤدي إلى تطوُّراتٍ خطيرة يمكن أن تخرج عن نطاق السيطرة.

ووفقاً للتقرير، تُربِك مسيرة العودة الأنظمة العربية، التي تخلَّت عن التعاطي مع القضية الفلسطينية وتحاول تحسين الأجواء قبل الإعلان عن "صفقة القرن" الأميركية، بحسب الموقع الإسرائيلي.

ودعت مصر وفداً من قيادة "حماس" لمحادثاتٍ في القاهرة. ومع ذلك، رفضت قيادة "حماس" الدعوة؛ بسبب التطوُّرات الأخيرة في غزة. ولهذا السبب، بُعِثَ رئيس المخابرات المصرية إلى رام الله وتل أبيب لإجراء محادثات.

ولعل العامل الأساسي لدى مصر للضغط على "حماس" هو معبر رفح، الذي يُعد المَنفَذ الوحيد من غزة إلى العالم العربي. وعَرَضَت مصر فتح المعبر بصورةٍ منتظمة في مقابل أن تعمل "حماس" على تهدئة المنطقة.

ومع ذلك، وفقاً لتقريرٍ أُذيعَ السبت 7 أبريل/نيسان 2018، على قناة "القدس" التلفزيونية، المعروفة بانتمائها إلى "حماس"، فقد رفضت الحركة عرض القاهرة. وتشعر "حماس" بأنها حقَّقَت إنجازاتٍ غير مسبوقة من حملة العودة، وهي بحاجةٍ إلى اعتصار الفرصة حتى آخر قطرة، كما يقول الموقع الإسرائيلي.

وتثق قيادة "حماس" بن أن الحركة قد عزَّزَتها حملة العودة. وسيضع ذلك الحركة أيضاً في موقفٍ أقوى بمواجهة الحكومة المصرية. وهكذا فإنها ليست على عجلٍ في مسألة التوصُّل إلى أي تفاهماتٍ مع مصر. ومن وجهة نظر "حماس"، لا يزال الوقتُ مبكراً، وسوف تنتظر اللحظة المناسبة التي يمكنها فيها جني الثمار السياسية كاملةً من مصر.

تحميل المزيد