خمس سنوات مرّت على موافقة النظام السوري التخلص من مخزون الأسلحة الكيماوية، لكن استخدامها في الحرب الأهلية الدموية استمر مع دخولها في العام السابع.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية قولها الاعتداء الكيماوي المشتبه به على معقل المعارضة السورية بالقرب من دمشق يوم السبت 7 أبريل/نيسان 2018 كان الأخير ضمن سلسلة من الاعتداءات المميتة المماثلة، ومن بينها اعتداء عام 2013 الذي أسفر عن مصرع أكثر من 1400 شخص وهز ضمير العالم، واعتبره وزير الخارجية الأميركي حينذاك "فاحشة أخلاقية".
وذكر المحللون أن استخدام الغاز السام، والذي يعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي، جزء لا يتجزأ من حملة الأرض المحروقة التي يقودها الأسد لاستعادة السيطرة على المناطق الخاضعة للمعارضة بالقرب من دمشق.
واستعرضت الصحيفة الأميركية بعض الحلقات الرئيسية للاعتداءات الكيماوية المشتبه بها:
- أغسطس/آب 2013: غاز السارين
بدأ الهجوم بانفجارات أثناء الليل. ووصف بعض الأهالي الذي سمعوا الانفجارات ونجوا منها أنها تشبه صوت انفجار صهريج المياه.
وكتبت صحيفة The New York Times في ذلك الحين "ثم ظهرت الرائحة، التي أحرقت العيون والحلق، كما لو كانت رائحة بصل أو كلور".
وذكرت جماعات المعارضة أن صواريخ تحمل أسلحة كيماوية أصابت مدن عين ترما زملكا وجوبر والمعضمية. وأظهرت الصور ومقاطع الفيديو التي انتشرت على شبكة الإنترنت مئات الجثث التي لا تظهر بها جروح واضحة. فقد عانى العديد من الضحايا من التقيؤ وإفراز اللعاب الشديد والاختلاج والاختناق. ويُعتقد أن المواد الكيماوية المستخدمة كانت مزيجاً من غاز الأعصاب السام المعروف باسم السارين وغيره من المواد الأخرى.
ونشر نشطاء المعارضة أيضاً صوراً للصواريخ التي ذكروا أنها استخدمت خلال الهجوم. وكان أكبر عدد من الضحايا من نصيب الغوطة الشرقية.
وحينما أصبحت شناعة الهجوم أوضح لدى إدارة الرئيس باراك أوباما، اتهم كيري الحكومة السورية بقتل المدنيين دون تمييز ومحاولة التستر على مسؤوليتها عن تلك "الجريمة الوضيعة".
شجع الهجوم أوباما على مطالبة الكونغرس بالموافقة على شن هجوم عسكري مضاد. وكان الهجوم بمثابة اختبار لرغبة أوباما في التمسك بموقفه المتمثل في أن الاعتداء الكيماوي يعد تجاوزاً "للخط الأحمر".
وفي عام 2012، صرح أوباما في كلمة ارتجلها خلال مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض "لا يمكننا أن نتقبل وقوع الأسلحة الكيماوية أو البيولوجية في أيدي الجهات غير المناسبة. كنا واضحين للغاية مع نظام الأسد ومع الأطراف الأخرى على الأرض أن خطنا الأحمر يتمثل في بدء مشاهدة مجموعة من الأسلحة الكيماوية يتم تداولها أو استخدامها".
ومع ذلك، في عام 2013، وبينما كان يتعرض لانتقادات جراء عدم اتخاذ إجراء أكثر حسماً بشأن سوريا بعد الشك في استخدام الأسلحة الكيماوية، قال أوباما خلال رحلته إلى ستوكهولم: "لم أضع خطاً أحمر، بل وضعه العالم".
وفي سبتمبر/أيلول، توصلت الولايات المتحدة وروسيا إلى اتفاق يدعو إلى التخلص من ترسانة الأسلحة الكيماوية في سوريا أو تدميرها بحلول منتصف عام 2014.
- أبريل/نيسان 2014: الغاز السام
دى الهجوم على قرية كفر زيتا إلى اندفاع الكثير من المرضى المصابين بالاختناق إلى المستشفيات وذكر التلفزيون السوري والنشطاء المناهضون للحكومة أنه تم استخدام الغاز السام في القرية الخاضعة لسيطرة المعارضة في المنطقة الشرقية لحماة.
ووفقاً لما ذكره نشطاء المعارضة، فقد أسقطت الطائرات الحكومية القنابل على القرية، ما أدى إلى انتشار دخان كثيف له رائحة الكلور. وألقى تلفزيون سوريا الرسمي اللوم في الاعتداء على جبهة النصرة، التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا.
وذكرت منظمة حظر الأسلحة النووية في بيان لها في سبتمبر/أيلول 2014 أنها جمعت الأدلة على استخدام الكلور كسلاح "بصورة منتظمة ومتكررة" في ثلاث قرى شمالي سوريا خلال أبريل/نيسان. وذكر تقرير صادر عن الأمم المتحدة أيضاً أن الاعتداءات بغاز الكلور قد وقعت خلال شهري أبريل/نيسان ومايو/أيار.
- مايو/أيار 2015: غاز الكلور
وفي ربيع 2015، أي بعد عامين من موافقة الأسد على القضاء على مخزون الأسلحة الكيماوية بسوريا، غمرت رائحة الغاز مدينة سرمين السورية، ما أدى إلى تعرض سكان المدينة للاختناقات.
وخلال شهر مايو/أيار، بدأ عمال الإنقاذ في إطلاق أجهزة الإنذار. فقد كانت هناك أدلة متزايدة على استهزاء الحكومة بالقانون الدولي وإسقاط قنابل غاز الكلور على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.
ويتم إسقاط المواد الكيماوية داخل براميل تنفجر بمجرد ارتطامها وتنشر سحباً من الغاز. ويصيب الغاز الجهاز التنفسي، ويمكن أن يؤدي في بعض الحالات إلى الاختناق والموت جراء امتلاء الرئتين بالسوائل.
ونقلت صحيفة The Times عن حاتم أبو مروان، عامل الإنقاذ الذي يعمل بمنظمة الخوذ البيضاء للدفاع المدني، ويبلغ من العمر 29 عاماً، قوله عام 2015 "نعرف صوت طائرة الهليكوبتر التي تحلق على مستوى منخفض وتسقط البراميل المتفجرة. ولا أحد يمتلك تلك الطائرات سوى النظام".
وناقش مجلس الأمن للأمم المتحدة مشروع قرار يستهدف تشكيل لجنة تقدم تقاريرها إلى الأمين العام لتحديد الطرف المسؤول بين الأطراف المتنازعة عن استخدام غاز الكلور كسلاح. ومع ذلك، اعتبرت وسائل الإعلام السورية كل ذلك مجرد دعاية ومعلومات مغلوطة.
- أغسطس/آب 2015: غاز الخردل
وفي وقت لاحق من ذلك العام، ذكرت الجمعية الطبية السورية الأميركية أنها استقبلت أكثر من 50 مريضاً، 23 منهم تظهر عليهم أعراض التعرض لمادة كيميائية.
وكان البعض يعانون من بثرات ترتبط بغاز الخردل بعد الاعتداء على مدينة ماري. وألقى تقرير الأمم المتحدة اللوم جراء الاعتداء على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
- سبتمبر/أيلول 2016: غاز الكلور
أدى هجوم آخر عام 2016 إلى مصرع شخصين على الأقل حينما تم إسقاط براميل تحتوي على غاز الكلور على المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب.
ويعد استخدام غاز الكلور محظوراً، ولكنه غير مدرج ضمن اتفاقية القضاء على الأسلحة الكيماوية بسوريا نظراً لتعدد استخداماته السلمية أيضاً.
- أبريل/نيسان 2017: غاز السارين
منذ نحو عام تقريباً، لقي عشرات الأشخاص، ومن بينهم أطفال، حتفهم في 4 أبريل/نيسان 2017 في خان شيخون شمالي سوريا، بينما أصيب المئات فيما وصف بأسوأ اعتداء كيماوي على مدار سنوات.
وفي هذه المرة، شكك الأطباء وعمال الإنقاذ في أمر ما يتجاوز غاز الكلور. وسرعان ما أكد وزير الصحة التركي في تقرير مبدئي وجود غاز الأعصاب المعروف باسم السارين في دماء وبول الضحايا الذين تم نقلهم إلى تركيا.
ونتيجة لذلك، أصدر الرئيس ترامب أوامره بشن ضربة عسكرية أطلقت 59 صاروخ توماهوك على مطار الشعيرات، الذي انطلقت منه الطائرات التي ألقت الأسلحة الكيماوية.
وأعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تشكيكه في وقوع الاعتداء وذكر أن الحكومة السورية ليست وحدها من يمتلك الأسلحة الكيماوية، بل يمتلكها أيضاً المقاتلون الذين يحاربون قوات الأسد. واتهم البيت الأبيض روسيا بالتورط في التغطية وإخفاء الحقائق.
- أبريل/نيسان 2018: "المواد الكيماوية"
في أحدث وقائع العنف، لقي عشرات السوريين مصرعهم خلال الاعتداء الكيماوي المشتبه به على ضاحية دوما الخاضعة لسيطرة المعارضة، بحسب ما ذكرته جماعات المساعدة يوم الأحد.
وذكر الدفاع المدني السوري والجمعية الطبية السورية الأميركية في تقرير مشترك أن أكثر من 500 شخص قد توجهوا إلى المراكز الطبية في أعقاب الاعتداء "حيث ظهرت أعراض تشير إلى التعرض لمادة كيميائية".
وتضمنت الأعراض مشاكل في التنفس ورغوة بالفم وحرقة في العين و"انبعاث رائحة تشبه رائحة الكلور".
ولا يمكن التحقق من صحة الاعتداء بصورة مستقلة؛ ومع ذلك، فقد ذكر عمال الإنقاذ أن 49 شخصاً على الأقل قد لقوا حتفهم. وأوضحت مقاطع الفيديو التي نشرها النشطاء المناهضون للحكومة جثامين الرجال والنساء والأطفال الممدة على الأرض.