مناصِرة للنمل خلقت لنفسها شخصية افتراضية ثم اختفت عن الأنظار.. مهاجمة يوتيوب نامت أمام الشركة تحت أنظار الشرطة  

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/05 الساعة 20:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/05 الساعة 20:41 بتوقيت غرينتش

تناست حياتها الحقيقية وخلقت لنفسها شخصية أخرى شهيرة على شبكات التواصل الاجتماعي، وعندما شعرت بأنها تعرضت للظلم من المتحكمين في هذا العالم الافتراضي، حملت سلاحها وتوجهت إلى وادي السيلكيون وأطلقت النار على مقر يوتيوب.

كانت نسيم أغدام نجمة شهيرة، قبل أن تُوقع 4 جرحى في الهجوم  ثم تقتل نفسها؛ إذ كوَّنت مجموعة كبيرة من المتابعين على الإنترنت، ولكن يبدو أنَّها تجنبت العلاقات في العالم الحقيقي، الذي كانت تراه مظلماً وموبوءاً وظالماً.

كيف اكتسبت شهرتها؟

الفتاة الإيرانية الأصول، جذبت إليها الأنظار على شبكات فيسبوك وإنستغرام ويوتيوب عن طريق تصوير مقاطع فيديو بالمنزل، جلبت مئات الآلاف من المشاهدات، ولم تشكل مصدراً للدخل فقط؛ بل كانت بمثابة هوية خاصة بها.

وكانت على الشبكات الاجتماعية أكثر من مجرد مهاجرة إيرانية أقامت مع جدتها في جنوب كاليفورنيا، فقد كانت رياضية، ومدربة لياقة بدنية، وعارضة أزياء، وشاعرة، ومناصرة للنباتيين، ومدافعة عن حقوق الحيوان، وصانعة أفلام. كانت نسيم شخصية فاتنة تكافح الظلم، وكانت نجمةً، حسب وصف صحيفة  The Guardian البريطانية.

لفترة من الوقت، شنت أغدام حملات للدفاع عن حقوق الحيوان مع أشخاصٍ آخرين. وقالت مجموعة مدافعة عن حقوق الحيوان إنَّها حضرت العديد من المظاهرات منذ نحو 9 أعوام، ثم غيرت رقم هاتفها و"اختفت عن الأنظار".

وكتبت أغدام باللغة الفارسية في منشورٍ على حساب إنستغرام: "أعتقد أنَّني أقوم بعمل رائع. لم أحب أحداً من قبلُ، ولم يسبق لي الزواج. كذلك، لا أعاني أي أمراض نفسية أو جسدية. لكنَّني أعيش في عالم يمتلئ بالظلم والأمراض".

ما هو دافعها؟

عندما غيَّرت شركة يوتيوب قواعدها، تراجع دخل أغدام ومشاهداتها مثل العديد من صغار صانعي الفيديو، وهو الإجراء الذي نظرت إليه على أنَّه نوع من الرقابة، والخيانة، ويجب الانتقام من الشركة بسببه.

وفي يوم الثلاثاء 3 أبريل/نيسان 2018، قادت سيارتها 500 ميل (300 كم) من منزلها في سان دييغو، ودخلت مقر الشركة الذي تملكه شركة جوجل في مدينة سان برونو خارج مدينة سان فرانسيسكو، وفقاً للتقارير، وأطلقت النيران؛ ما أدى إلى إصابة 3 موظفين، أحدهم كانت إصابته خطيرة، ثم أطلقت النار على نفسها.

ويُعتقد أن دافعها لارتكاب الجريمة هو غضبها من توقُّف يوتيوب عن الدفع مقابل فيديوهاتها.

لماذا تركتها الشرطة رغم علمها أنها تتوجه للشركة وهي ساخطة؟

ورغم تحذير عائلتها للشرطة من أنَّها قد تكون متوجهةً إلى مقر شركة يوتيوب لأنَّها "تكره" الشركة، فإن الشرطة تركتها عندما عثرت عليها نائمةً في وقتٍ مبكر من يوم الثلاثاء 3 أبريل/نيسان 2018، (أي يوم الجريمة نفسه) في سيارةٍ بمدينة ماونتن فيو.

كما أثيرت تساؤلات حول متى حصلت أغدام على المسدس ورخَّصته، وعن الأمان في منطقة وادي السيليكون .

كان السؤال الآخر -فيما يبدو- هو: ما الذي قد يكون حوَّل امرأةً كانت تسعى لحماية الحياة إلى سيدة ترتكب جريمة إطلاق نار، في ظل ندرة تورط النساء في مثل هذه الحوادث؛ إذ أجرى مكتب التحقيقات الفيدرالي دراسةً على 160 حادثة إطلاق نار بين عامي 2000 و2013، ووجد أنَّ النساء ارتكبن 6 جرائم منها فقط، أي 3.8%؟

لم تقتل حتى النمل.. فما الذي حدث لها ؟

لم تكن تقتل حتى النمل في منزل العائلة؛ بل كانت تستخدم الورق لنقله إلى الفناء الخلفي، هذا ما قاله والدها إسماعيل أغدام، الذي يعيش في مدينة مينيفي خارج لوس أنجلوس، بصحيفة Bay Area News Group.

وقال إنَّ ابنته كانت مناصرة للنباتيين ومحبِّة للحيوانات، وكانت تعمل لصالح شركة والدها في مجال الكهرباء.

ولكن، هناك أمر يشير إلى أن حياة هذه السيدة، ذات الـ38 عاماً، لم تكن مثالية كما يبدو من حديث الوالد؛ إذ "كانت دائماً ما تشتكي من أن يوتيوب دمرت حياتها"، حسبما قال شقيقها شهران أغدام.

شهران قال إن العائلة جاءت إلى كاليفورنيا من إيران عام 1996. كانت نسيم تعيش مع جدتها في الآونة الأخيرة في سان دييغو.

يكتمون صوتها.. فماذا قالت عنهم؟

بعد حادثة إطلاق النيران، أوقفت كلٌ من فيسبوك وإنستغرام ويوتيوب حسابات أغدام، التي قيل إنَّها كانت تندد فيها بأفعال يوتيوب؛ إذ قارن موقعها شركةَ يوتيوب بأدولف هتلر والديكتاتورية.

وقالت عن يوتيوب: "لا توجد حرية تعبير في العالم الواقعي، وستتعرض للقمع لقول الحقيقة إذا كان لا يدعمها النظام. تجري تصفية فيديوهات أشخاصٍ مستهدفين بعينهم وتقليل وصولها بكل بساطة؛ حتى لا يتمكن الناس من مشاهدتها!".

وبدت حزينةً بشكل خاص عندما قام موقع يوتيوب بتصفية منشوراتها عن تمارين البطن مع أنَّها لم تتضمن أي محتوى "جنسي".

ماذا تفعل بنا الشبكات الاجتماعية؟

ويوحي رد الفعل المبالغ فيه لأغدام باغترابٍ شديد وعُزلة، لا أحد يدرك مداها أو يستطيع مساعدتها على تجاوزها.

وقال بريان بريماك، مدير مركز أبحاث الإعلام والتكنولوجيا والصحة بجامعة بيتسبرغ: "نحن نفترض أنَّ الشبكات الاجتماعية هي عالم اجتماعي، وأنَّك عندما تنخرط في هذا الوسط ستشعر بأنَّك على تواصل أكثر مع الآخرين. لكن عند دراسة الأرقام، تجد العكس".

وشارك بريماك في تأليف دراسة، كشفت أنَّ الأشخاص الذين يقضون أكثر من ساعتين يومياً على الشبكات الاجتماعية، كانوا أكثر عرضة للشعور بالعزلة الاجتماعية مقارنةً بمن يقضون أقل من نصف ساعة يومياً.

بدت المرأة ذات العواطف الانتقائية ناجحةً على الشبكات الاجتماعية، حيث استطاعت تبنِّي دور شخصية بطولية، وتكوين جمهور وجني الأموال، ولكنَّها في النهاية كانت بنْيةً ضعيفة كما اتضح. وعندما انهارت، أخذت مسدساً وسعت للانتقام في العالم القائم وراء تلك الشاشة.

علامات:
تحميل المزيد