نيويورك تايمز: ترمب يستقبل أمير قطر بتغير موقفه من الدوحة، وتحميل المسؤولية للإمارات

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/10 الساعة 15:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/10 الساعة 15:19 بتوقيت غرينتش
U.S. President Donald Trump meets with Qatar's Emir Sheikh Tamim bin Hamad al-Thani in New York, U.S., September 19, 2017. REUTERS/Kevin Lamarque

قالت صحيفة New York Times إن قطر سوف "تسجل انتصاراً مهماً، اليوم 10 أبريل/نيسان، إذا ما أعلن الرئيس الأميركي أثناء اللقاء المرتقب، كما هو متوقع، أنَّه ينظر الآن إلى منافسي قطر باعتبارهم حجر عثرة في طريق إيجاد حلٍّ لنزاعٍ إقليمي مهم"، على حد قول الصحيفة.

كانت الولايات المتحدة، قد وافقت أمس الإثنين على بيع صواريخ موجَّهة بقيمة 300 مليون دولار إلى قطر، عشية لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب المقرَّر مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

وينظر المحللون السياسيون إلى استقبال الرئيس الأميركي للأمير تميم في البيت الأبيض، بأنه تحول في موقف الرئيس الأميركي، الذي وصف قطر ذات يوم بأنَّها "راعية للإرهاب"، مقارنة بما قاله مسؤول بارز بالإدارة الأميركية، الإثنين 9 أبريل/نيسان، بأنَّه "تعاطفٌ مع معاناة الدوحة المستمرة، تحت الحصار الرباعي الذي تم فرضه، في يونيو/حزيران الماضي، وتقوده السعودية والإمارات"، بحسب تقرير سابق لـ The New York Times الأميركية.

الأزمة الخليجية تلقي ظلالها على العلاقة

قطر، التي تعد حليفاً عسكرياً قديماً للولايات المتحدة، وتستضيف أكبرَ قاعدة جوية أميركية في الشرق الأوسط، تأثرت علاقتها مع أميركا بالخلاف الذي دبَّ مع بلدان عربية حليفة لواشنطن، كما تضيف New York Times، حيث فرض خصوم الدوحة الإقليميون وعلى رأسهم السعودية حصاراً دبلوماسياً وتجارياً، العام الماضي، على قطر، وبدا أن ترمب يأخذ جانب الرياض في تلك الأزمة، قبل أن يتحرّك لحلها. وكان مسؤولون سعوديون وإماراتيون اتَّهموا الدوحة بالتقارب مع إيران، وتمويل جماعات إسلامية متطرفة. إلا أن قطر نفت هذه الاتهامات، وتحركت واشنطن لتتوسط للتوصل إلى حلٍّ للأزمة. إلا أن الأزمة تُراوح مكانَها منذ شهور بلا حل حاسم.

أميركا تحاول إنهاء الخلافات السنية

ومع تراكم الصراعات في أنحاء الشرق الأوسط، يبدو أن ترمب -بحسب التقرير حريص على حلِّ الخلاف الإقليمي بين المسلمين السنة، في الوقت الذي يدرس فيه احتمالاً وشيكاً لشنِّ ضربة عسكرية عقابية في سوريا، على خلفية هجومٍ يُشتبه أنَّه كيميائي، في الثامن من أبريل/نيسان الجاري، قتل أكثر من 80 شخصاً في مدينة دوما السورية، آخر معاقل المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية.

لكن وساطتها في الخليج تعثرت

وعلى مدار العام الماضي 2017، وفقا للتقرير، استعانت الدوحة بمجموعات ضغط، وحثت وسطاء أميركيين نافذين إلى زيارة قطر ضمن حملة لإثارة الإعجاب، تهدف لاستمالة إدارة ترمب، وإحباط جهود منافسيه الرامية ضده.

أربك الأمر أيضاً القوات الأميركية واستراتيجيتها في المنطقة، التي تتوخَّى جهوداً عربية موحدة لمحاربة الإرهاب واحتواء إيران. وبدا أن ترمب يتحرك بما يتفق وإشارات السعودية والإمارات، طوال الأزمة التي اندلعت بعد أيام قليلة من زيارته للرياض، حيث قال إن السعودية أخبرته بسلوك قطر السيئ.

اعترض ماتيس، وكذلك ركس تيلرسون -وزير الخارجية الأميركي حينذاك- مشيرين إلى أن دولاً قليلة بالمنطقة يمكن أن تعد "نظيفة الأيدي"، فيما يتعلق بسوابق تمويل الإرهاب –بحسب تقرير للواشنطن بوست– وذكراه بأن قطر تستضيف 10 آلاف جندي أميركي في قاعدة العديد الجوية، المقر الخارجي للقيادة المركزية الأميركية، التي ستشن أي ضربة ضد سوريا.

وقضى وزير الخارجية الأميركي السابق تيلرسون شهورا يحاول التوسُّط في الخلاف، وانتهى الأمر به في نهاية المطاف إلى الوقوف بجانب قطر. لكن حتى وقتٍ قريب، ظلَّ ترمب غير مقتنع، ونفض تيلرسون يده من المسألة، بسبب تعنُّت الرئيس، وذلك بحسب ما قاله مسؤولون كبار في ذلك الوقت، وكما ورد في تقرير الصحيفة الأميركية.

"بن زايد يعرقل التسوية"

مع ذلك، وقَّعت قطر اتفاقياتٍ مع الولايات المتحدة لتشارك المعلومات حول الإرهابيين وتمويل الإرهاب. وفي يوم الإثنين، أخطرت وزارة الخارجية الكونغرس أنَّها وافقت على صفقة محتملة قيمتها 300 مليون دولار، لبيع قطر أنظمة صواريخ متطورة، التي وصفها بيانٌ بأنَّها "قوة مهمة للاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في منطقة الخليج".

وقال المسؤول بالإدارة، بحسبNew York Times، إنَّ ترمب الآن يعتقد أنَّ الطرف الذي يماطل لتسوية الأزمة ليس قطر، بل الإمارات وولي عهدها محمد بن زايد. وقال المسؤول، الذي لم يكن مُخوَّلاً بمناقشة هذه المسألة الدبلوماسية الحساسة علناً، إنَّ ترمب يدفع باتجاه التوصل إلى تسويةٍ، لأنَّ الخلاف يبدو فجأةً تشتيتاً لا لزوم له في منطقة تشتعل بالصراع.

وموقف ترمب من سوريا بدأ يتغير

وقد أعلن ترمب في الأسبوع الماضي، أنَّه سيسحب القوات الأميركية من سوريا على الفور، برغم إعلانٍ سابق بأنَّ القوات ستبقى هناك إلى أجلٍ غير مسمى. حيث أقنع المستشارون الرئيسَ بتأجيل الانسحاب لبضعة أشهر. وبحلول يوم الإثنين، ألمح إلى تصعيدٍ مفاجئ للقوة، بعد وقوع هجومٍ آخر يُشتبه بأنَّه كيميائي في سوريا، شنَّه رئيسها بشار الأسد.

قال ترمب أمس الإثنين: "سنلتقي مع قواتنا المسلحة، وسنتخذ قرارات كبيرة في الفترة بين 24 إلى 48 ساعة المقبلة"، مضيفاً أنَّ هجوماً كيميائياً "لا يمكن السماح بحدوثه".

دفع الارتباك بشأن الأهداف السياسة الإقليمية لإدارة ترمب عدداً من قادة الشرق الأوسط للسفر إلى واشنطن، للضغط على ترمب، لتحقيق مصالحهم. فقبل ثلاثة أسابيع، استضاف البيت الأبيض ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي طاف بعد ذلك الولايات المتحدة؛ وغادر في نهاية الأسبوع الماضي، بعدما التقى الرئيسين الأسبقين جورج بوش الأب والابن.

والآن سيحظى الأمير تميم بفرصته الخاصة مع الإدارة الأميركية، فكما قال جاسم آل ثاني، المتحدث باسم سفارة قطر في واشنطن: "إن زيارة الأمير ستظهر قوة الترابط والثقة في العلاقات بين الولايات المتحدة وقطر".

وكانت إدارة ترمب تأمل في جمع كل قادة مجلس التعاون الخليجي معاً في قمةٍ بواشنطن، هذا الشهر، أبريل/نيسان. لكنَّ مسؤولين كبار في الإدارة الأميركية قالوا إنَّ ولي العهد السعودي وقادة الإمارات قالوا إنَّهم سيرفضون مثل تلك الدعوة، إذا ما وُجِّهت، لأنَّ لقاءً كهذا سيتطلب إنهاء حصارهم  المفروض على قطر.

لكن الموقف الأمريكي من قضية الخليج مرتبك

من جانبه يرى جون ألترمان -نائب مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية-  في حديثه لـ The New York Times، أنَّ الفوضى المتزايدة في الشرق الأوسط تُمثِّل في بعض النواحي انعكاساً للبيت الأبيض الفوضوي ونتيجة له.

وتساءل ألترمان: "كيف تَتَّبِع استراتيجية حكومية أميركية منسقة بين الوكالات في حين أنَّ حكومة الولايات المتحدة نفسها لا تنسق؟"، مشيراً إلى عدم تعيين سفراء للولايات المتحدة في كلٍّ من السعودية والإمارات وقطر وعشرات البلدان الأخرى، إلى جانب المناصب الشاغرة في واشنطن.

انتصار قضائي لقطر في أميركا

أصبح النزاع بين الإماراتيين والقطريين حادا ً بصورة لافتة في الفترة الماضية، فقد  اتَّهم كلُّ طرفٍ الآخرَ بالقرصنة الإلكترونية، التي أدَّى بعضها إلى كشف معلوماتٍ تسببت في إحراج البيت الأبيض.  

ولكن الفترة الماضية شهدت واقعتين قضائيتين تنتصران لقطر، حيث قالت القاضية الفيدرالية بمقاطعة كولومبيا كتانجي براون جاكسون، الأسبوع الماضي، إنَّه توجد قضية جديرة بالنظر تتعلق باختراق الإمارات لحسابات البريد الإلكتروني لرجل الأعمال الدولي فرهاد عزيمة، سعياً للحصول على معلومات لاغتياله معنوياً.

وفي قضية منفصلة في ولاية كاليفورنيا، رفض القاضي الفيدرالي جون والتر إصدار أمر لقطر بوقف نشر رسائل بريد إلكتروني، ووثائق أخرى من الجمهوري إليوت برودي، أحد أكبر جامعي التبرعات، والمتعاقد لدى الإماراتيين. وخلُص القاضي إلى أنَّ برودي افتقر إلى الأدلة التي توضح تورط قطر.

وكانت رسائل البريد الإلكتروني الخاصة ببرودي كشفت حملةً مشتركة بين السعودية والإمارات لاستخدام مليارات الدولارات لكسب النفوذ داخل البيت الأبيض. وجذبت تلك الجهود اهتمام المحقق الخاص روبرت مولر، الذي يُحقق في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية في عام 2016.

 

تحميل المزيد