قبل أسابيع وفي مقابلة مع صحيفة Wall Street Journal، قال ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إنه "على الأرجح، ستندلع حرب ضد إيران خلال السنوات الـ10 أو 1الـ15 المقبلة". وفي هذا الإطار، تسعى الرياض لتعزيز موقفها في منطقة آسيا الوسطى، وخاصة مع أذربيجان؛ استعداداً لهذه الحرب، لتشكل حلقة حول إيران تتكون من دول حليفة للمملكة، بحسب تقرير لصحيفة pravda الروسية.
ومن المرجح أن ينجح مخطط السعودية لتوسيع نفوذها في دول الاتحاد السوفييتي سابقاً، من خلال الكرم الذي قد تُبديه المملكة لهذه الدول. ومن ناحية أخرى، يدرك الخبراء والمحللون أن الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، البالغ من العمر 82 عاماً، سيسلم العرش بصفة تامة لولي عهده الشاب محمد بن سلمان (32 عاماً)، في وقت قريب.
وفي هذا الصدد، أعلن ولي العهد الشاب خططه واسعة النطاق التي تشمل عدة مجالات، مثل اعتزامه بناء مدينة بقيمة 500 مليار دولار على شاطئ البحر الأحمر تحت عنوان "نيوم". وفي السنوات العشر المقبلة، سيستثمر ما قيمته 64 مليار دولار بالمشاريع السياحية. وفي الواقع، يبدو أن قادة آسيا الوسطى وأذربيجان واثقون بأن مستقبل المملكة بيد الأمير محمد بن سلمان، الذي بإمكانه أن يمنح قروضاً لهذه البلدان، ويخصص لها الاستثمارات، فضلاً عن ضخ الأموال في أسواقها، وتحديث صناعاتها التي تشهد انخفاضاً، بحسب الصحيفة الروسية.
الرياض تتطلع إلى دول آسيا الوسطى
وتعتبر قيرغيزستان الحلقة الأضعف بين دول آسيا الوسطى؛ نظراً إلى أنها لا تملك احتياطيات نفطية أو غازية، كما تعاني عجزاً متنامياً في ميزانيتها. وتتوافق مصالح بيشكك مع الرياض؛ لأنها تعتمد على الاستثمارات والقروض السعودية السخية. ومن جهتها، ستعمل الرياض على تحويل بيشكك إلى شريك استراتيجي لها في المنطقة؛ لمساعدتها في تأدية مهمتها الجيوسياسية، المتمثلة في عزل إيران.
ويعمل السعوديون على تعزيز علاقاتهم تدريجياً مع أوزبكستان. وخلال الاجتماع الأخير الذي جمع وزير العدل الأوزبكي موزراف إكراموف، مع السفير السعودي لدى أوزبكستان هشام بن مشعل السويلم، اتفق الطرفان على توقيع مذكرة تفاهم. وفي المستقبل القريب، سيوقع الطرفان اتفاقيات جديدة في مجال التجارة والاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والحماية المتبادلة للاستثمارات، كما تقول الصحيفة الروسية.
كما يقدّر رئيس كازاخستان علاقات الصداقة مع أغنى ممالك الخليج العربي. ففي شهر أكتوبر/تشرين الأول من سنة 2016، أدى رئيس كازاخستان، نور سلطان نزارباييف، زيارة رسمية للرياض، حيث اتفق مع الملك سلمان بن عبد العزيز على التعاون الوثيق بين البلدين في مجال إنتاج وتصدير النفط. كما وعد العاهل السعودي باستثمارات كبيرة في مجال التعدين وتصنيع النفط والغاز.
الرياض تحلم بإقامة تحالف عسكري مع أذربيجان.. فهل ستنجح؟
بالنسبة للسعودية، تبقى أذربيجان أهم حليف استراتيجي بين دول آسيا الوسطى؛ لأن لها حدوداً مشتركة مع إيران، فضلاً عن أن نحو 40% من سكان إيران -أي نحو 30 مليون نسمة- هم من أصل أذربيجاني.
وفي الوقت الراهن، يوجد في باكو الكثير من السياح القادمين من السعودية والذين يتمتعون بقدرة شرائية عالية، ما يعتبر محركاً هاماً للاقتصاد والسياحة.
وكانت السعودية من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال أذربيجان سنة 1991، كما ساعدت الرياض باكو على بناء وترميم أكثر من 220 مسجداً في أذربيجان. علاوة على ذلك، يوجد مركز ثقافي سعودي بعاصمة أذربيجان. كما زار رئيس أذربيجان، إلهام علييف، الرياض مرتين؛ إحداهما كانت سنة 2015 والأخرى سنة 2017.
ومن الطرف السعودي، زار الرئيس السابق للمخابرات العامة السعودية أذربيجان؛ للمشاركة في "منتدى باكو العالمي". وخلال سنة 2017، وعلى هامش منتدى دافوس الاقتصادي، التقى إلهام علييف وزيرَ الطاقة السعودي خالد الفالح، وناقش الطرفان إمكانية التعاون في مجال الطاقة والنفط.
ووفقاً لتقارير إعلامية، تحاول الرياض إقناع باكو حتى تصبح حليفتها العسكرية في مواجهة إيران. وفي فبراير/شباط 2018، زار وفد من الجيش السعودي، برئاسة اللواء ركن علي بن إبراهيم الفواز، العاصمة باكو. في المقابل، حذر الرئيس الأذربيجاني السعوديين، مبيّناً أن أذربيجان عضو في "حركة عدم الانحياز"، ما يشير إلى رفضه المشاركة في أي تحالفات عسكرية، بحسب الصحيفة الروسية.
لقد تمكنت باكو من المحافظة على علاقات جيدة مع طهران، إلى جانب علاقتها مع عدوها اللدود إسرائيل. ولكن، من شأن الصداقة مع المملكة العربية السعودية أن تعود على أذربيجان بالعديد من المزايا الاقتصادية. ومن الممكن القول إن باكو ستعمل على تعميق التعاون الاقتصادي مع الرياض، إلا أنها في الوقت نفسه لن تسمح باتخاذ أي خطوات قد تؤدي إلى تعقيد العلاقات بين أذربيجان وإيران.