ضربت إسرائيل القاعدة السورية وفرح البعض واعتبره انتقاماً لأطفال دوما، لكن إسرائيل لها أهدافها الخاصة

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/10 الساعة 11:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/10 الساعة 11:12 بتوقيت غرينتش
أطفال ينظرون من نافذة حافلة خلال عملية إخلاء في مدينة دوما المحاصرة بالغوطة الشرقية يوم الثلاثاء. تصوير: بسام خابيه - رويترز

شغل قصف قاعدة "التيفور (T-4)"، وسط سوريا، حيزاً كبيراً من تحليلات الصحافة الإسرائيلية؛ حيث أجمع الخبراء أن القصف لم يكن رداً على كيماوي دوما، وإنما لضرب الإيرانيين.

ونقلت وكالة الأناضول التركية، عن عدد من الخبراء، أن  لدى إسرائيل -التي تتبع سياسة براغماتية- أهدافاً أكبر، قد تكون دافعا لها لتنفيذ الهجوم، وتتمحور كلها حول منع التكتل العسكري الإيراني في سوريا، وخاصة في تلك القاعدة، بشكل يهدد أمنها القومي.

وكانت وزارة الدفاع الروسية اتَّهمت إسرائيل بشنِّ الهجوم على قاعدة "التيفور (T-4)" في محافظة حمص، وسط سوريا، لافتة إلى أن "مقاتلتين إسرائيليتين من طراز (إف-15) شنَّتا ضربات بـ8 صواريخ على قاعدة (التيفور) "قتل خلالها ثلاثة إيرانيين على الأقل، بحسب حصيلة أولية قابلة للزيادة".

بالطبع إسرائيل قلقة

وبنبرة تشكيكية في اتهام بلاده بتنفيذ الهجوم، قال عاموس هرئيل، المحلل العسكري لدى صحيفة "هآرتس" العبرية، إنه "إذا صدَّق الروس في اتهاماتهم؛ فيصعب التصديق أن الهجوم كان عقابياً بعد استخدام (النظام السوري) للسلاح الكيميائي (بمدينة دوما)".

هرئيل ذكر عدة أسباب تؤكد عدم وجود أي دافع أخلاقي عند إسرائيل لتنفيذ الهجوم على قاعدة "التيفور (T-4)"؛ الأول أنه "ليس هناك من داع للقيام برد انطلاقاً من أسباب أخلاقية إذا لم يكن الهجوم معلناً"، في إشارة إلى عدم تأكيد إسرائيل شنها للهجوم.

وأضاف: "السبب الثاني هو أن لدى إسرائيل مصالح أكثر إلحاحاً في سوريا، وعلى وجه الخصوص بقاعدة التيفور (T-4)".

ويتفق مع هرئيل المحلل العسكري الإسرائيلي يوني بن يشاي، الذي كتب بصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية قائلاً: "إن كانت إسرائيل نفذت الهجوم، فإن ذلك لم يكن رداً على استخدام الأسد للسلاح الكيميائي ضد مواطنيه".

ويضيف: "لكن رد الفعل الضعيف من العالم حيال استخدام (النظام السوري) هذا السلاح، يقلق إسرائيل للغاية؛ لسبب بسيط هو أنه يخفض مستوى العقاب على مثل هذه العمليات؛ ما يشكل خطراً ملموساً وفورياً على إسرائيل".

وكان 78 مدنياً قتلوا على الأقل وأصيب المئات، السبت الماضي، جراء هجوم كيميائي شنَّه النظام السوري على دوما، آخر منطقة تخضع للمعارضة في الغوطة الشرقية بريف دمشق، حسب مصادر طبية محلية.

الروس مستعدون للتغاضي

وملمحاً إلى تورط قوى دولية أخرى في الهجوم، قال بن يشاي: "إذا كانت الولايات المتحدة أو فرنسا هما من قصفتا التيفور، كان الأمر سيُحرج الروس ويلزمهم برد، حتى إن تطلَّب ذلك استخدام الوسائل العسكرية".

ويضيف: "لكن روسيا مستعدة للتغاضي عن هجمات إسرائيلية في سوريا، خاصة أن إسرائيل لم تنضم لمجموعة الدول الغربية التي تتهم الكرملين بمحاولة تسميم الجاسوس الروسي وابنته في بريطانيا".

في المقابل، اعتبر هرئيل أن القرار الروسي "النادر" باتهام إسرائيل مباشرة بشن الهجوم يعكس غضب موسكو، خاصة أن الهجوم استهدف مصالح عضو رئيسي في التحالف الذي تقوده في سوريا، في إشارة إلى إيران.

ورأى أن اكتفاء روسيا باتهام إسرائيل بالهجوم، يكشف فاعلية آلية منع الاحتكاك الجوي في سوريا، التي أقامها الجيش الإسرائيلي وسلاح الجو الروسي فور نشر المقاتلات الروسية هناك، في سبتمبر/أيلول 2015.

ويؤكد أن هناك أهمية كبيرة بالنسبة للدولتين لوجود خط هاتفي "ساخن" بينهما، لتحييد أية مواجهات محتملة قد تندلع بينهما في سوريا، حسب هرئيل.

استهداف السيطرة الإيرانية

بن يشاي اعتبر أنه في حال كانت إسرائيل هي من نفذت الهجوم على "التيفور"؛ فيمكن الافتراض أنها قامت بذلك لمنع الإيرانيين من تعميق وجودهم العسكري في سوريا، وتطوير قدرات الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الشيعية في العمل ضدها عسكريا.

وأوضح أن قاعدة "التيفور" مقامة على بعد مئات الكيلومترات من الحدود الإسرائيلية، بين مدينتي حمص وتدمر.

وتابع أنه، وباستثناء استخدام القاعدة من قبل القوات الجوية التابعة للنظام السوري، فإن الحرس الثوري الإيراني يستخدمها هو الآخر، مؤكداً أن القاعدة تضم أيضاً قوة جوية صغيرة من الجيش الروسي.

وأعلنت إيران، الإثنين، مقتل 4 ضباط من الحرس الثوري من بين 14 قتيلاً سقطوا في الهجوم على قاعدة "التيفور (T-4)"، وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية.

وأضاف المحلل الإسرائيلي: "يلعب موقع  قاعدة التيفور دوراً مهماً في الحرب الشرق أوسطية؛ حيث يقع في وسط القسم السوري من الممر البري والجوي من طهران، عبر دمشق، إلى لبنان والموانئ السورية على البحر المتوسط".

واعتبر بن يشاي أن "الموقع البعيد للقاعدة دفع إيران للشعور بالأمان، مقارنة بمطار دمشق الدولي الذي يبعد فقط نحو 40 كم عن إسرائيل".

ولفت إلى أن قاعدة "التيفور (T-4)" تحوي أنظمةً تكنولوجية إيرانية متطورة، مذكراً بإطلاق إيران طائرة بدون طيار قبل شهرين فقط من تلك القاعدة، حاولت التسلل للأجواء الإسرائيلية.

وأكد أن الحرس الثوري الإيراني يشرف عبر "التيفور" على المعابر الحدودية التي "يسيطر" عليها بين العراق وسوريا.

"إذا كانت إسرائيل نفذت الهجوم الذي استهدف قاعدة (التيفور) الجوية، فستكون فعلت ذلك لمنع حدوث تغيير في التوازن الاستراتيجي، لا يصبُّ في صالحها"، يضيف بن يشاي.

وتابع: "وهذا يعني أن هذا الهجوم يهدف إلى منع تآكل التفوق الاستخباري والعملياتي لإسرائيل في الساحة القريبة لحدودها، بالشكل الذي يجعل من الصعب على الجيش الإسرائيلي التصدي لمختلف التهديدات وقت الحرب".

سبب آخر يرى بن يشاي أنه يقف وراء الضربة الإسرائيلية، وهو رغبة إسرائيل في أن تثبت لسوريا وإيران وروسيا، أنها عازمة على منع إمكانية التكتل العسكري الإيراني في سوريا بشكل يهدد أمنها القومي.

 

تحميل المزيد