دخلت قطط جاسوس سابق، والأرنب الأبيض لـ"أليس في بلاد العجائب"، وحتى شرلوك هولمز، في الجدل الذي دار الخميس 5 أبريل/نيسان 2018 بين سفيري روسيا وبريطانيا داخل مجلس الأمن، حول قضية الجاسوس سيرغي سكريبال الذي تتهم لندن موسكو بتسميمه.
وقال السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا خلال اجتماع مجلس الأمن "نحن في مسرح العبث"، مديناً الاتهامات التي اعتبرها "بلا أدلة"، التي وجهتها بريطانيا إلى روسيا بتسميم سكريبال وابنته يوليا في الرابع من آذار/مارس.
بعيد ذلك وأمام نظرائه الذين كانوا يتابعون بدهشة، طرح السفير عدداً من الأسئلة على السفيرة البريطانية كارين بيرس بينها، "ماذا حصل لقطط عائلة سكريبال التي كانت تعيش في بيتها؟" الذي قالت لندن إنه كان ملوثاً بالسم.
وأضاف بطريقة ساخرة: "كانت هناك قطتان وفئران؟ ماذا حصل لهذه الحيوانات؟ لماذا لا يتحدث عنها أحد؟ مصيرها أيضاً يشكل عنصراً مهماً في الأدلة". وتابع إن كل هذه القضية قد لا تكون سوى "استفزاز كبير من استخبارات بعض الدول" التي رفض ذكرها.
وفي نهاية الاجتماع، طلب السفير الروسي أن يتحدث مجدداً، ليتلو هذه المرة بالإنكليزية مقطعاً من كتاب "أليس في بلاد العجائب" يتحدث عن غياب الأدلة. وأبطال هذا المقطع هم "أرنب أبيض" و"ملك" و"ملكة".
لكن أمام الصحافيين، فضلت السفيرة البريطانية أن تسخر مما ينسب إلى "نيبينزيا" من ميل إلى الإشارة في أغلب الأحيان إلى شرلوك هولمز.
وقالت إن "السماح لعلماء روس بالتحقيق في ملف هم منفذو الجريمة المرجحون فيه.. يشبه قيام سكتلنديارد (الشرطة البريطانية) بدعوة البروفسور موريارتي إلى المشاركة في تحقيقاتها". وموريارتي هو العدو اللدود لشرلوك هولمز.
وجاء انعقاد جلسة مجلس الأمن أمس الخميس، قبل أسبوع واحد من نتائج اختبارات العينات، التي جمعها فريق منظمة حظر الأسلحة الكيماوية من الأفراد الذين تعرضوا لغاز الأعصاب في مدينة سالزبوري، جنوبي بريطانيا.
ومن المتوقع إرسال نتائج تحليل العينات إلى مكتب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش.
وقالت سفيرة بريطانيا في مجلس الأمن إن "تقرير منظمة الأسلحة الكيماوية غير جاهز بعد.. ومن غير المعروف تماماً سبب الدعوة الروسية لأعضاء مجلس الأمن الدولي للاجتماع اليوم".
واستدركت بالقول: "لكن بريطانيا تشعر بالامتنان الشديد لكل الدول التي ساندتنا، والتي أكدت أن استخدام الأسلحة الكيماوية أمر محرم بموجب القانون الدولي".
وأشارت السفيرة إلى أن "لندن لديها معلومات لا يمكن الإفصاح عنها، تشير بوضوح إلى تورط روسيا في حادث التسميم الذي وقع في سالزبوري"، دون تفاصيل إضافية.
عشرات الدبلوماسيين غادروا أميركا
واشتكى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، من أن بريطانيا لم تقدم لبلاده "أجوبة مترابطة" حول الهجوم بغاز الأعصاب، وحذر لافروف، قبل ساعات من اجتماع مجلس الأمن، من أنه "لن يكون ممكناً تجاهُل الأسئلة المشروعة التي نطرحها".
وأضاف أن مجلس الأمن "يجب أن ينظر في هذه المشكلة على كل صعيد، وآمل أن يتم ذلك بشكل موضوعي".
وفي ساعة مبكرة من أمس الخميس، غادر نحو 60 دبلوماسياً أميركياً، طردتهم روسيا، مجمع السفارة في موسكو.
وكانت موسكو دعت إلى اجتماع لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، الأربعاء الفائت 4 أبريل/نيسان 2018، على خلفية الهجوم في سالسبوري، لكن محاولتها المشاركة في التحقيق الذي تجريه المنظمة فشلت، الأمر الذي دفعها إلى طلب عقد اجتماع لمجلس الأمن، أمس الخميس.
وخلال وجوده في أنقرة، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إنه يأمل أن يسود "المنطق"؛ لتجنب "الإضرار بالعلاقات الدولية".
ويشار إلى أنه في 4 من مارس/آذار الماضي، اتهمت بريطانيا روسيا بمحاولة قتل سكريبال (66 عاماً) وابنته يوليا (33 عاماً) على أراضيها باستخدام "غاز الأعصاب"، وهو ما نفته موسكو، وقالت إن لندن ترفض إطلاعها على نتائج التحقيق أو إشراكها فيه.
واشتعلت أزمة دبلوماسية بين البلدين، أعقبتها إجراءات عقابية بطرد دبلوماسيين، قبل أن تنضم العديد من الدول الغربية إلى الجانب البريطاني.